السيد حسين بن السيد سليمان الحلي
السيد حسين بن السيد سليمان الحلي
ولد السيد حسين بن السيد سليمان بن السيد داود الحلي في مدينة النجف الأشرف في حدود عام 1162 ه ولقب بالحكيم ، ونشأ على والده في مدينة النجف وأخذ عنه مبادئ العلوم ، ولما استوطن والده مدينة الحلة اصطحبه معه ، ولكنه عاد إلى مدينة النجف فدرس علمي الطب والأخلاق ، وأتصل بعلماء الأسر النجفية كآل محيي الدين ، وآل الأعسم ، وآل كاشف الغطاء ، وآل بحر العلوم ، ودارت بينه وبين علماء وأدباء هذه الأسر مطارحات ومساجلات فكتب إليه الشيخ محمد محيي الدين يداعبه ويستهديه سعفا كان يصله إليه في كل سنة قائلا:
قل للحسين أخي الإحسان والشرف * لا تنسى ما بي من الإخلاص والشغف
حاشا علاك عن الأحجام عن صلتي * بعد التعاهد والإتحاف بالتحف
لا زلت تنجز ما وظفت من عدة * فهل تفضلت بالإسعاف بالسعف
فعجل البر قبل البرد مبتدرا * فالشيخ يشفى بلا نار على التلف
وقد أجابه السيد حسين الحلي قائلا :
محمد يا زكي الوسط والطرف * لا تجعلن ودنا وقفا على (طرف)
من سره أن يرى كل الورى جمعت * بواحد فليرى ما فيك وليقف
من همه في اكتساب المجد مرتقبا * وهم بعضهم في الباه والعلف
وقد أثنى عليه الشيخ عبد الحسين الأعسم بقصيدة منها:
رويدك أني عن ملامك في شغل * متى خان عهدا للهوى عاشق قلبي
لقد ايست مني العواذل بعد ما * رأوني أزداد اشتياقا على العذل
وأيسر خطب في الهوى لوم لائم * ( ولا بد دون الشهد من أبر البخل )
وليل كعين الظبي نادمني به * صبيح به استغنيت من صبحه المجلي
واشتهر السيد حسين الحلي بعلم الحكمة حتى لقب " لقمان محيي الموتى " ، كما كان عالما بالجفر والرمل والعلوم الغريبة ، وأصبح له مركز اجتماعي رفيع في مدينة الحلة حتى أنها انقادت إليه ويقول الشيخ اليعقوبي : انه عالم فاضل ، وشاعر مطبوع ، يتوسع في علوم الطب والحكمة والنجوم ، وله في الأدب والترسل باع طويل ، وكان جليل القدر ، كامل الرياسة ، له هيبة في صدور الخاصة والعامة ، مطاعا عند حكام الحلة وولاة بغداد.
ومن شعره في رثاء والده السيد سليمان الحلي:
كم أحبس الزفرات بين ضلوعي * فتنمّ بالسر المصون دموعي
وإلى م يعذلني الخلي من الجوى * والسم حشو حشاشة الملوع
اعذول قد كلمت غير مكلم * ودعوت للسلوان غير مطيع
قد كنت قبل نوئ الأحبة جامد * الأجفان جلدا حلف كل خليع
فرمى الزمان صفاة صبري بعدهم * وتجلّدي بقوارع التصديع
يا للرجال لحادث ألقيت من * بعد الآباء له زمام مطيع
كيف السبيل إلى الخلاص ورائقي * قدر يذللني بغير قطيع
وختم قصيدته بقوله :
هي نفثة المصدور حاول قذفها * كي يستريح وأنّة الموجوع
وعليهم تسليم صبّ دأبه * عض البنان بسنّة المقروع
توفى السيد حسين الحلي في الحادي عشر من ذي الحجة عام 1236 ه / 1820 م ، وحمل جثمانه إلى مدينة النجف الأشرف ورثاه جماعة من الشعراء كالسيد سليمان الحلي ( الصغير ) والشيخ حبيب المطيري ، والشيخ محمد بن مطر ، والشيخ صالح التميمي ، وقد استخرج الشيخ موسى بن الشيخ جعفر الكبير عشرة ألف شامي من أموال السيد حسين الحلي حين وفاته وجعلها رد مظالم وفرقها في مظانها عنه ، فلما رأى ذلك السيد علاوي ترك مهنة الطب وقال :
حرام عليّ ما دام الأمر بهذه الخطورة.