عبد اللّه العريضي

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

عبد اللّه العريضي

( شافعي / أندونيسيا )

ولد في مدينة "بمكاسن" بأندونيسيا، ونشأ في أسرة شافعيّة المذهب، أتمّ المرحلة العالية في معهد دار اللغة والدعوة ، ثمّ عمل مدرساً ومبلّغاً لأحكام الدين الشريف.

عوامل استبصاره:

كان "عبد اللّه العريضي" معجباً بالثورة الإسلامية التي حصلت في إيران وبقائدها الإمام الخميني(رحمه الله)، ولمّا علم أنّه شيعي اثنا عشري موال لأهل البيت(عليهم السلام)، بدأ بالتحقيق حول هذا المذهب، وشرع بالسؤال من أخيه الأكبر الذي استبصر قبله، فأعطاه أخوه كتاب "المراجعات" للعلاّمة شرف الدين الذي يورد مناظرات علميّة حصلت بينه وبين شيخ الأزهر سليم البشري، وقد أعجب "عبد اللّه العريضي" بهذا الكتاب ، ورأى أنّ أدلّته قويّة وحججه بالغة، وهي موجودة في كتب أهل السنّة أنفسهم، فبدأ يشكّ بمذهبه الذي رأى أنّ الأدلة من القرآن والسنّة تخالفه ولا تدعمه .

ومن ثم قرأ بعض الكتب الأخرى ومنها كتاب "الإسلام الصحيح" للسيد محمد أمير القزويني، فوجد أنّ الحجة قد تمّت عليه، وليس له عذر بعد ذلك إلاّ اللجوء إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) الذين أمر القرآن الكريم بمودّتهم; ولأنّ الحقّ أحقّ أن يُتّبع، فأعلن استبصاره، وعقد العزم على الولاء التام لأئمة أهل البيت(عليهم السلام) وكان ذلك سنة 1982م .

مودّة أهل البيت(عليهم السلام) في القرآن:

إنّ من الآيات الملفتة للنظر والجديرة بالتأمّل في القرآن هي آية المودّة ، وهي قوله تعالى: { قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِلاّ المَوَدَّةَ فِي القُرْبى } وذلك لأنّها تبيّن ما هو الواجب علينا تجاه نبيّنا(صلى الله عليه وآله وسلم) الذي أجهد نفسه في أداء رسالة ربّ العالمين، حتّى خاطبه القرآن المنزّل منه سبحانه { طه * ما أَنْزَلنا عَلَيْكَ القُرآنَ لِتَشْقى }.

وقد بيّنت آية المودّة الكريمة بأنّ الأجر الذي لابدّ للمسلمين من دفعه في مقابل ما قام به الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) في هدايتهم وإخراجهم من الظلمات إلى النور هو المودّة لقربى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) . ومن الطبيعي ينبغي لأداء هذا الواجب على كلّ مسلم أن يعرف أوّلا من هم المقصودون من القربى في الآية الكريمة حتّى يجعل مودّته خالصة إليهم، ويكون قد أدّى أجر الرسالة .

وقد أجاب على هذا السؤال الفخر الرازي صاحب "التفسير الكبير" حيث قال:

"وروى صاحب الكشاف: أنّه لمّا نزلت هذه الآية، قيل يارسول اللّه من قرابتك هؤلاء الذين وجبت علينا مودّتهم؟ فقال: "عليّ وفاطمة وابناهما"، فثبت أنّ هؤلاء الأربعة أقارب النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) . وإذا ثبت هذا وجب أن يكونوا مخصوصين بمزيد من التعظيم...."(3).

ما هو السبب في طلب الأجر؟

قد يرد هذا السؤال في الذهن ، وهو: لماذا يُطلب الأجر على أداء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم)للرسالة؟ ألم يكن أداء الرسالة وظيفته؟! أوَ ليس معنى ذلك أنّه لا يقوم بذلك مخلصاً للّه سبحانه إذا طلب الأجر؟!! كما أنّ الأنبياء السابقين صرّحوا بأنّهم ما طلبوا الأجر من أحد من العالمين وإنّما يطلبونه من اللّه سبحانه وتعالى فحسب كما صرح القرآن الكريم بذلك . ونحن نعلم مقام رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) في القرآن، وأنّه أفضل الرسل، فهل يمكن القول بأنّ هذا الطلب كان لمنفعة الرسول ولمجرّد حبّه لأهل بيته(عليهم السلام) وقرابته؟

طبعاً الجواب واضح فلا يمكن لحبّ رسول اللّه(صلى الله عليه وآله وسلم) لأهل بيته(عليهم السلام) وحده أن يكون هو السبب في نزول هذه الآية القرآنيّة الكريمة، بل يمكننا تلمّس الأسباب من الملاحظات التالية:

1 ـ إنّ الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يطلب الأجر وإنّما هو أمر من اللّه سبحانه إذ السؤال مبدوء بالأمر الإلهي بقوله تعالى { قل } .

