آية الكرامة

من ويكي علوي
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

آية الكرامة هي الآية 70 من سورة الإسراء، والتي تُشير إلى مكانة الإنسان العالية وأفضليته على بقية المخلوقات، وكذلك إلى النعم التي أختصها الله تعالى به. ذهب الشيخ الطوسي، والعلامة الطباطبائي إن أفضلية الإنسان هي بعقله.

وقد فرق المفسرون بين كلمتي التكريم والتفضيل المذكورتين في الآية؛ مع بيان أن المقصود من تكريم الإنسان في هذه الآية هو العقل الذي لا يملكه سائر المخلوقات، وبه يميز الإنسان بين الخير والشر، والحق والباطل، والنافع والضار. بخلاف التفضيل الذي يصحبه التشبيه، بمعنى أن ما أعطاه الله تعالى للمخلوقات الأخرى، فقد أعطى للإنسان منه وزيادة.

هناك اختلاف بين المفسرين في نوع الكرامة المذكورة في الآية. يرى البعض إن الكرامة ذاتية في الإنسان، وأنَّه أفضل من باقي المخلوقات، ويرون أن ما ذهبوا إليه يدل عليه أطلاق هذه الآية، ومن ناحية أخرى، يعتقد البعض الآخر بالكرامة المكتسبة، والتي تشمل قدرات الإنسان الكامنة، مثل تقواه وإيمانه وعمله الصالح.

نص الآية

هي الآية 70 من سورة الإسراء، ويُطلق عليها آية الكرامة. وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ وَحَمَلْنَاهُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَرَزَقْنَاهُم مِّنَ الطَّيِّبَاتِ وَفَضَّلْنَاهُمْ عَلَى كَثِيرٍ مِّمَّنْ خَلَقْنَا تَفْضِيلاً [١]


مفهوم الكرامة

الكرامة في اللغة هو الشعور بالشرف واجتناب الذل والمذلة.[٢] وذكر الراغب الأصفهاني في كتاب المفردات لها استخدامان، إذا وصف الله تعالى بها فهي اسم لإحسانه وإنعامه، وإذا وصف به الإنسان فهو اسم للأخلاق والأفعال المحمودة.[٣]

محتوى الآية

تُبين الآية 70 من سورة الإسراء وجهة نظر القرآن الأساسية عن الإنسان ومكانته في عالم الخلق مزاياه على سائر المخلوقات.[٤] ويرى العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان، أن هذه الامتيازات تشمل جميع البشر (الكفار وغيرهم)؛ لأنَّه بخلاف ذلك كان ينبغي على الله تعالى أن يذكر المؤمنين في الآية وليس جميع الناس.[٥] ففي هذه الآية أراد الله تعالى من خلال عدّ نعمه تذكير الإنسان بألطافه وعنايته حتى يكون شاكراً.[٦]

الفرق بين التكريم والتفضيل

بنظر المفسرين فإن المقصود من تكريم الإنسان في هذه الآية هي الامتياز والخاصية الموجودة في الإنسان، والتي لا توجد في غيره من الموجودات، وتلك الخاصة التي تمييز الإنسان هو العقل، الذي يُميز فيه بين الخير والشر، والحق والباطل، والنافع والضار.[٧] بخلاف التفضيل الذي يصحبه التشبيه، بمعنى أن ما أعطاه الله للمخلوقات الأخرى، فقد أعطى للإنسان منه وزيادة، كما أن الحيوان يتغذى بما وجده من لحم أو فاكهة أو حب أو عشب ونحو ذلك على وجه ساذج، والإنسان يتغذى بذلك ويزيد عليه بما يبدعه من ألوان الغذاء المطبوخ وغير المطبوخ على أنحاء مختلفة نوعا وصنفا، وكذلك الحال في مشربه وملبسه ومسكنه ونكاحه واجتماعه المنزلي والمدني وغير ذلك، في حين تستفيد الحيوانات والنباتات من ممتلكات بسيطة وبدائية.[٨]

كرامة الإنسان ذاتية أو مكتسبة

هناك اختلاف في نوع الكرامة المذكورة في هذه الآية. يرى بعض المفسرين إن الكرامة ذاتية في الإنسان، وأنَّه أفضل من باقي المخلوقات، ويرون أن ما ذهبوا إليه تدل عليه هذه الآية.[٩] ويرى مرتضى المطهري، وهو مفكر شيعي ومختص في القرآن، أن المقصود من الآية هي الكرامة الذاتية للإنسان والشعور العقلي الذاتي عنده، ومن التناقض أن نفكر بالكرامة الذاتية، والقيم الإنسانية السامية التي يملكها الإنسان، وفي نفس الوقت نعتبره مجرد آلة أكثر تعقيدا من الآلات الأخرى.[١٠] كما اعتبر الكرامة الذاتية في الإنسان جزءاً من البناء الفطري والأحكام الفطرية، التي تدعو الإنسان إلى الكرامة والشرف والشهامة، والتي جاء الدين أيضاً من أجلها.[١١]

