الشيخ عبد الحسين بن الشيخ إبراهيم صادق العاملي
الشيخ عبد الحسين صادق العاملي
الشيخ عبد الحسين بن الشيخ ابراهيم بن الشيخ صادق بن الشيخ ابراهيم ابن يحيى الخيامى النباطى العاملى النجفى المعاصر المولود فى النجف سنة 1279 هـ قرأ بعض مقدمات العلوم فى جبل عامل، و هاجر الى النجف بلد العلم و الهجرة و عمره إذ ذاك احدى و عشرون سنة أعنى سنة 1300 هـ فى السنة التى توفى فيها زعيم الامامية السيد مهدى القزوينى و رفيقه العالم المقدس الشيخ نوح القرشى، و أكمل مقدماته فى النجف على الشيخ محمود ذهب المتوفى سنة 1324 و الشيخ على الخاقانى المتوفى سنة 1334 و السيد على بن السيد محمد البحرانى الغريفى المتوفى سنة 1321، و حضر دروس الاعلام و تخرج على المراجع العظام فى النجف حتى صار مجتهدا عالما شهد بفضله جل اساتذته، و كان كاملا أديبا شاعرا خفيف الروح مستقيم الذوق أريحى الطبع على غزارة علمه و فضله و قداسته و تقاه، و يعد فى عداد الطبقة الأولى من شعراء عصره، له شعر كثير محفوظ لمتانته و حسن سبكه، فيه النكات الأدبية و المناسبات، و قد خمس قصيدة والده العينية ذكرناها فى ترجمة والده الشيخ ابراهيم صادق العاملى، و قد نادم شعراء عصره فى النجف و له السبق فى الاجادة بالرغم من ان عصره فيه نوابغ الشعراء، و كان من خلص اصحابنا عاملى الأصل نجفي الطبع و الوفاء و السخاء و الصحبة، و كنا نجتمع ايضا فى أبحاث أساتذتنا الكاظمى و الرشتى و ابن نجف و المامقانى، و الخليلى و الشرابيانى، و فى الوقت يعجبنى نقده فى البحث، و أدبه.
اساتيذه:
حضر على الشيخ محمد حسين الكاظمى و الحاج ميرزا حسين الخليلى، و الميرزا حبيب اللّه الرشتى، و الشيخ محمد طه نجف، و الملا محمد الشرابيانى، و حضر أيضا على الشيخ أغا رضا الهمدانى صاحب مصباح الفقيه، و الشيخ ملا كاظم الخراسانى صاحب الكفاية، و أجازه بعض أساتيذه إجازة اجتهاد.
مؤلفاته:
المواهب السنية فى فقه الامامية و جامع الفوائد طبع سنة 1345 هـ و الشذرات فى مباحث العقود و الايقاعات. منظومة فى الكلام، و منظومة فى المواريث لم تتم، و كتاب فى الاجارة و الوصية و القضاء خلاصة بحث استاذه الخليلى، و الاستفتاءات العمرية و الفتاوى الصادقية. أجوبة عن مسائل عمر الرافعى، و رسالة موسومة بـ (بسماء الصلحاء) فى إقامة المآتم الحسينية و رسالة فى الرد على القس الحلبى صاحب كتاب المشرع، و ديوان شعر، و قد نظم قصيدة دالية فى رثاء على بن الحسين (ع) شهيد الطف و عقد لها مجلسا حضرته الوجوه العلمية و الأدبية فى داره و دعيت للحضور فقرأت و كانت رقيقة شجية بليغة أخذت مأخذها العاطفى من الجلاس مطلعها:
عهدى بربعهم اغن المعهد # و نديه يفتر بالروض الندى
ما باله درس الجديد جديده # و محا محاسن خده المتورد
أفلت أهلته و غابت شهبه # فى رائح للنائبات و مغتدى
زمت ركان قطينه أيدى سبا # تفلى الفلات بمتهم و بمنجد
