السيد موسى بن السيد جعفر الطالقاني

من ويكي علوي
مراجعة ٠٣:٤٨، ٣٠ نوفمبر ٢٠٢٣ بواسطة Qanbar (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'== السيد موسى بن السيد جعفر الطالقاني == ولد السيد موسى بن السيد جعفر بن السيد علي الطالقاني في مدينة النجف الأشرف بتاريخ 22 صفر 1230 ه ، وتربى في حجر أبيه ، وشمله برعايته ، وكان منذ صغره شديد الذكاء ، قوي الحافظة ، فأتقن القراءة والكتابة منذ السنة العاشرة من عمره ،...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

السيد موسى بن السيد جعفر الطالقاني

ولد السيد موسى بن السيد جعفر بن السيد علي الطالقاني في مدينة النجف الأشرف بتاريخ 22 صفر 1230 ه ، وتربى في حجر أبيه ، وشمله برعايته ، وكان منذ صغره شديد الذكاء ، قوي الحافظة ، فأتقن القراءة والكتابة منذ السنة العاشرة من عمره ، وأخذ في التقدم في العلوم ، فدرس المقدمات من نحو وصرف ومنطق وبلاغة على والده ، ومن ثم تتلمذ على أعلام عصره في النجف الأشرف منهم:

1 - الشيخ مرتضى الأنصاري ، وقد أجازه .

2 - السيد رضا الطالقاني ، خاله .

3 - الشيخ مولى علي الخليلي .

4 - الشيخ عبد الحسين الطريحي .

5 - الشيخ نوح الجعفري القرشي .

وأصبح السيد موسى الطالقاني عالما فاضلا ، وأديبا كاملا لبيبا ، وشاعرا ماهرا منشأ ويقول الشيخ حرز الدين : أن له نظما محفوظا ومجموعة أدبية حوت طائفة كبيرة من شعره ، وكان الغالب على نظمه الشعر في تهنئة العلماء ورثائهم وتاريخ مواليد العلماء والأدباء ووفياتهم ، وله محاضرات حسنة جدا ، ومطايبات مع أدباء عصره ويقول الأستاذ الشريفي : " انه نظم في الموشح على الطريقة الأندلسية ، فكان بذلك قرينا للحبوبي الكبير ، وقد حوى ديوانه على أكثر أبواب الشعر وفنونه من غزل ونسيب ومدح وهجاء ورثاء وفخر وحماسة فأجاد وأبدع وأوجز وأطنب ، فكان ذلك الشاعر المجلى المتين السبك ، الرائع المعاني ، والقوي الأسلوب " وأشار الآلوسي إلى شاعرية السيد موسى الطالقاني بقوله :

شاعر خفيف الروح ، أبي النفس ، حسن المفاكهة ، جيد البديهية ، نشأ في بلدته النجف ، وهو من بيت علم وشرف ، وبرع في الشعر ، وتنقل من نجد إلى وهد ، ومن سهل إلى وعر وكان له صوت مدوي في مجالس النجف الأدبية ، وأحد شيوخ القريض في العراق ، ويقول الشيخ جعفر النقدي : انه كان عالما فاضلا ، أديبا ماهرا في العلوم العربية ، ولا سيما في العروض والقوافي وكان إضافة ذلك فقيها أصوليا ، أخذ العلوم الشرعية من أعلام عصره ، ولكنه قبل أن يصل إلى مرتبة الاجتهاد تاقت نفسه إلى الأدب ، وقد أشار إليه السيد مشكور الطالقاني المتوفى عام 1354 ه : انه فقيه عصره ، ومتنبي زمانه ، وعلامة المعقول والمنقول ، وفهامة الفقه والأصول وقد أعطاه مكانة علمية لعلها أكبر من حجمه ، فهو لا شك فيه قد جمع بين العلوم الفقهية والعلوم الأدبية كما تدل تآليفه إلى ذلك وهي :

1 - ديوان شعر كبير ، جمعه وحققه السيد محمد حسن الطالقاني .

2 - الرضاعية ، في مسائل الرضاع .

3 - سلوة الكرام ونشوة المرام ، في أحوال الأجداد والأعمام .

4 - عقود الجواهر في أحوال النبي وآل بيته الطواهر ، نسخه عند السيد محمد حسن الطالقاني .

5 - فيض الأذهان في تفسير القرآن ، يقع في تسعة مجلدات .

6 - مواهب المنان في الهيئة والميزان .

7 - السلافة في المجون والظرافة .

8 - مجموع خطي في الأدب الشعبي ، جمعه السيد محمد حسن الطالقاني .

9 - نفائس الأحكام في مسائل الحلال والحرام ، فقه مبسوط من درس أستاذه الإمام الشيخ مرتضى الأنصاري .

