فرق الشيعة
فرق الشيعة، هي الفرق التي تعتقد بإمامة علي بن أبي طالب بعد النبيصلی الله عليه وآله وسلم مباشرة، لكنها تختلف مع بعض في فروع أخرى كعدد الأئمة أو الإعتقاد بـالمهدوية وكذلك في تشخيص مصداق الإمام اللاحق أو تشخيص مصداق المهدي الموعود.
أهم هذه الفرق الإمامية والزيدية والإسماعيلية، وتليهم الواقفة والشيخية، ولقد عدّ بعض المصادر الغلاة من فرق الشعية؛ رغم أن علماء الشيعة يعتبرون الغلاة خارجاً عن التشيع بل وعن الإسلام.
أسباب وعوامل نشوء الفرق
هناك مجموعة من العوامل التي ساعدت على نشوء الفرق على مرّ التاريخ كالعامل الإقتصادي والسياسي وغير ذلك من العوامل، إلا أن العامل الأساسي في تشعّب الفرق في الوسط الشيعي يرجع إلى سلسلة الأئمة وكيفية انتقال الإمامة من السابق إلى اللاحق، هذا إضافة إلى كيفية تعيين الإمام.[١]
إنّ ما ينبغي ملاحظته في ظاهرة تشعّب الفرق الشيعية هو مايلي:
- عامل الاختلاف في تشخيص مصداق الإمام اللاحق كالقول بإمامة محمد بن الحنفية بعد الإمام الحسين (ع)، أو الاعتقاد بإمامة محمد بن إسماعيل بعد رحيل الإمام الصادق (ع).
- الاعتقاد بـالمهدوية والاختلاف في تعيين مصداق المهدي الموعود كـالواقفية الذين وقفوا على إمامة الإمام الكاظم (ع) معتقدين بأنّه الإمام المهدي الموعود.[٢]
أهم الفرق الشيعية
الإمامية
الإمامية مصطلح يراد منه فرقة من المسلمين تعتقد بـالنص على إمامة إثني عشر إماماً بعد رسول الله (ص). وتسمّى تارة بـالشيعة الاثني عشرية وأخرى بـ الجعفرية. ويرى البعض أن المراد من الإمامية الفرق التي تؤمن بوجود إمام منصوب من قبل الله. ووفقا لهذا التعريف تندرج جميع الفرق الشيعية تحت عنوان الإمامية. الا أنّ مصطلح الإمامية الذي يميزها عن سائر الفرق الشيعية هو اعتقادهم بوجود اثني عشر إماماً منصوص عليه من قبل الباري تعالى بعد رسول الله (ص) والذين أسمائهم كالتالي:
- علي بن أبي طالب المرتضى(ع)
- الحسن بن علي المجتبى (ع)
- الإمام الحسين الشهيد(ع)
- علي بن الحسين السجاد (ع)
- محمد بن علي الباقر (ع)
- جعفر بن محمد الصادق (ع)
- موسى بن جعفر الكاظم(ع)
- علي بن موسى الرضا(ع)
- محمد بن علي الجواد(ع)
- علي بن محمد الهادي(ع)
- الحسن بن علي العسكري(ع)
- الحجة بن الحسن المهدي (عج)
بعض أراء الإمامية
تؤمن الإمامية بـالاصول الخمسة[٣] المتمثلة بالتوحيد والنبوة والمعاد والإمامة والعدل.
وقد اتخذت الإمامية موقفا وسطا بعد رفض الجبر والتفويض حيث اختارت القول بالأمر بين الأمرين؛ وفي مسألة الحسن والقبح اختارت القول بالحسن والقبح العقلي، وذهبت خلافا للزيدية من فرق الشيعة إلى القول بالنص الجليّ على الائمة والتصريح بأسمائهم، رافضة القول بجواز فعلية إمامين في آن واحد، ومانعة من تقديم المفضول على الفاضل.
