زانا محمد ظاهر محمد جلال

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

زانا محمّد ظاهر محمّد جلال (شافعي / العراق)

ولد عام ١٣٩٢هـ (١٩٧٣م) في مدينة السليمانيّة، وترعرع في أوساط عائلة شافعيّة المذهب، فشبّ على مذهب عائلته متأثراً بأجواء المحيط الذي كان يعيش فيه.

الحسين(عليه السلام) سفينة النجاة:

شاءت الأقدار الإلهيّة أن يزور «محمّد ظاهر» مدينة قم المقدّسة بوصفه رجل أعمال في المجال التجاري، وصادفت رحلته التجاريّة في شهر محرّم الحرام حيث يقيم الشيعة مراسم العزاء والمآتم في هذا الشهر بمناسبة استشهاد الإمام الحسين(عليه السلام).

يقول «محمّد ظاهر»: كنت لا أعرف شيئاً عن الإمام الحسين(عليه السلام) وعن نهضته، وعند رحلتي إلى مدينة قم، تعرّفت على حياة الإمام الحسين(عليه السلام) وواقعة الطفّ الأليمة، فتأثّرت كثيراً، وأحسست بحرقة في أعماق قلبي، مستنكراً قتل ابن بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بهذه الصورة البشعة، وبعد رجوعي إلى بلدي قمت بالاستفسار من علمائنا حول هذه الواقعة، ولكن لم أجد ما يشفي غليلي وتعطّشي لمعرفة الحقائق في أجوبتهم.

دفعني حبّ الاستطلاع ومعرفة الحقائق إلى السفر مرّة أخرى إلى مدينة قم ; علّني أجد ما يروي تعطّشي لمعرفة الإجابة عن الكثير من التساؤلات، وبالفعل تحقّقت أمنيتي، حيث تبيّن لي من خلال البحث والتحقيق الكثير من الحقائق التي أدّت في نهاية المطاف إلى تغيير انتمائي المذهبي.

خلط الأوراق:

كان الملفت للنظر عند مبادرتي إلى السؤال من علمائنا هو إخفاء هذه الحقائق، ومحاولتهم خلط الأوراق ومزج الباطل بالحقّ والحقّ بالباطل، وهذا الخلط كان قديماً وهو الذي مهّد ليتسلّط معاوية وابنه يزيد على رقاب المسلمين وهي من شأن الإمام الذي عيّنه النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) من بعده، إمّا أن يكون الشخص أميراً ببيعة تؤخذ زوراً أو انتخاباً يؤخذ قهراً وتزويراً، فهذا ليس أميراً لأحد إنّما هو عبد نفسه وهواه وشهواته، فهذا يزيد هو الشخص الذي شهد أصحاب السير والتاريخ بشربه الخمر ولعبه الشطرنج وملاعبته للقردة و...

شخصيّة يزيد:

لا تخفى شخصيّة يزيد المستهترة لمن له أدنى اطّلاع في كتب التاريخ، حيث عرّفه المؤّرخ المسعودي في «مروج الذهب» بأنّه:

«صاحب طرب وجوارح وكلاب وقُرُود وفهود ومنادمة على الشراب، وجلس ذات يوم على شرابه، وعن يمينه ابن زياد، وذلك بعد قتل الحسين، فأقبل على ساقيه فقال:

اسقني شربة تروي مشاشي ثمّ مل فاسق مثلها ابن زياد
صاحب السرّ والأمانة عندي ولتسديد مغنمي وجهادي

وغلب على أصحاب يزيد وعمّاله ما كان يفعله من الفسوق، وفي أيّامه ظهر الغناء بمكّة والمدينة، واستعملت الملاهي، وأظهر الناس شرب الشراب، وكان له قرد يكنّى بأبي قيس يحضره مجلس منادمته، ويطرح له متّكأ، وكان قرداً خبيثاً وكان يحمله على أتان وحشية قد ريضت وذللت لذلك بسرج ولجام ويسابق بها الخيل يوم الحلبة...»

وجاء في تاريخ الطبري عن مسلمة قال:

«لمّا أراد معاوية أن يبايع ليزيد، كتب إلى زياد يستشيره، فبعث زياد إلى عبيد بن كعب النميري فقال: إنّ لكلّ مستشير ثقة ولكلّ سرّ مستودع... وقد دعوتك لأمر اتهمت عليه بطون الصحف، إنّ أمير المؤمنين كتب إلي يزعم أنّه قد عزم على بيعة يزيد، وهو يتخوف نفرة الناس ويرجو مطابقتهم، ويستشيرني وعلاقة أمر الإسلام وضمانه عظيم، ويزيد صاحب رسلة وتهاون مع ما قد أولع به من الصيد، فالق أمير المؤمنين مؤدّياً عنّي فأخبره عن فعلات يزيد...»

