الصحابة

من ويكي علوي
(بالتحويل من صحابة رسول اللّه)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الصحابة، هم المسلمون الذين عاصروا وصاحبوا رسول الإسلام محمدصلى الله عليه وآله وسلم حين حياته، وقد وقع خلافٌ كبيرٌ بين أعلام المسلمين في تحديد الضوابط العامة التي من خلالها يصحّ أن يتّصف الفرد بكونه صحابيّاً، كما أيضاً وقع خلاف بين المذاهب الإسلامية في الحكم بعدالة كلّ الصحابة، فذهب فريق إلى الحكم بعدالة كل من يصدق عليه أنّه صحابيّ، وبالتالي قالوا بعدم الحاجة للبحث في حال الصحابة، بينما ذهب فريق آخر للقول بأنّ العدالة ثابتة لبعض الصحابة ومنتفية عن البعض الآخر، قائلين أنّ صُحبة النّبيّ (ص) غير عاصمة للأفراد.

وتُعتبر مسألة «الصحابة» من أهم وأبرز المسائل الخلافية بين الشيعة والسنّة، حيث يقول أهل السنة بعدالة جميع الصحابة ويرى الشيعة أنّ حال الصحابة في مسألة العدالة والفسق حال بقية المسلمين، وعدالة كل فرد منهم تٌثبت بأدلة معتبرة فقط.

ويُعتبر مصطلح الصحابة من المصطلحات المُستحدثة في لغة العرب، لأنّ الصحيح في جمع «الصاحب» عند العرب هو «أصحاب».

تعريف الصحابة

الصحابة لغةً هي جمع صَاحِب أو صَحَابِيّ، وتدلّ على مقارنة الشيء ومقاربته.[١] قال الراغب الأصفهاني في مفرداته: «الصّاحبُ هو المُلازِمُ، ولا يُقال في العُرفِ إلاّ لمن كثُرت مُلاَزَمَتُهُ.[٢]

عند الشيعة

  • للشهيد الثاني تعريفا للصحابي[٣] ونقله المامقاني أيضا ولكن مع بعض الإضافات عليه، فقال "من لقيَ النبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مؤمناً به، ومات على الإيمان والإسلام، وإن تخلّلت رِدَّتُهُ بين كونه مؤمناً وبين موته مسلماً على الأظهر".[٤]

عند السنّة

وقع خلافٌ كبير بين أعلام السنّة في تعريف الصحابة، وهذا راجع للاختلاف في تحديد الضابطة لمعرفة الصحابيّ من غيره، والاختلاف الكبير وقع بين أهل الحديث من جهةٍ وبين الأصوليين من جهة أخرى، غير أنّ الاختلاف أيضاً تسرّب بين أهل الحديث في ما بينهم، والأصوليين كذلك.

  • وهذا ما أشار إليه الزركشي الأصولي في بحره، حيث قال: «فإن قيل: أثبتم العدالة للصحابيّ مطلقاً، فمن الصحابيّ ؟ قلنا: اختلفوا فيه فذهب الأكثرون إلى أنّه من اجتمع - مومناً - بمحمدصلى الله عليه وآله وسلم، وصَحِبَهُ ولو ساعة، روى عنه أو لا، لأنّ اللّغة تقتضي ذالك، وإن كان العُرف يقتضي طول الصُحبة وكثرتها، وقيل: يشترط الرواية، وطول الصُحبة، وقيل: يشترط أحدهما».[٥]
  • وكذلك ما أشار إليه ابن الصلاح الشافعي المحدّث في مقدّمته، حيث قال: «اختلف أهل العلم في أنّ الصحابي مَنْ ؟».[٦]
  • تعريف المحدّثين:
  1. قال البخاري في صحيحه: «ومَن صحب النّبيّ (ص) أو رآه مِنَ المسلمين فهو من أصحابه».[٧]
  2. وقال ابن كثير: والصحابيّ «مَنْ رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حالِ إسلامِ الرَّائِي، وإن لم تَطُل صُحبَتُهُ له، وإن لم يَروِ عنه شيئاً»،[٨] ثمّ قال: «هذا قول جمهور العُلماء، خَلَفًا وسَلَفًا، وقد نصّ على أنّ مُجرد الرؤية كافٍ في إطلاقِ الصُحبة البخاريّ وأبو زُرعة، وغير واحدٍ ممّن صنّف في أسماء الصحابة، كابن عبد البرِّ، وابن مَندَة، وأبي موسى المَدِيني، وابن الأثير ...».[٩]
  3. وقال الآمدي: فذهب أكثر أصحابنا وأحمد بن حنبل إلى أنّ الصحابي: «من رأى النّبيّصلى الله عليه وآله وسلم، وإن لم يختص به اختصاص المصحوب، ولا روى عنه، ولا طالت مدّة صحبته».[١٠]
  4. قال شهاب الدين الصنهاجي في نفائسه: «قال سيف الدين: اختلفوا في الصّحابيّ من هو ؟ فقال أكثر الشافعيّة وأحمد بن حنبل: هو مَن رأى النّبيّ عليه السلام وصَحِبَه ولو ساعة، وإنّ لم يختص به اختصاص المصحوب، ولا روى عنه، ولا طالت مدّة صُحْبَته».[١١]
  5. وقال ابن حجر العسقلاني : وأصح ما وقفتُ عليه من ذلك [ أي التعريف ]، «أنّ الصحابيّ مَنْ لَقِيَ النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم مؤمنًا به ومات على الإسلام»،[١٢]ثمّ قال بعد ذالك: «وهذا التعريف مبنيّ على الأصحّ المُختَار عند المحقّقين، كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل ومَنْ تبعهما».[١٣]
  • تعريف الأصوليين:
  1. قال عمرو بن بحر المعروف بالجاحظ، أنّ الصحابي هو «من طالت صُحبته له - عليه السلام - وأخذ عنه العلم».[١٤]
  2. وقال المازري «محمد بن علي بن عمر بن محمد التَّميمي المازَري»: «متى قلنا: الصحابة عدول، وأنّ الخبر إذا أَسنده التابعي [ لــ ] صحابيّ، فقد وَجب العمل به، إنّما يريد [ يُرَادُ ] بالصّحابة الذين لازموه، ونصروه، واتبعوا النور الذي جاء به، ولا يُعْنَى بهم الذين رأوه اتفاقاً أو لغرض، ثمّ فارقوه.[١٥]
  3. ينقل الآمدي عن عمرو بن يحيى [ المازني] أنّه قال: «أنّ هذا الاسم [ أي الصحابة ] إنّما يُسمى به مَن طالت صُحبَته للنبي (ص)، وأخذ عنه العلم».[١٦]
  4. وهذا الرأي ذهب إليه الصحابيّ «أنس بن مالك» وسيد التابعين كما يوّصف «سعيد بن المُسَيَّب»:
    1. نقل الخطيب البغدادي في كفايته: «أَخْبَرَنِي الْحُسَيْنُ بْنُ أَبِي الْحَسَنِ الْوَرَّاقُ، ثنا عُمَرُ بْنُ أَحْمَدَ الْوَاعِظُ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ، ثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنِ ابْنِ سَعْدٍ، عَنِ الْوَاقِدِيِّ مُحَمَّدِ بْنِ عُمَرَ، قَالَ: أَخْبَرَنِي طَلْحَةُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: كَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ يَقُولُ: " الصَّحَابَةُ لا نَعُدُّهُمْ إِلا مَنْ أَقَامَ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَّ سَنَةً أَوْ سَنَتَيْنِ، وَغَزَا مَعَهُ غَزْوَةً أَوْ غَزْوَتَيْنِ».[١٧]
    2. ذكر ابن عساكر في تاريخه: «أَخْبَرَنَا أَخْبَرَنَا أَبُو بَكْرٍ الأَنْصَارِيُّ، نا أَبُو مُحَمَّدٍ الْجَوْهَرِيُّ، أنا أَبُو عُمَرَ بْنُ حَيَّوَيْهِ، أنا أَحْمَدُ بْنُ مَعْرُوفٍ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ الْفَهْمِ، أنا مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ، أنا عَلِيُّ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنْ مُحَمَّدٍ السُّنْبُلانِيِّ، قَالَ: أَتَيْتُ أَنَسَ بْنَ مَالِكٍ، فَقُلْتَ: أَنْتَ آخِرُ مَنْ بَقِيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ؟ قَالَ: قَدْ بَقِيَ قَوْمٌ مِنَ الأَعْرَابِ، فَأَمَّا مِنْ أَصْحَابِهِ فَأَنَا آخِرُ مَنْ بَقِيَ»،[١٨]وقال مثله ابن الصّلاح في مقدّمته.[١٩]