يذهب البعض الآخر إلى القول بالكرامة المكتسبة التي تأتي عن طريف توظيف المواهب والقوى الإيجابية في الإنسان، وجهوده في طريق النمو والكمال.[١٢] ويعتبر محمد تقي الجعفري، وهو فيلسوف شيعي معاصر، أن هذا النوع من الكرامة اختيارية للإنسان، ويطلق عليها «الكرامة القيمة».[١٣] ومن الممكن أن يفقد الإنسان هذا التفوق من خلال القيام بأفعال غير لائقة.[١٤]

بحسب جوادي الآملي مفسر القرآن، هناك ثلاثة أنواع من الكرامة، الخارقة للعادة أو الملكوتية، وطبيعية وإنسانية موجودة في الخلقة، فالملكوتية مختصة بالملائكة، وعرش الله...، والطبيعية مختصة بالموجودات الطبيعية كالنباتات، والكرامة العالية للإنسان مكونة من الخارقة للعادة والطبيعية، والجمع بين الكرامة الملكوتية والطبيعية.[١٥]


المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن عاشور، محمد طاهر، التحرير والتنوير، بيروت، مؤسسة التاريخ العربي، ط1، 1420 هـ.
  • ابن عربي، محمد بن علي، تفسير ابن عربي، تحقيق: رباب، سمير مصطفى، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1422هـ.
  • الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ.
  • الثعلبي، أحمد بن محمد، تفسير الثعلبي، تحقيق: أبي محمد بن عاشور، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط1، 1422هـ/ 2002م.
  • الجعفري، محمد تقي، بيام خرد، طهران، مؤسسة كرامت، ط1، 1377 ش.
  • الراغب الأصفهاني، الحسين بن محمد، المفردات في غريب القرآن، بيروت، دار القلم، الدار الشامية، ط1، 1412 هـ.
  • الزحيلي، وهبة بن مصطفى، التفسير المنير للزحيلي، دمشق، دار الفكر، ط2، 1418هـ.
  • الزمخشري، محمود بن عمرو، الكشاف عن حقائق غوامض التنزيل، بيروت، دار الكتاب العربي، ط3، 1407
  • السلطاني، محمد علي، «کرامت انسان از نگاه قرآن»، في مجلة آینه پژوهش، شماره ۱۰۲، بهمن و اسفند ۱۳۸۵ش.
  • الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط3، 1393 هـ.
  • الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط1، 1415 هـ.
  • الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • القرشي، علي أكبر، قاموس قرآن، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط6، 1412هـ.
  • المطهري، مرتضى، فطري بودن دين، د.م، د.ن، د.ت.
  • المطهري، مرتضى، ياد داشت ها (مذكرات)، د.م، د.ن، د.ت.
  • جوادي الآملي، عبد الله، صورت وسیرت انسان در قرآن، قم، مركز إسراء، 1397ش.
  • عمر، أحمد مختار، معجم اللغة العربية المعاصرة، القاهرة، عالم الكتب، ط1، 1429 هـ/ 2008 م.
  • فضل الله، محمد حسين، تفسير من وحي القرآن، بيروت، دار الملاك للطباعة والنشر، ط2، 1419 هـ.
  • مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل‌، قم، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب، ط1، 1379 ش.
  1. سورة الإسراء، الآية 70.
  2. عمر، معجم اللغة العربية المعاصرة، ج3، ص1923؛ القرشي، قاموس قرآن، 1412هـ، ج6، ص103.
  3. الراغب الأصفهاني، المفردات في غريب القرآن، 1412، ص707.
  4. السلطاني، «کرامت انسان از نگاه قرآن»، ص30؛ مكارم الشيرازي، الأمثل، 1379ش، ج9، ص64.
  5. الطباطبائي، الميزان، 1393هـ، ج13، ص155.
  6. الطباطبائي، الميزان، 1393هـ، ج13، ص155.
  7. الطوسي، التبيان، ج6، ص503؛ ابن عربي، تفسير ابن عربي، 1422هـ، ج1، ص383؛ الطباطبائي، الميزان، 1393هـ، ج13، ص156؛ الآلوسي، روح المعاني، 1415هـ، ج15، ص118؛ الزحيلي، التفسير المنير، 1418هـ، ج15، ص121؛ الثعلبي، تفسير الثعلبي، 1422هـ، ج6، ص 114.
  8. الطباطبائي، الميزان، 1393هـ، ج13، ص157 ـ 158.
  9. فضل الله، تفسير من وحي القرآن، 1419هـ، ج14، ص179 ـ 180؛ ابن عاشور، التحرير والتنوير، 1420هـ، ج14، ص130 ـ 131؛ الطباطبائي، الميزان، ج13، ص155 ـ 156.
  10. المطهري، ياد داشت ها، ج6، ص500.
  11. المطهري، فطري بودن دين، ص186.
  12. الطبرسي، مجمع البيان، 1415هـ، ج6، ص273؛ الطوسي، التبيان، ج6، ص503؛ الزمخشري، الكشاف، 1407هـ، ج2، ص681؛ الجعفري، بيام خرد، 1377ش، ص107 ـ 108.
  13. الجعفري، بيام خرد، 1377ش، ص107.
  14. الجعفري، بيام خرد، 1377ش، ص108؛ الطبرسي، مجمع البيان، 1415هـ، ج6، ص273 ـ 274.
  15. جوادي الآملي، صورت و سیرت انسان در قرآن، 1397ش، ص327.