تؤمن الإمامية بأن عدد الأئمة اثنا عشر إماما قد نُصَّ عليهم، آخرهم اسمه اسم رسول الله (ص) ويكنّى بكنيته (ص) وأنه الآن في مرحلة الغيبة الكبرى. وتؤمن الإمامية بأنّ من الطرق التي يتلقّى فيها الإمام العلم والمعارف طريق الإلهام كما يتلقى الرسول (ص) ذلك عن طريق الوحي(في الوحي يرى الموحى اليه شكل جبرائيل ويسمع صوته، لكن الرؤية لاتتحقق في الإلهام.)؛ كذلك تؤمن الإمامة بالبداء – بتفسير لا يضر بالعلم الالهي- كالزيدية وبعض الإسماعيلية. ومن عقائدهم القول بعصمة الأئمة، والرجعة والزواج المؤقت والتقية.[٤]
الزيدية
وهم من الفرق الشيعية التي آمنت بإمامة زيد بن علي بن الحسين بعد استشهاد والده الإمام السجاد (ع).[٥] وقد تشعّبت هذه الفرقة في بدايات القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي من هيكل التشيع، ووقفت في وجه سائر الشيعة.[٦] وكان زيد بن علي قد دعا الناس إلى الكتاب والسنة ومجاهدة الظالمين والدفاع عن المظلومين والمحرومين وكان يدعو إلى العدالة في تقسيم غنائم الحرب، ويؤكد على رد المظالم.[٧]
ولم يكن زيد يعتقد الإمامة في نفسه، ولم يكن صاحب مذهب فقهي. إنما كان ثائراً بوجه الظلم والطغيان الذي كان سائداً في ذلك الزمان. ولكن بعض أصحابه نسبوا إليه بعض العقائد ثم بمرور الزمان تكوّنت العقائد والفقه الزيدي ونسب كل هذا إلى زيد الشهيد.
تمكّنت الزيدية من تأسيس حكومة الأئمة في مدينة صعدة اليمنية ما بين ( 280 ق الى عام 700 ق تقريبا) وكذلك تمكنوا من تأسيس الدولة العلوية في طبرستان ما بين (250 الى316 ق) وقد انتشر المذهب الزيدي في اوساط الشعب اليمني واستمر حكم الأئمة في صنعاء حتى تأسيس الجمهورية.[٨] ويشكّل الزيدية اليوم ما يقارب من خمسة وأربعين بالمائة من سكّان اليمن.
بعض أفكار الزيدية
من أقدم مصادر الزيدية في الفقه كتاب مجموع الحديث وكتاب مجموع الفقه اللذين يشكلان مجتمعَين كتاب المجموع الكبير.[٩] وهم لا يؤذّنون بـحيّ على خير العمل ويُفتون بجواز المسح على الخفين وتحريم الزواج المؤقت وحلية ذبائح أهل الكتاب. ويقولون بوجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. إنّ الزيدية تعتمد في استنباط الأحكام منهج أبي حنيفة في القياس. وترى أنّ أساس الآراء الشرعية قائم على إجماع علماء الأمّة.[١٠]
وتذهب الزيدية إلى ما ذهبت إليه المعتزلة في مسألة الحسن والقبح. ويستدّل الشهرستاني على ذلك بتتلمذ زيد بن علي على يد واصل بن عطاء المعتزلي رأس المعتزلة. والزيدية ترفض البداء والرجعة وتفتي بحرمة التقية.[١١] ومن عقائدهم ثبوت الإمامة في ولد فاطمة بلا فرق بين أبناء الحسن والحسين (ع) شريطة أن يتصف الإمام بالعلم والزهد والشجاعة والسخاء وأن يدعو لإمامته ويخرج بالسيف. ويجوّزون خروج إمامين في آن واحد وتجب طاعتهما معا شريطة أن لا يجتمعا في مكان واحد. ومن الأمور التي اعتقد بها زيد جواز تقدم المفضول على الفاضل في الإمامة. وكان هذا الاعتقاد هو السائد في الوسط الزيدي إلى عصر الناصر الاطروش حيث عدلت الزيدية عن هذا المعتقد بعد ذلك.
فرق الزيدية
وقد ذكر الشهرستاني في كتاب الملل والنحل[١٢] أن الزيدية على أصناف ثلاثة:
- الجارودية: أصحاب أبي الجارود، اعتقدوا بأن النبي (ص) نصّ على علي (ع) بالوصف دون التسمية وهو الإمام بعده.
- السليمانية: أصحاب سليمان بن جرير، وكان يقول: إنّ الإمامة شورى فيما بين الخلق ويصح أن تنعقد بعقد رجلين من خيار المسلمين وإنّها تصح في المفضول مع وجود الأفضل.
- الصالحية والبترية: الصالحية: أصحاب الحسن بن صالح بن حي، والبترية: أصحاب كثير النوى الأبتر، وهما متفقان في المذهب وقولهم في الإمامة كقول السليمانية إلا أنّهم توقفوا في أمر عثمان أهو مؤمن أم كافر؟.