وقد أمتلك السيد موسى الطالقاني نثرا فنيا بعيد الأشواط ، فلم يكن يتخلف عن أخدانه الذين برعوا في الصناعتين ، بل جاراهم وفات الكثير منهم ، وقد برع وتجلى فيه ، فجاء أسلوبه عربيا محكما وسبكه جميلا رصينا ، يبدو ذلك في لفظ مليح عذب ، وتعلوه بلاغة واضحة ، مما يدل على سعة اطلاعه وتضلعه في العلوم ، ومن يقرأ رسائله لا بد وان يعود عليه بذكريات البديع والخوارزمي وغيرهما ، فيقول في رسالة بعث بها لأحد أصدقائه : " ما شعرت بوصال من ذهب شعوري بصدوده حتى عبث الحمى فشممت أريج أخلاقه وعوده ، ولا برحت ليالي المحاق مسدلة على براقع الظلماء حتى رأيت في وجه حبيبي الهلال ، ولا هجر الوجد الضني حتى من حبيبي بالوصال ، فمرحبا بك من قادم قرت به العيون إذ كان نورا لسوادها ونامت به الأجفان بعد طول سهادها " أما موقعه من الشعر فإنه كان مبدعا في نظمه ، وقد أجاد في موشحاته حتى عد من أبرز الوشاحين في عصره ومنه في تهنئة الشيخ مهدي بن الشيخ عبد الحسين الطهراني :

أيها الساقي ومن خمر اللمى * نشوتي فأذهب ببنت العنب

عدها عني كئوسا كم سبت * من نفوس وعقول سلبت

زعم النشوان أن قد طربت * نفسه لما احتساها وبما

أحتسى من ريق سلمى طربي * أين هذا الخمر من ذاك الرضاب

وهو عذب للمعنّى وعذاب * فاسقنيها من ثناياها العذاب

وأطف فيها فؤادي الضرما * وأقض هذا اليوم فيها أربي

وقد نسبت هذه الموشحة للسيد محمد سعيد الحبوبي ، ولكن هناك من يذهب إلى أنها في الحقيقة للسيد موسى الطالقاني وهي تلتقي مع شعره الذي يفيض رقة وشعورا ، ويتنزى بهذه الحساسية المرهفة التي تحدث في النفس هذه شعورية تتخطى ثنايا الظلوع ، وكان من الذين أغناهم اللّه بفضله عن اتخاذ الشعر وسيلة للتعيش وآلة للتسكب ، وقد كان الشعر عنده فيض نفس ومتعة روحية لا يقوله إلا تسلية للنفس وترفيها عن الخاطر ، ولذلك نجد معظم شعره الغزل الذي كان يؤنس به نفسه ، ويفرح قلبه ويبث أشواقه وقد كتب المحامي الأستاذ توفيق الفكيكي بحثا بعنوان " السيد الطالقاني قدوة شعراء الغزل في عصره " ويقول الدكتور الخياط : أن السيد موسى الطالقاني تجنب المديح في شعره ، وهو تعبير غير مباشر عما ساد عصره من استبداد وتفسخ وظلم وإرهاق نفي ديوانه ( 28 ) قصيدة مديح و ( 172 ) قصيدة غزل من مجموع ( 324 ) قصيدة.

وكان السيد موسى الطالقاني ينتقل بين النجف وبدرة وجصان وجيزان وجبل الفيلية يدير شؤون أملاكه في مدينة بدرة فيقيم بها شهورا ثم يعود إلى النجف الأشرف ، وإذا طال ابتعاده عنها فإنه يحن لأجوائها العلمية ومجالسها الأدبية فيقول:

تذكرت ( الغري ) وساكنيه * فهاج الشوق واشتعل الغليل

غداة النفر إذ حنّت نياقي * وقد سرت الضعائن والحمول

وطوحت الحداة وهاج صحبي * وساق العيس سائقها العجول

فناديت الحداة وما أجابوا * إلى أرض ( الحمى ) تاللّه ميلوا

فما رقّت قلوبهم لصب * نحيل الجسم رقّ له العذول

فمال القلب يقطع كل فج * إليهم والغرام له دليل

وهمّ الطرف يتبعه فحالت * سيول الدمع وانقطع السبيل

على أرض ( الغري ) سلام صب * بثغر الوجد يمضغه الرحيل

وتلفظه التلال إلى حضيض * وللاوعار تقذفه السهول

يبيت الليل محتضنا جواه * وبين ضلوعه داء دخيل

بكل فتى أسيل الخد مهما * فقدنا البدر فهو له بديل

يجاذبنا السرى انضاء سقم * نحافا والنعاس بنا تميل

نميل على الرحال تخال أنا * نشاوى والشمال لنا شمول

نمر على الربوع وما تمنت * سوى أنا بمربعها نزول

تحيينا المنازل أن نزلنا * ونحي من مدامعنا الطلول

إلا من مبلغ الأحباب عني * بأني ذلك المضني العليل

على عهد الغرام أقام قلبي * وأقسم للقيامة لا يحول

وكم ليل قطعت به الفيافي * ولي من عزمي العضب الصقيل

توفى السيد موسى الطالقاني عام 1298 ه ، وهناك من يؤرخ وفاته عام 1296 ه في مدينة بدرة ، ونقل جثمانه إلى مدينة النجف الأشرف ودفن فيها ، أما مولده فهو في عام 1230 ه ، وهناك من يؤرخه عام 1250 ه ومن الغريب أن الآلوسي قد أرخ مولده عام 1213 ه.