اسماعيل الحسني الشامي

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

اسماعيل الحسني الشامي

ولد عام 1975م في " صنعاء " عاصمة جمهورية اليمن(1)، من أسرة تعتنق المذهب الزيدي(2)، ودرس في المدارس الدينية الزيدية حتى أصبح أستاذاً في المدرسة العلمية الزيدية الرئيسية بصنعاء والتي تقام جلسات دروسها في الجامع الكبير، له مؤلفات مخطوطة في المذهب الزيدي، اضافة إلى نظمه الشعر وتمتعه

وقال القاضي أحمد بن صالح بن أبي الرجال الزيدي في مقدمة كتابه (مطالع البدور ومجمع البحور): "والتحقيق: إن الزيدية منسوبة إلى الإمام علي بن أبي طالب وسبطيه وأمهما لاجماعهم إن الحق معهم وإن انتسبوا إلى زيد بن علي فما ذاك إلاّ أنها وقعت فترة بعد قتل الحسين بن علي (عليه السلام) كادت تنسي أشهر صفات أهل البيت وهي الجهاد في سبيل الله لاظهار الحق ومحو الظالم، فقام زيد بن علي بسنة آبائه في إنكاره لأعمال هشام بن عبد الملك وخروجه عليه فانتسب من ورائه إليه لهذه الخصيصة، فلولا هذا لكان انتساب هذه الفرقة إلى الإمام علي أنسب". أنظر: الفروق الواضحة البهية: 10.

بصوت حسن وظفه في قراءة التواشيح التي كانت تبث من التلفزيون اليمني.

تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام 1994م في سوريا.

التعرّف على التشيع:

يقول الأخ إسماعيل: "سافرت إلى سوريا والتقيت هناك ـ عن طريق الصدفة ـ ببعض علماء الشيعة الإمامية الحجازيين، فانعقدت بيّننا صداقة حميمة، وكان يجمعنا حبّ أهل البيت (عليهم السلام) والولاء لهم، فكان معظم كلامنا يدور حول مكانة أهل البيت (عليهم السلام) وفضائلهم، حتى بلغ الحديث بنا حول عصمتهم.

وكان لابد لنا من أن نحددّ تعريف المصطلحات التي يدور البحث حولها، ليسعنا بعد ذلك أن ننطلق في البحث من المشتركات الموجودة بيّننا".

تعريف العصمة:

قال الشيخ المفيد: " العصمة من الله تعالى لحججه هي التوفيق واللطف، والإعتصام من الحجج بها عن الذنوب والغلط في دين الله، والعصمة تفضّل من الله تعالى على من علم أنّه يتمسك بعصمته، والاعتصام فعل المعتصم، وليست العصمة مانعة من القدرة على القبيح، ولا مضطرة للمعصوم إلى الحسن، ولا ملجئة له إليه..."(3).

وقال السيد المرتضى: " العصمة هي اللطف الذي يفعله تعالى، فيختار العبد عنده الامتناع من فعل القبيح "(4).

وقال الشيخ الطوسي: " العصمة: المنع من الآفة، والمعصوم في الدين الممنوع باللطف من فعل القبيح، لا على وجه الحيلولة "(5).

وقال ابن أبي الحديد المعتزلي: " وقال الأكثرون من أهل النظر: بل المعصوم مختار متمكن من المعصية والطاعة... إلى أن قال: وقال أصحابنا ـ يعني المعتزلة ـ: العصمة لطف يمتنع المكلّف ـ عند فعله ـ من القبيح اختياراً "(6).

وذهب أحد علماء الزيدية المعاصرين إلى أنّ العصمة هي: " اللطف الذي تترك لاجله المعصية بلا محالة، ولهذا لا يوصف بها إلاّ الأنبياء أو من يجري مجراهم.

وقال أيضاً: وكل رسول يوحى إليه بشريعة جديدة أو مجدّدة لما قبلها من الشرائع، لابد أن يكون معصوماً بتوفيق الله ولطفه عن ارتكاب الكبائر والفواحش من المعاصي قبل البعثة وبعدها، ومعصوماً كذلك من الصغائر التي تسيء إلى مقام النبوة وتثير الشُبَه حولها، وهذا هو رأي الزيدية ومن وافقهم "(7).

