آية القنطار
آية القنطار هي الآية 20 من سورة النساء، حيث نهت الآية عن اتهام المرأة بمخالفتها العفة؛ من أجل تبرير طلاقها وعدم دفع المهر لها أو استرجاعه منها، وإنَّ هذا العمل يُعد من الظلم والمعاصي الواضحة. يُعتبر اتهام المرأة أو أذيتها من أجل عدم دفع الصداق أو استرجاعه من تقاليد زمن الجاهلية، والتي استمرت أيضاً حتى بعد بعثة الرسولقالب:اختصار/ص.
وقد تم استفادة عدّة مواضيع من الآية، منها: حماية حقوق المرأة في الإسلام، وجواز المهر الكثير، وحق المرأة في أن تملك مهرها، وكذلك من أقبح الظلم أخذ أموال الناس بغير حق مع توجيه الاتهامات المختلفة.
نص الآية
هي الآية 20 من سورة النساء قال تعالى: وَإِنْ أَرَدتُّمُ اسْتِبْدَالَ زَوْجٍ مَّكَانَ زَوْجٍ وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ۚ أَتَأْخُذُونَهُ بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا [١]
شأن النزول
كان المتعارف قبل الإسلام إنَّ الرجل إذا أراد طلاق زوجته يؤذيها ويضايقها[٢] ويتهمها بارتكاب أعمال تخالف العفة؛ حتى تضطر المرأة التنازل عن مهرها أو ترد المهر الذي أخذته من الرجل، ثم يُطلقها ليستطيع أن يعطي ذلك المهر للزوجة الجديدة التي ينوي الزواج بها.[٣] فنزلت هذه الآيات تستنكر هذا العمل القبيح وتدعو إلى منع هذا التصرف الظالم.[٤]
محتوى الآية
في الآية 19 من سورة النساء (أي الآية التي سبقت آية القنطار) حث الله تعالى فيها على حسن معاشرة الزوجة والعناية بها.[٥] وذكر مكارم الشيرازي أحد المفسرين المعاصرين إنَّ آية القنطار نزلت من أجل حماية حقوق المرأة، حيث أمر الرجل فيها إذا قرر طلاق الزوجة والزواج من أخرى فلا يحق له أن يبخس من صداق الزوجة الأولى شيئاً، أو يسترد شيئاً من الصداق إذا كان قد سلمه إلى الزوجة مهما كان مقداره كثيراً و ثقيلاً.[٦]قالب:ملاحظة وذكر أيضاً إنَّ هذه الآية بالإضافة إلى الدفاع عن حقوق المرأة، فقد نهت بشدة وأدانت إحدى العادات القبيحة والخاطئة في الجاهلية.[٧]
وقد أشارت هذه الآية إلى عمل الرجال في الجاهلية، حيث كانوا يتهمون زوجاتهم بالخيانة الزوجية، وذمت هذا العمل واعتبرته من الظلم الواضح والمعصية البينة.[٨]قالب:ملاحظة والآية 21 من سورة النساء خاطبة الرجال أنَّه كيف تبخسون الزوجة حقّها وقد كان بينكم مودة ورحمة، وقد أخذت منكم ميثاقا غليظا وعهدا موثقا بأن تؤدوا إليهنّ حقوقهنّ كاملة، فكيف تتنكرون لهذا الميثاق المقدس وهذا العهد المأخوذ منكم حالة العقد.[٩]
وقد اعتبر بعض المفسرين أن أخذ الصداق من قبل الرجل حرام على كل حال، سواء كان الرجل يسعى للزواج مرة أخرى بعد الطلاق أم لا، وعلى بالرغم من أن نص آية القنطار يتعلق فقط بحرمة أخذ المهر من قبل الرجل الذي ينوي الزواج مرة أخرى، لكن الشيخ الطوسي والطبرسي ومحمد جواد مغنية اعتبروا أخذ المهر من المرأة حرامًا على كل حال.[١٠] يرى محمد علي رضائي أصفهاني، من المتخصصين في القرآن، إنَّ الإشارة إلى الزواج مرة أخرى في آية القنطار تشير إلى حالة العصر الجاهلي، ولا يتعارض مع أصل الحكم، ولا يحرم أخذ الصداق من المرأة، إلا على الرجل الذي ينوي الزواج مرة أخرى.[١١]
كلمات الآية
القنطار يُقصد به الكثير من المال،[١٢] أو كناية عن الكثرة[١٣] ويوجد اختلاف في مقدار المال الذي تُشير إليه كلمة القنطار، حيث نقل ابن العربي في كتاب أحكام القرآن عشرة أقوال مختلفة حول مقدار القنطار.[١٤] وفي رواية عن الإمام الباقرقالب:اختصار/ع والإمام الصادققالب:اختصار/ع هو جلد بقر مملوء بالذهب،[١٥] كما اعتبر الشيخ الطوسي والطبرسي إنَّ القنطار هو جلد بقر مملوء بالذهب أو هو دية الإنسان.[١٦] وذهب العلامة الطباطبائي أنَّ كلمة البهتان في الآية بمعنى ما بهت الإنسان وجعله متحيرا، ويغلب استعماله في الكذب من القول، وقد استعمل في الآية في الفعل الذي هو الأخذ من المهر مع الكذب والتهمة على الزوجة.[١٧] وقد طرح الفخر الرازي في كتاب التفسير الكبير مسائل تتعلق بمعنى البهتان والمعصية.[١٨]
المستفاد من الآية
توجد تفسيرات مختلفة لآية القنطار في مصادر التفسير، بعض هذه الموارد عبارة عن:
- الإسلام يحفظ حقوق المرأة،[١٩] ويمنع الزواج مرة أخرى في حالة فقدان حقوق الزوجة الأولى.[٢٠]
- جواز المهر الكثير[٢١] وبدون حد معين.[٢٢]
- حق المرأة في أن تملك مهرها[٢٣] ولا يجوز للزوج أخذه منها.[٢٤]
- يجوز الطلاق والزواج المجدد.[٢٥]
- حق الطلاق بيد الزوج.[٢٦]
- لا حدود لملكية الإنسان في إطار الشرائع السماوية.[٢٧]
- من أقبح الظلم أخذ أموال الناس بغير حق مع توجيه الاتهامات المختلفة.[٢٨]
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن العربي، محمد بن عبد الله، أحكام القرآن، بيروت، دار الجيل، 1408هـ
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط2، 1390هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البیان في تفسير القرآن، طهران، ناصر خسرو، ط3، 1372ش.