وذكر النوبختي في كتاب فرق الشيعة[١٣]سبع عشرة فرقة من فرق الزيدية، هي: البترية، الأبرقية، الإدريسية، الجارودية أو السرحوبية، الجريرية أو السليمانية، الحسنية، الحسينية وهؤلاء بدورهم ينقسمون الى فرقتين، الخشبية أو السرخابية، الخلفية، الدوكينية، الذكيرية، الصباحية وهؤلاء كالحسينية انشعبوا الى فرقتين، العجلية، القاسمية، المرثية، النعيمية واليعقوبية.
الا أنّ الأشعري في كتاب مقالات الاسلاميين[١٤] ذكر منها ست فرق فقط.
الإسماعيلية
الإسماعيلية إحدى الفرق التي تشعّبت من جسد التشيع بعد الإمام جعفر الصادق (ع) معتقدين بإمامة ولده الأكبر إسماعيل أو حفيده محمد بن إسماعيل؛ وقد يُسمّون أحيانا في بعض البلدان بـالباطنية، وذلك بحسب اعتبار اعتمادهم على المعاني الباطنية للنصوص الدينية [١٥] أو التعليمية وذلك بحسب اعتقاد الإسماعيلية بأن الامور الدينية لايمكن أن تعلّم الا من قبل الإمام المعصوم ودعاته.[١٦]، أو السبعية وذلك باعتبار أنهم كانوا من الذين اعتقدوا بسبعة أئمة من أئمة الشيعة [١٧] أو الحشيشية أو الملاحدة أو القرامطة باعتبار اتباع بعضهم لحمدان القرمطي [١٨][١٩] ومن أشهر فرق الإسماعيلية الباطنية والتعليمية.[٢٠]
وتشير مصادر الإسماعيلية الى دور أبي الخطاب محمد بن أبي زينب أو مقلاص بن أبي الخطاب في تدعيم وتعزيز إمامة إسماعيل[٢١] وقد ذكرت عقائده مفصلة في «كتاب أم الكتاب» الذي يعد من الكتب السريّة للإسماعيلية.[٢٢]
وقد اعتقد البعض منهم أن الإمام الصادق(ع) قد جعل الإمامة في ولده إسماعيل، إلا أنهم واجهوا مشكلة كبيرة سببها وفاة إسماعيل إبّان حياة أبيه، فذهب البعض منهم – لايمانهم بأن كلام الإمام لا يتغير- الى إنكار وفاة إسماعيل وأنّه حي يرزق وسيخرج يوما ما بعنوان المصلح والمهدي الموعود؛ وهناك من ذهب الى القول – استنادا الى أنّ الإمامة لا تنتقل بين الاخوة بعد الحسن والحسين (ع)- بأنّ الإمامة انتقلت من إسماعيل الى ولده محمد؛ وهناك طائفة ثالثة منهم قالت بالبداء واعتقدت بإمامة موسى بن جعفر (ع).[٢٣]
ظهرت أولى الحركات المسلحة للإسماعيلية في اليمن عام 268هـ[٢٤] وقد تمكنت الإسماعيلية - وبعد فترة وجيزة من انفصالهم عن جسد التشيع- من تأسيس الدولة الفاطمية في مصر ، وبعد الانشقاق الداخلي في الجسد الإسماعيلي تمكنوا من تأسيس الدولة النزارية في «آلموت» في منطقة قزوين، واصبحوا بذلك قوة كبيرة تهدد كيان الدولة العباسية في الشرق والغرب. إلا أن الإسماعيلية لم تتمكن بعد سقوط الدولتين الفاطمية والنزارية من تأسيس حكومة أخرى ولم تتمكن من استعادة نفوذهم مرة أخرى فهاجروا الى أقاصي البلدان الاسلامية كـاليمن وشبه القارة الهندية، وهم يتوزعون في العصر الراهن على ما يقارب 25 دولة في العالم أغلبهم في الهند والباكستان وأفغانستان وطجكستان في آسيا المركزية وفي بامير الصينية.[٢٥]