مفهوم الصحابة

وقع الخلاف بين الشيعة و مشهور أعلام أهل السنّة في تحديد دائرة مفهوم الصحابة، فذهب عموم أهل السنّة لتوسعة هذا المفهوم حتّى شَملَ من الناحية العملية المنافق والعاصي وكلّ من رأى النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم ولو من بعيد وللحظات قليلة،[٢٠] بينما ضيّقت الشيعة مع بعض أعلام أهل السنّة دائرة هذا المفهوم ليشمل فقط مَن لازم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وكان مؤمناً بما جاء به ومات على الإسلام.[٢١]

عند الشيعة

ذهب الشيعة مع جُملة من أعلام أهل السنّة، طبقًا لما أفادته روايتي الصحابيان «سعيد بن المُسَيّب» و «وأنس بن مالك» في تحديد مفهوم الصُحبة إلى القول أنّها لا تَتَحقّقُ، إلاَّ إذا وقع بين الطرفين المتصاحبين مقدارٌ معتدٌ به من العِشْرَةِ والملازمة العُرِفِية، وعليه فقد أخرجوا من دائرة مفهوم «الصحابة»، الفرد الذي رأى رسول الله محمد (ص)، بدون أن يُعَاشِرَهُ ويُلاَزِمَهُ سواء رآه مرّة أو أكثر، وكذلك يخرجُ مَن روى عنه بدون ملازمته صلى الله عليه وآله وسلم سواء رواية واحدة أم عشرة، وأيضا يخرج من كان صغيرا في السِّن حين حياة النّبيّ صلى الله عليه وآله وسلم.[٢٢]

واستدلّوا على ذالك بالقرآن الكريم، حيث قالوا:

أنّ المولى تعالى حين استعماله في القرآن الكريم لمُفْردَة «الصُحْبَة» استعملها في المصاديق التي تحقّقت فيهما المُعاشرة والمُلازمة المُعتد بها عُرفًا، من قبيل استعماله تعالى في «الصُحبة» بين:
  • الجار وجاره.[٢٣]
  • الزوج و الزوجة.[٢٤]
  • النّبي محمد(ص) وأعدائه الذين يحاربونه، أو بين النّبيّ محمد(ص) ومَن معه مِن المسلمين المعنيين به.[٢٥]
  • النّبيّ محمد (ص)، و أبو بكر بن أبي قحافة حينما كانا في الغار زمن الهجرة.[٢٦]
  • النّبيّ يوسف عليه السلام ومَن سُجنَ معه أو حُرّاس السجن.[٢٧]
  • شخصين متحاورين ومتجاورين أحدهما مؤمن والآخر كافر.[٢٨]
  • النّبي موسى(ع) والخضر(ع).[٢٩]
  • الوالدان والابن.[٣٠]
  • قوم ثمود والفرد الذي عقر النّاقة.[٣١]
  • النّبيّ يونس(ع) والحوت الذي استقرّ في بطنه لفترة طويلة.[٣٢]
  • النّار ومن يلبث فيها.[٣٣]
  • الجنّة ومَن يلبث فيها.[٣٤]

عند السنّة

أمّا مشهور أعلام أهل السنّة والجماعة، فقد وسّعوا دائرة مفهوم «الصحابة»، بحيث جعلوه يشمل كل من رأى الرسول الأكرم محمد (ص) ولو لمرّة واحدة، أو روى عنه رواية واحد، أو حتى الطفل الرضيع الذي لا يفقه شيئاً حين رؤية النّبيّ(ص) له، وبعضهم قيّد ذالك بالإسلام، أي أنّ الرائي أو الرواي أو الصغير يكون في حال الإسلام عند حصول ذالك، كما أنّ بعضهم فوق شرط الإسلام حين اللقاء أن يموت على الإسلام، وبالتالي أخرج المُرتد.[٣٥]

وهذا ما دفع بــ «ابن عبد البرّ» أن يترجم في مصنّفه «الاستعاب» لكل من رأى النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم أو كان له معه (ص) لقاء، حيث أنّه قال: «ولم أقْتَصِر في هذا الكتاب على ذكر من صحَّت صُحبَته ومُجالسته، حتى ذكرنا مَن لَقيَ النّبيّصلى الله عليه وآله وسلم، ولو لُقية واحدة مؤمنا به، أو رآه رؤيةً، أو سمع منه لفظة فأدّاها عنه، واتّصل ذالك بنا على حسب روايتنا، وكذلك ذكرنا مَن وُلِدَ على عهده مِن أَبَوَيْن مسلمين، فدعا له، أو نظر إليه، وبارك عليه، ونحو هذا، ومَن كان مؤمنًا به قد أدّى الصَدَقة إليه ولم يردّ عليه ...».[٣٦]

دور الصحابة

من أبرز الأسباب التي تجعل قضية الصحابة مسألة حسّاسة وخاصة عند أهل السنّة والجماعة، هو ما كان للصحابة من دور في تأسيس مذاهبهم، وهذا ما جعل أيضًا مسألة البحث والتحقيق في الصحابة أمر ممنوع ومرفوض بالكلية عند مشهور أهل السنّة.[٣٧]

بل تطرّف بعض المحسوبين على أهل السنّة لتفسيق و تكفير كلّ مَن حاول البحث عن حال الصحابة، ورَمَى بالزندقة كلّ مَن انتقد وتكلّم في بعض الصحابة الذين أثبتت الروايات المُعتبرة انحرافهم على خط الإسلام المحمّدي الأصيل، والذين بدّلوا وغيّروا بعد رحيل النّبيّ (ص) عنهم، حتى وصل ببعضهم درجة الردّة.[٣٨]

قال ابن تيمية الحرّاني: «وأما من جاوز ذلك إلى أن زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا، أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضا في كفره، لأنه مكذب لما نص القرآن في غير موضع، من الرضا عنهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متيقّن ».[٣٩]

عند الشيعة

بحسب المعتقد الشيعي، أئمة أهل البيت قالب:عليهم السلام هم مَن عيّنهم الله بعد نبيّه الأعظم (ص) للقيام بِصَوْنِ الدين الإسلامي بصريح «آية الولاية» و«آية أهل الذكر» و«آية الإكمال» و«آية التبليغ»، وكذلك هم مَنْ أخبر النّبيّ الأكرم (ص) بأنّهم المعنيين بِتِبْيَان ما أُجْمِلَ من الدين الإسلامي بصريح العبارة في «حديث الثقلين»،[٤٠] و«حديث السفينة»،[٤١] و«حديث الولاية»،[٤٢] و«حديث الغدير»،[٤٣] و«حديث الوصاية»،[٤٤] و«حديث مدينة العلم»،[٤٥] و«حديث المنزلة».[٤٦]

