د. احمد راسم النفيس

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

د. احمد راسم النفيس

المولد والنشأة

ولد الدكتور احمد راسم النفيس عام(1952م) في مدينة المنصورة بجمهورية مصرالعربية. ونشأ في اوساط عائلة ذات ذوق ادبي، فقد كان جده من علماء الجامع الازهر وكان يعقد منتدىً في القرية التي كان خطيباً لمسجدها، يجتمع فيه المثقفون ليأخذوا عنه العلوم الدينية والادبية. وورث الابن عن الاب هذه العادة فكان بيته منتدىً آخر تقام فيه حلقات الشعر والادب و يحضره اصحاب هذا الفن. اثّرت هذه الاجواء بالدكتور احمد النفيس رغم صغرسنه، يقول: (تعلمت من ابي وجدي(ره) حب القراءة والاطلاع، قرأت كل ما وقع تحت يدي من كتب اثناء طفولتي إلا كتاب واحد عجزت عن مواصلة القراءة فيه، هو«ابناء الرسول في كربلاء» للكاتب المصري خالد محمد خالد، كنت اجهش بالبكاء في اللحظة التي امسك فيها الكتاب واعجز عن مواصلة قراءته). (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) : ص 7-8).

أول الغيث

ولمّا كانت الحرب بين العراق وايران على اشدها، أمطرت الساحة المصرية - شأنها في ذلك شأن الساحة الاسلامية عموماً- بوابل من الكتب المسمومة والتي تتهجم على الشيعة، كما تم دعم هذا الهجوم بفسح المجال امام التيار السلفي ليلج الساحة هناك، وقد اخذ على عاتقه تأجيج نار الفتنة لتنفير الجمهور المصري من الشيعة، حيث يقول الدكتور احمد: (من الواضح تماماً ان هؤلاء كانوا ينفذون خطاً موسوماً ومدعومًا بل ويحاولون الايحاء بأن التشيع خطاً عنصرياً فارسياً في مواجهة الاسلام العربي! وهذه مقولة تكشف بوضوح الرؤية البعثية العراقية التي امتطت ظهرالسلفية) (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) : ص17).

نقطة التحول

رغم هذه الهجمة الشرسة ونفث السموم في الساحة إلا ان الدكتور احمد راسم النفيس لم يتأثر فواصل البحث والمتابعة حتى عثر على كتاب (لماذا اخترت مذهب اهل البيت (عليهم السلام) ) في احدى المكتبات العامة لمؤلفه المرحوم الشيخ محمد مرعي الامين الانطاكي، ويقول في هذا الصدد: (اخذت الكتاب، وقرأته. تعجبت، ثم تعجبت كيف يمكن لعالم ازهري هوالشيخ الانطاكي مؤلف الكتاب ان يتحول الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) ) (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) : ص18).

وبعد مرورعام وفي نفس المكتبة عثر على كتاب اخر هو (خلفاء الرسول الاثنا عشر) فعكف على قراءته بتمعن حتى اختمرت لديه فكرة اعتناق مذهب الشيعة لكنه لم يقرر بعد. ومضت فترة اخرى اُقيم خلالها معرض للكتاب في كلية الطب بالمنصورة فوجد كتاباً في المعرض يحمل عنوان (الامام جعفر الصادق (عليه السلام)) تأليف المستشار عبدالحليم الجندي، فتلقفه وأكب على مطالعته، يقول: (فأخذته وقرأته وتزلزل كياني لما فيه من معلومات عن اهل البيت (عليهم السلام) طمستها الانظمة الجائرة وكتمها علماء السوء، فإن القوم- كما روي على لسان الزهري راوية بني امية- لا يطيقون ان يذكرآل محمد بخير) (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) : ص 21).

فأخذ يقارن مع مالديه من كتب ومصادر سنية فوجد ان الامر لا يتحمل الاخفاء فهوكالشمس في رابعة النهار، فوجوب اتباع ائمة الهدى (عليهم السلام) حقيقة لا مناص لإحدٍ من الفرار منها، فهم عدل الكتاب، وأحد الثقلين، وسفينة نوح، ونجوم الامان.. فكانت المسألة محسومة بالنسبة له، فتحول ليكون مع الصادقين.

حملة وأي حملة!

كان الدكتور احمد راسم النفيس في هذه الفترة قد التقى بأحد اصدقائه القدامى واكتشف بأنه يحمل نفس المعتقد، فأخذا يتدارسان بعض الاحكام الفقهية اللازمة، كما كان في الوقت ذاته مشغولاً بانهاء رسالة الدكتوراه (اختصاص في الباطنية العامة) وكان نبأ اعتناقه لمذهب اهل البيت (عليهم السلام) قد تسرب، واذا به يواجه مقاطعة تامة، واخذت حلقات المقاطعة تضيق وتزداد كأنه مصاب بخلل فكري أوعقلي، يقول: (كنت أتساءل بيني وبين نفسي عن سرّ هذا العداء والشراسة في مواجهة كل من ينتمي الى خط آل بيت النبوة، وماهي الجريمة التي ارتكبها اولئك المنتمون؟..) (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) : ص 23) و بالرغم من ذلك صبر واحتسب، لكن الامر لم ينته الى هذا الحد بل اخذت المضايقات تأخذ شكلاً آخر، فهذه المرة السلطة!! فقد تم اعتقاله أواسط عام (1987م) في حملة اعتقالات طالت الاسلاميين في مصر، تعرض خلالها للتعذيب النفسي والجسدي، وقد كان الامر واضحاً بالنسبة له فهو لم يكن ينتمي لأي تنظيم- محظور أوغير محظور- ولا ممن يهددون أمن الدولة حتى يعتقل، وقد افرج عنه بعد فترة منهكاً مريضاً، وتتسلسل حلقات الاضطهاد لتأخذ شكلاً اخر، حيث يقول: (.. التآمر اخذ شكلاً اخر كان الهدف منه اخراجي من عملي بالجامعة بكل ما لديهم من وسائل، وهكذا تم تأخير حصولي على الدكتوراه من 1408هـ/1987م حتى عام 1413هـ/1992م ست سنوات كاملة من الضغوط الوظيفية والمعاشية كي يجبروني على تغيير عقيدتي حتى جاء الحق وظهرأمرالله وهم كارهون) (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) : ص25).