تتوزع الإسماعيلية اليوم على طائفتين الآقاخانية والبهرة الذين هم ورثة الفرقتين النزارية والمستعلية. ويقرب أتباع الطائفة الأولى من المليون انسان موزعين على إيران وآسيا الوسطى وأفريقيا والهند ويرأسهم كريم آقا خان. وأما الطائفة الثانية والذين يقرب عددهم من 50 الف انسان فيتوزعون على جزيرة العرب وسواحل الخليج الفارسي وسورية.[٢٦] ويسكن الإسماعيلية في سورية في كل من قلعة مصياف وقلعة القدموس وسلمية، وفي إيران في منطقة كهك ومحلات التابعتين لمدينة قم، وفي مدينة بيرجند وقائن من توابع خراسان؛ وفي أفغانستان يقطنون كلا من مدينة بلخ وبدخشان؛ وفي آسيا المركزية يقطنون خوقند وقره تكين. ويطلق عليهم في أفغانستان اسم المفتدى، ويسكن عدد قليل جدا منهم في كافرستان(نورستان) وجلال آباد وفي حوزة جيحون الأعلى وساري جل خوان وياسين. والنصيب الاوفر من الإسماعيلية يسكن في الهند والباكستان ويقطنون في مناطق تعرف بـ باجمير ومروارة وراجبوتاه وكشمير وبومباي وبرودة وكروج. علما أن جميع الإسماعيلية في الهند ليسوا من اتباع الآقاخان، بل يوجد في اوساطهم من فرقة البهرة والذين يقطنون في الغالب في مدينة كجرات وفي عمان ومسقط وزنجبار وتنزانيا.[٢٧]
فرق الإسماعيلية
لقد تشعّب المذهب الإسماعيلي عبر المراحل التاريخية المختلفة إلى فرقٍ وجماعات كثيرة ، منها على المستوى العقائدي :
- الواقفة الإسماعيلية :وهم الذين وقفوا عند إمامة " اسماعيل بن جعفر الصادق " ، وقالوا بغيبته ، وادعوا أنّه هو القائم المنتظر الذي غاب وسيظهر في آخر الزمان لينشر العد والقسط بعد أن كانت الأرض مملوءة بالظلم والجور ن وهذه الفرقة اندثرت ولم يبقى لاتباعها وجود [٢٨].
- الدروز :الدروز هي من الفرق التي خرجت عن الخط الإسماعيلي العام ، بعد إمامة " المنصور بن نزار بن معد ، الملقب بــ الحاكم بأمر الله " ، فقد توقفوا عند إمامته وقالوا بغيبته كذالك ، وقد سمّيوا بالدروز نسبة إلى مؤسس هذه الفرقة " حمزة بن علي بن أحمد الحاكمي الدرزي " الذي استقدمه " الحاكم بأمر الله " في حياته وأرسله إلى بلاد الشام للقيام على الدعوة فيها ، إلاّ أنّ " حمزة " وبعد وفاة الحاكم بأمر الله ، رفض بيعت من بعده وقال أنّه غاب وسيعود . ومن هنا خرجت هذه الفرقة عن الخط الإسماعيلي العام ، ومع مرور الوقت بدأت تبتعد هذه الفرقة عن العقائد الإسماعيلية إلى أن قيل فيها الكثير ، فهناك من نسب إليهم الشرك بالله لقولهم بألوهية " الحاكم بأمر الله " وكفرهم بسبب بعض العقائد التي يحملونها ، وهناك من نسب إليهم بعض المعتقدات الفاسدة وعدّهم موحدين بالله [٢٩].
- المستعلية :هم الجماعة التي قالت بإمامة " أحمد بن معد بن علي الملقب بــ المستعلي بالله " بعد أبيه " المعد بن علي بن منصور ، الملقب بــ المستنصر بالله " ، فبعد وفاة " المستنصر بالله " انقسم المذهب الإسماعيلي إلى فرقتين ، الأولى قالت بإمامة " المستعلي بالله " ، والثانية قالت بإمامة " نزار بن معد بن علي ، الملقّب بـــ المصطفى لدين الله " ، فسمّيت الأولى بـــ " المستعلية " ، بينما أطلق على الثانية " المزارية " ، والمستعلية بدورها انقسمت لفرقتين : الحافظية و الطيبية [٣٠].
- المستعلية الحافظية :وهم الذين وقفت عندهم الإمام عند آخر خليفة في الدولة الفاطمية " المنصور بن أحمد بن معد ، الملقّب بـــ الآمر بأحكام الله " ، وبدلوا نظامهم من القول بالإمامة إلى القول بالداعي المطلق الذي ينوب الإمام ، وهذه الفرقة انقرضت بانقراض الدولة الفاطمية .
