زينب كسالس
زينب كسالس
(مسيحيّة / إسبانيا)
ولدت في "إسبانيا" بمدينة "برشلونة" ، ثمّ أرسلها أبوها إلى مدرسة الراهبات ولها ثلاث سنوات من العمر ، وبقيت مدّة خمسة عشر عاماً في هذه المدرسة ، ثمّ واصلت دراستها في جامعة برشلونة في كلّيّة الطّب وتخرّجت منها كطبيبة.
استبصارها:
تعرّفت "كسالس" في السنة الثانية من سنوات دراستها في كليّة الطبّ على مجموعة من الطلبة اللبنانيّين المسلمين ، فدفعها حبّ الاستطلاع إلى دراسة أفكار ومعتقدات هذه المجموعة.
وكان من بين هذه المجموعة شابٌّ مسلم يُدعى "محمّد عساف" ، وكان هذا الشابّ أكثر تحمّساً من بين أقرانه المسلمين لنشر الإسلام وتوعية الآخرين بالنسبة إلى العقائد الإسلاميّة ، وهذا ما دفع "كسالس" إلى كثرة اللقاء به والاستفسار منه عن الإسلام .
ومن هذا المنطلق بدأت رحلة "كسالس" نحو الإسلام ، ومن هنا تبلورت في ذهنيّتها رؤية عقائديّة غيّرت مرتكزاتها الفكريّة ، ودفعتها في نهاية المطاف إلى اعتناق الإسلام.
حديث زوجها عن تجربة استبصارها:
ذكر الدكتور "محمّد عسّاف" حول كيفيّة التقائه بالأخت زينب كسالس وكيفيّة تمكّنه من المساهمة في هدايتها إلى الصراط المستقيم :
بناءً لرغبة بعض الأخوة ، كتبت هذه التجربة لعلّها تضيف فكرة أو تقترح أساليب في آفاق العاملين وتدفعهم إلى الأمام .
أواخر عام 1977 قرّرتُ السفر إلى إسبانيا من أجل الدراسة والتخصّص في مجال الطبّ ، وأعترف أنّ ثقافتي الإسلاميّة في ذلك الوقت كانت سطحيّة تقتصر على معرفة الأحكام الضروريّة كالصوم والصلاة وبعض الأُمور الفقهيّة ، وهذا الحدّ من الثقافة ولو كان متدنّياً كان يعتبر في ذاك الوقت شيئاً مقبولا إلى حدّ ما على صعيد لبنان ، فقد تزامن مع بدايات الصحوة الإسلاميّة ، وأذكر حينها أنّ وصيّة أبي لي قبيل السفر كانت قوله: "كن رجلا"! كما قيل لي: إحذر ففي الغرب كفر ونساء ، فأجبت بأنّي ذاهب رغم معرفتي بذلك ، ولدي الثقة بالنفس وروح التحدّي.
سافرت وأنا مصمّم على الصمود في مواجهة العادات الغربيّة من جهة ، وعلى الجدّ لتحصيل العلم الذي كنت أطمح إليه من جهة أخرى، ولا أنكر أنّ الدافع لذلك كان هو عنفوان الشباب والحماس أكثر من الاعتماد على عمق إسلامي في الفكر ، إذ إن التزامي وقرار السفر كانا قبل أن أتعمّق في ثقافتي الإسلاميّة كمعظم الطلاّب الذين عرفتهم حينذاك .
ولذلك وفي السنة الأولى ، وخلال تعلّمي اللغة الإسبانيّة بنيت مواقفي على قناعات تخلط مفاهيم الإسلام بالتربية الذاتيّة القائمة على القيم الإنسانية العامّة ، ممّا جعلني أقتنع وأردّد لنفسي وللآخرين بأنّي هنا في اسبانيا لهدف سام وليس للعبث والتلّهي ، أحترم بعض عادات هؤلاء القوم ، ولكنّي لن أدوس قدسيّة مفاهيمي الإنسانيّة في الأخلاق والفضيلة، حتّى كاد البعض هناك يعتبرني معّقداً.