- الطبري، محمد بن جرير، جامع البيان في تفسير القرآن، بيروت، دار المعرفة، ط1، 1412هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
- العروسي الحويزي، عبد علي، تفسير نور الثقلين، قم، انتشارات إسماعيليان، ط1، د.ت.
- الفخر الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 3، 1420 هـ.
- جعفري، يعقوب، تفسیر کوثر، قم، مؤسسة انتشارات هجرت، 1376ش.
- رضائي أصفهاني، محمد علي، تفسير قرآن مهر، قم، پژوهشهای تفسیر وعلوم قرآن، 1387ش.
- صادقي الطهراني، محمد، ترجمان فرقان، قم، شکرانه، 1388ش.
- قراءتي، محسن، تفسير النور، بيروت، دار المؤرخ العربي، ط1، 1435هـ/ 2014م.
- مغنية، محمد جواد، التفسير الكاشف، طهران، دار الكتب الإسلامية، 1424هـ.
- مكارم الشيرازي، ناصر، تفسير الأمثل، طهران، دار الكتب الإسلامية، ط10، 1371ش.
- ↑ سورة النساء، الآية 20.
- ↑ جعفري، تفسير كوثر، ج 2، ص 391.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 3، ص 321، جعفري، تفسیر کوثر، ج 2، ص 391.
- ↑ رضائي أصفهاني، تفسير قرآن مهر، ج 4، ص 81.
- ↑ الطبرسي، مجمع البیان، ج 3، ص 41.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 3، ص 322.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 3، ص 322.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 3، ص 322؛ الطبرسي، مجمع البیان، ج 3، ص 41.
- ↑ جعفري، تفسير كوثر، ج 2، ص 391.
- ↑ الطوسي، التبیان، ج 3، ص 151؛ الطبرسي، مجمع البيان، ج 3، ص 41؛ مغنية، التفسیر الکاشف، ج 2، ص 282.
- ↑ رضائي أصفهاني، تفسیر قرآن مهر، ج 4، ص 81.
- ↑ الطبرسي، مجمع البیان، ج 3، ص 42؛ الطبري، جامع البیان، ج 4، ص 214.
- ↑ مغنية، التفسیر الکاشف، ج 2، ص 282.
- ↑ ابن العربي، أحکام القرآن، ج 1، ص 366.
- ↑ العروسي الحويزي، نور الثقلين، ج 1، ص 459.
- ↑ الطبرسي، مجمع البیان، ج 3، ص 41؛ الطوسي، التبیان، ج 3، ص 152.
- ↑ الطباطبائي، المیزان، ج 4، ص 257.
- ↑ الفخر الرازي، التفسير الكبير، ج 10، ص 14.
- ↑ مكارم الشيرازي، الأمثل، ج 3، ص 322؛ رضائي أصفهاني، تفسیر قرآن مهر، ج 4، ص 82.
- ↑ قراءتي، تفسير النور، ج 2، ص 30.
- ↑ ابن العربي، أحکام القرآن، ج 1، ص 364؛ الفخر الرازي، التفسیر الکبیر، ج 10، ص 13؛ قراءتي، تفسیر النور، ج 2، ص 30.
- ↑ صادقي الطهراني، ترجمان فرقان، ج 1، ص 351.
- ↑ قراءتي، تفسير النور، ج 2، ص 30.
- ↑ رضائي أصفهاني، تفسیر قرآن مهر، ج 4، ص 82.
- ↑ قراءتي، تفسیر النور، ج 2، ص 30.
- ↑ قراءتي، تفسیر النور، ج 2، ص 30.
- ↑ قراءتي، تفسیر النور، ج 2، ص 30.
- ↑ رضائي أصفهاني، تفسیر قرآن مهر، ج 4، ص 82؛ قراءتي، تفسیر النور، ج 2، ص 30.