السيد قاسم شبر
نبذة مختصرة عن حياة العالم الشهيد السيد قاسم شبر ، وكيل المراجع في النعمانية ، مؤلّف كتاب «المؤمنون في القرآن» .
اسمه ونسبه
الشهيد السيّد قاسم ابن السيّد محمّد ابن السيّد علي ابن السيّد حسين ابن السيّد عبد الله شبّر، وينتهي نسبه إلى الحسن الأفطس ابن الإمام زين العابدين(ع).
والده
السيّد محمّد، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «عالم فاضل كامل ورع تقيّ زكيّ جليل»(1).
ولادته
ولد عام 1308ه في النجف الأشرف بالعراق.
دراسته
بدأ بدراسة العلوم الدينية في مسقط رأسه، واستمرّ في دراسته حتّى عُدّ من الفضلاء في النجف.
من أساتذته
1ـ السيّد محمود الشاهرودي، 2ـ السيّد محمّد الحسني البغدادي، 3ـ الميرزا علي الإيرواني، 4ـ السيّد أبو الحسن الإصفهاني، 5ـ الميرزا النائيني، 6ـ الشيخ عبد المظفّر، 7ـ والده السيّد محمّد.
ما قيل في حقّه
قال الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «فاضل بارع تقي»(1).
ولاؤه لأهل البيت(عليهم السلام)
كان(قدس سره) شديد التعلّق والمحبّة بأهل البيت(عليهم السلام)، لا سيّما الإمام الحسين(ع)، حيث كان يذهب كلّ ليلة جمعة إلى كربلاء لزيارة الإمام الحسين(ع)، وكانت له محبّة فريدة في قلبه، كما وجد مع كفن الشهيد كيس كُتب عليه: هذه المناديل تُنشر على صدري وكتفي في القبر؛ لأنّني جفّفت بها الدموع التي جرت على الإمام الحسين(ع).
وكالته
لا تخفى أهمّية التبليغ واستقرار العلماء في المدن والمناطق، وشعوراً بهذه المسؤولية انتقل في الأربعين من عمره إلى مدينة النُعمانية بوكالة من السيّد أبو الحسن الإصفهاني، ثمّ أصبح وكيلاً للسيّد محسن الحكيم بعد وفاة السيّد الإصفهاني.
ومن ثمّ وكيلاً للسيّد أبو القاسم الخوئي، كما كان وكيلاً للشهيد السيّد محمّد باقر الصدر، ومن المقرّبين له جدّاً.
جدّه
السيّد علي السيّد حسين، قال عنه الشيخ آقا بزرك الطهراني في الطبقات: «كان من الفضلاء والأُدباء»(3).
من إخوته
1ـ السيّد علي، قال عنه الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «فقيه أُصولي عالم مجتهد جليل، من أساتذة الفقه والأُصول والحديث والرجال، تخرّج على أعلام عصره، وتصدّى للبحث والتأليف والتحقيق، سكن في السنين الأخيرة الكويت، واشتغل بالإمامة والوعظ والإرشاد»(4).
2ـ السيّد إبراهيم، قال عنه الشيخ محمّد هادي الأميني في المعجم: «عالم محقّق مجتهد متتبّع فقيه أُصولي، من أساتذة الفقه والأُصول والأخلاق والفضل والأدب»(5).
من أحفاده
السيّد عادل السيّد كاظم، فاضل، من طلبة البحث الخارج في حوزة النجف.
من مؤلّفاته
1ـ المؤمنون في القرآن (مجلّدان)، 2ـ شرح نهج البلاغة، 3ـ تقريرات دروس بعض أساتذته في الفقه والأُصول.
مواقفه من الحكّام الظلمة وأعوانهم
عُرف(قدس سره) أنّه منذ أن حطّت رجله أرض النُعمانية لم يُسجّل له التاريخ أنّه خاف أو تراجع عن مقارعة الظالمين، فقد تسلّح أبّان المدّ الشيوعي سنة 1959م، وحمل السلاح بوجههم، وكان يجهر على المنبر بكفرهم، كما حارب البعثيّين في أيّامهم، حيث عملوا ما عملوا من جرائم وفساد، حيث دمّروا الحوزات العلمية بأفكار التقاطية، وتفضيل القومية على الدين، واتّهام المؤمنين وزجّهم في المعتقلات الرهيبة وإعدامهم وتشريدهم.
اعتقاله
في انتفاضة رجب عام 1979م، تحرّكت وفود البيعة للشهيد السيّد محمّد باقر الصدر(قدس سره)، ومن بينها موكب أهالي النُعمانية يتقدّمه السيّد شبّر.
