السيد محسن الحكيم

من ويكي علوي
(بالتحويل من محسن الحكيم)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

السيد محسن الطباطبائي الحكيم (1306 - 1390 هـ) من كبار فقهاء ومجاهدي العراق ومن أبرز مراجع التقليد في الحوزة العلمية في النجف الأشرف في القرن الرابع عشر الهجري. كان له الدور البارز في نشر المكتبات العلمية في مدن العراق وسائر البلاد الاسلامية.

للسيد محسن في دورا مؤثرا إصلاح النظام الحوزوي، ويعتبر كتاب مستمسك العروة الوثقى أهم تأليفاته الفقهية، كما له مجموعة من النشاطات الثقافية والاجتماعية كبناء المساجد والحسينيات، ودعم شيعة.

ولادته ونسبه

ولد السيد الحكيم يوم عيد الفطر من سنة 1306 هـ. في وسط أسرة معروفة، أبوه العالم الديني السيد مهدي بن صالح الطباطبائي النجفي المشهور بالسيد مهدي الحكيم.[١] توفي والده وهو في سن السادسة من العمر فتكفله أخوه الأكبر السيد محمود.[٢]

اولاده

كان للسيد الحكيم عشرة ابناء واربع بنات. ابنائه هم: يوسف، محمد رضا، محمد مهدي، كاظم، محمد باقر، عبد الهادي، عبد الصاحب، علاء الدين، عبد العزيز، ومحمد حسين.

دراسته واساتذته

تعلم القراءة والكتابة وهو في السابعة من عمره، وفي سن التاسعة دخل السلك الحوزوي لينهل من نمير العلوم والمعارف الدينية، فدرس المقدمات كعلوم اللغة العربية والمنطق وبعض كتب اصول الفقه كالقوانين والمعالم فضلاً عن بعض الكتب الفقهية كـشرائع الاسلام واللمعة الدمشقية، حيث تلمذ فيها على يد أخيه السيد محمود، ودرس المراحل اللاحقة على يد كبار العلماء منهم الشيخ صادق الجواهري وصادق البهبهاني.

وبعد أن طوى المراحل التي تؤهل الطالب لحضور أبحاث الخارج شرع سنة 1327 هـ بحضور ابحاث كبار المراجع والفقهاء منهم: الآخوند محمد كاظم الخراساني، وضياء الدين العراقي والشيخ علي الجواهري والميرزا حسين النائيني والسيد أبو تراب الخوانساري، فنهل من نمير علمهم في الفقه وأصول الفقه وعلم الرجال حتى نال درجة الاجتهاد التي تمثل أرفع درجة علمية ينالها طلاب العلوم الدينية.

كذلك أخذ الاخلاق عن كل من السيد محمد سعيد الحبوبي وباقر القاموسي والسيد علي القاضي والشيخ علي القمي.[٣]

الاشتراك في الجهاد

عندما اندلعت الحرب العالمية الأولى والتي خلفت حرقة شديدة في قلوب الناس، ورغم الجفاء والحيف الذي لحق بالشيعة جراء السياسة العثمانية الا أن ذلك لم يمنع من تساميهم على الخلافات الداخلية والعضّ على الجراج لمواجهة العدو الذي اجتاج العالم الاسلامي حيث اصدر مراجع التقليد في العراق حكما بوجوب الجهاد أمام المد البريطاني،[٤] ولم يكتفوا بذلك بل شاركوا مباشرة بتلك المعارك.

وكان للسيد الحكيم دور بارز في هذه المعارك حيث تصدى وبأمر من السيد محمد سعيد الحبوبي لقيادة الجانب الأيمن في معركة الشعيبة، وتحت هذا العنوان كانت المساعدات الشعبية وتلك التي تأتي من قبل الدولة العثمانية لامداد الجيوش تجتمع عنده ليقوم بتوزيعها على المجاهدين. إلا أن معركة الشعيبة انتهت بتقهقر المجاهدين في الشعيبة وسقوط مدينة الناصرية.[٥]

درسه وتلامذته

بعد أن عاد السيد الحكيم من الجهاد شرع وبالتحديد سنة 1333 هـ بإلقاء الدروس لمرحلة السطوح، وفي سنة 1337 هـ شرع بالقاء محاضراته في البحث الخارج لمادتي الفقه والأصول والتي استمرت ما يقارب من نصف قرن تخرج خلالها الكثير من العلماء والمحققين، منهم:[٦]

مرجعيته

بعد رحيل آية الله الشيخ محمد حسين النائيني (1355هـ ق) رجع بعض مقلدية الى السيد محسن الحكيم، وتعززت مرجعيته بعد رحيل السيد أبو الحسن الاصفهاني (1365هـ ق) وبعد رحيل السيد حسين البروجردي (1380هـ ق) أصبح السيد الحكيم المرجع الاعلى للشيعة في العالم.[٧]