«وكتب معاوية إلى زياد - وهو بالبصرة - إنّ المغيرة قد دعا أهل الكوفة إلى البيعة ليزيد بولاية العهد بعدي، وليس المغيرة بأحقّ بابن أخيك منك، فإذا وصل إليك كتابي فادع الناس قبلك إلى مثل ما دعاهم إليه المغيرة، وخذ عليهم البيعة ليزيد. فلمّا بلغ زياداً وقرأ الكتاب دعا برجل من أصحابه يثق بفضله وفهمه، فقال: إنّي أريد أن آتمنك على ما لم آتمن عليه بطون الصحائف إئت معاوية فقل له: يا أمير المؤمنين إنّ كتابك ورد عليّ بكذا، فما يقول الناس إذا دعوناهم إلى بيعة يزيد، وهو يلعب بالكلاب والقرود، ويلبس المصبغ، ويدمن الشراب، ويمشي على الدفوف... فلمّا صار الرسول إلى معاوية وأدّى إليه الرسالة قال: ويلي على ابن عبيد»!

الأجواء التي تربّى فيها يزيد بن معاوية:

تعتبر الأجواء التربويّة التي ترعرع يزيد بن معاوية في ظلّها هي العامل الأساسي في ضعف صلته بالدين، فقد ذكر المؤرّخون أنّه نشأ في أجواء فاسدة ممّا جعلته غير متمسّك بالتعاليم الدينيّة، وكان لأبيه معاوية الدور الكبير في تمهيد هذه الأرضيّة، حيث زرع في قلبه الحقد على أهل بيت النبوّة، وسنّ لعن أمير المؤمنين وقائد الغرّ المحجلّين الذي قال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في حقّه: «حبّ علي إيمان، وبغضه نفاق»(1). فجعل معاوية اللعن بمنزلة الدعاء في خطب الجمعة؟ وبقي هذا اللعن على منابر مساجد المسلمين طيلة سبعين سنة؟ ولم يكن معاوية يستمع إلى نصائح كبار الصحابة كابن عبّاس حَبر الأمّة حيث قال له: «ألا تكفّ عن شتم هذا الرجل»؟

قال: ما كنت لأفعل حتّى يربو عليه الصغير، ويهرم فيه الكبير.

فلمّا ولي عمر بن عبد العزيز كفّ عن شتمه فقال الناس: ترك السنّة؟

وهذه الأجواء الفاسدة التي وفرها معاوية تركت أثراً عميقاً في شخصيّة ولده يزيد بن معاوية، فكان يزيد عصارة هذه الأجواء المنحطّة عن القيّم الإنسانيّة فضلاً عن القيم الإسلاميّة، ولم يكتفي يزيد بهذا فقط، بل جعل له أعوناً كعبيد الله بن زياد وعمر بن سعد وشمر بن ذي الجوشن وغيرهم من المسوخ البشريّة وذوي العاهات النفسيّة، الذين امتلأت قلوبهم حقداً على آل النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)، ممّا جعلهم يرتكبون أفجع الصور الممكنة في سفك دماء سيّد شباب أهل الجنّة وأهل بيته، ويحتفلون بيوم استشهاده(عليه السلام).

الحسين مصباح الهدى:

يقول «محمّد ظاهر»: بعد ما أزيلت الغشاوة عن بصيرتي، وتجلّت لي الحقائق التي أثبتت بطلان تراث طالما كنت أعتقد بقداسته، وجاهدت نفسي لإزالة الحواجز النفسيّة الموجودة فأعلنت استبصاري ; وليس من السهل أن يعلم الإنسان فساد معتقده الذي ضحّى من أجله الكثير من نفسه وماله وعواطفه ثمّ يعرض عنه بسهولة.

ويضيف «محمّد ظاهر»: كان الصراع النفسي الذي عشته طيلة فترة البحث والتحقيق هو الهاجس الكبير أمامي، وهو الذي شكّل الكثير من العراقيل أمام استبصاري، وبفضل الله وعنايته الخاصّة التي شملتني تمكّنت من الاهتداء إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) الذي من سلكه نجا ومن تخلّف عنه هلك وهوى.