عمرو بن عبد ود
عمرو بن عبد وُدّ، أو عبد وَدّ هو من أشجع فرسان قريش، والذي عَبر الخندق في غزوة الخندق سنة 5 للهجرة وقاتلَ علي بن أبي طالب، فقتله علي بضربة عدّها النبيصلى الله عليه وآله وسلم أفضل من عبادة الإنس والجن.
نقل ابن شهر آشوب في المناقب عن الطبري أن النبيصلى الله عليه وآله وسلم سألَ عليا عن ترثّیه حين قتل عمرو، فأجاب بأن عمروا تَفَل في وجهي حينما أردتُ أن أَقتله، فصبرتُ لكي أقتله في الله لا لحظّ نفسي.
كذّب ابن تيمية مؤسس السلفية قصة عمرو؛ لأنها لم تَرد في صحيح البخاري وصحيح مسلم. قال بعض الباحثين إن حافزه لذلك هو إنكار فضائل الإمام عليقالب:عليه السلام.
قصة قتله
لم تتوفّر معلومات عن ولادة عمرو بن عبد ود وحياته في المصادر التاريخية والروائية إلا أنه كان من قبيلة بني عامر بن لؤي وهي إحدى قبائل قريش.[١]
بحسب ما ورد في المصادر الشيعية والسنية تمكّن عمرو وعكرمة بن أبي جهل، وهبيرة بن أبي وهب، ونوفل بن عبد الله بن مغيرة، وضرار بن الخطاب من عبور الخندق الذي حفره المسلمون في غزوة الخندق الواقعة سنة 5 للهجرة.[٢] فبدأ عمرو يدعو للمبارزة وهو كان معروفا بين العرب بثالث فرسان قريش،[٣] وكان يُعدّ بألف فارس،[٤] فلمّا أكثرَ النداء أهانَ المسلمين بقوله: "ولقد بححتُ من النداء بجمعهم هل من مبارز"،[٥] وبحسب المصادر التاريخية كلّما كان ينادي عمرو كان يقوم علي بن أبي طالبقالب:عليهما السلام ويقول: أنا أبارزه يا رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم فيأمره الرسول بالجلوس إلى أن أذن له في المرة الأخيرة فعمّمه بعمامة نفسهصلى الله عليه وآله وسلم وقلّده سيفه، وأمره بالقتال.[٦]
ضربة الإمام علي (ع) في قتله
دعا الإمام عليقالب:عليه السلام عمروا إلى الإقرار بوحدة الله و نبوة محمد صلى الله عليه وآله وسلم لكنه أبَى، فأمره بأن يعودَ من حيث أتى لكنه لم يفعل، فقال له إنزل من الفرس للقتال،[٧] فبدأ القتال، ويقول جابر بن عبد الله الأنصاري الذي كان يصاحب أمير المؤمنينقالب:عليه السلام آنذاك ثار الغبار بينهما فلم أرَهما إلى أن رُفِعَ صوت التكبير وفهمتُ أن عليا قد قتل عمروا.[٨] وبحسب المصادر التاريخية قُتِل حسل بن عمرو على يد الإمام عليقالب:عليه السلام أيضا.[٩]
ورد في المصادر الروائية أن النبيصلى الله عليه وآله وسلم قال: ضربة علي يوم الخندق أفضل من عبادة الثقلين، أي الجنّ والإنس.[١٠]
نقل ابن شهر آشوب عن الطبري أنّ الإمام علي قالب:عليه السلام لمّا أراد أن يقتل عمروا وقف وقفة ثم قتله، ثم سأله النبيصلى الله عليه وآله وسلم بعد عودته من القتال عن السبب، فأجاب بقوله: "قَدْ كَانَ شَتَمَ أُمِّي وَتَفَلَ فِي وَجْهِي فَخَشِيتُ أَنْ أَضْرِبَهُ لِحَظِّ نَفْسِي فَتَرَكْتُهُ حَتَّى سَكَنَ مَا بِي ثُمَّ قَتَلْتُهُ فِي الله".[١١]
تكذيب قصّته
كذَّب ابن تيمية -وهو مؤسس السلفية- قصة عمرو واعتقد أنه لم يشارك في أيّ غزوة ولا سرية، لا في غزوتي بدر وأحد ولا في غيرهما؛ لأن قصته لم تُنقَل في صحيح البخاري ولا في صحيح مسلم،[١٢] لكن الطبري في تاريخه[١٣] والذهبي في تاريخ الإسلام،[١٤] نقلا قصته في غزوة الخندق وصرّح الحاكم النيسابوري في كتابه "المستدرك على الصحيحين" وكذلك الطبري بجراحته في غزوة بدر،[١٥] ونُقلت أشعار عن حسان بن ثابت وهو يتفاخر فيها بقتل عمرو على يد الإمام عليقالب:عليه السلام،[١٦] كما نُقلت أشعار عن أصحاب عمرو الذين عَبروا معه الخندق في مأساته، كأشعار مسافع بن عبد مناف وهبيرة بن أبي وهب،[١٧] وهناك أشعار لأخت عمرو حينما سَمِعت بقتل أخيه على يد أمير المؤمنينقالب:عليه السلام.[١٨]
قال بعض الباحثين إن الحافز لتكذيب ابن تيمية هو إنكار فضائل الإمام علي.[١٩]
الهوامش
المصادر والمراجع
- ابن الأثير، علي، الكامل في التاريخ، بيروت - لبنان، الناشر: دار الصادر ودار بيروت، 1385 هـ/ 1965 م.