- المستعلية الطيبية (البهرة) : أمّا هذه الفرقة فهم القسم الثاني من " المستعلية " ، وهم الذين ذهبوا لإمامة " الطيب بن منصور بن أحمد ، الملقّب بــ شفيع يوم المعاد " ، بعد أبيه " الآمر بأحكام الله " ، ومن بعد الطيب ، قالوا بدخول الإمامة إلى مرحلة الستر والغيبة ، وقالوا أيضًا بالدعي المطلق الذي ينوب الإمام بعد ستره ، وبعد مرور عدّة قرون انقسمت هذه الفرقة إلى ثلاثة فرقة كما هي اليوم[٣١] .
- الطيبية الداودية : وهم القائلين بأن الداعي المطلق بعد " داود بن عجب شاه " هو " داود بن قطب شاه" ، ومن اسمه سمّيت هذه الفرقة ، ويتواجدون الآن في الهند [٣٢].
- الطيبية السليمانية : إلاّ أنّ الطيبية المتواجدون في اليمن قالوا بأنّ الداعي المطلق بعد " داود بن عجب شاه " هو " سليمان بن الحسن " ، ومن اسمه سمّيت هذه الفرقة[٣٣] .
- الطيبية العلوية : والطيبية الداودية في الهند ، وفي الفترات الأخيرة خرجت منهم فرقة جديدة قالت : بأنّ الداعية المطلق هو " ضياء الدين صاحب " بدل الداعية المعاصر له ، وسمّت نفسها بالطيبية العلوية .
- النزارية : بعد وفاة " المستنصر بالله " ، ذهبت جماعة من الإسماعيلية إلى القول بإمامة ابنه " نزار بن معد بن علي ، الملقّب بـــ المصطفى لدين الله " ، وهم المعرفون اليوم بالنزارية ، ومن اسمه اشتقّ اسم هذه الفرقة ، وبعد ذالك انقسمت هذه الفرقة أيضا ، إلى فرقتين هما : النزارية المؤمنة ، والنزارية القاسمية (الآغاخانية)[٣٤] .
- النزارية المؤمنة : النزارية المؤمنة : هي تلك الجماعة التي قالت بإمامة " مؤمن بن محمد بن محمود " خلفًا لأبيه الملقب بـــ " شمس الدين " ، ومن بعده ساقوا الإمامة في ذرّيته إلى أن بلغت لــ " محمد بن حيدر ، الملقب بـــ محمد الباقر " المتوفى سنة ١٢١٠ ه ، وإليه وقفت الإمامة عند النزارية المؤمنة[٣٥] .
- النزارية القاسمية (الآغاخانية) : أمّا النزارية القاسمية المسمّات " بالأغاخانية " ، فهي تلك الفرقة من النزارية ، التي قالت بأنّ الإمام بعد " محمد بن محمود ، الملقّب بــ شمس الدين " ، هو ابنه " القاسم شاه بن محمد بن محمود " ، وبقيت الإمامة جارية عندهم إلى يومنا هذا[٣٦] ، وإمامهم المعاصر هو المسمى بــــ " كريم خان " الذي تلقى تعليمه في الجامعات الأوربية ، والذي خلف جدّه " آغا خان الثالث " الذي توفى سنة 1957 م في سويسرا نتيجة تعرّضه لحادث سيارة التي كان يقودها بنفسه[٣٧] ، و " أغا خان الثالث " وبعد أن عهد الإمامة لابنه " علي خان " في حياته ، وقامت على أثر ذالك الاحتفالات ، تراجع في وصيته التي كانت مودعة في البنك البريطاني ( لويدز ) عن تسليم الإمامة لابنه ، وسلّمها لحفيده " كريم خان الرابع " الذي يتزعم الآن الطائفة الإسماعيلية النزارية القاسمية ( الأغاخانية ) [٣٨].
من عقائد الإسماعيلية
ترفض الإسماعيلية تعريفه سبحانه بأي تعريف وترفض اطلاق وصف الصورة والماهية بل والوجود كصفة عليه سبحانه.[٣٩] ويرون أن وجود الأشياء يتم عن طريق الإبداع خلافا لـاخوان الصفا الذين يرون أن وجودها بالفيض.[٤٠] ويؤمن الإسماعيلية بأن أولي العزم سبعة ولكل نبي وصيا. ويذهبون الى تأويل الآيات والأحاديث والأحكام الشرعية، ومن هنا تظهر حاجة البشر الى الإمام ليكشف لهم عن تلك التأويلات والمعاني الباطنية. وتصنف الإسماعيلية الأئمة الى صنفين (مستقر ومستودع) ويقصدون بالمستقر: هو الذي يملك صلاحية توريث الإمامة لولده، كما أنّه صاحب النص على الإمام الذي يأتي بعده، ويسمّونه أيضاً الإمام بجوهر والمتسلم شؤون الإمامة بعد الناطق مباشرة، والقائم بأعباء الإمامة أصالة.
