سورة الجمعة
سورة الجمعة، هي السورة الثانية والستون ضمن الجزء الثامن والعشرين من القرآن الكريم، وهي من السور المدنية، واسمها مأخوذ من الآية التاسعة فيها، وتتحدث عن صلاة الجمعة وأهميتها والأثر التربوي المترتب عليها، وتحذر المؤمنين من الوقوع بالانحراف الذي وقع فيه اليهود، كما تتحدث عن التوحيد، وبعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم، والمعاد.
من آياتها المشهورة قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا وقوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ.
ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رُويَ عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: من قرأ سورة الجمعة أُعطيَ من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة وبعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين.
تسميتها وآياتها
سُميت السورة بالجمعة، لقوله تعالى في الآية التاسعة: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ، ولأنّ محور السورة يتحدث عن فريضة صلاة الجمعة التي تشكّل منبراً أسبوعياً لتوعية المسلمين وطرح الأمور المهمة التي تزيد في علو الأمة وسموها.[١]
وآياتها (11)، تتألف من (177) كلمة في (768) حرف. وتعتبر من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة،[٢] ومن سور الممتحنات.[٣]
ترتيب نزولها
سورة الجمعة من السور المدنية،[٤] ومن حيث الترتيب نزلت على النبي صلی الله عليه وآله وسلم بالتسلسل (109)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثامن والعشرين بالتسلسل (62) من سور القرآن. وهي من السور التي تسمى بسور الممتحنات.[٥]
معاني مفرداتها
أهم المعاني لمفردات السورة:
- (الْقُدُّوسِ): مبالغة في القدس، وهو النزاهة والطهارة.
- (الأُمِّيِّينَ): لا يقرأون ولا يكتبون.
- (أَسْفَارًا): السفر: الكتاب الكبير الذي إذا قُرئ أسفر وكشف المعنى.
- (وَالشَّهَادَةِ): الشهادة: ما يعلموه ويُشاهدوه.[٦]
محتواها
يتلخّص محتوى السورة في خمسة أمور:
- الأول: التوحيد وصفات الله، ومسألة المعاد.
- الثاني: الأثر التربوي لصلاة الجمعة وبعض الخصوصيات المتعلقة بهذه العبادة العظيمة.
- الثالث: تسبيح كافة المخلوقات.
- الرابع: الهدف التعليمي والتربوي من بعثة الرسول صلى الله عليه وآله وسلم.
- الخامس: تحذير المؤمنين وتنبيههم من مغبة الوقوع في الانحراف الذي وقع فيه اليهود.[٧]
شأن نزولها
جاء في كتب التفسير: أقبلت عِيرٌ ورسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يصلي الجمعة، فانفض الناس إليها، فما بقيَ غير اثني عشر رجلاً، وقيل: قد أصاب أهل المدينة جوع وغلاء، فقَدِم دحية بن خليفة بتجارة زيد من الشام، والنبي صلی الله عليه وآله وسلم يخطب يوم الجمعة، فلما رأوه قاموا إليه، فلم يبقَ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلا رهط، فنزلت السورة.[٨]
وورد أيضاً أنّ النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: لقد نظر الله يوم الجمعة إلى مسجدي، فلولا هؤلاء الثمانية الذين جلسوا في مسجدي لأُضرِمَت المدينة على أهلها ناراً، وحُصِبوا بالحجارة كقوم لوط، وقيل: أنّ من بقيَ مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم هم: علي، والحسن، والحسين، وفاطمة، وسلمان، وأبا ذر، والمقداد، وصهيب.[٩]
آياتها المشهورة
- قوله تعالى: مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّوْرَاةَ ثُمَّ لَمْ يَحْمِلُوهَا كَمَثَلِ الْحِمَارِ يَحْمِلُ أَسْفَارًا،[١٠] جاء في كتب التفسير: إنّ الحيوان لا يشعر بما يحمل من كُتُب إلا بثقلها، ولا يُميّز بين أن يكون المحمول على ظهره خشب أو حجر أو كتب، فالذين اقتنعوا بتلاوة التوراة واكتفوا بذلك دون أن يعملوا بموجبها، فهؤلاء مَثَلهم كمَثَل الحمار، ويشمل هذا الخطاب جميع المسلمين الذين يتعاملون بألفاظ القرآن دون إدراك أبعاده وحكمه الثمينة.[١١]
- قوله تعالى: يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِي لِلصَّلاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ،[١٢] جاء في كتب التفسير: إنّ الآية تُشير أنه إذا ارتفع الأذان لصلاة الجمعة، فيكون لزاماً على الناس أن يتركوا مكاسبهم ومعايشهم، ويذهبوا إلى الصلاة وهي أهمّ ذكر لله، فالذهاب إلى صلاة الجمعة خير وأنفع للمسلمين من حطام الدنيا وملاذها الزائلة لو كانوا يعقلون، وإلا فإنّ الله غني عن الجميع.[١٣]
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءة سورة الجمعة، منها:
- عن النبي صلی الله عليه وآله وسلم: «من قرأ سورة الجمعة أُعطيَ من الأجر عشر حسنات بعدد من أتى الجمعة وبعدد من لم يأتها في أمصار المسلمين».[١٤]
- عن الإمام الصادق : «الواجب على كل مؤمن إذا كان لنا شيعة أن يقرأ في ليلة الجمعة بالجمعة وسبّح اسم ربك الأعلى، وفي صلاة الظهر بالجمعة والمنافقين، فإذا فعل ذلك، فكأنما يعمل بعمل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان جزاءه وثوابه على الله الجنة».[١٥]
وردت خواص لهذه السورة في بعض الروايات، منها:
- عن الإمام الصادق : «من قرأها ليلاً أو نهاراً في صباحه ومسائه، أمِنَ من وسوسة الشيطان، وغُفرَ له ما يأتي في ذلك اليوم إلى اليوم الثاني».[١٦]
قبلها سورة الصف |
سورة الجمعة |
بعدها سورة المنافقون |
مواضيع ذات صلة
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- البحراني، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
- الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
- الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
- الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم-ايران، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين، ط 2، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البيان، بيروت - لبنان، مؤسسة الميرة، ط 1، 1430 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
- الموسوي، عباس بن علي، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
- معرفة، محمد هادي، تدريس العلوم القرآنية، ترجمة: أبو محمد فقيلي، دار نشر الدعاية الإسلامية ، 1371 ش.
- معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
- مغنية، محمد جواد، تفسير الكاشف، بيروت- لبنان، دار الأنوار، ط 4، د.ت.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.
وصلات خارجية
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 98.
- ↑ الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1256.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 313.
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 219؛ الرازي، التفسير الكبير، ج 30، ص 3.
- ↑ معرفة، علوم قرآن، ج 1، ص 2612.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 16، ص 99-105.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 18، ص 202.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 10، ص 9.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 9، ص 300.
- ↑ سورة الجمعة: 5.
- ↑ مغنية، تفسير الكاشف، ج 7، ص 324.
- ↑ سورة الجمعة: 9.
- ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 19، ص 285.
- ↑ الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1639.
- ↑ الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 557.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 9، ص 293.