ذهبوا للأخذ من أئمة أهل البيت (ع) ما جاء به نبيّ الإسلام محمد صلى الله عليه وآله وسلم، وقدّموهم عن غيرهم من الصحابة، بحيث أنّهم لم يحتاجوا للأخذ بما نقله الصحابة من روايات وأقوال عن النّبيّ الكريم (ص)، ولذلك لا يوجد عندهم من روايات الصحابة إلا النّزر القليل، وكل ما عندهم مِن روايات وأحاديث هي ما نُقِلَت لهم عن طريق أهل بيت النّبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم فقط.[٤٧]

وعليه لم يكُن للصحابة ذاك الدور المُعتبر في أُسس الفقه والعقيدة الشيعية، فكل الأحكام الشرعية والتصورات العقائدية الشيعية مبنية ومُستندة على الروايات التي نقلها لهم أئمة أهل البيت (ع) عن الرسول الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.[٤٨]

عند السنة

للصحابة الدور الأساس في تأسس فِرَق أهل السنة ومذاهبهم كـ«المالكية، و الشافعية، و الحنبلية، و الحنفية، و الأباضية، و الظاهرية، و الأوزاعية، و الأشاعرة ، و المعتزلة ...»، بل كان الصحابة يمثلون بالنسبة لهذه المذاهب والفِرَق المصدر الوحيد الذي هو واسطة بينهم وبين النّبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

ولأجل ذالك كان لموضوع الصحابة حساسية خاصة عندهم، فقد حَسَمَ غالبية أئمة هذه المذاهب والفرق أمرهم في مسألة الصحابة، وحكموا بعدالهتم، ولزوم الأخذ منهم بدون بحث ولا تحقيق، وكذلك أغلقوا باب الجرح والتعديل في الصحابة تجنُّبًا للمخاطر التي يمكن أن تترتّب على فتحِ هذا الباب.

فالكلام والخوض في عدالة الصحابة، يترتّب عليه الخوض والنّقاش في المصادر التي بُنِيَت عليها المذاهب والفِرَقِ، وهذا بدوره يعرّض أُسس كل مذهب وفرقة منهم للنّقاش والتشكيك، وهذا ما صرّح به أكثر من واحد منهم.

نقل الخطيب البغدادي عن أبي زرعة، فقال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمداني، حدثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: سمعت أبا جعفر أحمد بن عبدول يقول: سمعت أحمد بن محمد بن سلمان التستري يقول: سمعت أبا زرعة يقول: «إذا رأيت الرجل ينتقص أحدًا مِنَ أصحاب رسول الله (ص)، فاعلم أنّه زنديق، وذالك أنّ الرسول (ص) عندنا حقّ و القرآن حقّ، وإنّما أدى إلينا هذا القرآن والسُنن، أصحاب رسول الله (ص)، وإنّما يريدون أن يجرحوا شهودنا ليُبطلوا الكتاب والسنّة، والجرح بهم أولى وهُم زنادقة».[٤٩]

الصحابة في القرآن

لم يرد في القرآن أيّ استعمال للفظة «الصحابة»، غير أنّ الله أوْرَدَ في القرآن جُملة من الآيات التي كان المقصود بها بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذه الآيات فيها ما يُفهم منها الذمّ، وفيها ما يُفهم منها المدح.

الآيات المادحة

لقد جاء في القرآن الكريم، جُملة من الآيات التي مدحت بعض أصحاب الرسول (ص)، وكشفت فضل الصادقين المخلصين منهم، وحثّتهم أيضًا على التسابق نحو العمل الصالح والتزام التقوى وعدم الانكباب على الدنيا، منها:

فهذه الآية واضحة الدلالة في أنّ المقصودين من قوله تعالى قالب:قرآن هم الذين كانوا بصُحْبَة النبيّ (ص).

وهذه الآية مختصة بالذين بايعوا رسول الله (ص) تحت الشجرة في ما عرفت بعد ذالك بـــ «بيعة الرضوان» والرضاء مِنْ قِبَل الله على المُبَايعين متعلّق بزمن البيعة.

وهذه الآية تخص المهاجرين والأنصار المحسنين، وكذلك الذين اتبعوهم في هذا الإحسان، لأنّ الاتباع في الآية مقيّد بالإحسان.

الآية الكريمة تتحدّث عن المهاجرين الفقراء الذين فعلاً تركوا أموالهم وممتلكاتهم بُغية الحصول على فضلِ الله ورضوانه، ولنُصْرَة الله و رسوله (ص)، فهؤلاء المهاجرون الذين تحقّقت فيهم هذه الشروط هم الذين وصفهم المولى تعالى بأنّهم الصّادقون.

الآيات الذّامة

وردت في القرآن الكريم بعض الآيات التي يُفهم منها الذمّ والتقريع لمن كان مع رسول الله (ص)، منها:

الآية الأولى:قالب:قرآن.[٥٤]

هذه الآيات مُتعلّقة بحادثة خاصة وهي المسمّات بــــ«حادثة الإفك» حينما تكلّم بعض مَن يُعْتَبَرُون أصحاب النبيّ (ص) في عِرضِ رسول الله (ص) بدون وجه حقٍّ، فأنزل الله هذه الآيات تبرئةً لإحدى زوجات النبيّ (ص) المُختلف في كونها «عائشة بنت أبي بكر» أم «مارية القبطية»، لوضوح أنّ هذا الإفك قد جاء به وصنعه بعض مِمَن هم منكم، لا أنّ اليهود أو النصارى أو كفّار قريش هم مَنْ جاؤوا به،ثمّ بدأ المولى تعالى يُقرّع في من جَرَت ألسنتهم بهذا الإفك ويتوعدهم العذاب العظيم، ناصحًا إياهم بعدم العودة لمثل هذا الفعل إن كانوا يرون أنفسهم من المؤمنين، لأنّ هذا الفعل ليس بهيّنٍ كما تصوره البعض منهم، بل هو عند الله عظيم.

الآية الثانية:قالب:قرآن.[٥٥]

تكشف لنا هذه الآية، أنّ هناك جُملة من أصحاب البوادي الذين عاصروا النبي الأكرم (ص) هم منافقون، وكذلك من أهل المدينة مَن مرد وتعوّد على النفاق لا فقط هو منافق، والله يعلم مَن هم ولكنّ النّاس لا يعلمون حقيقتهم ومن هؤلاء المنافقين، ثمّ يتوعّد هؤلاء المنافقين بالعذاب المضاعف.

فهؤلاء المنافقين الذين يعلمهم الله ولا يعلم بهم مَن كان مع الرسول الأكرم (ص)، هم ممن رأو النبي (ص) ومن المرجّح أنهم رَوُوا عنه (ص)، ولكن هم منافقون ملعونون.قالب:بحاجة إلى مصدر

الآية الثلاثة: قالب:قرآن.[٥٦]

نزلت هذه الآيات في أبي بكر بن أبي قحافة و عمر بن الخطاب عندما تجادلا ورفعا صوتهما فوق صوت النبيّ(ص) وتجاهرا له(ص) بالقول، [٥٧] فأنزل الله هذه الآيات التي ينهى فيها عن رفع الصوت بحضور النبيّ(ص) وعدم التكلّم معه بالطريقة التي يتكلم بها عادة عموم المسلمين مع أقرانهم، وجعل هذا الفعل من الأفعال المُحبطة للأعمال، ثمّ وضّح أنّ المغفرة والأجر العظيم خاصٌ بالذين يغضّون أصواتهم عند النبيّ(ص) وهم الذين امتحن الله قلوبهم للتقوى، لا أنّهما متعلّقين بالذين يرفعون أصواتهم فوق صوت النبيّ(ص).

فهذه الآيات دالّة على أنّ بعض أصحاب النبيّ (ص) قد فعلوا أفعالاً تؤدّي إلى درجة إحباط عمل الفرد.

