السيد هاشم الحطاب
السيد هاشم الحطاب ... -1160
السيد هاشم الحطاب بن السيد محمد بن السيد عويد-عواد بن السيد محمد ابن السيد عواد الكبير بن على بن حسن الجبيلى بن عبد الله بن علم الدين على
المرتضى النسابة ابن جلال الدين عبد الحميد بن فخار شمس الدين بن معد بن فخار بن احمد بن ابى الغنائم محمد بن الحسين الشيتى بن محمد الحائرى بن ابراهيم المجاب بن محمد العابد بن الامام موسى بن جعفر عليهما السلام هكذا صورة نسبهم وجدناها عند بعض الأسرة الكريمة، و المعروف عند المعاصرين بل المتواتر عند النجفيين ان السيد المترجم له ولد فى النجف و نشأ و توفى فيها كما سيأتى، و كان عالما فاضلا تقيا زاهدا ورعا واعظا متعظا، تروى له موعظة جليلة لها اثرها التام تستحق ان تذكر و ستأتى، و كان فى عصر السلطان نادر شاه الافشارى المتوفى سنة 1166، و له معه حكاية تدل على زهد المترجم له هى ان نادر شاه لما قدم العراق زائرا مرقد الامام على امير المؤمنين (ع) فى النجف و زار العلماء فى بيوتهم جاء الى دار السيد المترجم له-التى دفن بها الواقعة فى محلة الحويش فى الحارة الصغيرة قرب مسجده الصغير-و كان السيد جالسا على حصير فى ذلك الوقت زهدا منه و تواضعا فقال له السلطان انا نادر شاه ألا أمر تأمرنى به فانجزه و أنا بذلك فخور فاجابه نعم احبس عنى البعوض فانه لا يذرنى انام فى الليل، فقال له الملك سلنى مالا ينفعك فانى اقدر على ذلك، فاجابه السيد انى اسئله ممن يقدر على كل شيء، ثم قام السلطان و لم يسئله شيئا، و روى العالم الفقيه الثقة التقى الشيخ محمد بن الشيخ عبد الله ابن الشيخ محمد بن الشيخ احمد بن مظفر النجفى المتوفى سنة 1322 هـ انه دخل نادر شاه النجف بجيش يزيد على الفين جندى و جعلوا معسكرهم خارج سور البلد و صارت الجنود تدخل البلد زمرا زمرا بكثرة فحصل الأذى منهم الى بعض النجفيين بالتعدى عليهم و شكوا عند العالم المقدس السيد المترجم له فقصد الشاه الى مخيمه راكبا على حمار له و اعلمه بذلك فخرج الأمر ان لا يؤذى العسكر العرب، و اكرم الشاه السيد و امر له بمال جزيل فاخذ السيد يكزه بعصاه و يقول له هذا المال لى او لحمارى فانكان لى فانا غنى عنه عندى قوت يومى و انكان لحمارى فهو اغنى منى لانه مكفول المؤنة خذه لا حاجة لى به و قام، فقال: السلطان لأصحابه ما أزهد هذا الرجل انتهى، و المروى متواترا انه كان فى اوائل عصر السيد توتر طائفى بغيض بين السنة و الشيعة فى العراق، و تروى فى ذلك حوادث و وقايع كثيرة منها «حكاية» :
هى نتيجه ما ابرمه الأجانب فى الخلاف بين مذاهب المسلمين لكى يقتل بعضهم بعضا فى سبيل التدخل فى شؤونهم و الدخول الى بلادهم فقام الجمهور من ابناء السنة فى القسطنطينية و اجمعوا على قتل رجال من الشيعة فى العراق و المعنى بهم العلماء فى النجف، و قيل: قتلا اشمل من هذا و هو ضعيف، و عارض فى ذلك بعضهم من أرباب الطريقة المعروفة «البكتاشية » و انكروا عليهم فى الديار التركية بشدة و إصرار و قالوا خذوهم بحجة و دليل و ناظروهم فى مذهبهم و إلا تقع الفتنة الكبرى بين المسلمين عامة، فلهذا قدم وفد من الاراضى التركية للمناظرة مع علماء الشيعة فى العراق و لما دخل الوفد بغداد علم بذلك علماء النجف و رجال الدين بواسطة الوجوه من الشيعة فى بغداد، ثم سار الوفد الى النجف و فى طريقهم اقاموا فى كربلا مدة، و كانوا نخبة من أهل العلم و الجلالة و النظر و فيهم قاضى القضاة و شيخ الاسلام الى امثال ذلك و بخدمتهم الجيش و الضباط من بغداد، فعندئذ اجمع علماء النجف براى واحد على ان يخرجوا جماعة من الافاضل-و منهم السيد هاشم الحطاب و كان حسن البيان متكلما كاصحابه من الروحانيين العرب-على هيئة الحطابين بلباسهم الرث لملاقات الوفد فى الطريق للاطلاع و