فقيّض الله تبارك وتعالى عدداً من الاحرار ليدافعوا عنه وعن غيره من المظلومين سواء من رجال الجامعة أم من رجال الصحافة والاعلام، حتى فشلت الحملة المسعورة التي كانت تتصور ان مجرد التهمة بكلمة (شيعة أوتشيع) ستقلب المجتمع بأجمعه ضده وبالتالي عزله وتحجيم دوره.

إنها مدرسة الإمامة

يتساءل الدكتور احمد راسم النفيس ويقول: (كيف يمكن لأمة أن تحلم بإقامة دولة اسلامية،وهي لا تمتلك مشروعاً فقهياً أو فقهاء مجتهدين؟! الجميع يعلمون ان المسلمين الشيعة وحدهم هم الذين يمتلكون هذا البناء الفقهي وهذه المدرسة المتكالمة التي اقاموها على مدى التاريخ عبر العذابات والجراحات، وهي مدرسة تستند الى فهم آل البيت المعصومين للكتاب الكريم والسنة النبوية المطهرة، ودائماً كان دليلهم الاقوى وكانت فتاواهم هي الاصوب) (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) : ص 28-29).

ثم يشرع بدراسة قضية تختلف عن الدراسات التقليدية، إذ ركّز فيها على الاطار العقلي وداعماً له بالنصوص القرآنية والنبوية الشريفة، فيقول في هذا الصدد: (ان انتقال النبي محمد (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى الرفيق الاعلى عام(11هـ /632م) كان من المفترض ان يصاحبه انتقال السلطة والنظرية الى يد أمينة قادرة على التعبير عن الامرين وجعل السلطة والقوة في خدمة النظرية وليس العكس ان تكون النظرية في خدمة السلطة فتشكل النظرية وفقاً لقدارت اصحاب السلطة الذهنية والعقلية ولمدى امانتهم في التطبيق، و من هنا كان عهد النبي الاكرم لعلي عليه السلام يوم غديرخم بقوله:«من كنت مولاه فعلي مولاه» (1)، وقوله يوم سار النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) الى غزوة تبوك وكانت يومها الدولة قائمة: «انت بمنزلة هارون من موسى الا انه لا نبي بعدي»(2) (عن كتابه الطريق الى مذهب اهل البيت «عليهم السلام»: ص 36).

إشارة لابد منها

ان معظم هؤلاء المستنيرين والذين عرفوا الحقيقة لهم رصيد ثقافي وعلمي جيد، فالدكتور احمد راسم النفيس بالاضافة الى كونه حامل لشهادة الدكتوراه (اختصاص في الباطنية العامة) فهو حافظ للقرآن الكريم، وقد وفق لحفظه في السجن عام(1981م) ضمن حملة اعتقالات واسعة شملت المتدينين والمثقفين والحركيين بعد مقتل الرئيس المصري انورالسادات.

كما انه تمكن من تأليف كتابين هما:

1- الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) .

2- على خطى الحسين (عليهم السلام) .

هذه الاشارة تدلك على ان الدكتور النفيس عند ما قرر اعتناق مذهب الحق لم يكن قراره انفعالياً اوغير مدروس، بل بالعكس تماماً وقد بان ذلك في ما مضى من سطور. (1) [ سنن الترمذي: ج2 ص298. سنن ابن ماجة: ص12. مستدرك الصحيحين: ج3 ص1098 و533. مسند احمد بن حنبل: ج1 ص48. الخصائص للنسائي: ص 22و40. الامامة والسياسة لإبن قتيبة: ص 93] (2) البخاري (كتاب بدء الخلق، باب غزوة تبوك): ج3 ص1359. صحيح مسلم (كتاب فضائل الصحابة): ج5 ص23. مسند احمد ابن حنبل: ج1 ص277] ثم يسترسل في بحث موضوع الامامة وفق محاور ذكرها في كتابه الموسوم بـ (الطريق الى مذهب اهل البيت (عليهم السلام) ) الذي بيّن فيه طريقة سعيه في معرفة طريق الصواب، وقد ثبت لديه- وهو الثابت اصلاً- ان الفرد المسلم لا ينجو من امواج بحار هذا العالم المتلاطمة مالم يركب سفينة اهل البيت (عليهم السلام) .