الآية الرابعة: قالب:قرآن.[٥٨]

نزلت هذه الآية في جُملة مِمَن كان مع رسول الله(ص)، فقيل أنّ قوله تعالى: قالب:قرآن نزلت في قوم من بني تميم، وهو قول الضحّاك، وقيل نزلت في ثابت بن قيس ين شمّاس، وهذا قول الواحدي عن ابن عبّاس.[٥٩]

أمّا قوله تعالى قالب:قرآن قيل أنّها نزلت في بعض زوجات النبيّ (ص) وهما عائشة و حفصة حينما كانتا تسخران من زوجة الرسول (ص) صفية بنت حُيَيّ بن أخطب رواه عكرمة عن ابن عبّاس،[٦٠] وقيل نزلت في بعض زوجات النبي(ص) وهي عائشة حينما عيّرت أمّنا سلمة زوجة النبي (ص) بالقصر، رواه أنس بن مالك عكرمة ومقاتل.[٦١]

فهذه الآية واضحة بأنّ بعض أصحاب النبي (ص) سواء كانوا رجالاً، أم نساءًا من زوجاته، كانوا يعيّرون بعضهم بعضا بما لا يرضاه الله، حتى نزل قوله تعالى يهدّد من لم ينته عن ذالك الفسوق منهم، بوضعه في خانة الظالمين الذين قال تعالى فيهم: قالب:قرآن.[٦٢]

الآية الخامسة: قالب:قرآن.[٦٣]

نزلت هذه الآية باتفاق الشيعة و السنّة في أصحاب النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم من المهاجرين و الأنصار، حيث أنّ الرسول (ص) كان يخطب في صلاة الجمعة بالمسلمين في المدينة، وجاءت قافلة تجارية لدحية بن خليفة الكلبي من الشام ودُقّة الطبول إعلانًا بقدومها، وحين سماع أصحاب النبي (ص) لأصوات قرع الطبول ثار كل من في المسجد وهاجت نفوسهم بحيث تركَ أكثرهم رسول الله (ص) قائمًا يخطب وانصرفوا نحو القافلة، وكما تخبر الروايات، لم يبق مع الرسول (ص) إلاّ اثنى عشر نفرا.[٦٤]

فهذه الآية كاشفة عن حال جُملة كبيرة مِمَن يُعتبرون من أصحاب النبيّ(ص).

الصحابة في الروايات

الروايات المادحة

وردت جُملة من الروايات عن طريق أهل البيت (ع)، والتي يُفهم منها المديح والثناء لأصحاب النبيّ (ص) وخاصة الخُلص الصادقين منهم، غير أنّ بعضها ثابت والبعض الآخر ضعيف السند أو الدلالة لوضوح أن بعضها محمول على التقية، والبعض الآخر ظاهر الوَضع والتلفيق، وأيضًا لمعارضته لنصوص أخرى كثيرة ثابتة عند الشيعة، فمن هذه النصوص الثابتة عند الشيعة، منها: رواية نقلت عن الإمام علي (ع) يقول فيها: «وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ مِنَّا وَ الآ‌ْخَرُ مِنْ عَدُوِّنَا يَتَصَاوَلَانِ تَصَاوُلَ الْفَحْلَيْنِ يَتَخَالَسَانِ أَنْفُسَهُمَا، أَيُّهُمَا يَسِقِي صَاحِبَهُ كَأْسَ الْمَنُونِ، فَمَرَّةً لَنَا مِنْ عَدُوِّنَا، وَمَرَّةً لِعَدُوِّنَا مِنَّا، فَلَمَّا رَأَى اللَّهُ صِدْقَنَا أَنْزَلَ بِعَدُوِّنَا الكَبْتَ، وَأَنْزَلَ عَلَيْنَا النَّصْرَ حَتَّى اسْتَقَرَّ الإِسْلاَمُ».[٦٥]

وورد في دعاء للإمام السجاد (ع): «اللّهُمَّ وَأَصْحَابُ مُحَمَّدٍ خَاصَّةً الَّذِينَ أَحْسَنُوا ٱلصَّحْبَةَ، وَالَّذِينَ أَبْلَوُا الْبَلاَءَ الْحَسَنَ فِي نَصْرِهِ، وَكَانَفُوهُ وَأَسْرَعُوا إِلَىٰ وِفَادَتِهِ، وَسَابَقُوا إِلَىٰ دَعْوَتِهِ، ... فَلاَ تَنْسَ لَهُمُ اللّهُمَّ مَا تَرَكُوا لَكَ وَفِيكَ، وَأَرْضِهِمْ مِنْ رِضْوَانِكَ، ....».[٦٦]

الروايات الذّامة

إخبار النّبيّ بارتداد بعضهم

الرسول (ص) يخبر في حديثٍ صحيح، بأنّ بعض أصحابه سوف يُحْدِثُون من بعده، وأنّهم لن يُسْقوا من حوضه صلى الله عليه وآله وسلميوم القيامة، بل سَيُسَاقون إلى النّار.

حدّثنا موسى بن اسماعيل خدّثنا أبو عَوَانَة عن مُغيرة غن أبي وائل قال: قال عَبْد اللَّهِ [ بن مسعود ]: «قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: أَنَا فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ لَيُرْفَعَنَّ إِلَيَّ رِجَالٌ مِنْكُمْ حَتَّى إِذَا أَهْوَيْتُ لِأُنَاوِلَهُمْ اخْتُلِجُوا دُونِي، فَأَقُولُ: أَيْ رَبِّ أَصْحَابِي يَقُولُ: لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ»[٦٧] ومثله عن مالك بن أنس في صحيح مسلم.[٦٨]

إخبار النّبيّ بأنّ بعضهم منافقون

عمّار بن ياسر يحكي أنّ النبي (ص) قال: أنّ في أصحابي 12 منافقا لن يدخلوا الجنّة أبدًا.

حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِى شَيْبَةَ حَدَّثَنَا أَسْوَدُ بْنُ عَامِرٍ حَدَّثَنَا شُعْبَةُ بْنُ الْحَجَّاجِ عَنْ قَتَادَةَ عَنْ أَبِى نَضْرَةَ عَنْ قَيْسٍ قَالَ قُلْتُ لِعَمَّارٍ أَرَأَيْتُمْ صَنِيعَكُمْ هَذَا الَّذِى صَنَعْتُمْ فِى أَمْرِ عَلِىٍّ، أَرَأْيًا رَأَيْتُمُوهُ أَوْ شَيْئًا عَهِدَهُ إِلَيْكُمْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم ؟ فَقَالَ: مَا عَهِدَ إِلَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا لَمْ يَعْهَدْهُ إِلَى النَّاسِ كَافَّةً وَلَكِنْ حُذَيْفَةُ أَخْبَرَنِى عَنِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: قَالَ النَّبِىُّ صلى الله عليه وسلم: «فِى أَصْحَابِى اثْنَا عَشَرَ مُنَافِقًا فِيهِمْ ثَمَانِيَةٌ لاَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ حَتَّى يَلِجَ الْجَمَلُ فِى سَمِّ الْخِيَاطِ، ثَمَانِيَةٌ مِنْهُمْ تَكْفِيكَهُمُ الدُّبَيْلَةُ وَأَرْبَعَةٌ». لَمْ أَحْفَظْ مَا قَالَ شُعْبَةُ فِيهِمْ [٦٩]

إخبار النّبيّ بأن بعضهم من أهل النار

النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم يُخبر في حديثٍ صحيح، بأنّ بعض أصحابه مِمَن كان معه، سيكونون يوم القيامة من أصحاب الشمال، فيقول (ص) لله: يارب أصحابي، فيُجَاب أنّهم ارتدّوا من بعد أن فارقتهم.