أسباب العصمة:

إنّ المدارس الكلامية عموماً تؤكد أنّ العصمة لا تنافي الاختيار، والشخص المعصوم يمتنع عن القبيح بكامل إرادته واختياره، لكن يبقى معنى العصمة ملفوفاً بنوع من الغموض لم يوضحه المتكلمون السابقون، فهم لم يذكروا أسباب ومنشأ هذا اللطف، ولم يفصحوا عن معنى اللطف الإلهي الموجب للعصمة.

وقد حاول العلامة الطباطبائي في تفسيره " الميزان " أن يسلّط الأضواء على هذه المسألة قائلا: " ونعني بالعصمة وجود أمر في الإنسان المعصوم يصونه عن الوقوع فيما لا يجوز من الخطأ والمعصية "(8).

والظاهر أنّ قوله " وجود أمر في الإنسان... " هو تعبير آخر عن (اللطف) الذي كانت تعبّر به المدرسة الكلامية القديمة.

وقد أوضح كلامه هذا بقوله: " الأمر الذي تتحقق به العصمة، نوع من العلم يمنع صاحبه عن التلّبس بالمعصية والخطأ، وبعبارة أخرى: علم مانع عن الضلال"(9).

وقال أيضاً: " إنّ قوّة العصمة لا توجب بطلان الاختيار، وسقوط التكاليف المبنية عليه، فإنّها من سنخ الملكات العلمية "(10).

وهكذ نرى العلامة الطباطبائي ضمن تأكيده على عدم منافاة العصمة للاختيار يرى أنّ العلم سبباً للعصمة، ذلك العلم الذي قال الله تعالى عنه: (كَلاّ لَوْ تَعْلَمُونَ عِلْمَ الْيَقِينِ * لَتَرَوُنَّ الْجَحِيمَ) (التكاثر: 5 ـ 6)، فمثل هذا العلم يخلق من صاحبه إنساناً مثاليّاً، لا يخالف قول ربّه قيد أنملة ولا يتعدى الحدود التي رسمها له في حياته قدر شعرة، ولن تزول عنه المعصية فحسب، بل لن يجد مجرد التفكير بالمعصية إليه سبيلاً.

أدلّة لزوم عصمة الإمام:

قالت الإمامية بوجوب عصمة الإمام من الذنب والخطأ، لأنّ الإمامة منصب لا يليق إلاّ للمعصوم، واستدلوا على ذلك بأدلّة عقلية ونقلية:

الأدلّة العقليّة:

قال الشيخ المفيد:

" فإن قيل: هل يشترط في الإمام أن يكون معصوماً أم لا؟

فالجواب: يشترط العصمة في الإمام كما تشترط في النبيّ (عليه السلام) .

فإن قيل: ما الدليل على أنّ الإمام يجب أن يكون معصوماً؟

فالجواب: الدليل على ذلك من وجوه:

الأوّل: أنّه لو جاز عليه الخطأ لافتقر إلى إمام آخر يسدّده، وننقل الكلام إليه ويتسلسل، أو يثبت المطلوب.

الثاني: إنّه لو فعل الخطيئة فأمّا أن يجب الإنكار عليه أو لا، فإن وجب الإنكار عليه سقط محله من القلوب ولم يتّبع، والغرض من نصبه إتّباعه، وإن لم يجب الإنكار عليه سقط وجوب النهي عن المنكر وهو باطل.

الثالث: إنّه حافظ للشرع، فلو لم يكن معصوماً لم يؤمن عليه الزيادة فيه والنقصان منه "(11).

ويوضح السيد المرتضى بعض ما أجمله الشيخ المفيد قائلاً:

" فأمّا الذي يدلّ على وجوب العصمة له من طريق العقل، فهو أنّا قد بيّنا وجوب حاجة الأمة إلى الإمام، ووجدنا هذه الحاجة تثبت عند جواز الغلط عليهم ـ أي الأئمة ـ وانتفاء العصمة عنهم، لما بيّناه من لزومها لكل من كان بهذه الصفة، وينتفي جواز الغلط بدلالة أنّهم لو كانوا بأجمعهم معصومين لايجوز الخطأ عليهم لما احتاجوا إلى إمام يكون لطفاً لهم في ارتفاع الخطأ، وكذلك لمّا كان الأنبياء معصومين لم يحتاجوا إلى الرؤساء والأئمة، فثبت أنّ جهة الحاجة هي جواز الخطأ.

فإن كان الإمام مشاركاً لهم في جواز الخطأ عليه، فيجب أن يكون مشاركاً لهم في الحاجة إلى إمام يكون ورائه، لأنّ الاشتراك في العلّة يقتضي الاشتراك في المعلول، والقول في الإمام الثاني كالقول في الأوّل، وهذا يؤدي إلى اثبات مالايتناهى من الأئمة، أو الوقوف إلى إمام معصوم، وهو المطلوب "(12).

