إبراهيم بن عبدة النيسابوري
إبراهيم بن عبدة النيسابوري:
عده الشيخ في رجاله من أصحاب الهادي(ع)(19)، و من أصحاب العسكري(ع)(7). قال الكشي (470- 477):
«حكى بعض الثقات بنيسابور: أنه خرج لإسحاق بن إسماعيل، من أبي محمد(ع)توقيع: يا إسحاق بن إسماعيل سترنا الله و إياك بستره، و تولاك في جميع أمورك بصنعه، قد فهمت كتابك رحمك [يرحمك الله، و نحن بحمد الله و نعمته أهل بيت نرق على موالينا، و نسر بتتابع إحسان الله إليهم، و فضله لديهم، و نعتد بكل نعمة أنعمها الله عز و جل عليهم، فأتم الله عليكم بالحق، و من كان مثلك، ممن قد (رحمه الله) و بصره بصيرتك، و نزع عن الباطل، و لم يقم في طغيانه نعمه، فإن تمام النعمة دخولك الجنة، و ليس من نعمته [نعمه و إن جل أمرها، و عظم خطرها، إلا و الحمد لله تقدست أسماؤه عليها، يؤدي شكرها، و أنا أقول: الحمد لله مثل ما حمد الله به حامد إلى أبد الأبد، بما من به عليك من نعمته، و نجاك من الهلكة، و سهل سبيلك على العقبة، و ايم الله إنها لعقبة كئود، شديد أمرها، صعب مسلكها، عظيم بلاؤها، طويل عذابها، قديم في الزبر الأولى ذكرها، و لقد كانت [كان منكم أمور في أيام الماضي(ع)، إلى أن مضى لسبيله(ص)على روحه، و في أيامي هذه كنتم بها غير محمودي الشأن [الرأي و لا مسددي التوفيق. و اعلم- يقينا- يا إسحاق: أن من خرج من هذه الحياة الدنيا أعمى، فهو في الآخرة أعمى و أضل سبيلا، أنها- يا ابن إسماعيل- ليس تعمى الأبصار، و لكن تعمى القلوب التي في الصدور، و ذلك قول الله عز و جل في محكم كتابه للظالم:
(رب لم حشرتني أعمىٰ و قد كنت بصيرا) قال الله عز و جل: (كذٰلك أتتك آيٰاتنٰا فنسيتهٰا و كذٰلك اليوم تنسىٰ). و [أي أية آية- يا إسحاق- أعظم من حجة الله عز و جل على خلقه، و أمينه في بلاده، و شاهده على عباده من بعد ما سلف من آبائه الأولين من النبيين، و آبائه الآخرين من الوصيين(ع)أجمعين، و رحمة الله و بركاته، فأين يتاه [من التيه بكم، و أين تذهبون كالأنعام على وجوهكم، عن الحق تصدفون، و بالباطل تؤمنون، و بنعمة الله تكفرون أو تكذبون، فمن يؤمن ببعض الكتاب، و يكفر ببعض، فما جزاء من يفعل ذلك منكم، و من غيركم: إلا خزي في الحياة الدنيا الفانية، و طول عذاب في الآخرة الباقية، و ذلك- و الله- الخزي العظيم، إن الله بفضله و منه لما فرض عليكم الفرائض لم يفرض (ذلك) عليكم، لحاجة منه إليكم، بل برحمة منه- لا إله إلا هو- عليكم، ليميز الخبيث من الطيب ... و ليبتلي (اللٰه) مٰا في صدوركم، و ليمحص مٰا في قلوبكم، و ليتسابقوا إلى رحمته، و لتفاضل منازلكم في جنته، ففرض عليكم الحج و العمرة، و إقام الصلاة، و إيتاء الزكاة، و الصوم، و الولاية، و كفاهم لكم بابا لتفتحوا أبواب الفرائض، و مفتاحا إلى سبيله. و لو لا محمد رسول الله(ص)، و الأوصياء من بعده، لكنتم حيارى كالبهائم، لا تعرفون فرضا من الفرائض، و هل يدخل قرية إلا من بابها، فلما من الله عليكم بإقامة الأولياء- بعد نبيه محمد ص- قال الله عز و جل لنبيه: (اليوم أكملت لكم دينكم، و أتممت عليكم نعمتي، و رضيت لكم الإسلٰام دينا) و فرض عليكم لأوليائه حقوقا أمركم