آثاره العلمية

صنّف السيد الحكيم أكثر من أربعين كتابا توزعت بين التأليف والشرح لمصنفات غيره من الأعلام،[٨] منها:

نشاطاته الثقافية والإجتماعية

قام السيد الحكيم بمجموعة من النشاطات الثقافية والاجتماعية.[٩] ومنها:

  • دعم واسناد بعض الاصدارات الدينية ماليا ومعنويات، كمجلة الاضواء ورسالة الاسلام والنجف والإيمان والثقافة الاسلامية، بالاضافة الى دعم سلسلة الكتب والكراسات التي كانت تصدر تحت عنوان «من هُدَى النجف»؛
  • دعم ورعاية الكثير من الجهات الثقافية، منها: الكتّاب والمؤلفون، الخطباء، الشعراء والادباء الذين لهم دور كبير في نشر الثقافة الاسلامية وتعزيزها والتصدي للاتجاهات والنظريات المنحرفة كالشيوعية وغيرها.
  • قام السيد الحكيم بإرسال بعثة الى الهند تنوب عنه لمعالجة مشكلة ظهرت في أوساط العلماء هناك؛

دوره في اصلاح النظام الحوزوي

قام السيد الحكيم بمجموعة من الاعمال والنشاطات لإصلاح النظام الحوزوي[١٠]، منها:

  • بذل جهوداً كبيرة لتعزيز الوجود الحوزوي من خلال جذب الطلاب للالتحاق بالدرس الحوزوي، حتى بلغ عدد الطلاب الحوزويين في زمانه ثمانية آلاف طالب بعد أن كان العدد لا يتجاوز أكثر من 1200 طالب.
  • رسم برنامج ثقافي يمكّن الطلاب من التعرّف على الافكار الإحادية كالشيوعية وتحذير كبار العلماء من الخطر المحدق بالعالم الاسلامي؛
  • تسهيل مقدمات الاقامة ومستلزمات الدراسة للطلاب الاجانب كتخصيص مدرسة للطلاب الهنود وأخرى للافغان وثالثه لطلاب التبت.

التصدي للمد الشيوعي

بعد سقوط الحكم الملكي في العراقي وتصدّي عبد الكريم قاسم للحكم سنة 1958م سنحت الفرصة للشيوعية في التمدد وتشريع بعض القوانين المخالفة للشريعة، فتصدى السيد الحكيم لتلك المخالفات وحث الخطباء والعلماء على تحذير الناس من تلك المخالفات، واصدر عام 1960 م فتواه بتحريم الانتماء الى الحزب الشيوعي وحكم بكفر والحاد الشيوعية أو ترويج الالحاد. وقد تبعه الكثير من علماء النجف في دعم الفتوى فاصدروا فتاوى مماثلة مما اضطر عبد الكريم قاسم الى الاعتذار.[١١]

نشاطه على الساحة السياسية

السياسة الداخلية

يمكن الاشارة الى بعض النشاطات التي قام بها السيد الحكيم في هذا المجال:

  • تأسيس وإسناد جماعة العلماء في النجف الاشرف.
  • السفر الى بغداد مبديا اعتراضه على حكومة البعث بقيادة عبد السلام محمد عارف في حبس وتعذيب المعارضين.
  • أبدى اعتراضه الشديد على سياسية التمييز الطائفي والعرقي.
  • الاعتراض على قانون تأميم بعض الشركات التجارية والتي أدّت الى اضعاف الجانب المالي للشيعة.
  • التصدي بقوة لقرار حكومة عبد السلام عارف محاربة الاكراد في شمال العراق والحكم بحرمة الاشتراك في تلك الحرب والحد من وقوع مجزرة بشرية هناك.[١٢]

السياسة الخارجية

وللسيد الحكيم في هذا الجانب دور كبير من قبيل التفاعل مع القضية الفلسطينة حيث دعا المسلمين كافة للتعبئة والتصدي للغزو الصهيوني عام 1967 م، كذلك رفض اعتراف الحكومة الايرانية آنذاك بدويلة إسرائيل، كما كان له موقف واضح عند حرق المسجد الاقصى من قبل الاسرائيليين سنة 1969م حيث اصدر بيانا حمل فيه المسؤولية على الصهاينة.[١٣]

كذلك كانت للسيد الحكيم مواقف معارضة للكثير من الخطوات التي صدرت عن حكومة محمد رضا بهلوي، منها:[١٤]

  • الاعتراض على قانون اتحاد الولايات والأقاليم الذي دعا إليه شاه إيران
  • أبدى تأثره وانزاعجه الشديد لجريمة النظام بحق طلاب المدرسة الفيضية، وقد اقترح آنذاك أن يذهب جماعة من العلماء الى العتبات المقدسة للالتقاء بالسيد الحكيم ليعلن عن موقفه بصراحة، الا أن المقترح قوبل برفض من العلماء كالإمام الخميني حيث رأوا ضرورة بقاء العلماء في قم وعدم الخروج منها في ذلك الوقت.
  • أبدى شجبه لمجزرة 15 خرداد (5/6/1963م) معلنا عن عدم كفاءة الحكم في إيران لإدارة شؤون البلاد.