لو اجمالا على ما هم عازمون عليه، فبيناهم سائرون و اذا بالوفد التركى ضارب خيامه فى اثناء مراحل طريق كربلا للراحة، و نزل الحطابون بقربهم بحيث يسمع كل منهم صوت الآخر و كان الترك إذ ذاك مشغولين بطبخ الغداء، و حرر الحطابون مسألة علمية في «الامامة» و انه لا بد من إمام حق فى كل عصر من الأعصار و طال النزاع بينهم و ارتفعت اصواتهم باللسان العربى الفصيح فسمعهم علماء الترك و عجبوا من ذلك، و قدم الوفد طعاما للحطابين فأبوا قبوله بأنهم على كفاية من الزاد ثم جلس بعضهم يستمع كلام الحطابين و رجع البعض الى الوفد و اخبر كبارهم بما سمعوه و بعد قليل قدم شيخ الاسلام و رفقاؤه كلهم للنظر فيهم و الفرجة عليهم و السماع لحديثهم العلمى، و بعد مضى ساعات من النهار سألوهم من اين انتم؟الجواب حطابون من أهل النجف الأشرف، أعلماء انتم؟كلا نحن حطابون و علماء النجف فى النجف، ثم رجع الوفد الى مخيمهم و تشاوروا فيما بينهم ثم اجمعوا من مكانهم على الرجوع الى بغداد و لم يدخلوا النجف للقناعة التى حصلت عندهم-حيث كان استدلال الحطابين على مسألتهم بطريق العقل و النقل، و هو المطلوب نقاشها ايجابا و سلبا، -و رهبة من ملاقات علماء النجف و مناظرتهم فيها، و كفى الله المؤمنين القتال و كان الله قويا عزيزا انتهى اقول: و هذه الحكاية مشهورة جدا فى عصرنا سنة 1290 هـ و عصر اساتذتنا الكرام أيضا و محفوظة متواترة عندهم بلا كلام.
موعظته:
منها اودع رجل فى عصره صندوقا صغيرا فيه نقود ذهبية كثيرة عند احد التجار بعد ان سئل من اتقى أهل النجف من التجار فدل على هذا الرجل الذى ائتمنه بماله، و ذهب صاحب المال ليؤدى فريضة الحج و مذ رجع طالبه بأمانته فانكرها باصرار و لما يأس منها بقى متحيرا و شاع خبره فى النجف و دل على السيد هاشم الحطاب (ره) فشكى عنده و قال: السيد لصاحب الأمانة إنى سأمضى الى دكانه فارقبنى اذا قمت منه و اذهب اليه بسرعة و طالبه بالمال، ففعل كما امره و ذهب الى الرجل و طالبه و اجاب نعم هى حاضرة فأحضرها له و لما قبضها سأله عما دعاه لانكارها فاجابه كان المال غزيرا يا اخى و عن سبب إرجاعها قال وعظنى السيد هاشم الحطاب و أرانى اثر نار فى فخذه له سنون لم يندمل، حيث كان فى ذمته فلس لاحد الناس فصره فى عمامته ليسلمه لصاحبه و بقى اياما و نام فى ليلة فرأى فيما يرى النائم ان القيامة قامت و جاء ملك لأمير المؤمنين عليه السلام و قال: له ان القيامة قد قامت فاحضر عند مدخل جهنم قال: السيد فتبعت أمير المؤمنين عليه السلام و نهانى عن الذهاب فاصررت بالتماس على الذهاب معه فقال لى ان كنت مطلوبا لله تعالى فأنا استوهبك منه تعالى و إن كان للناس فلا بد لهم من حقوقهم و نسيت الفلس و ذهبت معه حتى انتهينا الى جهنم و اذا برجل فيها يقول يا هاشم فلسى فقصدنى و ادخل اصبعه بفخذى بقوة فكان كما ترى فبكى الرجل التاجر و كان فى دكانه بالسوق انتهى
و ممن تتلمذ عليه الفقيه المقدس الشيخ خضر بن يحيى المالكى الجناجى المتوفى سنة 1181 هـ ابو الأسر الاربع و قد أوصى السيد المترجم له لما حضرته الوفاة ان يقف الشيخ خضر على غسله و يصلى عليه، و قد اطرى نجله الشيخ الأكبر الشيخ جعفر كاشف الغطاء المتوفى سنة 1227 هـ على المترجم له فى مواضع منها كان واصفا له بانه وحيد عصره و فريد دهره فى العلم و الزهد و التقوى و الصلاح و انه الراكع الساجد العالم العامل و الفاضل الكامل المرحوم المبرور مولانا السيد هاشم رحمه الله، و حدث المعمرون من مشايخ النجف الأشرف و بعض احفاد السيد (ره) انه الجد الرابع للسيد سلمان الزگرتى و انه السيد سلمان بن السيد درويش بن محمد بن يعقوب بن يوسف ابن هاشم الحطاب.
وفاته:
توفى فى النجف سنة 1160، و قيل 1167 هـ و دفن فى داره بمحلة الحويش كما تقدم.