الكليني

من ويكي علوي
(بالتحويل من ثقة الاسلام الكليني)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

محمد بن يعقوب الكُلَيني الرازي، المعروف بثقة الإسلام الكليني، من كبار محدثي الشيعة الإمامية ومؤلّف كتاب الكافي الذي يعدّ من أهم المصادر الحديثية الأربعة عند الشيعة.

ولد في عصر الغيبة الصغرى ولقی بعض المحدثين الذين سمعوا الحديث مباشرة من الإمام الهادي أو الإمام العسكري عليهما السلام. وصفه الرجاليون بالدقة والضبط في نقل الحديث.

حياته

لم تحدد المصادر التي ترجمت للكليني زمان ولادته ومكانها بالتحديد، إلا أنّ المسلّم به من خلال تتبع كلمات الرجاليين أنّه ولد في قرية كُلين إحدى توابع مدينة الري. كما يستفاد من مجموعة من القرائن التاريخية أنّ زمن ولادته يقارب ولادة الإمام المهدي عجل الله فرجه الشريف في سنة 255 هـ وأنّه عاش في زمن الغيبة الصغرى.

واحتمل السيد بحر العلوم أنّه أدرك بعض أيام الإمام العسكري عليه السلام.[١] فيما ذهب السيد الخوئي إلى القول بأنّ ولادته كانت بعد وفاة الإمام الحسن العسكري عليه السلام وفي بدايات الغيبة الصغرى.[٢]

وصفه الرجاليون ومن ترجموا له بأبي جعفر ومحمد بن يعقوب، وابن إسحاق، وثقة الإسلام والرازي، والسِلسِلي والبغدادي.[٣] وهو أوّل من لقّب بـ ثقة الإسلام وكان الناس يرجعون إليه في مسائلهم الإجتماعية والفقهية لفضله وعلمه وتقواه.[٤]وإنّما سمّي بالسِلسِلي نسبة إلى درب السلسلة ببغداد، عند باب الكوفة حيث نزله الكليني إبّان وجوده في بغداد.[٥]

أسرة الكليني

ينتسب الكليني إلى بيت أصيل طيب معروف في الري، وقد عرف من رجال هذا البيت مجموعة من العلماء وحملة الحديث والفقه، منهم: والده يعقوب بن إسحاق الذي يعدّ من كبار علماء الإمامية زمن الغيبة الصغرى في كلين،[٦] وخاله أبو الحسن علي بن محمد المعروف بـ علان الرازي، ومحمد بن عقيل الكليني، وأحمد بن محمد أخو أبي الحسن.[٧]

دراسة الحديث والهجرة إلى قم

نشأ الكليني في مدينة الري التي حوت جميع المذاهب من الإسماعيلية، والأحناف، والشافعية، فضلاً عن الشيعة الإمامية، فكان على معرفة جيدة بآراء ونظريات تلك المذاهب الكلامية والفقهية، وإلى جانب ذلك قرر الخوض في مجال علم الحديث حفظاً وتدويناً متلمذاً على كبار أساتذة الفن في مدينة الري كأبي الحسن أبي الحسن محمد بن جعفر بن عون الأسدي.[٨] ثم شدّ الرحال صوب مدينة قم المقدسة لمواصلة الدراسة في مجال علم الحديث متلمذاً على محدثيها ممن رووا عن الإمامين العسكري والهاديعليهم السلام مباشرة وبلا واسطة.

سفره إلى بغداد

تشير الشواهد التاريخية إلى أنّ الكليني قد هاجر إلى بغداد سنة 327 هـ وبقي فيها السنتين الأخيرتين من عمره حيث كانت بغداد تمثّل المركز العلمي للعالم الإسلامي. ومن الشواهد التي تدلّ على الإنتهاء من كتاب الكافي قبل الدخول إلى بغداد أنّه لم يرو عن النواب الأربعة للإمام الحجّةقالب:عج بلا واسطة مع معاصرته لهم. ولشهرة الكليني ومعروفيته رجع إليه الشيعة والسنة في الفتوى حتى وصفوه بـــ ثقة الإسلام.[٩]

وفاته ومكان دفنه

توفى الكليني ببغداد سنة ثلاثمائة وتسع وعشرين وقيل ثمان وعشرين، في شعبان سنة تناثر النجوم، والمقارن لبدء الغيبة الكبرى عن عمر ناهز الثانية والسبعين.[١٠] وقال النجاشي والشيخ الطوسي: «وصلى عليه محمد بن جعفر الحسيني أبو قيراط، ودفن بباب الكوفة في مقبرتها». قال ابن عبدون: «رأيت قبره في طريق الطائي، وعليه لوح مكتوب فيه اسمه واسم أبيه».[١١]

