الشيخ جواد بن الشيخ حسين نجف
الشيخ جواد بن الشيخ حسين نجف
تتلمذ الشيخ جواد بن الشيخ حسين نجف على الشيخ محمد حسن النجفي ( صاحب الجواهر ) وعلى أعلام أسرة آل كاشف الغطاء ( الشيخ علي والشيخ محمد والشيخ حسن ) وأصبح عالما فاضلا فقيها ناسكا زاهدا ، بلغ ذروة الاجتهاد ويقول السيد حسن الصدر : كان عالما فاضلا فقيها ناسكا زاهدا ، لم أر في عصري من اتفقت الكلمة على ثقته وصلاحه مثله ويقول السيد محمد علي العاملي في كتاب " اليتيمة " : أنه بلغ ذروة الاجتهاد ونال في العلم أقصى المراد ، ذكي أنّى لأويس ذكاه ، وورع أنى لأويس ورعه وتقواه ، فان له في أذهان عامة الناس وخاصتهم غرس عظيم في التقوى وازدحام عند حلول البلوى وتزايد في أن تقتبس منه الحكم والتقوى ، ومن شدة ورعه لا يفتيهم ومع ازدحام التخاصم مهما أمكن يصلحهم ويرضيهم وقد وصف انه شيخ أئمة العراق ، وكان يؤم الناس في المسجد الهندي ملازما لإمامة الجماعة ، وملازما لزيارة الإمام الحسين عليه السلام ، وكان علماء المسلمين يقدمونه في صلاة الاستسقاء لما عرف عنه من زهد وقناعة وابتعاد عن مباهج الحياة ولذائذ الدنيا ، ولما فقد بصره في أواخر حياته كان يقول : لم يفتني بذهاب بصري إلا أمران الابتداء بالسلام وقراءة القرآن
وقد مدحه الشاعر الشيخ صالح حجي الكبير بقصيدة منها:
قد ساغ لي شرب المدام فهاتها * كالجلنار أنار في قلواتها
من كف فاتكة الجفون كأنما * فتكات بيض الهند من فتكاتها
مهلا فلولا ابن الحسين وجوده * ماتت نفوس الخلق قبل مماتها
علامة العلماء والنفس التي * جبلت على التقوى طبايع ذاتها
وهدى اضلاء الأنام بهديه * وبجوده أحيا رميم عفاتها
وكان للشيخ جواد نجف درس في داره يحضره جماعة من أهل العلم والفضل ، وقد أجاز بعض حضاره إجازات علمية كالميرزا جعفر بن الميرزا أحمد التبريزي المتوفى عام 1262 ه وأشار الشيخ الطهراني إلى أنه كتب رسالة مستقلة في أحوال والده الشيخ حسين نجف كما كتب الشيخ محمد طه رسالة ترجم فيها الشيخ حسين والشيخ جواد نجف ، وهي في الأساس مخصصة للشيخ حسين نجف ، ولم تشر المصادر إلى ما تركه الشيخ جواد نجف من آثار علمية .
توفى الشيخ جواد نجف في 23 ربيع الأول 1294 ه / 1877 م ، وتاريخ وفاته " غار نجم " ودفن في المقبرة الخاصة بأسرته في الصحن الشريف ، وهي الحجرة الأولى الواقعة على يسار الداخل إلى الصحن من باب القبلة حيث يرقد الإمام الشيخ مرتضى الأنصاري ، وقد رثاه جماعة من شعراء النجف الأشرف كالسيد محمد سعيد الحبوبي ، والسيد موسى الطالقاني ، والشيخ كاظم سبتي وغيرهم ، ومن قصيدة السيد موسى الطالقاني:
لقد طرقتنا فاستشاط لها الدهر * وغير عجيب أن يضيق بها الصدر
ومدت على الدنيا رواق مصابها * فأظلم منها الجود والبر والبحر
فذاك محيا الصبح أسود كالح * ورأسي مبيض ودمعي محمر
وغيض عباب الدمع والوجد كامن * هل الوجد يجدي بعد ما قضي الأمر
أناخت بأمصار العراق فسعرت * لظاها وكادت أن تحور لها مصر
رزايا بقلب الدين منها جراحة * وفي كبد الإسلام يدمى لها ظفر
لقد شمرت عن ساعد البغي وانثنت * تسدّد سهما قد براها لها الغدر
ولم ترم إلا والجواد صريعها * فيا لك رزء فيه ينقصم الظهر
وما صرعت إلا عميدا واصيدا * يطاطئ هاما عن مفاخره النسر
ومن قصيدة الشيخ كاظم سبتي:
أقام البغي فارتحل الرشاد * وثار الجهل فانذهل السداد
وحالت بين أفنية المعالي * يعدو ليس تسبقه الجياد
وجرت المنايا السود بيضا * حدادا دونها البيض الحداد
ومن قصيدة الهمداني صاحب " فصوص اليواقيت ":
أصاب قلب البرايا * من النوائب سهم
بموت من هو فيهم * نجم ضاء وشهم
ابن الحسين جواد * له مكارم تسمو
في الزهد سلمان دهر * في العلم بحر ضخم
في قبره مذ توارى * أرخته ( غار نجم )
ومن قصيدة السيد محمد سعيد الحبوبي :
ما لفوديّ ينكران المشيبا * أحسن الشهب طالعا لن يغيبا
أيها الحاملون نعش جواد * منعش جوده المحل الجديبا
أجهشت خلفك النواظر عبرى * فاضحا دمعها الحيا المسكوبا