واما الإمام المستودع: هو الذي يتسلّم شؤون الإمامة في الظروف والأدوار الاستثنائية، وهو الذي يقوم بمهماتها نيابة عن الإمام المستقر بنفس الصلاحيات المستقرة للإمام المستقر، ومن الواضح أنّه لا يستطيع أن يورث الإمامة لأحد من ولده، كما أنّهم يطلقون عليه (نائب غيبة)[٤١]
وتؤمن الإسماعيلية بروحانية المعاد لا جسمانيته. الا أنهم وفي معرض بيانهم ذلك للمبتدئين منهم يفسرون مفردات المعاد بنحو ينسجم مع المعنى المتعارف والسائد.[٤٢] ويرفضون نظرية التناسخ، ويفرقون بين الإيمان والإسلام. ويؤمنون بأن الإيمان قابل للزيادة والنقيصة. ويعتقدون بسبعة أركان للشريعة هي: الطهارة، الصلاة، الزكاة، الصوم، الحج، الجهاد والولاية، وأن أفضل تلك الاركان ركن الولاية.[٤٣]
الفرق البائدة
الكيسانية
الكيسانية هي أحد الفرق التي ليس لها وجود في الوقت الحاضر.أما وجودها في الزمن الماضي فمشكوك فيه إن لم نقل بعدم وجودها. ويقال أن هذه الفرقة يمثلها المختار الثقفي وأتباعه، وأنهم كانوا يعتقدون بإمامة محمد بن الحنفية بعد الإمام الحسين(ع)، وبعد ابن الحنفية ابنه أبوهاشم.
يقول السبحاني: أنّ المذهب الكيساني تحدقه إبهامات وغموض في مؤسسه وأتباعه وأهدافه تكاد تدفع الاِنسان إلى أنّه مذهب مختلق من جانب الأعداء، ملصق بشيعة أهل بيت النبي والغاية تشويش أذهان الشيعة أوّلاً وتحطيم سمعة المختار الثقفي ثانياً.[٤٤]
كما أنّ هناك باعث سياسي لترويج هذا المسلك :وهو أنّ العباسيين في بداية أمرهم كانوا يستمدّون شرعية خلافتهم من هذا الطريق إذ يدّعون أنّ أبا هاشم بن محمد بن الحنفية أوصى إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس.
قال أبو الحسن الأشعري: قالوا إنّ أبا هاشم مات بأرض السراة منصرفاً من الشام فأوصى هناك إلى محمد بن علي بن عبد اللّه بن عباس، وأوصى محمد بن علي، إلى ابنه إبراهيم بن محمد، ثم أوصى إبراهيم إلى أبي العباس السفاح ثم أفضت الخلافة إلى أبي جعفر المنصور.[٤٥] فالعباسيون لأجل إضفاء الشرعية على خلافتهم كانوا يدعمون هذا المذهب، ويصوّرونه أمراً واقعياً وصل إليهم من أئمة أهل البيت.
أضف إلى هذا فإنّ ثورة المختار الثقفي كانت ثقيلة على مناوئي أهل البيت عليهمالسلام؛ ولهذا أرادوا إسقاطه من أعين الناس فتحاملوا عليه من جانب العقيدة فرموه باختراع المذهب حتى رموه بادّعاء النبوة ونزول الوحي حتى صاغوا له جملاً مضاهية لجمل الكهنة ، ونسبوها إليه ولم يكن لهم غاية إلاّ القضاء على نهضته وثورته.[٤٦]
الفطحية
وهم الذين اعتقدوا بإمامة عبدالله بن الإمام الصادق (ع) الملقب بـالأفطح، وأغلب الذين اعتقدوا بإمامته انتقلوا الى الاعتقاد بإمامة الكاظم (ع)؛ لأنّ عبدالله الأفطح لم يستمر عمره بعد الإمام الصادق (ع) أكثر من 75 يوما. وكان عددهم قليلا، وهم من الفرق التي ليس لها وجود في هذا الزمان.
الواقفية
وهم الذين وقفوا على إمامة الإمام الكاظم(ع)، وادعو أنه لم يمت وأنه المهدي الموعود الذي يخرج في آخر الزمان فيملأ الأرض عدلا وقسطا. وهذه الفرقة ليس لها وجود في الوقت الحاضر، وحتى في ذلك الزمان اشتملت على مجموعة صغير فذهبت هذه الفرقة بذهابهم.