وفي يوم الجمعة 15/6/1979م، أي بعد أربعة أشهر من انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وبعد يوم واحد من آخر خطبة له، وأثناء صلاتي المغرب والعشاء، جاء جمع من البعثيين وطوّقوا الجامع من كلّ جانب، ثمّ تناول أحدهم ميكروفون الجامع، وأخذ يقرأ افتتاحية جريدة الثورة التي تهاجم الثورة الإسلامية وقائدها، وفي نهاية كلمتهم لم يتحمّل الشباب ما قيل من كلمات ضدّ دين الله، وفي بيت من بيوت الله، فبدأ الشباب يهتفون بصيحات (الله أكبر) بوجوه هؤلاء الجبناء، ممّا دعاهم أن يهربوا أمام شباب الإسلام كالجرذان الخائفة.
وما أن خرج السيّد من المسجد قاد المظاهرة الكبرى التي تشكّلت من جماهير الأُمّة الإسلامية في مدينة النُعمانية، واستمرت المظاهرة إلى أن وصل السيّد إلى بيته، فتفرّقت المظاهرة، فطلب السيّد منهم الحِيطة والحذر، وفي نفس تلك الليلة في الساعة الحادية عشر أعلن البعثيّون حالة إنذارٍ قصوى في المدينة، وجاءت سرايا من الأمن والجيش الشعبي من مدينتي الكوت والحسينية وغيرهما، ونصبوا مفارز تفتيش.
فسُدّت جميع الطرق والأزقة المؤدّية إلى بيت السيّد، وتصدّى لهم الشباب المؤمن، وحصلة معركة غير متكافئة، فالمجرمون بالرشّاشات والبنادق، والمؤمنون بالسكاكين وقطع الحديد والخشب، أمّا السيّد فكانت بيده مطرقة يُدافع بها على الرغم من ضعفه البدني، وكبر سنّه، فاستطاع السيّد وأنصاره أن يطردوا البعثيّين خارج الدار، وغلّقوا الأبواب وتحصّنوا داخل الدار.
وفي الساعة الثانية بعد منتصف الليل عاود المجرمون الكرّة، ولكن بطريقة ماكرة، حيث استعانوا بأحد وجهاء البلدة، ويُحتمل أنّهم خدعوه وطلبوا منه أن يذهب إلى السيّد ويقول له: إنّه لا عداوة لهم معه، وإنّما مجرد حديث وجلسة مع محافظ الكوت، وبأنّه إن امتنع عن ذلك فإنّ الحكومة ستهدم داره على مَن فيها، فدخل هذا الشخص الوجيه في البيت كما يقول أحد أصحابه، وطلب من السيّد ما قالوا له.
فقال أحد الأشخاص المقرّبين من السيّد: سيّدنا الكريم، إنّ هؤلاء لا عهد لهم، وإنّهم غدرة فجرة، وهذه مكيدة أمن، ولكن هذا الشخص أخذ يلحّ على السيّد، وأن لا يأخذ بكلام الشباب والمراهقين، ثمّ تهيّأ السيّد، فكتب بعض الكلمات والوصايا سريعاً، فقد كان متأكّداً من عدم الرجوع، فلبس عباءته وأمسك بعصاه وفتح الباب.
وبمجرد أن خرج السيّد من البيت دخل جلاوزة الأمن، لا يدعون شيئاً أمامهم إلّا كسروه، وأطلقوا النار عشوائياً، وبعثروا مكتبته الكبيرة، ثمّ أُحرقت بعد ذلك، وأخذوا السيّد وعشرين شخصاً من أصحابه، وقد احمرّت ملابسهم بالدماء أثناء المواجهة، وأخذوهم إلى مدينة الكوت للتحقيق، وفي اليوم الثاني من وصولهم إلى مدينة الكوت تمّ نقلهم إلى مديرية الأمن في بغداد.
استشهاده
استُشهد(قدس سره) في السادس من شعبان 1399ه، بأمر الإعدام بالرصاص الذي أصدره الحاكم المجرم مسلم الجبوري، هذا ولم يُعلم في أيّ مكان دُفن لعدم تسليم جثمانه.
الهوامش
1ـ طبقات أعلام الشيعة 17 /252 رقم354.
2ـ المصدر السابق 17 /50 رقم56.
3ـ المصدر السابق 12 /52 رقم46.
4ـ معجم رجال الفكر والأدب في النجف 2 /712.
5ـ المصدر السابق.