عبد الله بن جعفر بن محمد
عبد الله بن جعفر بن محمد:
ابن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب(ع). قال الكشي بعد ترجمة عمار بن موسى الساباطي (130): «الفطحية: هم القائلون بإمامة عبد الله بن جعفر بن محمد(ع)، و سموا بذلك لأنه قيل إنه كان أفطح الرأس، و قال بعضهم: كان أفطح الرجلين، و قال بعضهم: إنهم نسبوا إلى رئيس من أهل الكوفة يقال له: (عبد الله بن فطيح)، و الذين قالوا بإمامته عامة مشايخ العصابة و فقهائها، مالوا إلى هذه المقالة فدخلت عليهم الشبهة لما روي عنهم (ع) أنهم قالوا: الإمامة في الأكبر من ولد الإمام إذا مضى.
ثم منهم من رجع عن القول بإمامته لما امتحنه بمسائل من الحلال و الحرام لم يكن عنده فيها جواب، و لما ظهر منه من الأشياء التي لا ينبغي أن تظهر من الإمام. ثم إن عبد الله مات بعد أبيه بسبعين يوما، فرجع الباقون إلا شذاذا منهم عن القول بإمامته إلى القول بإمامة أبي الحسن موسى(ع)، و رجعوا إلى الخبر الذي روي أن الإمامة لا تكون في الأخوين بعد الحسن(ع)، و الحسين ع، و بقي شذاذ منهم على القول بإمامته، و بعد أن مات قالوا بإمامة أبي الحسن موسى(ع).
و روي عن أبي عبد الله(ع)أنه قال لموسى(ع): يا بني إن أخاك سيجلس مجلسي و يدعي الإمامة بعدي! فلا تنازعه بكلمة، فإنه أول أهلي لحوقا بي». و قال في ترجمة هشام بن سالم (132): «جعفر بن محمد، قال: حدثني الحسن بن علي بن النعمان، قال: حدثني أبو يحيى، عن هشام بن سالم، قال: كنا بالمدينة بعد وفاة أبي عبد الله(ع)أنا و مؤمن الطاق أبو جعفر و الناس مجتمعون
على أن عبد الله صاحب الأمر بعد أبيه فدخلنا عليه أنا و صاحب الطاق، و الناس مجتمعون عند عبد الله، و ذلك أنهم رووا عن أبي عبد الله(ع)أن الأمر في الكبير ما لم يكن به عاهة، فدخلنا نسأله عما كنا نسأل عنه أباه، فسألناه عن الزكاة في كم تجب؟ قال: في مائتين خمسة، قلنا ففي مائة، قال: درهمان و نصف درهم! قلنا له: و الله ما تقول المرجئة هذا فرفع يده إلى السماء، فقال: لا و الله ما أدري ما تقول المرجئة، قال: فخرجنا من عنده ضلالا لا ندري إلى أين نتوجه أنا و أبو جعفر الأحول، فقعدنا في بعض أزقة المدينة باكين حيارى لا ندري إلى من نقصد و إلى من نتوجه، نقول إلى المرجئة، إلى القدرية، إلى الزيدية، إلى المعتزلة، إلى الخوارج، قال: فنحن كذلك إذ رأيت رجلا شيخا لا أعرفه يومئ إلي بيده، فخفت أن يكون عينا من عيون أبي جعفر، و ذلك أنه كان له بالمدينة جواسيس ينظرون على من اتفق من شيعة جعفر(ع)فيضربون عنقه، فخفت أن يكون منهم، فقلت لأبي جعفر: تنح فإني خائف على نفسي و عليك، و إنما يريدني ليس يريدك فتنح عني لا تهلك و تعين على نفسك، فتنحى غير بعيد و تبعت الشيخ، و ذلك أني ظننت أني لا أقدر على التخلص منه، فما زلت أتبعه حتى ورد بي على باب أبي الحسن موسى(ع)ثم خلاني و مضى، فإذا خادم بالباب فقال لي: ادخل رحمك الله، قال: فدخلت فإذا أبو الحسن(ع)فقال لي ابتداء: لا إلى المرجئة و لا إلى القدرية و لا إلى الزيدية و لا إلى المعتزلة و لا إلى الخوارج إلي إلي إلي، قال: فقلت: له جعلت فداك مضى أبوك؟ قال: نعم، قال: قلت: جعلت فداك مضى في موت؟ قال: نعم، قلت: جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال: إن شاء الله يهديك هداك، قلت: جعلت فداك إن عبد الله يزعم أنه من بعد أبيه، فقال: يريد عبد الله أن لا يعبد الله، قال: قلت: جعلت فداك فمن لنا بعده؟ فقال: إن شاء الله يهديك هداك أيضا، قلت: جعلت فداك أنت هو؟ قال: ما أقول ذلك، قلت في نفسي: لم أصب طريق المسألة، قال: قلت: جعلت فداك عليك إمام؟ قال: لا، قال: فدخلني شيء لا يعلمه إلا الله إعظاما له و هيبة أكثر ما كان يحل بي من أبيه إذا دخلت عليه، قلت: جعلت فداك أسألك عما كان يسأل أبوك، قال: سل تخبر و لا تذع فإن أذعت فهو الذبح، قال: فسألته فإذا هو بحر، قال: قلت: جعلت فداك شيعتك و شيعة أبيك ضلال فألقي إليهم و أدعوهم إليك؟ فقد أخذت علي بالكتمان، فقال: من آنست منهم رشدا فألق عليهم و خذ عليهم بالكتمان فإن أذاعوا فهو الذبح- و أشار بيده إلى حلقه-، قال: فخرجت من عنده فلقيت أبا جعفر، فقال لي ما وراك؟ قال: قلت الهدى، قال: فحدثته بالقصة، قال: ثم لقيت المفضل بن عمر و أبا بصير، قال: فدخلوا عليه و سلموا و سمعوا كلامه و سألوه، قال: ثم قطعوا عليه، قال: ثم لقينا الناس أفواجا، قال: فكان كل من دخل عليه قطع عليه إلا طائفة مثل عمار و أصحابه، فبقي عبد الله لا يدخل عليه أحد إلا قليلا من الناس، قال: فلما رأى ذلك و سأل عن حال الناس، قال: فأخبر أن هشام بن سالم صد عنه الناس، قال: فقال هشام فأقعد لي بالمدينة غير واحد ليضربوني!».
و رواه الشيخ المفيد في إرشاده، في باب ذكر طرف من دلائل أبي الحسن موسى(ع)، عن جعفر بن محمد بن قولويه، عن محمد بن يعقوب الكليني، عن محمد بن يحيى، عن أحمد بن محمد بن عيسى، عن أبي يحيى الواسطي، عن هشام بن سالم نحوه (إلى قوله): «و بقي عبد الله لا يدخل عليه من الناس إلا القليل». و قال الشيخ المفيد في الإرشاد في باب ذكر أولاد أبي عبد الله(ع): «فصل: و كان عبد الله بن جعفر أكبر إخوته بعد إسماعيل و لم تكن منزلته عند أبيه كمنزلة غيره من ولده في الإكرام، و كان متهما بالخلاف على أبيه في الاعتقاد، و يقال: إنه كان يخالط الحشوية و يميل إلى مذهب المرجئة، و ادعى بعد أبيه الإمامة، و احتج بأنه أكبر إخوته الباقين، فاتبعه على قوله جماعة من
أصحاب أبي عبد الله(ع)، ثم رجع أكثرهم بعد ذلك إلى القول بإمامة أخيه موسى(ع)لما تبينوا ضعف دعواه و قوة أمر أبي الحسن(ع)و دلالة حقه و براهين إمامته، و أقام نفر يسير منهم على أمرهم و دانوا بإمامة عبد الله بن جعفر، و هم الطائفة الملقبة بالفطحية، و إنما لزمهم هذا اللقب لقولهم بإمامة عبد الله، و كان أفطح الرجلين، و يقال: لقبوا بذلك لأن داعيهم إلى إمامة عبد الله كان يقال له: عبد الله بن الأفطح».