وقال محمد باقر الخونساري: «والقبر الشريف في شرقي بغداد، في تكية المولوية، وعليه شباك من الخارج إلى يسار العابر من الجسر المشهور، يزوره أهل السنة والشيعة.[١٢]

شخصيته ومكانته العلمية

إتفق الموافق والمخالف من الرجاليين والمؤرخين على عظم شخصية الكليني وفضله ومكانته العلمية وجميل ذكره وحسن سيرته.[١٣]

أقوال علماء الشيعة في حقّه‏

ترجم له الشيخ الطوسي في الفهرست قائلاً: محمد بن يعقوب الكليني، يكنّى أبا جعفر، ثقة، عارف بالأخبار... وقال في رجاله: « يكنى أبا جعفر الأعور، جليل القدر، عالم بالأخبار، وله مصنفات منها كتاب الكافي...».[١٤] ولقد تفرد الشيخ الطوسي - من بين القدماء - بإطلاق هذه الكنية على الشيخ الكليني ولم يتابعه ممن تأخر عنه إلا ابن شهر آشوب المتوفى بعد الشيخ الطوسي بأكثر من قرن وربع القرن.

أما النجاشي فقد وصفه بالقول: «أبو جعفر الكليني- وكان خاله علان الكليني الرازي- شيخ أصحابنا في وقته بالري ووجههم، وكان أوثق الناس في الحديث وأثبتهم صنّف الكتاب الكبير المعروف بالكافي، في عشرين سنة».[١٥]

وهكذا أطراه بكلمات المدح والثناء مما يكشف عن عظم منزلته وسمو مكانته في الوسط العلمي، كبار علماء الشيعة كابن شهر آشوب [١٦] والعلامة الحلي [١٧]وابن داود الحلي [١٨] والتفرشي [١٩] والأردبيلي[٢٠] والسيد أبو القاسم الخوئي[٢١]وقال السيد رضي الدين بن طاووس: «الشيخ المتفق على ثقته وأمانته محمد بن يعقوب الكليني...».[٢٢]

أقوال علماء السنّة في حقه‏

قال المؤرخ الشهير ابن الأثير في كتاب جامع الأصول: «أبو جعفر محمد بن يعقوب الرازي، الفقيه، الإمام على مذهب أهل البيتعليهم السلام، عالم في مذهبه، كبير، فاضل عندهم، مشهور».[٢٣] وقال الذهبي: «عالم الإمامية وصاحب المؤلفات المعروفة».[٢٤] وقال ابن حجر في التبصير: «أبو جعفر محمد بن يعقوب الكليني، من رؤساء فضلاء الشيعة في أيام المقتدر، وهو منسوب إلى كلين من قرى العراق...». وقال ابن حجر في لسان الميزان: «... وكان من فقهاء الشيعة، والمصنّفين على مذهبهم...».[٢٥]

وأثنى عليه ابن عساكر في كتابه.[٢٦]

مؤلفاته وآثاره العلمية

صنّف الشيخ الكليني بالإضافة إلى كتابه الكافي الذي يعدّ أحد الكتب الأربعة الحديثية عند الشيعة، مجموعة من المصنفات مما يكشف عن تضلّعه في سائر العلوم إضافة إلى علم الحديث، منها:

  • الرد على القرامطة يفند فيه عقائدهم المزيفة.
  • رسائل الأئمةعليهم السلام.
  • تعبيرالرؤيا.
  • كتاب الرجال.
  • ما قيل في الأئمةعليهم السلام من الشعر.
  • الزي والتجمّل.
  • الدواجن والرواجن.
  • الوسائل.
  • فضل القرآن [٢٧]

مشايخه وأساتذته

تلمّذ الشيخ الكليني على ما يقرب من الخمسين شيخاً في الحديث والأخلاق وسائر العلوم، أشهرهم علي بن إبراهيم القمي- صاحب التفسير المعروف بـتفسير القمّي- حيث وقع في ما يقرب من 7068 سنداً من أسانيد كتاب الكافي.[٢٨]، ومن مشايخه أيضا:

تلامذته والرواة عنه

تلمَّذ عليه وأخذ الحديث عنه الكثير من الرواة منهم من يندرج في عداد كبار علماء الشيعة الإمامية، ومن هؤلاء التلاميذ:

  • أبوعبد الله أحمد بن إبراهيم المعروف بابن أبي رافع الصيمري.
  • محمد بن علي ماجيلويه القمي.
  • أبوعبد الله محمد بن إبراهيم بن جعفر.
  • أبوعبد الله محمد بن أحمد بن قضاعة الصفواني.[٣٠]

