أحمد بن منير
أحمد بن منير:
قال الشيخ الحر في أمل الآمل (28): «أبو الحسين أحمد بن منير العاملي الطرابلسي الشامي، الملقب مهذب الدين، عين الزمان المشهور، له ديوان شعر ..، حفظ القرآن، و تعلم اللغة و الأدب، و قال الشعر و قدم دمشق، فسكنها، و كان رافضيا، كثير الهجاء، قاله ابن خلكان. و قال في ترجمة: محمد بن نصر الخالدي، كان هو و ابن منير المذكور في حرف الهمزة: شاعري الشام، في ذلك العصر (و جرت بينهما وقائع و ماجريات، و ملح و نوادر) و كان ابن منير، ينسب إلى التحامل على الصحابة، و يميل إلى التشيع. فكتب إليه- يعني الخالدي- و قد بلغه أنه هجاه- ابن منير-:
ابن منير هجوت مني* * * حبرا أفاد الورى صوابه
و لم تضيق بذاك صدري* * * فإن لي أسوة بالصحابة
و هذا الرجل، كان من فضلاء عصره، شاعرا أديبا، قدم بغداد و أرسل إلى السيد الرضي بهدايا مع مملوكه تتر و كان مشهورا بحبه له، و تغزله به. فأخذ السيد الرضي الهدية و الغلام، فلما رأى ابن منير ذلك التهبت أحشاؤه، و كان يضرب به المثل، في الهزل الذي يراد به الجد، فكتب إليه: قصيدة طويلة، أذكر منها أبياتا دالة على تشيعه، منها قوله:
بالمشعرين و بالصفا* * * و البيت أقسم و الحجر
لئن الشريف الموسوي* * * أبو الرضا ابن أبي مضر
أبدى الجحود و لم يرد* * * على مملوكي تتر
واليت آل أمية* * * الغر الميامين الغرر
و جحدت بيعة حيدر* * * و عدلت عنه إلى عمر
و بكيت عثمان الشهيد* * * بكاء نسوان الحضر
و رثيت طلحة، و الزبير* * * بكل شعر مبتكر
و أقول: أم المؤمنين* * * عقوقها إحدى الكبر
و أقول: إن إمامكم* * * ولى بصفين و فر
و أقول: إن أخطأ معاوية* * * فما أخطأ القدر
و أقول: ذنب الخارجين* * * على علي مغتفر
و أقول: إن يزيد ما* * * شرب الخمور و ما فجر
و لجيشه بالكف عن* * * أولاد فاطمة أمر
و غسلت رجلي ضلة [كله* * * و مسحت خفي في سفر
و أقول في يوم تحار* * * له البصائر و البصر
و الصحف ينشر طيها* * * و النار ترمي بالشرر
هذا الشريف أضلني* * * بعد الهداية و النظر
ما لي مضل في الورى* * * إلا الشريف أبو مضر
فيقال: خذ بيد الشريف* * * فمستقركما سقر
لواحة تسطو فما* * * تبقي عليه و لا تذر
فلما وقف عليها الرضي، رد الغلام، و العجب أن بعض العامة، ذكر أن هذا الرجل كان شيعيا، فرجع عن مذهبه إلى التسنن، و استدل بهذه القصيدة، و غفل عن الشرط و الجزاء، و ما عطف عليه. و من شعره، ما أورده ابن خلكان. و هو قوله:
و إذا الكريم رأى الخمول نزيله* * * في منزل فالرأي أن يترحلا
كالبدر لما أن تضاءل جد في* * * طلب الكمال فحازه متنقلا
سفها بحلمك إن رضيت بمشرب* * * رنق و رزق الله قد ملأ الملا
ساهمت عيسك مر عيشك قاعدا* * * أفلا فليت بهن ناصية الفلا
(فارق ترق كالسيف سل فبان في* * * متنيه ما أخفى القراب و أخملا)
لا تحسبن ذهاب نفسك ميتة* * * ما الموت إلا أن تعيش مذللا
(للقفر لا للفقر هبها إنما* * * مغناك ما أغناك أن تتوسلا)
لا ترض من دنياك ما أدناك من* * * دنس و كن طيفا جلا ثم انجلا
و له مدائح في أهل البيت(ع). و ذكر ابن خلكان: أنه توفي سنة 548، و ذكر أن ابن عساكر ذكره في تاريخ دمشق، و أنه ولد بطرابلس. مدينة بساحل الشام». أقول: القصيدة التترية لابن منير قصيدة طويلة لم يذكر الشيخ الحر تمامها، و القصيدة أرسلها ناظمها ابن منير إلى السيد المرتضى نقيب الأشراف بالعراق، و الشام. و ما ذكره الشيخ الحر من إرسال القصيدة إلى السيد الرضي فيه سهو ظاهر، فإن ابن منير قد توفي في سنة 548 فهو متأخر عن زمان السيد الرضي بكثير و القصيدة مذكورة في كتب متعددة من الخاصة و العامة.