بأدائها إليهم، ليحل لكم ما وراء ظهوركم من أزواجكم، و أموالكم، و مآكلكم، و مشاربكم [مشربكم و معرفتكم بذلك النماء، و البركة، و الثروة، و ليعلم من يطيعه منكم بالغيب، قال الله عز و جل: (قل لٰا أسئلكم عليه أجرا إلا المودة في القربىٰ) و اعلموا: أن من يبخل فإنما يبخل على نفسه، و أن الله هو الغني، و أنتم الفقراء إليه، لا إله إلا هو. و لقد طالت المخاطبة فيما بيننا و بينكم، فيما هو لكم و عليكم، فلو لا ما [يجب نحب من تمام النعمة من الله عز و جل عليكم لما أتاكم (مني) من خط، و لا سمعتم مني حرفا من بعد الماضي(ع)، أنتم في غفلة عما إليه معادكم، و من بعد الثاني رسولي، و ما ناله منكم حين أكرمه الله بمصيره إليكم، و من بعد إقامتي لكم إبراهيم بن عبدة، وفقه الله لمرضاته و أعانه على طاعته، و كتابي الذي حمله محمد بن موسى النيسابوري، و الله المستعان على كل حال. و إني أراكم مفرطين في جنب الله، فتكونون من الخاسرين، فبعدا و سحقا لمن رغب عن طاعة الله، و لم يقبل مواعظ أوليائه، و قد أمركم الله جل و عز [و علا بطاعته لا إله إلا هو، و طاعة رسوله(ص)و بطاعة أولى الأمر(ع)، فرحم الله ضعفكم، و قلة صبركم عما أمامكم، فما أغر الإنسان بربه الكريم، و استجاب الله دعائي فيكم، و أصلح أموركم على يدي، فقد قال الله عز و جل: (يوم ندعوا كل أنٰاس بإمٰامهم) و قال تعالى: (و (كذٰلك) جعلنٰاكم أمة وسطا لتكونوا شهدٰاء على النٰاس و يكون الرسول عليكم شهيدا) و قال الله تعالى: (كنتم خير أمة أخرجت للنٰاس تأمرون بالمعروف و تنهون عن المنكر) فما أحب أن يدعو الله بي و لا بمن هو في أيامي [آبائي إلا حسب رقتي عليكم، و ما انطوى لكم عليه من حب [حيث بلوغ الأمل في الدارين جميعا و الكينونة معنا في الدنيا و الآخرة. يا إسحاق: يرحمك الله، و يرحم من هو وراءك، بينت لكم بيانا، و فسرت لكم تفسيرا، و فعلت بكم فعل من لم يفهم هذا الأمر قط، و لم يدخل فيه طرفة عين، و لو فهمت الصم الصلاب بعض ما في هذا الكتاب لتصدعت قلقا، و خوفا من خشية الله، و رجوعا إلى طاعة الله عز و جل فاعملوا من بعده ما شئتم (فسيرى اللٰه عملكم و رسوله و المؤمنون، و ستردون إلىٰ عٰالم الغيب و الشهٰادة فينبئكم بمٰا كنتم تعملون) و العاقبة للمتقين و الحمد لله كثيرا رب العالمين. و أنت رسولي- يا إسحاق- إلى إبراهيم بن عبدة- وفقه الله- أن يعمل بما ورد عليه في كتابي، مع محمد بن موسى النيسابوري إن شاء الله، و رسولي إلى نفسك، و إلى كل من خلفت ببلدك، أن يعملوا بما ورد عليكم في كتابي مع محمد بن موسى إن شاء الله، و يقرأ إبراهيم بن عبدة كتابي هذا على من خلفه ببلده، حتى لا يسألوني، و بطاعة الله يعتصمون، و الشيطان بالله عن أنفسهم يجتنبون، و لا يطيعون، و على إبراهيم بن عبدة سلام الله و رحمته و عليك يا إسحاق، و على جميع موالي السلام كثيرا، سددكم الله جميعا بتوفيقه، و كل من قرأ كتابنا هذا من موالي، من أهل بلدك، و من هو بناحيتكم، و نزع عما هو عليه من الانحراف عن الحق، فليؤد حقنا [حقوقنا إلى إبراهيم بن عبدة. و ليحمل ذلك إبراهيم بن عبدة إلى الرازي- رضي الله عنه- أو إلى من يسمي