حَدَّثَنَا وَكِيعٌ، وَابْنُ جَعْفَرٍ , المَعْنَى قَالَا: حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ النُّعْمَانِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، قَال: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَوْعِظَةٍ، فَقَالَ: إِنَّكُمْ مَحْشُورُونَ إِلَى اللَّهِ تَعَالَى حُفَاةً، عُرَاةً، غُرْلًا { كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ }[٧٠] فَأَوَّلُ الْخَلَائِقِ يُكْسَى إِبْرَاهِيمُ خَلِيلُ الرَّحْمَنِ عَزَّ وَجَلَّ، قَالَ: ثُمَّ يُؤْخَذُ بِقَوْمٍ مِنْكُمْ ذَاتَ الشِّمَالِ "، قَالَ ابْنُ جَعْفَرٍ: وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ، فَأَقُولُ: " يَا رَبِّ , أَصْحَابِي، قَالَ: فَيُقَالُ لِي: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُذْ فَارَقْتَهُمْ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: { وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ } الْآيَةَ إِلَى { إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ}.[٧١] [٧٢]

إخبار النّبيّ بأن بعضهم لن يروه يوم القيامة

أمّنَا أمّ سلمة تُخبر أنّ الرسول (ص) قد قال: أنّه من أصحابي من لن يراني بعد خروجي من الدنيا، كناية على أنّ هؤلاء لن يروا النّبيّ (ص) في الآخرة، ممّا يفيد كونهم من أهل النّار.

  • حدثنا الحسين، ثنا يحيى، ثنا أبو معاوية، (ح)، وحدثنا الحسين، ثنا عثمان، ثنا جرير، عن الأعمش، عن أبي وائل، عن أم سلمة، قالت: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول::: إِنَّ مِنْ أَصْحَابِيّ مَنْ لَنْ يَرَانِي بَعْدَ أَنْ أُفَارِقَهُ»،[٧٣] ومثله في مسند أحمد بن حنبل،[٧٤] ومجمع الفوائد للهيثمي.[٧٥]

الصحابة في التاريخ

لقد سجّل التاريخ جملة كبيرة من الحوادث، التي تكشف عن حقيقة وطبيعة مرحلة الصحابة، وخاصة بعد رحيل الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم، ومن هذه الحوادث:

حادثة اغتيال النبي (ص)

لقد أخرج حادثة اغتيال النّبيّ (ص) في العقبة جملة كبيرة من المحدّثين والمصنّفين، عندما حاول مجموعة من أصحاب رسول الله (ص) ويقال عددهم (12)، أو (14)، أو (15)، حاولوا أن يتعقّبوا النبي (ص) في اللّيل وهو يسير مع بعض أصحابه في العقبة لأجل دفعه من الراحلة لاغتياله، ولكن كيدهم لم يُفلح في ذالك، وكان الصحابيان حذيفة بن اليمان و عمّار بن ياسر يعرفون من هؤلاء الأفراد، بحكم كونهما كانا مع النبي (ص) أثناء الحادثة.[٧٦]

منع النبيّ (ص) عن وصيته

أخرج البخاري في صحيحه عن ابن عبّاس ثلاث روايات عن رزية يوم الخميس، ومفادها أنّ النّبيّ (ص) وقبل رحيله عن الدنيا بأيّام، وعندما كان في فراش الموت طلب من أصحابه الحاضرين عنده، أن يناوِلونه كتَابًا [ وَرَقَة ] ودواة [ قَلَم ] ليَكتُب لهم كتابًا لن يضلوا بعده أبدًا، غير أنّ عمر بن الخطاب والبعضُ مِمَن معه رفضوا ذالك وقالوا لدينا كتاب الله حسبنا كتاب الله، بل واتهموا رسول الله (ص) بأنّه ليس في كامل قواه العقلية بسبب أنّ الوجع قد غلب عليه، وفي رواية أخرى قال عمر ومن معه أنّ رسول الله (ص) قد هَجَر أو يَهْجُر [ بمعنى يَهْذِي ]، وقال جَمَاعَةٌ أخرى قدّموا لرسول الله (ص) ما يريد، فتنازعوا في ما بينهم وتعالت الأصوت في محضر النّبيّ (ص) وهو محرّم بل كبيرة يُحْبَطُ معها جميع أعمال المسلم بنصّ القرآن قالب:قرآن[٧٧]، ممّا دفع بالرسول(ص) إلى طردهم من عِنْدِه، قائلاً: أنّه لا يجوز التنازع والجِدال بمحضر النبي (ص)، وقال (ص): أنّ مافيه أنا من وجع خير ممّا تصفونني به.

  • «حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ مَعْمَرٍ، وحَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: لَمَّا حُضِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفِي الْبَيْتِ رِجَالٌ فِيهِمْ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ، قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلُمَّ أَكْتُبْ لَكُمْ كِتَابًا لَا تَضِلُّوا بَعْدَهُ، فَقَالَ عُمَرُ: إِنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَدْ غَلَبَ عَلَيْهِ الْوَجَعُ وَعِنْدَكُمُ الْقُرْآنُ حَسْبُنَا كِتَابُ اللَّهِ، فَاخْتَلَفَ أَهْلُ الْبَيْتِ فَاخْتَصَمُوا، مِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ قَرِّبُوا يَكْتُبْ لَكُمُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كِتَابًا لَنْ تَضِلُّوا بَعْدَهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ مَا قَالَ عُمَرُ فَلَمَّا أَكْثَرُوا اللَّغْوَ وَالِاخْتِلَافَ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: قُومُوا، قَالَ عُبَيْدُ اللَّهِ: فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ إِنَّ الرَّزِيَّةَ كُلَّ الرَّزِيَّةِ مَا حَالَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبَيْنَ أَنْ يَكْتُبَ لَهُمْ ذَلِكَ الْكِتَابَ مِنَ اخْتِلَافِهِمْ وَلَغَطِهِمْ».[٧٨]

خالد بن الوليد وقتله للأبرياء

خالد بن الوليد ومن معه يعصون أمر رسول الله(ص) فيغدرون ببني جُذَيمة ثمّ يقتلون منهم خلقًا كثيرًا بغير وجه حق، لا لشيء إلاّ لأجل ثأرٍ قديم من زمن الجاهلية، وهو أنّ بني جُذيمة قتلوا في زمن الجاهلية عمّ خالد بن الوليد، وهذا الفعل هزّ فؤاد النبيّ(ص) حتّى رفع يده للسماء وأعْلن براءته للّه من فعل خالد ومن معه، ثمّ أرسل الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام بالمال لبني جُذَيمة فدفع لهم دية الدماء التي سفكها خالد ومَن معه.