وهذه كانت المواجهة الأهمّ ، فأنت جديد لا تفهم كلّ الأُمور في تلك البيئة المختلفة ، وتحتاج للآخرين لمساعدتك في كثير من المجالات، وهذا الأمر يساعد على فقدان السيطرة والتحكّم بمسار الكثير من الأُمور . مضت سنة كاملة في مواجهة الواقع الذي كنت في البدء أجهل تفاصيله ولا أملك كلّ وسائل القوّة في مواجهته ، فضلا عن عدم وجود أصدقاء مؤمنين ملتزمين يشدّون عضدي في البداية.
مواجهة التيّارات المضادّة:
تجربة غريبة مع مفاجآت في كلّ مجال شابتها أخطاء محدودة ناتجة عن قلة الخبرة وعن الوحدة في الغربة فضلا عن الجهل باللغة في البدايات ، ولو لم أكن أحمل في نفسي روح التحدّي تلك لرجعت في الشهور الأوائل، ولكنّي ثابرت ودخلت بعدها إلى كلّيّة الطبّ في جامعة برشلونة ، وبالحقيقة شكّلت سنوات الجامعة الفترة المريحة لي حيث عملت مع بعض الاخوة الآخرين على إنشاء تجمّع للطلبة المسلمين ، وأسّسنا فيما بعد مكتبة أهل البيت(عليهم السلام)بهدف المساعدة على التحصّن مع الآخرين وبهم من خطر الضياع.
ولقد كانت الخطوة هذه إيجابيّة ومصدر ثقافة إسلاميّة لنا ، ومورد تجربة عمليّة قد أغنت ولا شكّ فكري وقناعاتي ، وساعد المكان والمكتبة على الحديث والنقاش حول كيفيّة التعاطي مع الإسبان خصوصاً الإحراج الناتج عن مسألة رفض مصافحة النساء ، وإيجاد مصدر للّحوم الشرعيّة، أو بديل عنها.
وصادف أن تركت زيارة أخ كريم لنا ـ لعمل تجاري ـ الأثر الكبير على واقعنا ، ودفعته بالاتّجاه الأصحّ ، وساهمت في تثبّتنا. فأحيت زيارته على الصعيد الشخصي في نفسي روح المثابرة والمبادرة ، كما تعلّمت منه أموراً شرعيّة وفقهيّة وفكريّة كنت أجهلها.
لقد كانت بداية اللقاء بين الأخوة في المكتبة من أجل الصلاة وتلاوة القرآن الكريم والأدعية وخاصّة دعاء كميل ، ولإنشاء تجمّع للطلبة المسلمين في برشلونة حفاظاً على أنفسنا من الضياع ، ثمّ تطوّر الوضع فيما بعد ليغطّي نشاطات ثقافيّة ، ودعوة للإسلام بالوسائل المتاحة ، وفي هذه الفترة كانت لي "شعارات" بل عبارات أردّدها تعبيراً عن قناعات ورؤية شخصيّة لبعض الأُمور ، فكنت أردّد مثلا: إنّ علينا أن نكون شجعاناً بإظهار إسلامنا عند التعرّف على الاسباني ، ليشكّل ذلك صدمة أو فرصة للآخر ، ليسأل فنشرح له ما نعرف عن الإسلام ، أو يشكّل إعلاناً صريحاً منك يلزمك ويساعدك في آن على الالتزام ودون تردّد بما يمليه عليك دينك ، لأنّي كنت أعتبر عدم التصريح بالهويّة الإسلاميّة منذ البداية يجعلك تتجاوز بعض الحدود الشرعيّة، أو يحرمك من فرصة الحديث عن الإسلام ، أو يكون ذلك متأخراً ودون فاعلية إن حدث.
أسلوب الدعوة والتبليغ:
كنت أركزّ على مبدأ الصدمة الأولى التي تحدّد اتّجاه العلاقة مع الطرف الآخر، وجعل عنصر المباغتة للغربيّ الذي يحمل صورة مشوّهة عنك وعن دينك ، جعل هذا العنصر لصالحك ، فالآخر لا يعرفك ولا ينتظر منك أيّ شيء غير عادي بالنسبة إليه ، ولكن عندما يعلم بأنّك مسلم ، يدفعه الأمر ليتحوّل إلى مستفسر، وأنت إلى موضّح ومعرّف لمفاهيم الإسلام !