وفي الحقيقة أنّ مفهوم الإمامة الذي تتبناه الشيعة الإمامية، هو القيام بوظائف الرسول من بعده، وقد تعرفت على وظائفه الرسالية والفراغات الحاصلة بموته والتحاقه بالرفيق الأعلى.

ومن المعلوم أنّ سَدّ هذه الفراغات لا يتحقق إلاّ بأن يكون الإمام متمتعاً بما يتمتع به النبيّ من الكفاءات والمؤهلات، فيكون عارفاً بالكتاب والسنة على وفق الواقع، وعالماً بحكم الموضوعات المستجدة عرفاناً واقعياً، وذابّاً عن الدين شبهات المشككين، وهذه الوظيفة تستدعي كون الإمام مصوناً من الخطأ.

فمادلّ على أنّ النبيّ يجب أن يكون مصوناً في مقام إبلاغ الرسالة، قائم في المقام نفسه، فإنّ الإمام يقوم بنفس تلك الوظيفة، وإن لم يكن رسولا ولا طرفاً للوحي، ولكنه يكون عيبة لعلمه، وحاملا لشرعه وأحكامه، فإذا لم نجوّز الخطأ على النبيّ في مقام الابلاغ، فليكن الأمر كذلك في مقام القيام بتلك الوظيفة بلا منصب الرسالة والنبوّة(13).

الأدلّة النقلية:

أوّلاً: قوله تعالى: (وَإِذِ ابْتَلى إِبْراهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمات فَأَتَمَّهُنَّ قالَ إِنِّي جاعِلُكَ لِلنّاسِ إِماماً قالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قالَ لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ) (البقرة: 124).

والاستدلال بهذه الآية الشريفة على عصمة الإمام يتوقف على تحديد مفهوم الإمامة ومفهوم الظالم الذي ليس له من الإمامة نصيب.

والمقصود بالإمامة الواردة في الآية غير النبوّة وغير الرسالة، فالنبوّة هي منصب تحمّل الوحي، والرسالة منصب إبلاغ الوحي إلى الناس.

أمّا الإمامة المعطاة للخليل (عليه السلام) في أواخر عمره، فهي عبارة عن منصب القيادة الإلهية وتنفيذ الشريعة في المجتمع بقوّة وقدرة مع توفر الشروط والظروف.

وأمّا الظالم، فهو كل من ارتكب ظلماً أو تجاوز حدّاً في يوم من أيام عمره، أو عبد صنماً، أو لاذ إلى وثن أو ارتكب أمراً محرماً، فضلا عن الشرك والكفر، وهؤلاء بأجمعهم مصداق لنداء رب العالمين: (لا يَنالُ عَهْدِي الظّالِمِينَ) من غير فرق أنّه تاب بعد ذلك أو بقى على ما كان عليه.

ولهذا ينبغي أن يكون الإمام طاهراً من الذنوب طيلة حياته، وهذا هو ما يسمى بالعصمة.

ثانياً: قوله تعالى: (أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي اْلأَمْرِ مِنْكُمْ) (النساء: 59)، والآية الشريفة فيها دلالتان:

1 ـ إنّ طاعة أولي الأمر مطلقة وغير مخصصه بزمان أو مكان أو حالة أو غير ذلك.

2 ـ حرمة طاعة أولي الأمر إذا أمروا بالعصيان والكفر لقوله: (وَلا يَرْضى لِعِبادِهِ الْكُفْرَ ) (الزمر: 7).

وعليه فمقتضى الجمع بين هذين الأمرين أنّ يتصف ولاة الأمر بصفة ذاتية وعناية إلهية تصدّهم عن الأمر بالمعصية، وليس هذا إلاّ عبارة أخرى عن كونهم معصومين.

وهذه الآية والتي سبقتها تدلان على عصمة الإمام مطلقاً.

ثالثاً: قوله تعالى: ( إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً) (الأحزاب: 33).

والمراد من الرجس هو القذارة المعنوية، وهي كل عمل قبيح عرفاً أو شرعاً تنفر منه الطباع السليمة، والتطهير هو التطهير من الرجس المعنوي الذي تعد المعاصي والذنوب من أظهر مصاديقه.