  • «حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حَكِيمِ بْنِ عَبَّادِ بْنِ حُنَيْفٍ، عَنْ أَبِي جَعْفَرٍ مُحَمَّدِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ حُسَيْنٍ، قَالَ: بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ افْتَتَحَ مَكَّةَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ دَاعِيًا وَلَمْ يَبْعَثْهُ مُقَاتِلا، وَمَعَهُ قَبَائِلُ مِنَ الْعَرَبِ سُلَيْمٌ وَمِدْلَجٌ وَقَبَائِلُ مِنْ غَيْرِهِمْ، فَلَمَّا نَزَلُوا عَلَى الْغُمَيْصَاءِ وَهِيَ مَاءٌ مِنْ مِيَاهِ بَنِي جُذَيْمَةَ بْنِ عَامِرِ بْنِ عَبْدِ مَنَاةَ بْنِ كِنَانَةَ عَلَى جَمَاعَتِهِمْ، وَكَانَتْ بَنُو جُذَيْمَةَ قَدْ أَصَابُوا فِي الْجَاهِلِيَّةِ عَوْفَ بْنَ عَوْفٍ أَبَا عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ، وَالْفَاكِهَ بْنَ الْمُغِيرَةِ، وَكَانَا أَقْبَلا تَاجِرَيْنِ مِنَ الْيَمَنِ حَتَّى إِذَا نَزَلا بِهِمْ قَتَلُوهُمَا وَأَخَذُوا أَمْوَالَهُمَا. فَلَمَّا كَانَ الإِسْلامُ وَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَالِدَ بْنَ الْوَلِيدِ، سَارَ حَتَّى نَزَلَ ذَلِكَ الْمَاءَ، فَلَمَّا رَآهُ الْقَوْمُ أَخَذُوا السِّلاحَ، فَقَالَ لَهُمْ خَالِدٌ: ضَعُوا السِّلاحَ ؛ فَإِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا.
حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَلَمَةُ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنِي بَعْضُ أَهْلِ الْعِلْمِ، عَنْ رَجُلٍ مِنْ بَنِي جُذَيْمَةَ، قَالَ: لَمَّا أَمَرَنَا خَالِدٌ بِوَضْعِ السِّلاحِ، قَالَ رَجُلٌ مِنَّا يُقَالُ لَهُ: جَحْدَمٌ: وَيْلَكُمْ يَا بَنِي جُذَيْمَةَ ؛ إِنَّهُ خَالِدٌ، وَاللَّهِ مَا بَعْدَ وَضْعِ السِّلاحِ إِلا الإِسَارُ، ثُمَّ مَا بَعْدَ الإِسَارِ إِلا ضَرْبُ الأَعْنَاقِ، وَاللَّهِ لا أَضَعُ سِلاحِي أَبَدًا، قَالَ: فَأَخَذَهُ رِجَالٌ مِنْ قَوْمِهِ، فَقَالُوا: يَا جَحْدَمُ أَتُرِيدُ أَنْ تَسْفِكَ دِمَاءَنَا ؟ إِنَّ النَّاسَ قَدْ أَسْلَمُوا وَوُضِعَتِ الْحَرْبُ وَأَمِنَ النَّاسُ فَلَمْ يَزَالُوا بِهِ حَتَّى نَزَعُوا سِلاحَهُ، وَوَضَعَ الْقَوْمُ السِّلاحَ لِقَوْلِ خَالِدٍ، فَلَمَّا وَضَعُوهُ أَمَرَ بِهِمْ خَالِدٌ عِنْدَ ذَلِكَ فَكُتِّفُوا، ثُمَّ عَرَضَهُمْ عَلَى السَّيْفِ فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ مِنْهُمْ فَلَمَّا انْتَهَى الْخَبَرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَفَعَ يَدَيْهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ "، ثُمَّ دَعَا عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ عَلَيْهِ السَّلامُ، فَقَالَ: يَا عَلِيُّ اخْرُجْ إِلَى هَؤُلاءِ الْقَوْمِ فَانْظُرْ فِي أَمْرِهِمْ، وَاجْعَلْ أَمْرَ الْجَاهِلِيَّةِ تَحْتَ قَدَمَيْكَ. فَخَرَجَ حَتَّى جَاءَهُمْ وَمَعَهُ مَالٌ قَدْ بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ، فَوَدِيَ لَهُمْ الدِّمَاءَ وَمَا أُصِيبَ مِنَ الأَمْوَالِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَدِي مِيلَغَةَ الْكَلْبِ، حَتَّى إِذَا لَمْ يَبْقَ شَيْءٌ مِنْ دَمٍ وَلا مَالٍ إِلا وَدَاهُ، بَقِيَتْ مَعَهُ بَقِيَّةٌ مِنَ الْمَالِ فَقَالَ لَهُمْ عَلِيٌّ، عَلَيْهِ السَّلامُ، حِينَ فَرَغَ مِنْهُمْ: هَلْ بَقِيَ لَكُمْ دَمٌ أَوْ مَالٌ لَمْ يُودَ إِلَيْكُمْ ؟ قَالُوا: لا. قَالَ: فَإِنِّي أُعْطِيكُمْ هَذِهِ الْبَقِيَّةَ مِنْ هَذَا الْمَالِ احْتِيَاطًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِمَّا لا يَعْلَمُ وَلا تَعْلَمُونَ. فَفَعَلَ ثُمَّ رَجَعَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ الْخَبَرَ. فَقَالَ: " أَصَبْتَ وَأَحْسَنْتَ "، ثُمَّ قَامَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ قَائِمًا شَاهِرًا يَدَيْهِ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُرَى بَيَاضُ مَا تَحْتَ مَنْكِبَيْهِ، وَهُوَ يَقُولُ: " اللَّهُمَّ إِنِّي أَبْرَأُ إِلَيْكَ مِمَّا صَنَعَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ "، ثَلاثَ مَرَّاتٍ. قَالَ ابْنُ إِسْحَاقَ: وَقَدْ قَالَ بَعْضُ مَنْ يَعْذُرُ خَالِدًا: إِنَّهُ قَالَ: مَا قَاتَلْتُ حَتَّى أَمَرَنِي بِذَلِكَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ حُذَافَةَ السَّهْمِيُّ، وَقَالَ: إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَدْ أَمَرَكَ بِقَتْلِهِمْ لامْتِنَاعِهِمْ مِنَ الإِسْلامِ، وَقَدْ كَانَ جَحْدَمٌ قَالَ لَهُمْ حِينَ وَضَعُوا سِلاحَهُمْ وَرَأَى مَا يَصْنَعُ خَالِدٌ بِبَنِي جُذَيْمَةَ: يَا بَنِي جُذَيْمَةَ ضَاعَ الضَّرْبُ، قَدْ كُنْتُ حَذَّرْتُكُمْ مَا وَقَعْتُمْ فِيهِ». [٧٩]

حروب الصحابة في ما بينهم

كما أيضًا وقعت جُمْلَة من المواجهات بين الطبقة الأولى من المسلمين، وخاصة مِمَن يُعتبرون من صحابة رسول الله (ص)، فسبوا وشتموا بعضهم بعضًا، وكفّروا بعضهم بعضًا، وكذلك قتلوا بعضهم بعضًا، وسُبيت في هذه المواجهات النساء، وأحرقت البيوت والخيم، إلاّ أنّ الشيعة وفي قراءتها لهذه الحوادث، تتمسّك بحقيقة أنّه لابدَّ أن يكون أحد الأطراف المُتَوَاجِهَة والمُتَقَاتِلَة مع الحقّ، والأخرى مع الباطل وبالتالي حسابها عند الله سيكون عسيرًَا وشديدًا، ومن هذه المواجهات والحروب:

قتل مالك بن النويرة وقبيلته

قالب:مفصلة بعد أنْ انتقل الرسول الأكرم (ص) إلى الرفيق الأعلى، وأخذ أبو بكر بن أبي قحافة الخلافة، أرسل جيشًا وأَمَّرَ عليه خالد بن الوليد، إلى بني تميم وبالتحديد إلى بني يربوع، وكان سيّدهم الصحابي الجليل «مالك بن النُّوَيْرَة»، لأنّهم رفضوا تسليم الزكاة إلى أبي بكر بن أبي قحافة، لعدم اعترافهم بشرعية خلافته، وهذا ما صرّح به «مالك بن النّويرة» حيث قال: قالب:بداية قصيدة قالب:بيت قالب:نهاية قصيدة قالب:بداية قصيدة قالب:بيت[٨٠] قالب:نهاية قصيدة

مع العلم أن مالك بن النويرة هو مَنْ عَيَّنه الرسول (ص) في حياته عاملاً له في جَمْعِ زَكَاةِ قَوْمِهِ، وعندما بلغ المسير بخالد بن الوليد ومَن معه إلى حيث يقيم مالك بن النويرة وقبيلته في البطحاء، غدر بهم بعد أن استأمنوه، ثم قطع رأس مالك وجعله مع حجرين ثمّ طبخ عليهم قدرًا وأكل منه ليُرْهِبَ بذالك غيره كما يبرّر بعضهم، واغتصب زوجته في نفس اليوم الذي قتله فيه، وهذا ما دفع بأبو قتادة الأنصاري أن يحلف بأن لا يقاتل بعد تلك الحادثة تحت راية خالد بن الوليد، وكذلك دفع عمر بن الخطاب بأن يطلب من أبوبكر أن يعزل خالد، غير أنّ أبو بكر برّر لخالد هذه الفعلة وقال أنّه اجتهد في ما فَعَلْ.