المصادر والمراجع

قالب:المصادر

  • ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ، بيروت، دار صادر، 1386 هـ.
  • ابن داود الحلي، حسن بن علي، رجال ابن داود، النجف، المطبعة الحيدرية، 1392 هـ.
  • ابن شهر آشوب، محمد علي، معالم العلماء، قم، د.ن، د.ت.
  • ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينه دمشق، بيروت، دار الفكر، 1415 هـ.
  • ابن ماكولا، علي بن الوزير أبي القاسم هبة الله، إكمال الكمال، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • الأردبيلي، محمد علي، جامع الرواة، د.م، مكتبه المحمدي، د.ت.
  • التفرشي، محمد بن حسين، نقد الرجال، قم، آل البيت، 1418 هـ.
  • الحلي، حسن بن يوسف، خلاصه الأقوال في معرفه الرجال، تحقيق: جواد قيومي، قم، نشر الفقاهة، 1417 هـ.
  • الخوانساري، محمد باقر، روضات الجنات في أحوال العلماء والسادات، قم، إسماعيليان، د.ت.
  • الخوئي، أبو القاسم بن علي أكبر بن هاشم تاج الدين الموسوي، معجم رجال الحديث، د.م، د.ن، 1413 هـ.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، بيروت، مؤسسة الرسالة، 1413 هـ.
  • الزبيدي، محب الدين، تاج العروس من جواهر القاموس، بيروت، دار الفكر، 1414 هـ.
  • السيد بن طاوس، علي بن موسى، كشف المحجة لثمرة المهجة، النجف، المطبعة الحيدرية، 1370هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، رجال الطوسي، تحقيق: جواد قيومي، قم، مؤسسه النشر الإسلامي، 1415 هـ.
  • الطوسي، محمد بن حسن، الفهرست، تحقيق: جواد قيومي، قم، نشر الفقاهه، 1417 هـ.
  • العسقلاني، شهاب الدين أبو الفضل أحمد بن علي بن محمد بن حجر، لسان الميزان، بيروت، مؤسسة الأعلمي، 1390 هـ.
  • الغفار، عبد الرسول، الكليني والكافي، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1416 هـ.
  • القمي، الشيخ عباس بن محمد رضا بن أبي القاسم، سفينة البحار، قم، أسوه، د.ت.
  • المدرس، محمد علي، ريحانة الأدب في تراجم المعروفين بالكنية أو اللقب، طهران، خيام، 1369 هـ.
  • النجاشي، أحمد بن علي، رجال النجاشي، قم، مؤسسه النشر الإسلامي، 1416 هـ.
  • بحر العلوم، السيد محمد مهدي ابن مرتضى ابن محمد ابن عبد الكريم ابن مراد، الفوائد الرجالية، تحقيق: محمد صادق بحر العلوم، طهران، مكتبة الصادق، 1363 هـ.
  1. بحر العلوم، الفوائد الرجالية، ج 3، ص 336.
  2. الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 19، ص 58.
  3. الغفاري، الكليني والكافي، ص 124 - 125.
  4. المدرس، ريحانة الأدب، ج 5، ص 79.
  5. الزبيدي، تاج العروس، ج 18، ص 482.
  6. القمي، سفينة البحار، ج 2، ص 495.
  7. الخوانساري، روضات الجنات، ج 6، ص 108.
  8. الغفار، الكليني والكافي، ص179.
  9. الغفار، الكليني والكافي، ص 264 - 267.
  10. المدرس، ريحانة الأدب، ج 8، ص 80.
  11. النجاشي، رجال نجاشي، ص 378؛ الطوسي، الفهرست، ص 210 - 211.
  12. الخوانساري، روضات الجنات، ج 6، ص 108.
  13. السيد محمد مهدي، الفوائد الرجالية، ج 3، ص325.
  14. الطوسي، رجال الطوسي، ص 429؛ الطوسي، الفهرست، ص 210.
  15. النجاشي، رجال النجاشي، ص 377.
  16. ابن شهر آشوب، معالم العلماء، ص 134.
  17. الحلي، خلاصة الأقوال، ص 245.
  18. ابن داوود الحلي، رجال ابن داوود، ص 187.
  19. التفرشي، نقد الرجال، ج 4، ص 352.
  20. الأردبيلي، جامع الرواة، ج 2، ص 218.
  21. الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 19، ص 54.
  22. السيد ابن طاووس، كشف المحجة، ص 159.
  23. ابن الأثير، الكامل في التاريخ: ج8، ص364.
  24. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 15، ص 280.
  25. ابن حجر، لسان الميزان، ج 5، ص 433؛ ابن ماكولا، إكمال الكمال، ج 7، ص 186.
  26. ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 56، ص 297.
  27. النجاشي، رجال النجاشي، ص 377؛ الطوسي، رجال الطوسي، ص 429؛ ابن شهر آشوب، معالم العلماء، ص 134.
  28. الخوئي، معجم رجال الحديث، ج 19 ، ص 59 .
  29. الغفار، الكليني والكافي، ص 166.
  30. الغفار، الكليني والكافي، ص 182.