لقد مرّت سنوات الدراسة في الجامعة مليئة بالأحداث ، فهي الفترة التي تعرّفت فيها حقيقةً على عقليّة الإسبان ، وأيضاً على الطلاّب اللبنانيين والعرب الذين كانوا قد تأقلموا تماماً مع ذلك المجتمع من غير تفكّر أو تمايز.
وإنّ من المفارقات الغريبة أن أكون سابقاً من دعاة رفض التعاطي مع الإسبان، والزواج من بناتهم ، ثمّ أكون أوّل من تزوّج إسبانية تضع الحجاب وتسلم لربّ العالمين.
قصّة زواجي مع "كسالس":
وقصّتي مع زوجتي الحاليّة أنّي قد تعرّفت عليها ضمن مجموعة من الطلاّب الذين تناولنا وإيّاهم الأحاديث العامّة، والاستفسارات عن عاداتنا وديننا، فيما أنا كنت أسهب في الشرح حول تاريخنا وجغرافيّتنا ، وحول مميّزات الإسلام الأساسيّة، ولقد كانت تصادفني مشكلة مهمّة ، فأنا لا أعرف ولا أهتمّ بكلّ المواضيع العاديّة التي كانت موضع حوار بينهم ، فلا أقرأ مجلاّتهم ، ولا أتابع تفاصيل الرياضة لأتحدّث عن كرة القدم أو غيرها ، ولذلك كنت أنتهز الفرصة عند أيّ سؤال للخوض في الحديث عن مجتمعنا وديننا، لدرجة أنّي في بعض الأحيان كنت مملاّ لا ألتفت إلى أن لا أحد يهمّه الموضوع مثلي!
ثمّ تكرّرت اللقاءات والنقاشات بيني وبينها بالذات ، وفي كلّ مرّة كانت المواضيع تتشعب حتّى عرفت أنّها مسيحيّة ملتزمة بمسيحيّتها ، فهي متخرّجة من مدرسة راهبات للبنات ، وهنا انحصر النقاش في الجانب الدينيّ الاعتقاديّ البحت ، ممّا ساعد على الاتفاق على أمور متعدّدة ومسلّمات كالإيمان باللّه والأنبياء والملائكة والآخرة والحساب وغير ذلك ، باستثناء موضوع التثليث حسب العقيدة المسيحيّة.
وأذكر أنّه عندما سنحت لي الفرصة المؤاتية لأخبرها بعدم جواز مصافحة الرجل للمرأة بعد أن كنت أتحاشى هذا الموقف، انطلق نقاش جديد عن علاقة الرجل بالمرأة، ونظرة الإسلام ورؤيته حول المرأة وعلاقتها بالرجل ، وهنا وفّقني اللّه تعالى فكانت حجّتي واضحة وعمليّة، ومفهومة للإنسان الغربيّ، وبلغته الاجتماعيّة.
بعد ذلك لاحظت أنّ تغييراً قد حدث ، وأنّ سهولة الموافقة على طرحي قد زادت حتّى ظننت أنّها لا تملك الحجج مثلي ، وأنّها تحاول تجنّب مناقشتي، أو أنّها تريد إرضائي بإظهار الموافقة ليس إلاّ ! ولكن على كلّ حال هذا الأمر جعل الحوار أكثر هدوءاً ، ولم أعد أحسّ بلهجتها المتعصّبة لدينها بعد أن كنت قد تجنّبت الحديث عن المفارقات بين الإسلام والمسيحيّة; لتجنّب إثارتها وتنفيرها.
وفي إحدى الأمسيات وبعد عودتنا من المكتبة العامّة حيث كنّا ندرس ، وعند باب منزلها وقفت فجأة ودون أيّ مقدّمة لتقول لي بكلّ جدّية : "أتعرف؟ إنّك جعلتي لا أنام الليل، وأنا أفكّر بمسألة التوحيد ، أظنّ أن ما قلته هو الحقّ، وأنّ اللّه واحد كما تقول، أعترف أنّ اللّه واحد ولا إله غيره ، ولكن بالنسبة لمحمّد لا أعتقد بأنّه نبيّ".