- ابن تيمية، أحمد، منهاج السنة النبوية في نقض كلام الشيعة القدرية، المحقق: محمد رشاد سالم، الرياض، الناشر: جامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية، 1406 هـ/ 1986 م.
- ابن شهر آشوب، محمد، مناقب آل أبي طالب، النجف، الناشر: المطبعة الحيدرية، 1375 هـ/ 1956 م.
- ابن عساكر، علي، تاريخ مدينة دمشق، بيروت، الناشر: دار الفكر، 1415 هـ/ 1995 م.
- ابن هشام، عبد الملك، سيرة النبي، المحقق: محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة، الناشر: مكتب محمد علي صبيح، 1381 هـ/ 1963 م.
- ابن هشام، عبد الملك، السيرة النبوية، المحقق: مصطفى السقا وإبراهيم الإبياري وعبد الحفيظ شلبي، بيروت، الناشر: دار المعرفة، د.ت.
- جمعي از نويسندكان، إمام علي (ع)، قم، سازمان حج وزيارت، د.ت.
- الحلي، الحسن، نهج الحق وكشف الصدق، المعلق: فرج الله الحسني، بيروت، الناشر: دار الكتاب اللبناني، 1982 م.
- الذهبي، محمد، تاريخ الإسلام ووفيات المشاهير والأعلام، المحقق: عمر عبد السلام تدمري، بيروت، دار الكتاب العربي، 1410 هـ/ 1990 م.
- الطبري، محمد، تاريخ الطبري(تاريخ الرسل والملوك)، بيروت، الناشر: دار التراث، 1387 هـ.
- العاملي، جعفر مرتضى، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، قم، الناشر: مؤسسة علمي فرهنكي دار الحديث، 1426 هـ/ 1385 ش.
- المفيد، محمد، الإرشاد في معرفة حجج الله على العباد، المحققون: الباحثون في مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، قم، الناشر: المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، 1413 هـ.
- النيسابوري، محمد، المستدرك على الصحيحين، المحقق: مصطفى عبد القادر عطا، بيروت، الناشر: دار الكتب العلمية، 1411 هـ/ 1990 م.
- ↑ ابن هشام، سيرة النبي، ج 3، ص 732؛ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 42، ص 78؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 181.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، صص 573 و574؛ المفيد، الإرشاد، ج 1، ص 100.
- ↑ النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 34، ح 4329.
- ↑ ابن شهر آشوب، مناقب آل أبي طالب، ج 2، ص 324.
- ↑ المفيد، الإرشاد، ج 1، ص 100.
- ↑ المفيد، الإرشاد، ج 1، ص 100.
- ↑ المفيد، الإرشاد، ج 1، صص 100 و101.
- ↑ المفيد، الإرشاد، ج 1، ص 102.
- ↑ العاملي، الصحيح من سيرة النبي الأعظم، ج 11، ص 160.
- ↑ الحلي، نهج الحق وكشف الصدق، ص 234.
- ↑ ابن شهر آشوب، المناقب، ج 1، ص 381.
- ↑ ابن تيمية، منهاج السنة النبوية، ج 8، صص 105 - 110.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 573.
- ↑ الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 2، ص 290.
- ↑ النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 34، ح 4329؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 2، ص 574.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 268 و269.
- ↑ ابن هشام، السيرة النبوية، ج 2، صص 266 - 268.
- ↑ المفيد، الإرشاد، ج 1، صص 106 -109.
- ↑ جمعي از نويسندكان، امام علي (ع)، ج 2، ص 148.