سورة التحريم

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

سورة التحريم، هي السورة السادسة والستون ضمن الجزء الثامن والعشرين من القرآن الكريم، وهي من السور المدنية، واسمها مأخوذ من أول آية فيها، وتتحدث السورة عن قصة النبي صلی الله عليه وآله وسلم مع بعض أزواجه عندما حرّم على نفسه بعض أنواع الطعام، وتتضمن ذكر نموذجين صالحين من النساء وهما آسية زوجة فرعون ومریم بنت عمران ونموذجين غير صالحين وهما زوجة نوح وزوجة لوط.

ومن آياتها المشهورة قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ التي تخاطب المؤمنين في الصبر على طاعة الله وعدم معصيته، ورعاية عائلاتهم بتعليمهم الفرائض وتشجيعهم على فعل الخير، ونهيهم عن اتباع الشهوات والعمل القبيح.

ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رويَ عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: من قرأ سورة التحريم آتاه الله توبة نصوحاً.

تسميتها وآياتها

سُميت السورة بالتحريم، لمطلعها المبارك من قوله تعالى: يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ،[١] حيث تبتدأ السورة بعتاب محبةٍ وشفقةٍ على النبي صلی الله عليه وآله وسلم الذي امتنع عن تناول طعام طيب، وحرم نفسه لذته من أجل رضا إحدى زوجاته.[٢] كما تسمى أيضاً بسورة المتحرّم، وسورة لِمَ تحرّم، وسورة النّبي،[٣] وآياتها (12)، تتألف من (254) كلمة في (1105) حرف. وتعتبر من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة،[٤] ومن سور الممتحنات.[٥]

ترتيب نزولها

سورة التحريم من السور المدنية،[٦] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي صلی الله عليه وآله وسلم بالتسلسل (108)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثامن والعشرين بالتسلسل (66) من سور القرآن.[٧]

شأن نزولها

جاء في كتب التفسير حول شأن نزول الآيات الأولى من السورة عدّة أقوال، من أشهرها وأنسبها:

كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عندما يذهب إلى زوجته (زينب بنت جحش)، تأتي إليه بعسل كانت قد هيأته له، ولمّا سمعت عائشة بذلك شقّ عليها الأمر، واتفقت مع (حفصة) إحدى زوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم على أن يسألا الرسول بمجرد أن يقترب من أي منهما بأنه: هل تناول صمغ المغافير (هو نوع من الصمغ يترشح من بعض أشجار الحجاز، فيترك رائحة غير طيبة)؟
فسألت حفصة هذا السؤال، وردّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بأنه لم يتناول (صمغ المغافير) ولكنه تناول عسلاً، ولهذا أقسم بأنه سوف لن يتناول ذلك العسل مرة أخرى، خوفاً من أن تكون زنابير العسل قد تغذت على شجر (صمغ المغافير) وحذرها أن تنقل ذلك إلى أحد حتى لا يشيع بين الناس أنّ الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قد حرّم على نفسه طعاماً حلالاً فيقتدون به، ويحرّمونه على أنفسهم، أو خوفاً من أن تسمع زينب وينكسر قلبها وتتألم بذلك، لكنها أفشت السّر، وتألم الرسول صلى الله عليه وآله وسلم بذلك كثيراً، فنزلت عليه الآيات؛ لتوضح الأمر وتنهى عن تكرار ذلك مرة أخرى في بيت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم.[٨]

معاني مفرداتها

أهم المعاني لمفردات السورة:

(تُحَرِّمُ): المراد من تحرّم هنا بمعنى: تمتنع، أو تمنع نفسك.
(تَحِلَّةَ): أي: تحليلها بالكفارة.
(تَظَاهَرَا): أي: تتعاونا على النبي صلی الله عليه وآله وسلم فيما يؤذيه.
(قَانِتَاتٍ): مُطيعات خاضعات لأمر الله تعالى.
(سَائِحَاتٍ): صائمات أو مهاجرات.[٩]

محتواها

يتلخّص محتوى السورة في أربعة مضامين:

الأول: يرتبط بقصة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم مع بعض أزواجه، حينما حرّم بعض أنواع الطعام على نفسه، فنزلت الآيات من (1-5) وفيها لوم لزوجات الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
الثاني: خطاب لكل المؤمنين في شؤون التربية ورعاية العائلة ولزوم التوبة من الذنوب، وهو من الآية (6-8).
الثالث: الآية (9) التي تتضمن خطاباً إلى الرسول صلى الله عليه وآله وسلم لضرورة مجاهدة الكفّار والمنافقين.
الرابع: من الآية (10-12) وتتضمن توضيحاً للأقسام السابقة بذكر نموذجين صالحين من للنساء، وهما (مريم العذراء، وزوجة فرعون)، ونموذجين غير صالحين، وهما (زوجة نوح وزوجة لوط)، ويحذر نساء النبي صلى الله عليه وآله وسلم من هذين النموذجين الأخيرين، ويدعوهن إلى الاقتداء بالنموذجين الأولين.[١٠]

من آياتها المشهورة

قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ،[١١] جاء في كتب التفسير: قوا أنفسكم وأهليكم ناراً بالصبر على طاعة الله، وعن معصيته، وعن اتباع الشهوات، وقوا أهليكم النار بدعائهم إلى الطاعة، وتعليمهم الفرائض، ونهيهم عن القبائح، وحثّهم على فعل الخير.[١٢]

فضيلتها وخواصها

وردت فضائل كثيرة في قراءة سورة التحريم، منها:

وردت خواص لهذه السورة في بعض الروايات، منها:

  • عن الإمام الصادق عليه السلام: «من قرأها على المريض سكّنته، ومن قرأها على الرجفان برّدته، ومن قرأها على المصروع تفيّق، ومن قرأها على السهران تنوّمَ، وإن أدمَن في قراءتها من كان عليه دَين كثير لم يبقَ شيء بإذن الله تعالى».[١٥]


قبلها
سورة الطلاق
سورة التحريم

بعدها
سورة الملك

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • الألوسي، شهاب، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت-لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ.
  • البحراني، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
  • الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
  • الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
  • الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، بيروت - لبنان، مؤسسة الميرة، ط 1، 1430 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
  • الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
  • معرفة، محمد هادي، تدريس العلوم القرآنية، ترجمة: أبو محمد فقيلي، دار نشر الدعاية الإسلامية ، 1371 ش.
  • معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.

وصلات خارجية

  1. سورة التحريم: 1.
  2. الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 191.
  3. الألوسي، روح المعاني، ج 28، ص 472.
  4. الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1257.
  5. معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
  6. الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 266؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 30، ص 37.
  7. معرفة، علوم قرآن، ج 2، ص 168.
  8. الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 266؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 30، ص 37؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 10، ص 41؛ الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1657؛ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 19، ص 352؛ الألوسي، روح المعاني، ج 29، ص 472.
  9. الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 193-210.
  10. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 18، ص 278.
  11. سورة الملك: 2.
  12. الطبرسي، مجمع البيان، ج 10، ص 46.
  13. الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1664.
  14. مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 18، ص 278.
  15. البحراني، تفسیر البرهان، ج 9، ص 325.