«ذكر ذالك ابن سعد عن الواقديّ بسند له منقطع، فقتله ضرارُ بن الأزورِ الأسديّ صَبْرًا بأمر من خالد بن الوليد بعد فراغه من قتال الرّدّة، ثم خلف خالد على زوجته، فقدم أخوه مُتمِّمُ بن نُويرة على أبي بكر، فأنشده مرثية أخيه، وناشده في دمه وفي سَبيهم، فردّ أبو بكر السَّبْيَ.
وذكر الزبير ابن بكارٍ أن أبا بكر أمرَ خالدًا أن يفارق امرأة مالك المذكورة وأغلظ عُمر لخالد في أمر مالك وأمّا أبو بكر فعذره.
وقد ذكر قصته مطولةً سيف بن عمر في كتابه «الرِّدَّةِ والفتوح»، ومن طريقه الطبريّ وفيها أنّ خالد بن الوليد لما أتى البِطاح بثّ السرايا، فأتي بمالك ونفرٍ من قومه، فاختلف السّرسّة، فكان أبو قتادة ممّن شهد أنّهم أذّنوا وأقاموا الصلاة، وصلّوا، فحبسهم خالد في ليلة باردة، ثمّ أمر مناديًا فنادى، أدفئوا أسراكم، وهي في لغة كنانة: القتل، فقتلوهم، وتزوّج خالد بعد ذالك امرأة مالك، فقال عمر لأبي بكر إنّ في سيف خالد رَهَفًا، فقال أبو بكر: تأوّل فأخطأ ولا أَشِيمُ سيفًا سلّه الله على المشركين، وودَى مالكًا، وكان خالد يقول: إنّه إنّما أمر بقتل مالك، لأنّه كان إذا ذكر النبيّ (ص) قال: ما أخال صاحبكم إلاّ قال كذا وكذا، فقال له: أوَ ما تُعدُّه لك صاحبًا ؟
وقال الزبير بن بكّار في «الموفقيات»: حدّثني محمد بنُ فليح، عن موسى بن عقبة، عن ابن شهاب، أنّ مالك بن النويرة كان كثيرَ شعرِ الرأس، فلمّا قُتل أمر خالد برأسه فنُصِبَ أبنية لقِدْرِ، فنضج ما فيها قبل أن يَخلَصَ النّاس إلى شؤون رأسه، ورثاه مُتمّم أخوه بأشعارٍ كثيرةٍ، واسم امرأة مالك أمّ تميم بنت المنهال.
وروى ثابت بن قاسم في «الدلائل» أنّ خالدًا رأى امرأة مالك، وكانت فائقة في الجمال، فقال مالك بعد ذالك لامرأته: قتلتني، يعني سأُقْتَلُ من أجلِكِ، وهذا قاله ظنًّا.....».[٨١]

ومِمَن نقل وذكر هذه الحادثة:

  • ابن الأثير.[٨٢]
  • ابن عبد البر في كتابه «الاستيعاب»[٨٣]
  • ابن كثير في كتابه «البداية والنهاية».[٨٤]
  • الطبري في كتابه «تاريخ الرّسل والملوك» المعروف بتاريخ الطبري.[٨٥]

حرب الجمل

معركة الجمل هي أول المعارك التي واجهها الإمام علي بن أبي طالب (ع)، بعد أن بايعه المسلمون خليفة لهم، وقد جرت أحداثها سنة 36 هجرية،[٨٦] وهي المعركة التي واجه فيها الإمام علي (ع) الجيش الذي كانت تقوده عائشة بنت أبي بكر زوجة النّبيّ الأكرم (ص) مع الطلحة بن عبيد الله، و الزبير بن العَوَّامْ، وهم الذين سَمَّاهُمْ الرسول (ص) بــــ «النّاكثين» عندما أخبر الإمام علي (ع) بِمَنْ سيقاتلهم في قادِمِ الأيام.[٨٧]

فطلحة والزبير وبعد أن بايعا الإمام علي بن أبي طالب (ع) طَمعًا في أن يمكّنهما مِنْ إحدى الولايات، نَكَثَا بيعتهما.[٨٨]

بسبب أنّ الإمام علي (ع) لم يمكّنهما من أي منصبٍ، بل ما فعله معهما هو أنّه قطع عليهما ماكان يُقَدّمَه مَنْ سَبِقَهُ من خراج لهما، وأراد محاسبتهما في ما يملكان.قالب:بحاجة إلى مصدر

وبعد أن نَكَثَا بيعتهما حرّضا عائشة بنت أبي بكر لتكون في صفهما، وجيَّشوا النّاس ضد الإمام علي بن أبي طالب (ع)، حتّى ضلّ معهم قوم كثير، ثمّ توجّهوا به إلى العراق لمحاربة الإمام علي بن أبي طالب (ع)،[٨٩] وعند مرورهم بالبصرة غدروا بوالي الإمام علي (ع) بالبصرة الصحابي الجليل «عثمان بن حنيف»، فعذّبوه بِنَتْفِ شعر رأسه ولحيته وكذلك شعر جفونه وحاجبيه،[٩٠] وقتلوا أكثر من سبعين رجلٍ غير الجرحى من حرّاس بيت المال، ومن السبعين قتلوا خمسين رجلاً من خلال قطعِ رؤوسهم بعد أن أسروهم، منهم الصحابي «حكيم بن جبلة العبدي».[٩١]

وبعد ذلك تواجه الجيشان ووقعت مواجهة شرسة انتصر فيها الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وانجلت المعركة بموت الطلحة بن عبيد الله بسهم غدرٍ من مروان بن الحكم الذي كان يقاتل معه،[٩٢] وموت الزبير بن العوام الذي انسحب من المعركة بعد أن ذَكَّرََهُ الإمام علي (ع) بحديث لرسول الله (ص) عندما حذّره فيه من مقاتلة الإمام علي بن أبي طالب (ع) وهو ظالم له، فندم على مواجهة الإمام علي بن أبي طالب (ع)، وعندما انسحب وأراد الرجوع للبصرة لحقه عُمَير بن جرموز الذي هو من جيشه، وغدر به فقتله في منطقة تسمى «وادي السباع» بتدبير من الأخنف.[٩٣]

وقد اختلفت الروايات في عدد القتلى من الطرفين، وأقلها حوالي 7000 نفس، وأكثرها 30000 نفس.[٩٤]

أبرز الصحابة الذين شاركوا فيها:

من جيش الإمام علي (ع):

  • الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)
  • الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)
  • أبو أيوب الأنصاري،
  • خزيمة بن ثابت
  • عبدالله بن بديل
  • عبدالله بن عبّاس
  • عمّار بن ياسر
  • عمرو بن الحمق
  • عمر بن أبي سلمة ابن أم سلمة زوجة النبي (ص).
  • حجر بن عديّ
  • سهل بن حنيف
  • محمّد بن أبي بكر أخو عائشة بنت أبي بكر زوجة الرسول (ص).

