سورة نوح

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

سورة نوح، هي السورة الواحدة والسبعون ضمن الجزء التاسع والعشرين من القرآن الكريم، وهي من السور المكية، واسمها مأخوذ من أول آية فيها؛ حيثُ يدور مضمون السورة حول قصة النبي نوح عليه السلام والأصول التي جاء بها إلى قومه: من ترك عبادة الأصنام، وفعل الخير، وطاعة الله فيما يأمرهم به وينهاهم عنه. والسورة تُذكّر المؤمنين باستخدام كل طريقة مفيدة ومؤثرة في الدعوة إلى الله، كما تتحدث الآيات الأخيرة على تحذير المشركين المعاندين وبيان عاقبتهم الوخيمة.

ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رُويَ عن الإمام الصادق عليه السلام: من أدمن قراءتها ليلاً أو نهاراً لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة، وإذا قُرئت في وقت طلب حاجة قُضيت بإذن الله تعالى.

تسميتها وآياتها

سُميت بسورة نوح؛ على أول آية منها؛ ولأنّ مضمون السورة يدور حول قصة النبي نوح عليه السلام منذ بداية ‏الدعوة ‏حتى ‏الطوفان ‏وهلاك ‏المكذبين،[١] ‏وسُميت ‏أيضاً (‏‏إِنَّا أَرْسَلْنَا نُوحاً)‎ حسب ما جاء بروايات الأئمة عليهم السلام في فضائل السورة،‎‏[٢] وآياتها (28)، تتألف من (227) كلمة في (965) حرف. وتعتبر من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة،[٣] ومن سور الممتحنات.[٤]

ترتيب نزولها

سورة نوح من السور المكية،[٥] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي صلی الله عليه وآله وسلم بالتسلسل (71)، وهو نفس تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء التاسع والعشرين من سور القرآن.[٦]

الأصول الثلاثة للنبي نوح (ع)

جاء في كتب التفسير: إنّ الله تعالى أرسل نوحاً إلى قومه بأمور ثلاثة:

1- أن يتركوا عبادة الأصنام ويعبدوا إلهاً واحداً.
2- أن يفعلوا الخير ويتقوا الشر.
3- أن يطيعوه فيما يأمر وينهي.[٧]

معاني مفرداتها

أهم المعاني لمفردات السورة:

(مِّدْرَارًا): غزيراً متتابعاً.
(وَقَارًا): الوقار: العظمة.
(أَطْوَارًا): أحوالاً مختلفة، طَوراً بعد طَور.
(طِبَاقًا): بعضها فوق بعض.
(سِرَاجًا): السراج: المصباح.
(فِجَاجًا): جمع فِج: وهو الطريق الواسع.
(كُبَّارًا): مبالغة في الكبر.
(وَدًّا وَلا سُوَاعًا وَلا يَغُوثَ وَيَعُوقَ وَنَسْرًا): كلها أسماء أصنام كانوا يعبدونها.
(دَيَّارًا): ساكن الدار، وقول: ليس في الدار ديّار - أي: ليس فيها أحد- هو نفيٌ عام.
(تَبَارًا): هلاكاً، وقيل: خسراناً.[٨]

محتواها

إنّ هذه السورة جاءت لتهدئة مشاعر النبي صلی الله عليه وآله وسلم والمؤمنين الأوائل ومن يعيش مثل ظروفهم؛ ليصبروا على الصعوبات، ويطمئنوا في مسيرهم بلطفٍ من الله تعالى، فالسورة ترسم منهج أصحاب الحق الذي ينبغي عليهم اتباعه، ويتلخّص فيما يلي:

