آية البيوت

آية البيوت هي الآية 36 من سورة النور، تُشير هذه الآية إلى البيوت التي يُذكر فيها الله والتسبيح له في كل صباح ومساء؛ ولهذا السبب أذن الله تعالى لها أن ترفع. وقد ذكر المفسرين إنَّ كلمة البيوت تُطلق على التي يُذكر فيها اسم الله وتسبيحه، وكذلك على المساجد التي بُنيت من أجل الصلاة والذكر والتسبيح.

ورد في الروايات المتعددة إنَّ كلمة (البيوت) في الآية تعني بيوت الأنبياء، وكذلك بيت الإمام عليقالب:اختصار/ع وفاطمة الزهراءقالب:اختصار/عليها، ويرى العلامة الطباطبائي إنَّ المساجد أحد المصاديق على كلمة البيوت، والمصدق البارز لها بيت الإمام علي وفاطمة الزهراء.

جاء في فقرة من الزيارة الجامعة الكبيرة، إنَّ بيوت الأئمة المعصومين من مصاديق تلك البيوت، حيث ورد فيها: «فجعلكم في بُيوت أذن الله أن تُرفع ويُذكر فيها اسمه.»

نص الآية

هي الآية 36 من سورة النور فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ

معنى البيوت

اختلف المفسرون في معنى بيوت في هذه الآية وماهي المصاديق التي تشير اليها. ذكر البعض إنَّ كلمة البيوت تُشير إلى جميع البيوت التي يذكر فيها اسم الله وتسبيحه، وقد نسب المفسرون هذا الرأي إلى عكرمة بن عبد الله تلميذ ابن عباس، واعترض بعض المفسرين على هذا الرأي مثل الفخر الرازي واعتبروا الأفضل هو اطلاق لفظ بيوت على المساجد، وذلك لأن:

1. عبارة «أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ» لا تنطبق على جميع البيوت، بل التي أذن الله تعالى لها بالرفعة فقط.
2. تستحق المساجد هذا الفظ لأنها الاماكن التي تنطبق عليها تلك المواصفات كذكر الله وإقامة الصلاة.

ولقد أطلق أكثر المفسرين لفظ البيوت على المساجد، ويوجد قولان على هذا المعنى:

1. يرى بعض المفسرين إنَّ لفظ البيوت تطلق على أربع مساجد وهي: الكعبة التي بناها النبي إبراهيم وإسماعيلقالب:اختصار/عليهما، ومسجد البيت المقدس الذي بناه داود وسليمان، ومسجد النبي ومسجد قباء الذين بُنيا على يد رسول اللهقالب:اختصار/ص.
2. ويرى البعض الآخر إنَّ هذا اللفظ يطلق على جميع المساجد.

وقد ضعف الفخر الرازي في كتاب التفسير الكبير الرأي الأول، وذكر إنَّه تخصيص بلا دليل، وإنَّ لفظ البيوت تُطلق على جميع المساجد، وقد تمسك بهذا القول عن طريق رواية نقلها ابن عباس عن رسول اللهقالب:اختصار/ص، جاء فيها: «إنَّ المساجد بيوت الله في الأرض وهي تضيء لأهل السماء، كما تضيء النجوم لأهل الأرض».

ويؤكد العلامة الطباطبائي في كتاب الميزان إنَّ البيوت هي المساجد؛ لأنها الاماكن التي يُذكر اسم الله فيها، والتي بُنيت لهذا السبب.

وذكر الطبري في تفسير جامع البيان وبعدما ذكر جملة من الروايات، ومن خلال الاستدلال بقوله تعالى: «يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآَصَالِ» إنَّ المراد من البيوت هي المساجد؛ لأنها بُنيت من أجل الصلاة والذكر والتسبيح.

المصاديق الروائية للبيوت

وقد تم ذكر جملة من الروايات حول معنى ومصداق البيوت في الآية 36 من سورة النور، منها:

• وردت رواية في المصادر الشيعية والسنية، جاء فيها: «في يوم من الأيام كان رسول الله يقرأ هذه الآية، فقام إليه رجل فقال: أي بيوت هذه يا رسول الله؟ قال: بيوت الأنبياء، فقال أبو بكر: يا رسول الله هذا البيت منها لبيت عليقالب:اختصار/ع وفاطمة؟ قال: نعم من أفاضلها.»

يرى العلامة الطباطبائي ومن خلال تفسيره للآية 36 من سورة النور، والاشارة إلى هذه الرواية إنَّ كلمة البيوت لها مصاديق ومصداقها البارزة بيت الإمام علي وفاطمة الزهراء.

وقد استدل صاحب تفسير مجمع البيان بهذه الرواية عند تفسيره لهذه الآية، وذكر إنَّ معنى البيوت هي بيوت الأنبياء وبيت الإمام علي وفاطمة الزهراء، وقد ذكر آية التطهير بعنوان مؤيد لما ذكره، وإنَّ المقصود من رفع بيوت الأنبياء التعظيم، والمقصود من التطهير هو التطهير من المعاصي.

وقد أشار الألوسي أحد المفسرين السنة في كتاب تفسير روح المعاني لهذه الرواية في تفسير الآية، حيث قال: «إذا كانت هذه الرواية صحيحة فلا يُمكن العدول عنها في تفسير الآية.»

• نقل علي بن إبراهيم القمي في تفسير القمي الذي يُعتبر أقدم التفاسير الروائية للقرآن في ذيل هذه الآية رواية عن الإمام الصادققالب:اختصار/ع إنَّ المقصود من البيوت هي بيوت الأنبياء وبيت الإمام علي منها.
• نقل الشيخ الصدوق في كمال الدين، والكليني في الكافي رواية عن الإمام الباقرقالب:اختصار/ع حيث ذكر فيها إن المقصود من البيوت في الآية هي بيوتات الأنبياء والرسل والحكماء وأئمة الهدىعلیهم السلام، والتمسك باتباع هذه البيوت يؤدي إلى النجاة.
• وجاء في فقرة من الزيارة الجامعة الكبيرة، حول الأئمة المعصومين: «فَجَعَلَكُمْ فِي بُيُوتٍ أَذِنَ الله أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيها اسْمُهُ.»

وذكر محسن قراءتي في تفسير النور إنَّ هذه الفقرة من الزيارة، تدل على إنَّ أضرحة الأئمة المعصومين من الأماكن التي تصدق عليها هذه الآية في معنى البيوت.

المصادر والمراجع

• القرآن الكريم.
• الآلوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني، تحقيق: علي عبد الباري عطية، بيروت، دار الكتب العلمية، ط1، 1415هـ.
• السيوطي، عبد الرحمن بن أبي بكر، الدر المنثور في التفسير بالمأثور، بيروت، دار الفكر، د.ت.
• الصدوق، محمد بن علي بن الحسين، كمال الدين وتمام النعمة، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، ط3، 1416هـ.
• الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390هـ.
• الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان في تفسير القرآن، قم، دار المعرفة، ط2، 1408هـ.
• الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1412هـ.
• الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم، مؤسسة النشر الإسلامي، 1413هـ.
• الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط3، 1420هـ.
• القمي، عباس، مفاتيح الجنان، قم، انتشارات آئين دانش، ط1، 1384ش.
• القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم، دار الكتاب، ط3، 1404هـ.
• الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، قم، دار الحديث، ط1، 1387ش.
• المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، 1403هـ/ 1983م.
• قراءتي، محسن، تفسير النور، بيروت، دار المؤرخ العربي، ط1، 1435هـ/ 2014م.