وفي الحقيقة لقد سمعت كلماتها ، ورأيت ملامح وجهها ، وارتجاف صوتها فغمر قلبي الهدوء والفرح والدهشة في آن واحد فقلت لها : لا بأس يكفينا الآن إيمانك بأنّ اللّه واحد لا إله غيره ، أمّا عن محمّد(صلى الله عليه وآله وسلم) فسنتحدّث لاحقاً.
ثمّ مرّت الأيّام والأسابيع ، وكنّا نتابع الموضوع ، ولكن لزيادة معلوماتها عن الإسلام ، فلم يعد حديثنا نقاشاً إنّما سرد معلومات وأحاديث ..
الصدمة الكبرى:
كل هذا وأنا ما زلت أظنّ أنّها تسايرني; لأنّي قويّ بقوّة الإسلام ، وليس لها قدرة على مناقشتي ! ربّما كانت تفكّر بأنّي مملّ وعنيد ، ولا مواضيع عندي غير الدين الإسلاميّ ، وتاريخ المنطقة ، وزاد تأكيد ظنّي بأنّها أخذت تسايرني عندما بدأت تلبس الثياب الطويلة رغم وجود الصيف، وجاءت الصدمة الكبيرة لي عندما أتت مرة إلى المكتبة حيث كنت أدرس; لتطلب منّي مرافقتها إلى البيت والسبب أنّها تريد وضع الحجاب ، ولا تريد أن تخرج بالحجاب لأوّل مرّة وحدها إلى الشارع ، يشهد اللّه أنّي لم أستطع فهم ما يجري ، فتاة اسبانية .. خرجنا وكنت أنا المرتبك وليست هي ، تصرّفت في الشارع ومع من كنّا نلتقي به في المكتبة وكأنّ كلّ شيء طبيعي ، وكأنّها كانت تضع الحجاب طول حياتها .. أمّا أنا فكنت أرى أن كلّ شيء ينظر إلينا ! ولكنّي تأكّدت أنّي كنت مخطئاً بالحكم عليها ، وعرفت أنّ اللّه قد هداها ، وأنّها أثبت منّي على الإسلام ، وعرفت منها أنّها في الفترة الأخيرة السابقة كانت تحفظ الأحكام ، وتتعلّم الصلاة من كتيبات كانت بحوزتها دون أن تخبرني!
كان الأمر بمثابة صدمة بالنسبة لي وللاخوان الذين لم يصدّق البعض أنّها كانت في الشارع بالحجاب .. فيما آخرون توقّعوا أن تخلعه خلال أيّام أو أسابيع .. ولكنّي كنت على يقين تام بأنّ ذلك ثابت فقد كنت عرفت شخصيّتها جيّداً.
هذا ما أصابني وأصاب الأخوة ، فكيف كان ذلك بالنسبة لأهلها؟
ردود فعل الأهل:
رجع الأهل بعد عطلة نهاية الأسبوع ليجدوا ابنتهم ترتدي الحجاب مع كلّ مظاهر المرأة المسلمة ، فقد كانوا يعلمون بارتدائها اللباس الطويل ، وبأنّها لا تأكل اللحوم ، أمّا أن تلبس الحجاب فهذا أمر له تبعاته الاجتماعيّة والعائليّة ، ولم يجدوا له مبرّرات أو تفسيرات ، ممّا أدار النقاشات بينهم بكلّ حدّة فأخذت الموقف المحايد ، ولم أدخل على خطّ التوتّر الدائر بينهم على أساس أنّ الموضوع يجب التفاهم عليه ضمن العائلة ، وبقيت أتجاهل هجومهم لإثارتي وأترك الردّ لها ، فهي ابنتهم بالنهاية برغم صداقتي معهم ، واتّخذ عدم تدخّلي المباشر ـ رغم تعمّد إقحامي ـ بعداً إيجابيّاً ممّا زاد من رباطة جأشها إلى أقصى الحدود ، ولم أعرف كيف استطاعت الصبر على ذلك لولا جوابها لي في إحدى المرّات ـ عندما كنت أوضّح لها استغرابي لطريقة اساءاتهم لها ـ حيث أجابتني بقولها: "ألست تقول أنّ اللّه يحاسب في الآخرة؟ وأنّ علينا أن نحترم أهلنا على أن لا يضلّونا؟".