وكذلك عندما حكم نظام جمال عبد الناصر علي السيد القطب (من قادة الحركة الاسلامية في مصر) بالاعدام، ارسل آية الله الحكيم برقية الي جمال عبدالناصر طلب فيها الغاء الحكم بالاعدام.

وفاته

بعد الانقلاب البعثي وتصدّي أحمد حسن البكر وحزب البعث العلماني للسطلة قام نظام البعث بتضييق الخناق على السيد الحكيم للخضوع لهم ففرضوا عليه – في السنين الاخيرة من عمره- الاقامة الجبرية والتضييق على طلاب العلوم الدينية خاصة والشيعة في العراق عامة.[١٥]

في السابع والعشرين من ربيع الأول سنة 1390 هـ. رحل السيد محسن الطبأطبائي الحكيم في أحد مستشفيات بغداد عن عمر ناهز الرابعة والثمانين، فشيّع جثمانه الى كربلاء ومنها الى النجف الأشرف تشييعاً مهيباً ودفن – بوصية منه- في مكتبته العامة التي عرفت باسمه.[١٦]

المصادر والمراجع

  • باقري ‌بيدهندي، ناصر، نجوم [الـ] أمة: آية ‌اللّه العظمى الحاج السيد محسن الحكيم، نورعلم، الدورة 2، العدد 2، [شهر]دي 1366هـ ش.
  • بامداد، مهدي، شرح‌ حال رجال ايران در[ترجمة لحياة رجال إيران في الـ] قرن 12 و 13 و 14 هجري، طهران، 1357هـ ش.
  • البَهادلي، علي احمد، الحوزة العلمية في‌ النجف: معالمها و حركتها الاصلاحية، بيروت، 1413هـ.
  • البياتي، حامد، المرجعية الدينية و دورها القيادي، لندن، 2000م.
  • تبرّائيان، صفاءالدين، احياگر حوزه نجف[محيي حوزة النجفي]، تهران، 1387ش.
  • تبرائيان، صفاء الدين، مرجع [الـ]عصر آية الله [الـ]حكيم به روايت تصوير، طهران، مركز اسناد انقلاب اسلامي، 1389هـ ش.
  • الحسيني ‌الأشكوري، احمد، الامام الحكيم السيد محسن الطباطبائي، النجف، 1384هـ.
  • الحسيني ‌الأشكوري، احمد، الامام الحكيم السيد محسن الطباطبائي، ترجمه مصباح نجفي.
  • الحكيم، محمد باقر، مرجعية الامام الحكيم قدّس سرّه: نظرة تحليلية شاملة.
  • دوّاني، علي، نهضت روحانيون ايران[حركة علماء الدين في إيران]، طهران، 1360هـ ش.
  • عدنان ابراهيم السراج، الامام محسن ‌الحكيم، بيروت، 1414هـ.
  • العلوي، حسن، الشيعة والدولة القومية في العراق.
  • فياض ‌الحسيني، هاشم، الامام المجاهد السيد محسن الحكيم، لندن، 1999م.
  • محمد حسين علي الصغير،أساطين المرجعية العُليا في النجف الاشرف، بيروت، 1424هـ.
  1. الحسيني ‌الإشكوري، الامام الحكيم، ج 1، ص 17 ـ 21.
  2. باقري ‌بيدهندي، ج 1، ص 63.
  3. عدنان إبراهيم السراج، ج 1، ص 27 ـ 28.
  4. علوي، ص 67 ـ 73.
  5. الحسيني ‌الإشكوري ، ترجمه، ص ۹ ـ ۹1.
  6. فياض‌ حسيني، ج 1، ص 21 ـ 2۹ ؛ تبرائيان، مرجع [ال]عصر،،ص 182.
  7. بامداد، ج 5، ص 1۹۰.
  8. باقري ‌بيدهندي، ج 1، ص 65 ـ 68.
  9. الحكيم، ج 1، ص 34ـ35 ؛ فياض‌ حسيني، ج 1، ص 37 ـ 3۹.
  10. البَهادلي، ج 1، ص 342.
  11. فياض‌ حسيني، ج 1، ص 67 ـ 6۹ ؛ عدنان إبراهيم السراج، ج 1، ص 217.
  12. عدنان إبراهيم السراج، ج 1، ص 116 ـ 118 ؛ البياتي، ج 1، ص 551.
  13. فياض‌ حسيني، ج 1، ص 86 ـ ۹4.
  14. باقري ‌بيدهندي، ج 1، ص 72 ؛ دواني، ج 3، ص 44 ـ 46.
  15. تبرّائيان، احياگر حوزه[محيي الحوزة]، ج 1، ص 281 ـ 562.
  16. محمد حسين علي الصغير، ج 1، ص 162 ـ 165.