وتعلّق الإرادة التكوينية على إذهاب كل رجس وقذارة، يجعل من تعلقت به هذه الإرادة إنساناً مثالياً معصوماً، وقد تعلقت هذه الإرادة كما تشير الآية بالأئمة المعصومين (عليهم السلام) ، فدل هذا على عصمتهم بالخصوص.

أمّا الأدلّة من السنّة:

أوّلا: حديث الثقلين: " إني تارك فيكم الثقلين كتاب الله وعترتي أهل بيتي"(14).

ودلالته على عصمة، هو اخبار رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بأنّ عترته مع القرآن دائماً، وكل من كان مع القرآن دائماً فمعناه أنّه مصيب دائماً، وكل مصيب دائماً فهو معصوم، فأهل البيت (عليهم السلام) معصومون، لأنّه لو جاز عليهم الخطأ ما كان يجب التمسك به، ولمّا وجب التمسك بهم مطلقاً كالقرآن، وجب أن يكونوا معصومين.

ثانياً: قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) : " إنّما الطاعة لله عزّوجلّ ولرسوله ولولاة الأمر، وإنّما أمر بطاعة أولي الأمر لأنّهم معصومون مطهرون، لا يأمرون بمعصيته "(15).

ثالثاً: قال الإمام الصادق (عليه السلام) : " الأنبياء وأوصياؤهم لا ذنوب لهم لأنّهم معصومون مطهرون "(16).

هذا اضافة إلى الكثير من الأحاديث الواردة عن أهل البيت (عليهم السلام) .

اشتراك الزيدية والإمامية في القول بعصمة الأئمة (عليهم السلام) :

ذهبت الإمامية إلى أنّ الأئمة إثنا عشر، قد اصطفاهم الله من قبل، فعلم منهم الوفاء بعهده فجعلهم في الأرض ذرية بعضها من بعض ليكونوا حججه على عباده، وقد ورد النصّ في تحديد أسمائهم، وهم معصومون كعصمة الأنبياء، ولا يجوز منهم صغيرة إلاّ ما قدّمت ذكر جوازه على الأنبياء، وأنّه لا يجوز منهم سهو في شي في الدين ولا ينسون شيئاً من الأحكام.

وقبلت الزيدية العصمة للأئمة في الجملة، فقالت بعصمة الإمام عليّ وولديه الحسن والحسين (عليهم السلام) .

فقد قال الحسين بن محمّد بن أحمد الهادي: " ولم تقع العصمة فيمن علمنا من ولد إبراهيم (عليه السلام) إلاّ في محمّد وعليّ والحسن والحسين (عليهم السلام) "(17).

تساؤل وجواب:

قد يقال: انّ ما ثبت بآية التطهير وحديث الثقلين من العصمة إنّما هو للخمسة الذين ضمهم الكساء، في حين أنّ مدعى الشيعة الإمامية عصمة الأئمة التسعة من أبناء الحسين (عليهم السلام) أيضاً، فكيف يتسنى لنا اثبات عصمتهم من خلال هذين النصين والنصوص المتشابهة؟

الجواب: إنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في مواقفه التي أعلن فيها عن أهل بيته (عليهم السلام) ، هل كان بصدد بيان حصر النصوص بهؤلاء الخمسة، أم أنّه كان يبتغي مجرد تطبيق العصمة عليهم لكونهم أنذاك المصداق الوحيد للمعصومين؟

والصحيح هو التطبيق، وذلك لأننا رأينا الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) قد حدد أهل بيته وبيّن مقامهم من ليلة زفاف فاطمة لعليّ(عليهما السلام)، حيث صرّح الرسول في تلك الليلة بطهارة أهل البيت (عليهم السلام)(18)، وأعقب ذلك بوقوفه على بابهما طيلة أربعين يوماً(19)، ولم يكن في البيت يومئذ سوى عليّ وفاطمة(عليهما السلام)! فتبيّن أنّ المصداق الوحيد لأهل البيت أنذاك هو عليّ وفاطمة(عليهما السلام) فحسب.

وقد أعاد(صلى الله عليه وآله) اعلانه لمقامهم مرّة أخرى بعد ولادة الحسنين(عليهما السلام)، كما ورد عن أم سلمة في جمعهم تحت الكساء(20)، وبيّن علوّ شأنهم وطهارتهم من الرجس.

فمن هنا يكتشف بوضوح أنّ القضية كانت من باب التطبيق على الموجودين، وتبيين مصاديق المعصومين فحسب لاحصرها بهم، بمعنى أنّه لو قدّر وجود آخرين من المعصومين يومذاك لأدخلهم الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) تحت الكساء، ولقال فيهم: " اللّهم هؤلاء أهل بيتي ".