اطمأنّ بالي لحسن إدارتها للأمر مع أنّه حقّاً كان شيئاً صعباً بالنسبة لهم ، فهي ابنتهم ، ويخافون عليها بسبب ما وصلهم عن العرب من أنّهم يحتقرون المرأة ، ويقفلون عليها الأبواب ، وأنّها تباع وتشترى ، وبأنّ ذلك مقدّمة لتركهم إلى بلاد بعيد ومجتمع جاهل ومتخلّف!
والأمر الثاني هو أنّ أهلها أرسلوها إلى مدرسة راهبات للبنات لتتلقّى أفضل تربية مسيحيّة دينيّة ودنيويّة ، وها هم اليوم وقد تحوّلت ابنتهم إلى دين آخر لا يعرفون عنه شيئاً. أضف إلى ذلك نظرات الأقارب وأسئلتهم وموقف الأهل الضعيف أمامهم! فلو اقتصر أمر إسلامها على أن لا تأكل اللحم ، وأن تصوم وتصلّي ، لقبلوا ذلك منها ولو على مضض ، ولكن أن لا تصافح الأقارب باليد ، وأن ترتدي الحجاب ، ولا تحضر الولائم لوجود الخمرة ، فهذه أمور خطيرة وصعبة لا يمكن لهم أن يتحمّلوها.
لقد كان صراعاً صعباً ، إنّها ابنتهم ، وهذا "المسلم" لا يملكون أيّة تهمة ضدّه ، ولذا استمر الهجوم عليها وحدها ، فهي "البلهاء" التي لا تعرف ماذا تفعل ، وفي الوقت نفسه كانوا يرون أنها سعيدة وإيجابيّة وخلوقة معهم أكثر من ذي قبل ، وأنّها لم تتخلّ عنهم رغم الضغوطات مع أنّ الفرصة والحرّيّة متاحتان لها في ذلك في عرف مجتمعها وعاداته.
حاول والدها مرّة أن يحدّثني بكلّ جدّية عن الموضوع بطريقة "رجل لرجل" ، فبادرني بالقول إن كان هذا مقبولا بالنسبة لي ، وما كنت لأفعل لو كنت مكانه؟ فأكّدت له مفاجأتي الكبيرة بقرار ابنته ، وأنّي لست وصيّاً عليها لأن تضع أو تخلع الحجاب ، وأنّي لم أتوقّع من إسبانيّة في تلك الفترة أن تفعل ذلك ، وذكّرته بالشعارات والمبادئ عن الحرّيّة وحقوق الإنسان التي يرفعونها في مجتمعاتهم ، فارتاح لذلك ، ثمّ أضفت له بأنّه لو سألني عن رأيي بالحجاب ، لقلت بأنّي أفضّل ليس أن تلبس ابنته فقط الحجاب ، بل أن تفعل ذلك زوجته وكلّ نساء العالم; لأنّ في ذلك سلامة للمرأة ، وعافية للإنسانيّة.
بقيت الأُمور كذلك حتّى ذهب والدها إلى الكنيسة ليشكو أمره ، ويجد حلاّ عند راهب هناك طاعن في السن ، فقسى الراهب عليه وحمّله المسؤولية لغبائه ! ولكنّه عاد فاستشار راهب القرية الذي طمأنه "بأنّ ذلك أيضاً يوصل إلى الخلاص".
وبعد عقد قراني عليها تمتّنت العلاقة معهم أكثر .. بل أصبحت حميمة يسودها الودّ والاحترام المتبادل . وبتّ أنا أشكر اللّه على هدايتها على يدي من جهة ، وأشكره لما وفّقني للصبر والمثابرة اللذين حافظت بهما على ديني وكرامتي، وعلى واقع إخوتي هناك ثمّ أسرتي المسلمة الجديدة.