  • تذكّر المؤمنين كيف يُبلّغون الرسالة للمشركين عن طريق الاستدلال المنطقي المقترن بالمحبة والمودة، واستخدام كل طريقةٍ تكون مفيدة ومؤثرة في الدعوة.
  • تعلّمهم الثبات والنشاط في طريق الدعوة إلى الله وعدم التكاسل مهما طالت الأعوام، ومهما وضع الأعداء العوائق.
  • تُبيّن لهم كيف يُرغّبونهم ويشجعونهم تارة، وتكون لديهم عوامل الإنذار والرهبة تارة أخرى، والاستفادة من كِلا الطريقين في الدعوة إلى الله تعالى.
  • الآيات الأخيرة من هذه السورة هي تحذير للمشركين المعاندين، بأنّ عاقبتهم وخيمة إذا لم يستسلموا للحق، وتخلّفوا عن أمر الله تعالى. [٩]

معنى الأجل

قوله تعالى: يَغْفِرْ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخِّرْكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى إِنَّ أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ[١٠] قال علماء التفسير: إنّ تعليق تأخيرهم إلى أجلٍ مسمى على عبادة الله والتقوى وطاعة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم يدل على أنّ هناك أجلين: أجل مسمى يؤخرهم الله إليه إن أجابوا الدعوة، وأجل غيره يُعجّل إليهم لو بقوا على الكفر،[١١] فيعني (أَجَلَ اللَّهِ إِذَا جَاءَ لا يُؤَخَّرُ لَوْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ) صحة ذلك، وأنتم تؤمنون به، فيعني به أجل الله يوم القيامة، وقيل: يجوز أن يكون هذا حكاية عن قول نوح عليه السلام لقومه، وإن يكون اخباراً منه سبحانه عن نفسه.[١٢]

آياتها المشهورة

قوله تعالى: |فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا[١٣] جاء في كتب التفسير: إنّ نوحاً قال لقومه: اطلبوا من ربكم المغفرة على كفركم ومعاصيكم، فهو غفار لكل من طلب منه المغفرة، فمتى اطعتموه ورجعتم عن معاصيكم يُرسل الله تعالى السماء عليكم مدراراً، أي: كثيرة الدرور بالغيث والمطر.[١٤]

وجاء في الروايات أنّ رجلاً جاء للإمام الحسن عليه السلام فشكى إليه الجدب، فقال له: استغفِر الله، وشكى إليه آخر الفقر، فقال له: استغفِر الله، وآخر قلة النّسل، وآخر قلة ريع أرضه، فأمرهم كلهم بالاستغفار.[١٥]

وسأل رجل الإمام الباقر عليه السلام فقال: جعلت فداك، إني رجل كثير المال وليس يولد لي ولد، فهل من حيلة؟ قال: نعم، استغفِر ربك سنة في آخر الليل مئة مرة، فإن ضيّعت ذلك بالليل، فاقضه بالنهار.[١٦]

فضيلتها وخواصها

وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:

وردت خواص كثيرة، منها:

  • عن الإمام الصادق عليه السلام: «من أدمن قراءتها ليلاً أو نهاراً لم يمت حتى يرى مقعده في الجنة، وإذا قُرئت في وقت طلب حاجة قُضيت بإذن الله تعالى».[١٩]


قبلها
سورة المعارج
سورة نوح

بعدها
سورة الجن

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ.
  • البحراني، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
  • الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
  • الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
  • الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين، ط 2، 1430 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، بيروت - لبنان، مؤسسة الميرة، ط 1، 1430 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
  • الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
  • معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
  • مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت- لبنان، دار الأنوار، ط 4، د.ت.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.

وصلات خارجية

  1. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 19، ص 26.
  2. الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 641.
  3. الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1259.
  4. معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
  5. الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 361؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 30، ص 119.
  6. معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 169.
  7. مغنية، تفسير الكاشف، ج 7، ص 425.
  8. الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 345-358.
  9. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 19، ص 26.
  10. سورة نوح: 4.
  11. الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 20، ص 31.
  12. الطبرسي، مجمع البيان، ج 10، ص 96.
  13. سورة نوح: 10-11-12.
  14. الألوسي، روح المعاني، ج 29، ص 115.
  15. الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1692.
  16. الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 644.
  17. الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1695.
  18. الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 641.
  19. البحراني، تفسیر البرهان، ج 10، ص 39.