ثم إنّنا لا نحتاج في معرفة المعصومين إلى أكثر من معصوم واحد يكون المرجع في تعيين غيره، لأنّ العصمة تمنع صاحبها من الخطأ في التطبيق.

ويكفينا من هذه النصوص عصمة هؤلاء الخمسة الذين ضمهم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) وهم المرجع لنا لتعيين المعصومين من بعدهم وهذا ما حدث بالفعل.

إثبات عصمة الأئمة من ذرّية الحسين:

قد وردت العشرات من النصوص المعلنة عن عصمة الأئمة من ذرّية الحسين (عليه السلام) بأسمائهم وصفاتهم على نحو لا يقبل الترديد والشك، ومن هذه النصوص:

1 ـ أخرج البخاري ـ في الصحيح ـ عن جابر بن سمرة، قال: سمعت النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)يقول: " يكون اثنا عشر أميراً. فقال كلمة لم اسمعها، فقال أبي: إنه قال: كلّهم من قريش "(21).

وفي رواية أحمد عن بن مسروق، قال: " كنا جلوساً عند عبد الله بن مسعود وهو يقرؤنا القرآن، فقال له رجل: يا أبا عبد الرحمن، هل سألتم رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)كم يملك هذه الأمة من خليفة؟ فقال عبد الله: ما سألني عنها أحد منذ قدمت العراق قبلك، ثم قال: نعم، ولقد سألنا رسول الله، فقال: إثني عشر كعدَّة نقباء بني إسرائيل "(22).

2 ـ وأخرج مسلم ـ في الصحيح ـ عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أنّه قال: " لا يزال الدين قائماً حتى تقوم الساعة، أو يكون عليكم إثنا عشر خليفة، كلهم من قريش "(23).

3 ـ عن ابن عباس قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول: " أنا وعليّ والحسن والحسين وتسعة من ولد الحسين مطهّرون معصومون "(24).

4 ـ عن أبي سعيد الخدري قال: سمعت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) يقول للحسين (عليه السلام) : " أنت الإمام ابن الإمام وأخو الإمام، تسعة من صلبك أئمة أبرار، والتاسع قائمهم "(25).

5 ـ عن أبي جعفر الباقر (عليه السلام) عن جابر بن عبد الله الأنصاري، قال: " دخلت على فاطمة(عليها السلام) وبين يديها لوح (مكتوب) فيه أسماء الأوصياء، فعدّدت اثني عشر آخرهم القائم، ثلاثة منهم محمّد، وأربعة منهم عليّ (عليهم السلام) "(26).

والجدير بالذكر أنّ الكثرة العددية لهذه الروايات ليست هي الأساس الوحيد لقبولها، بل هناك مزايا وقرائن تبرهن على صحتها، فالبخاري الذي نقل هذا الحديث " يكون اثنا عشر... " كان معاصراً للإمام الجواد (عليه السلام) ، والإمامين الهادي والعسكري(عليهما السلام)، وفي ذلك مغزاً كبير! لأنّه يبرهن على أنّ هذا الحديث قد سجّل عن النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) قبل أن يتحقق مضمونه، وتكتمل فكرة الأئمة الإثنى عشر فعلا، ويعني هذا أنّه لا يوجد أي مجال للشك في أن يكون نقل الحديث متأثراً بالواقع الإمامي الإثنى عشري وانعكاساً له(27).

كما يستفاد من هذه الروايات:

1 ـ إنّ عدد الإمراء والخلفاء لا يتجاوز الإثنى عشر، وكلّهم من قريش.

2 ـ إنّ هؤلاء الأمراء معيّنون بالنصّ، كما هو مقتضى تشبيههم بنقباء بني إسرائيل، لقوله تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذَ اللهُ مِيثاقَ بَنِي إِسْرائِيلَ وَبَعَثْنا مِنْهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيباً) (المائدة: 12).

فان سؤال الصحابة للنبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) إنّما هو عن خلفائه لا بتأمير الناس أو بالتغلّب، إذ لايهم الصحابة السؤال عن ذلك، لأنّ تأمير الناس وتغلّب السلاطين لا يبتني ـ عادة ـ على الدين، حتى يهم الصحابة السؤال عنه، فظهر أنّ السؤال إنّما هو عن الخلفاء بالنصّ، وعنهم أجاب النبيّ (صلى الله عليه وآله وسلم)(28).