2 ـ لا يختلف الرسول الأكرم(صلى الله عليه وآله وسلم) عن الأنبياء السابقين في طلب الأجر من اللّه سبحانه، وطلبه للمودّة لا يرجع منفعته إليه، بل إلى الأمّة كما صرّح القرآن الكريم بذلك بقوله تعالى: { قُلْ ما سَأَلتُكُمْ مِنْ أَجْر فَهُوَ لَكُمْ إِنْ أَجْرِيَ إِلاّ عَلَى اللّهِ وَهُوَ عَلى كُلِّ شَيْء شَهِيدٌ }

وهذا يدلّ على أنّ مودّة أهل البيت(عليهم السلام) تنفع المسلمين في الهداية .

3 ـ شأن الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) هو شأن الطبيب الذي يقول لمريضه الذي جاء عنده وعالجه، أنّه لا يريد من المريض أجراً إلاّ أن يتناول الدواء ، فالأجر في الواقع ليس للطبيب، بل لمنفعة المريض .

تلمّس الحكمة في الأمر الإلهي بمودّة القربى:

مع الاعتقاد الراسخ بأنّ اللّه تعالى حكيم، بل هو أحكم الحاكمين، فمن المستحيل عليه سبحانه أن يأمر باللغو والعبث، وأمره بمودّة القربى هو دافع قوي للإنسان المسلم في اتّباع سيرتهم وسمتهم، فالمحبّ يتّبع محبوبه ويحذو حذوه في كلّ خطوة يخطوها، وعليه ففي الآية إشارة واضحة إلى كون الذين وجبت مودّتهم هم الذين يجب اتّباعهم مع الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) .

ومع ضميمة عدّة نصوص أُخرى كحديث الثقلين الذي يوضّح أنّ أهل البيت(عليهم السلام) هم عدل القرآن الكريم وأنّ التمسّك بهما معاً هو الذي يعصم المسلمين من الضلالة. وكآية التطهير التي تبيّن بأنّ اللّه تعالى قد أذهب عنهم الرجس وطهّرهم تطهيراً، وغيرها من النصوص التي لا تعد ولا تحصى، نستطيع أن نعي حكمة الأمر بمودّتهم(عليهم السلام) .

إنّ مودّة ومحبّة أهل البيت(عليهم السلام) ليست محبّة عادية لأشخاص عاديّين، بل هي مودّة خاصّة لأشخاص اصطفاهم اللّه تعالى كما قد يتّضح من قوله تعالى: { قُلْ ما أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْر إِلاّ مَنْ شاءَ أَنْ يَتَّخِذَ إِلى رَبِّهِ سَبِيلاً } فمودّة القربى تساوي مشيئة اتّخاذ السبيل إلى اللّه تعالى . وفي آية أُخرى تساوي مودّتهم الذكرى للعالمين، قال تعالى: { قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلاّ ذِكْرى لِلْعالَمِينَ } وعليه فأهل البيت(عليهم السلام) هم وسيلة الهداية باتّخاذ السبيل إلى اللّه تعالى والتذكّر فيه .

نشاطاته:

1 ـ واجه "عبد اللّه العريضي" بعد استبصاره العديد من المشاكل، وثارت ضدّه الفتن في معهد "دار اللغة" حيث كان يدرس ويُدرّس فيه، وقد استدعاه مدير المعهد قائلا له: سمعت أنّك غيّرت مذهبك؟؟

فأجابه عبد اللّه: لا، بل أصلحت مذهبي،

قال المدير: أكان آباؤنا على ضلال؟

فأجاب عبد اللّه: أنا لا أقول بذلك، ولكنّني لا أُسأل عنهم يوم القيامة، فلهم ما كسبوا ولنا ما اكتسبنا،

فغضب المدير وأخرجه من المعهد .

2 ـ لم تهدأ الفتنة بإخراجه من المعهد وقد دفعه ذلك إلى الهجرة إلى جزيرة كلمنتان الشرقية، حيث بدأ هناك بالتبليغ ، لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) حتّى استبصرت على يديه أكثر من 150 عائلة، وتمسّكت بولاء أهل البيت(عليهم السلام)، ودعاه ذلك إلى تأسيس مؤسّسة "المنتظر"(عج) الاجتماعيّة لخدمة هؤلاء المستبصرين وقضاء حاجاتهم الماديّة والمعنويّة .

3 ـ هاجر في سبيل طلب العلم إلى مدينة قم المقدّسة للدراسة في الحوزة العلميّة وللتزوّد من معين علوم أهل البيت(عليهم السلام) .