النصيرية
من الغلاة الذين اعتقدوا بإمامة محمد بن نصير النمري.
التوزيع الجغرافي للشيعة
يمثل الشيعة واستناداً الى الدراسة التي أجراها مركز pew عام 2009 م ما بين 10 الى 13 بالمئة من مجموع المسلمين في العالم حيث يصل عددهم الى 200 مليون انسان موزعين حسب الكثافة الشيعة بين ايران، الباكستان، الهند والعراق؛ وهناك عدد لابأس به منهم في كل من تركيا واليمن وآذربيجان وأفغانستان وسورية والسعودية ولبنان والبحرين والكويت ونيجرية وتانزانيا. ويوجد ما يقارب من ثلاثمائة ألف شيعي في شمال أمريكا في كندا والولايات المتحدة الامريكية يمثلون عشرة بالمئة من مسلمي أمريكا الشمالية.
الهوامش
المصادر والمراجع
- ابن بابويه، محمد بن علي، 1363، من لا يحضره الفقيه، مقدمة وتصحيح علي اكبر غفاري، انتشارات اسلامي (جامعه مدرسين) قم.
- ابو زهره، محمد، 1989، تاريخ المذاهب الاسلامية في السياسة والعقائد وتاريخ المذاهب الفقهية، دار الفكر العربي، القاهره.
- الأشعري، علي بن اسماعيل، مقالات الاسلاميين واختلاف المصلين، المصحح هلموت ريتر، دار النشر، بيروت.
- الأشعري، سعد بن عبد الله، المقالات والفرق، 1360، المصحح محمد جواد مشكور، انتشارات علمي و فرهنكي، طهران.
- الشيخ السبحاني ، بحوث في الملل والنحل ، الطبعة الأولى ( 1418 ه )مؤسسة الإمام الصادق (ع) ، قم - إيران .
- الشيخ السبحاني، المذاهب الاسلامية، نشر مؤسسة الإمام الصادق (ع) قم.
- بدوي، عبد الرحمن، 1374، تاريخ انديشه هاي كلامي در اسلام، ترجمة حسين صابري، بنياد بجوهشهاي آستان قدس رضوي، مشهد.
- جعفريان، رسول، 1387، اطلس الـ شيعة، سازمان جغرافيايي نيروهاي مسلح، تهران.
- دفتري، فرهاد، 1375، تاريخ وعقائد الـ اسماعيلية، ترجمه فريدون بدره اي، فرزان روز، تهران.
- الشهرستاني، محمد بن عبد الكريم، 1956م، كتاب الملل و النحل، تخريج محمد بن فتح الله بدران، مكتبه الانجلو المصريه، القاهره.
- صابري، حسين، 1384، تاريخ الـ فرق الـ اسلاميـ ة، سمت، طهران.
- الكليني، محمد بن يعقوب، الكافي، تصحيح محمد آخوندي و علي اكبر غفاري، دار الكتب الاسلامية، طهران.
- مادلونك، ويلفرد، 1377، فرقه هاي اسلامي، ترجمه ابو القاسم سري، اساطير، طهران.
- مجلسي، محمد باقر بن محمد تقي، بحار الانوار، تحقيق محمد باقر محمودي وعبد الزهراء العلوي، دار احياء التراث العربي. بيروت (لبنان).
- مشكور، محمد جواد، 1372، فرهنك فرق اسلامي، مع مقدمة كاظم مدير شانه چي، مشهد، آستان قدس رضوي.
- الملطي الشافعي، محمد بن احمد، التنبيه و الرد على اهل الاهواء والبدع، مكتبة المدبولي، القاهرة.
- النوبختي، حسن بن موسي، 1353، فرق الشيعه، ترجمه محمد جواد مشكور، بنياد فرهنك ايران، تهران.
- مكارم شيرازي، ناصر، 1382، كتاب الراجع:اح، تهيه و تنظيم محمد رضا حامدي، مسعود مكارم، انتشارات امام علي بن ابي طالب (ع)، قم.
- تاريخ الإسماعيلية ، عارف تامر الإسماعيلي ، الطبعة الأولى (1991 م ) ، مطبعة رياض الريس للكتب والنشر ، لندن - قبرص .
- ↑ صابري، تاريخ الـ فرق الـ اسلاميـ ة المجلد2، ص29.
- ↑ جعفريان، أطلس الـ شيعة، ص19.