3 ـ إنّ هذه الروايات افترضت لهم البقاء ما بقي الدين الإسلامي، أو حتى تقوم الساعة، كما هو مقتضى رواية مسلم، وأصرح منها الرواية الأخرى في مسلم أيضاً: " لا يزال هذا الأمر في قريش ما بقي من الناس إثنان "(29).

وإذا صحّت هذه الاستفادة فهي لا تتلائم إلاّ مع قول الإمامية في عدد الأئمة، وبقائهم، وكونهم من المنصوص عليهم من قبله(صلى الله عليه وآله وسلم)(30).

الإندفاع نحو الاستبصار:

يقول الأخ إسماعيل: " إنّ ممّا جذبني إلى مذهب أهل البيت (عليهم السلام) ، قوّة منهجيته في أموره العقائدية والفقهية، فدفعني ذلك إلى إعلان انتمائي إليه عام 1994م في سوريا، وقرّرت بعدها دراسة العلوم الدينية في إحدى الحوزات العلمية الشيعية لأكون على علم وبصيرة من ديني ". (1) اليمن: تقع في الركن الجنوبي الغربي لشبه جزيرة العرب، يبلغ عدد سكانها قرابة (18) مليون نسمة، يدين أغلبهم بالإسلام، تقدر نسبة الشيعة (8) ملايين أكثرهم من الزيدية. (2) الزيدية: " هم القائلون بإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والحسن والحسين وزيد ابن علي (عليهم السلام) ، وبإمامة كل فاطمي دعا إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ومن أهل العلم والشجاعة وكانت بيعته على تجريد السيف للجهاد" اوائل المقالات (للمفيد): 4. (3) أنظر: تصحيح الاعتقاد للمفيد: 128. (4) أنظر: رسائل الشريف المرتضى (مسألة في العصمة): 3 / 325. (5) أنظر: التبيان للطوسي: 5 / 490. (6) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: 7 / 8 ـ 7. (7) أنظر: الزيدية نظرية وتطبيق لعلي الفضيل: 102. (8) تفسير الميزان: 2 / 134. (9) المصدر نفسه: 5 / 78. (10) المصدر نفسه: 5 / 354. (11) أنظر: النكت الاعتقادية للمفيد: 39 ـ 40. (12) أنظر: الذخيرة للشريف المرتضى: 430، 431. (13) راجع: كتاب الالهيات للسبحاني: 4 / 116 ـ 117. (14) قد تواتر هذا الحديث، وأخرجته معظم الصحاح وكتب الحديث، راجع: الغدير وعبقات الأنوار وصحيح الترمذي ومسند أحمد وغيرها. (15) أنظر: الخصال للصدوق: 1 / 139، بحار الأنوار للمجلسي: 25 / 200. (16) أنظر: الخصال للصدوق: 2 / 608، بحار الأنوار للمجلسي: 25 / 199. (17) أنظر: ينابيع النصيحة لمحمد بن أحمد الهادي: 236 ـ 237. (18) أنظر: مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 206 ـ 207، مقاتل الطالبين لأبي الفرج: 59. (19) أنظر: مجمع الزوائد للهيثمي: 9 / 169، المناقب للخوارزمي: 60 (28)، المعجم الأوسط للطبراني: 8 / 111 (8127)، المستدرك للحاكم: 3 / 172 (4748). (20) أنظر: المستدرك للحاكم: 2 / 451 (3558)، 3 / 158 (4705)، شواهد التنزيل للحسكاني: 2 / 67 ـ (731)، صحيح مسلم: 4 / 1883 (2424) وغيره. (21) صحيح البخاري: 6 / 2640 (6796). (22) أنظر: مسند أحمد: 1 / 398 (3781). (23) صحيح مسلم: 3 / 1452 (1822). (24) أنظر: كمال الدين لابن بابوية: 1 / 312، بحار الأنوار للمجلسي: 36 / 243. (25) أنظر: بحار الأنوار للمجلسي: 36 / 290. (26) أنظر: كمال الدين وتمام النعمة لابن بابوية: 1 / 344. (27) أنظر: بحث حول المهدي للسيد محمد باقر الصدر: 106. (28) أنظر: دلائل الصدق للمظفر: 2 / 489. (29) صحيح مسلم: 3 / 1452 (1820)، وأنظر: صحيح ابن حبان: 14 / 162 (6266)، مسند أحمد: 2 / 29 (4822). (30) أنظر: الأصول العامة للفقه المقارن للسيد الحكيم: 178.