له الرازي، فإن ذلك عن أمري و رأيي إن شاء الله. و يا إسحاق اقرأ كتابنا على البلالي- رضي الله عنه- فإنه الثقة المأمون، العارف بما يجب عليه، و اقرأه على المحمودي- عافاه الله- فما أحمدنا له لطاعته فإذا وردت بغداد فاقرأه على الدهقان، وكيلنا، و ثقتنا، و الذي يقبض من موالينا، و كل من أمكنك من موالينا فاقرأهم هذا الكتاب، و ينسخه من أراد منهم نسخة إن شاء الله تعالى، و لا يكتم إن شاء الله أمر هذا عمن شاهده من موالينا، إلا من شيطان يخالف لكم، فلا تنثرن الدر بين أظلاف الخنازير، و لا كرامة لهم، و قد وقعنا في كتابك بالوصول و الدعاء لك، و لمن شئت، و قد أجبنا سعيدا عن مسألته و الحمد لله، فما بعد الحق إلا الضلال، فلا تخرجن من البلد حتى تلقى العمري- رضي الله عنه برضائي عنه- فتسلم عليه، و تعرفه و يعرفك، فإنه الطاهر الأمين العفيف القريب، منا و إلينا، فكل ما يحمل إلينا من شيء من النواحي فإليه يصير آخر أمره، ليوصل ذلك إلينا، و الحمد لله كثيرا. سترنا الله و إياكم- يا إسحاق- بستره، و تولاك في جميع أمورك بصنعه و السلام عليك و على جميع موالي، و رحمة الله و بركاته، و صلى الله على سيدنا محمد النبي، و آله و سلم كثيرا.
قال أبو عمرو: حكى بعض الثقات أن أبا محمد(ص)كتب إلى إبراهيم بن عبدة، و كتابي الذي ورد على إبراهيم بن عبدة بتوكيلي إياه، بقبض حقوقي من موالينا هناك، نعم هو كتابي بخطي إليه أقمته- أعني إبراهيم بن عبدة- لهم ببلدهم حقا غير باطل، فليتقوا الله حق تقاته، و ليخرجوا من حقوقي، و ليدفعوها إليه، فقد جوزت له ما يعمل به فيها، وفقه الله، و من عليه بالسلامة من التقصير برحمته.
و من كتاب له(ع)إلى عبد الله بن حمدويه البيهقي: و بعد فقد بعثت لكم إبراهيم بن عبدة، ليدفع النواحي- و أهل ناحيتك- حقوقي الواجبة عليكم إليه، و جعلته ثقتي و أميني عند موالي هناك، فليتقوا الله، و ليراقبوا، و ليؤدوا الحقوق فليس لهم عذر في ترك ذلك، و لا تأخيره، و لا أشقاهم الله بعصيان أوليائه، و (رحمهم الله)- و إياك معهم- برحمتي لهم، إن الله واسع كريم».
و حكى الحديث عن الكشي غير واحد من الأعلام، و لكن الموجود في الخلاصة في ترجمة إبراهيم: «قال أبو عمرو الكشي: حكي عن بعض الثقات بنيسابور، و ذكر توقيعا ..». و حكى ذلك أيضا عن تحرير الطاوسي. قال الوحيد في تعليقته على المنهج: «أقول: في تحرير الطاوسي أيضا كما في الخلاصة، و كتب في الحاشية هكذا بخط السيد. و الذي في نسختين عندي للإختيار إحداهما مقروة على السيد حكى بعض الثقات. انتهى ما في التحرير، و الظاهر أن ما في خط السيد- (رحمه الله)- سهو القلم، و الخلاصة تبعه غفلة لحسن ظنه به فتأمل». أقول: مما يؤيد كلام الوحيد، أن العلامة في الخلاصة عند ترجمته أبا خالد السجستاني، قال: «قال أبو عمرو الكشي: حكى بعض الثقات» و كذلك في النسختين المخطوطتين من رجال الكشي كلتيهما مصححة إحداهما قديمة تاريخها سنة 602 ه، بخط أحمد بن أبي البركات، و ثانيتهما بخط العلامة السيد محمد بن ناصر الدين العاملي تلميذ الشهيد الثاني، فمن المظنون قويا وقوع الاشتباه في قلم السيد ابن طاوس(قدس سره).