- ↑ لصيانة الفكر من الأراء والتقارير التي تسيء الى العقيدة الإمامية ندعوا القارئ الى مطالعة ما كتبه علماء الشيعة الكبار من قبيل: الاعتقادات للشيخ الصدوق، الاعتقادات للشيخ الطوسي، الذخيرة للسيد المرتضى، تجريد الاعتقاد لـ الخواجة نصير الدين الطوسي و شرح التجريد للعلامة الحلي.
- ↑ راجع: مشكور، فرهنك فرق اسلامي، صص70- 69 و صابري، تاريخ فرق اسلامي المجلد2، صص229-213.
- ↑ النوبختي، فرق الشيعة، ص89.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي المجلد 2، ص63.
- ↑ راجع: مشكور، فرهنك [قاموس] الفرق الإسلامية، ص214.
- ↑ النوبختي، فرق الشيعة، ص90.
- ↑ راجع: مشكور، فرهنك [قاموس] الـ فرق الـ اسلاميـة، ص217.
- ↑ راجع: مشكور، فرهنك [قاموس] الـ فرق الـ اسلاميـة ، ص218 و صابري، تاريخ الـ فرق الـ اسلاميـة جلد2، صص89-80).
- ↑ راجع: مشكور، فرهنك [قاموس] الـفرق الإسلاميـة ، ص218.
- ↑ الشهرستاني، الملل والنحل، صص 142-140.
- ↑ النوبختي، فرق الشيعة ، صص 93-91.
- ↑ الأشعري، مقالات الاسلاميين، 69-66.
- ↑ (صابري، تاريخ الفرق الإسلاميـة المجلد2، ص103).
- ↑ (صابري، تاريخ الـ فرق الـ اسلاميـ ة، جلد2، ص103).
- ↑ (صابري، تاريخ الفرق الإسلامية، جلد2، ص103).
- ↑ (صابري، تاريخ الفرق الإسلامية، جلد2، ص103).
- ↑ الأشعري، المقالات والفرق، ص213.
- ↑ راجع: الشهرستاني، كتاب الملل و النحل، ص149.
- ↑ راجع: مشكور، فرهنك [قاموس] الـ فرق الـ اسلاميـ ة، ص47.
- ↑ راجع: فرهنك [قاموس] الفرق الإسلامية، ص48.
- ↑ راجع: الأشعري، المقالات والفرق، ص14-213.
- ↑ مشكور، فرهنك فرق اسلامي، ص50.
- ↑ دفتري، تاريخ و عقائد الإسماعيلية، ص3.
- ↑ مشكور، فرهنك فرق اسلامي، ص53.
- ↑ مشكور، فرهنك فرق اسلامي ، ص51.
- ↑ الإرشاد ، للمفيد : ج 2 ص 210 ، باب ذكر أولاد الإمام الصادق
- ↑ من يريد الإطلاع أكثر فليراجع : الملل والنحل للسبحاني ، ج 8 ص 343 - 361 ، الباب السادس
- ↑ المذاهب الإسلامية : ص 258- 260
- ↑ تاريخ الإسماعيلية : ج 4 ص 69
- ↑ تاريخ الإسماعيلية : ج 4 ص 69
- ↑ تاريخ الإسماعيلية : ج 4 ص 69
- ↑ المذاهب الإسلامية : ص 261
- ↑ المذاهب الإسلامية : ص 262
- ↑ المذاهب الإسلامية : ص 262
- ↑ الملل والنحل ، للسبحاني : ج 8 ص 181-182
- ↑ الملل والنحل ، للسبحاني : ج 8 ص 181-182
- ↑ صابري، تاريخ الفرق الإسلامية المجلد2، ص147.
- ↑ راجع: عبدالرحمان بدوي، تاريخ الفكر الكلامي في الإسلام، ص4-322.
- ↑ الشيخ السبحاني، المذاهب الاسلامية ص 280 نقلا عن عارف تامر. المذاهب الاسلامية للشيخ السبحاني ص 280 -281، نشر مؤسسة الإمام الصادق قم نقلا عن عارف تامر.
- ↑ راجع: مشكور، فرهنك فرق اسلامي ، ص3-52.
- ↑ راجع: صابري، تاريخ فرق اسلامي جلد2، ص153.
- ↑ بحوث في الملل والنحل ج7، ص:40
- ↑ الأشعري، مقالات الإسلاميين،ص:21
- ↑ السبحاني، بحوث في الملل والنحل ج7،ص:37