و لقد وقفت به و معتلج الجوى # بجوانحى عن حبس دمعى مقعدى
فتخالنى لضناى بعض رسومه # و لحر أحشائى اثافى موقد
أرنو اليه و ناظرى متقسم # بطلوله لمصوب و مصعد
ما إن أرى إلا الحمائم هتفا # ما بين غريد و صيداح شدى
ناحت و نحت و أين منى نوحها، # شتان نوح شج و سجع مغرد
لى لا لها العين المرقرق دمعها # و المهجة الحراء و القلب الصدى
حجر على عينى يمر بها الكرى # من بعد نازلة بعترة (احمد)
أقمار تم نالها خسف الردى # و اغتالها بصروفه الزمن الردى
شتى مصائبهم فبين مكابد # سما و منحور و بين مصفد
سل كربلا كم مهجة (لمحمد) # نهبت بها و كم استجذت من يد
و لكم دم زاك أريق بها و كم # جثمان قدس بالسيوف مبدد
و بها على صدر الحسين ترقرقت # عبراته حزنا لا كرم سيد
و على قدر من ذوابة هاشم # عبقت شمائله بطيب المحتد
أفديه من ريحانة ريانة # جفت بحر ظما و حر مهند
بكر الذبول على نضارة غصنه # ان الذبول لآفة الغصن الندى
ماء الصبا و دم الوريد تجاريا # فيه و لاهب قلبه لم يخمد
لم انسه متعمما بشهبا القنا # بين الكاة و بالأسنة مرتدى
يلقى ذوابلها بذابل معطف # و يشيم انصلها بجيد أجيد
خضبت و لكن من دم و فراته # فاحمر ريحان العذار الاسود
جمع الصفات الغر و هى تراثه # من كل غطريف و شهم أصيد
فى بأس حمزة فى شجاعة حيدر # بإبا الحسين و فى مهابة (احمد)
و تراه فى خلق و طيب خلائق # و بليغ نطق كالنبى (محمد)
يرمى الكتائب و الفلا غصت بها # فى مثلها من عزمه المتوقد
فيردها قسرا على أعقابها # فى بأس عريس العرينة ملبد
و يؤب للتوديع و هو مجاهد # لظما الفؤاد و للحديد المجهد
صادى الحشا و حسامه ريان من # ماء الطلى و غراره لم يبرد
يشكو لخير أب ظماه و ما اشتكى # ظمأ الحشى إلا الى الظامى الصدى
فانصاع يؤثره عليه بريقه، # لو كان ثمة ريقه لم يجمد
كل حشاشته كصالية الغضا # و لسانه ظمأ كشقة مبرد
و مذ انثنى يلقى الكريهة باسما # و الموت منه بمسمع و بمشهد
لف الوغى و أجالها جول الرحى # بمثقف من بأسه و مهند
عثر الزمان به فغادر جسمه # نهب القواضب و القنا المتقصد
ويح الردى يا بئس ما غال الردى # منه هلال دجا و غرة فرقد
يا نجعة الحيين هاشم و العلى # و حمى الذمارين العلى و السؤدد
كيف ارتقت همم الردى لك صعدة # مطرودة الكعبين لم تتأود
فلتذهب الدنيا على الدنيا العفا # ما بعد يومك من زمان أرغد
و قد خرج الشيخ من النجف حدود سنة 1315 عائدا الى بلاده و هو عالم فقيه أديب ماهر متضلع فى الأدب صلب الايمان ورع، ثقة عدل، كريم النفس دمث الأخلاق، و فضيلته الى سنة 1359 حى يرزق يتمتع بصحة فى النباطية.
و جاء نبأ وفاته فى ذى الحجة سنة 1361 هـ و دفن هناك فى النباطية و أعقب أولادا أظهرهم الشيخ حسن و هو من أهل الفضيلة و الأدب و كان شاعرا، و الشيخ محمد تقى مراهق لدرجة الاجتهاد مع ورع و تقى و أخلاق فاضلة و أدب.