الصابئة
الصابِئَة المَنْدَائِيُّون هم مجموعة عرقية دينية موطنها السهل الرسوبي في جنوب بلاد ما بين النهرين وهم أتباع ديانة المندائية، وهي توحيدية غنوسية. ربما كانوا أول من مارس التعميد أو المعمودية وكانوا آخر الغنوصيين الأحياء من العصور القديمة. كان المندائيون في الأصل متحدثين أصليين للغة المندائية، وهي لغة سامية تطورت من الآرامية الشرق أوسطية، قبل أن يتحول الكثيرون إلى العربية والفارسية الحديثة. في أعقاب غزو العراق عام 2003، انهارت جماعة المندائيين في العراق، التي كانت تضم 60.000-70.000 شخص. انتقل معظم الجالية إلى خوزستان في إيران وسوريا والأردن المجاورة، أو شكلت مجتمعات الشتات خارج الشرق الأوسط، كما تضاءل المجتمع الآخر من المندائيين الإيرانيين نتيجة الاضطهاد الديني على مدى ذلك العقد.
تسمية
كلمة الصابئة مشتقة من الفعل الآرامي صبا والذي يعني في اللغة الآرامية المندائية اصطبغ أو تعمد، وهي شعيرة مهمة وأساسية في ديانتهم تقوم على الارتماس في الماء الجاري، والاصطباغ أي التعمد فيه. أما كلمة المندائيين فهي صفة لهم، وتعني المعرفة أو العلم، وترجع إلى الفعل الآرامي أيضًا، يدا - أدا، الذي يعني يعرف أو يعلم، وبذلك يكون معني الصابئة المندائيين هو: المصطبغون المتعمدون العارفون بوجود الله وتوحيده.إن أقدم مصدر عربي وردت فيه هذه التسمية هو القرآن، اذ وردت الكلمة بثلاث سور من سوره، وهي البقرة ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٢﴾ [البقرة:62] والمائدة ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحًا فَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ ٦٩﴾ [المائدة:69] وأخيرًا سورة الحج ﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَادُوا وَالصَّابِئِينَ وَالنَّصَارَى وَالْمَجُوسَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا إِنَّ اللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ ١٧﴾ [الحج:17].تسمية صبّة مفردها صبي تعبير عامي عراقي للإشارة إليهم، دليلًا على طقسم الرئيس، الاغتسال. إلا أن التسمية الأكثر رسمية لجنسهم ودينهم والتي يستعملونها فيما بينهم هي مندائي أو المندائيون. ويظهرون في الكتب العربية باسم صابئة وصابئين. وقد اعتاد الرحالة الغربيون في الشرق أن يشيروا إليهم بنصارى القديس يوحنا، ويعرفعم الأوروبيون الذين قدموا إلى العراق في الحرب العالمية الأولى باسم صاغة الفضة العماريين.
التاريخ
نبغ منهم العالم الفلكي والرياضي ثابت بن قرة الحراني في العصر العباسي، ومنهم أيًضا البتاني وقد أسلم. كانت مدينة حران مركزهم.
أصولهم
هنالك عدة مؤشرات للاصول الاساسية للمندائيون. المفاهيم الدينية الاولية تتكرر في مخطوطات البحر الميت، ويردنا (الأردن) كان مسمى لكل مياه التعميد في المندائية. اللغة المندائية تعتبر لغة محلية لآراميون بلاد الرافدين الشرقين الجنوبين مصاحبة لتاثير مهم للغة الاكادية ومرتبط بشكل كبير بلغة كتاب التلمود (كتاب تعليم الديانة اليهودية)، بلاضافة إلى اللغة السريانية. يشيرون إلى انفسهم بانهم ناصورائيون. يمنح رجل الدين لقب 'الربي'. و يسمى مكان العبادة ب'مشكنة'. وفقا لمصادر مندائية كلحران جاوايتا (عبارة عن نص يصف تاريخ المندائين ونشاتهم) سكنوا الناصورائيون بالمناطق التي حول القدس ونهر الاردن في القرون الأولى. هنالك دليل اثري شهد لوجود المندائيون في العراق ما قبل الإسلام. بعض العلماء من ضمنهم 'كورت رودلف'، يربط المندائيون الأوليين بالطوائف اليهودية للناصريون. يعتبر المندائيون من أهل البلد الاصليون في العراق.
تبين ان 'ماني' الذي وجد 'المانوية' كان متاثر إلى حد ما بالمندائيون.
اللغة
المقالة الرئيسية: اللغة المندائية
يستخدم الصابئة المندائيون اللغة المندائية/ المندعية في طقوسهم الدينية، وهي لهجة من لهجات اللغة الآرامية الشرقية، بل هي الفرع النقي من اللغة الآرامية الشرقية التي تضم فضلا عن المندائية كل من البابلية والسريانية، وذلك لعدم تأثرها بمفردات اللغة العبرية كما في اللهجات اليهودية، ولا بالاغريقية كما في اللهجات المسيحية، وهي لغة العراقيين الأوائل بعد اللغة السومرية، شاعت وسط العراق وجنوبه، وسكّت بها نقود مملكة ميسان. والمندائية كبقية اللغات الآرامية تكتب من اليمين إلى اليسار، وتتصل حروفها مع بعضها في الكتابة، أي بما قبلها وما بعدها، وهناك حروف تنقطع، أي لا تتصل بما بعدها، لكنها تبقى متصلة بما قبلها. وتتكون اللغة المندائية من أربعة وعشرين حرفًا أبجديًا، تبدأ بحرف الألف وتنتهي بـه، وهي غير منقطة، وتفتقر إلى الحركات على الحروف، والتي يستعاض عنها بأحد الحروف الصوتية المتحركة، أي حروف العلة وهي الألف والواو والياء، التي تسمى وحسب الترتيب الحلقة والشقة والعكسة.يستخدمون خطًا خاصًا بهم مشتقًا من الخط الاسطرنجيلي، أما لغة الحديث فهي العربية بالعراق والفارسية في إيران.
ديموغرافيا
سكن الصبائة المندائيون قرب الأنهار في جنوب العراق، ومناطق الأهواز في خوزستان بإيران، إذ كانت هذه المناطق امتدادًا جغرافيًا واحدًا، ومن أشهر المدن التي سكنوها منذ القرن الأول الهجري حتى الآن، هي البصرة، ومدينة الطيب في ميسان، والعمارة، والكحلاء، والمجر الكبير، والمشرح، والناصرية، وسوق الشيوخ، فضلًا عن مدينة مندلي وواسط، وفي محافظة خوزستان الإيرانية سكنوا مناطق عبادان والمحمرة وشوشتر ودزفول. ومن هذه المدن انتقل قسم منهم إلى العاصمة بغداد، إذ بدأت الهجرة اليها في أوائل القرن العشرين، لتصبح أكبر المدن التي تمركز فيها الصابئة، وانتقل قسم منهم إلى الديوانية والأنبار وكركوك. بعد حرب 2003 ، وانعدام الأمن واستهداف الأقليات، اضطر عدد من المندائيين للنزوح إلى شمال العراق، والاستقرار في السليمانية وأربيل.كان تعداد الصابئة في عام 1919 يُقدَّر بـ8500 شخص في عموم العراق، فيما يقدر عددهم في 2017 بـ15 ألف شخص يوجدون في بغداد، والكوت، والديوانية، وديالى، والناصرية، والعمارة، والبصرة.