من جيش الناكثين:

  • عائشة بنت أبي بكر بن أبي قحافة (زوجة النّبيّ الأكرم (ص))
  • الطلحة بن عبيد الله
  • الزبير بن العوام
  • مروان بن الحكم
  • عبد الله بن الزبير

حرب صفين

وقعت معركة صفين سنة 37 هجرية،[٩٥] أي بعد معركة الجمل، ودارت رحاها بين الإمام علي بن أبي طالب (ع) وجيشه من جهة، وبين معاوية بن أبي سفيان وجيشه الشامي من جهة أخرى، وَ هُم الذين أسماهم النّبي الأكرم (ص) بـــ «القاسطين».[٩٦]

وسبب المعركة هو أنّه وبعد أن بايع المسلمين الإمام علي (ع) خليفةً لهم، رفض معاوية الذي كان واليًا على الشام من زمن خلافة عثمان بن عفان، أن يبايع الإمام علي بن أبي طالب (ع)، بل ورفض أن يسلّمه بلاد الشام رافعًا قميص عثمان بن عفان المُلطَّخ بالدماء في المنابر لمدّة طويلة، طلبًا بدم عثمان بن عفّان من الإمام علي (ع) وأصحابه.[٩٧]

فبعد أن راسل الإمام علي (ع) معاوية بِكُتبٍ كثيرة، يَطلب فيها منه الدخول في البيعة مع المسلمين وتسليم ولاية الشام لعبد الله بن العبّاس، ومع تعنُّت معاوية وتمسّكه بولاية الشام[٩٨]، قَادَ الإمام علي (ع) جيشًا من أهل العراق و مكّة و المدينة و مصر إلى الشّام، لعزل معاوية بن أبي سفيان وادخال الشام ضمن حكومته الإسلامية،[٩٩] وكذلك أعدّ معاوية بِمَعُونَةٍ من داهية العرب عمرو بن العاص جيشًا من أهل الشام،[١٠٠] وتواجهَا في منطقة صفين حيث تقع اليوم مدينة الرّقة السورية على نهر الفرات، ووقعت مواجهة شرسة مات فيها الألوف من البشر.

وعندما كادت الحرب أن تنتهي بنصر الإمام علي (ع)، قام عمرو بن العاص بِخُدعته التي عرفت بـــ «رفع المصاحف» ممّا سبّب ذالك بتراجع قسم كبير من جيش الإمام علي (ع)، ورفضوا أمر الإمام علي (ع) بمواصلة القتال مُنَبِّهًا إياهم أنّها خدعة ترمي لافشال الإنتصار.[١٠١]

ومع رفض قسم كبير من جيش الإمام علي (ع) مواصلة القتال، وهم الذين عرفوا بعد ذالك بالخوارج، دعى معاوية بن أبي سفيان بإيعاز من عمرو بن العاص أن يتم انتخاب فرد من كلا الطرفين، وينزلوا عند ما يقرّرانه، فاختار معاوية عمرو بن العاص وفرض وجهاء أهل الكوفة الذين عرفوا بعد ذالك بالخوارج «أبو موسى الأشعري» على أن يمثّل جيش الإمام علي (ع)، وأطلق على تلك الحادثة بـــــ «حادثة التحكيم».

فخدع عمرو بن العاص أبو موسى الأشعري، وذالك تمّ بعد أن اتفقا الإثنان بأن يخرجا على النّاس ويقولا بأنّهما قرّرا خَلْعَ الإمام علي (ع) ومعاوية معًا، وبخُبثٍ ودهاء طلب عمرو من أبو موسى أن يتقدم في الكلام لكونه أكبر سنًّا وجاهًا، وبعد أن تحدّث أبو موسى بما اتّفقا عليه وهو خلع الإثنين، صعد عمرو المنبر وقال: إنني أخلع علي بن أبي طالب (ع) كما خلعه أبو موسى، ولكن أُثَبِّتُ معاوية بن أبي سفيان على الخلافة، ووقعت الخديعة الكبرى.[١٠٢]

وبخصوص عدد القتلى في هذه المعركة فقد اُختلفت الأقوال: فقيل عدد القتلى 120000 نفس، 90000 من جيش الشام، و20000 من جيش العراق، وقيل عدد الإجمالي للقتلى 70000، من أهل الشام 45000، ومن أهل العراق وغيرهم 25000، منهم 25 برديًا.[١٠٣]

  • أبرز الصحابة الذين شاركوا فيها:

من جيش الإمام علي (ع):

  • الإمام الحسن بن علي بن أبي طالب (ع)
  • الإمام الحسين بن علي بن أبي طالب (ع)
  • عمار بن ياسر (قتل في معركة صفين)
  • خزيمة ذو الشهادتين
  • هاشم بن عتبة
  • سهيل بن عمرو الانصاري
  • عبد الله بن كعب المرادي
  • أبو حازم البجلي
  • يعلى بن أمية
  • جندب بن زهير الأزدي الغامدي
  • حجر بن عديقالب:بحاجة إلى مصدر

من جيش القاسطين :

  • معاوية بن أبي سفيان
  • عمرو بن العاص
  • عبد الله بن عمرو بن العاص
  • مروان بن الحكم
  • معاوية بن خديج
  • الضحاك بن قيس
  • شرحبيل بن السمط
  • حبيب بن مسلمة
  • ذو الكلاع الحميري
  • بسر بن أرطاة (هناك تردّد في صحبته)

حرب النهروان

معركة النهروان هي تلك المواجهة العسكرية التي نشبت حوالي سنة 38 ه، ودارت بين الإمام علي بن أبي طالب (ع) وكان معه حوالي 35 ألف رجل،[١٠٤] والبعض مِمَن كان يُقَاتِل معه ضدَّ معاوية بن أبي سفيان ويُقدَّر عددهم بحوالي 4000 رجل،[١٠٥] وقيل أكثر،[١٠٦] وهم الذين سمّوا في ما بعد بــــ «الخوارج»، وسمّاهم الرسول الأكرم (ص)بـــ «المارقين» عندما أخبر الإمام علي (ع) بالذين سيقاتلهم من بعد رحيله(ص).[١٠٧]

فبعد أن كاد أن يُهزم جيش معاوية، دبَّر«عمرو بن العاص» حيلة لإقاف تقدُّم جيش الإمام علي (ع)، فأمر أصحابه برفع المصاحف على رؤوس الرّماح والدّعوة إلى تحكيم كتاب الله،[١٠٨] فعندما رفض الإمام علي (ع) ذالك، خرج عدد كبير مِمَن كان في جيشه، وطالبوا بالتَحَكُم للقرآن، ممّا دفع الإمام علي (ع) للرّضوخ لذالك مُكرهًا.[١٠٩]

وبعد أن خَدَعَ عمرو بن العاص - الذي كان يمثل معاوية بن أبي سفيان - أبو موسى الأشعري - الذي فرضه الطالبون للتحكيم ليكون ممثلًا عن الجيش الذي يقوده الإمام علي بن أبي طالب (ع)، الذي أراد أن يوكّل عبد الله بن العبّاس -،[١١٠] خرج مجموعة كبيرة مِمَّن كان مع الإمام علي (ع) وأعلنوا البراء من معاوية بن أبي سفيان ومِن الإمام علي بن أبي طالب (ع)، ورفعوا شعار «لا حُكْمَ إلاَّ لله»، وكان من هؤلاء صحابة حفاظ للقرآن.

وبعد أن اعتزل وخرج هؤلاء القوم عن الإمام علي بن أبي طالب (ع)، تركهم ولم يمنعهم عن المساجد، وعندما أعدموا الصحابي «عبد الله بن خباب بن الأرت» وبقروا بَطنَ زوجته الحامل،[١١١] أَعَدَّ لهم الإمام علي (ع) جيشًا وتوجَّه به إليهم، ثمّ قامت الحرب فانتصر الإمام علي بن أبي طالب (ع)، ولم ينجُ من الخوارج إلاّ قِلَّةٌ قَليلة قد تمكّنت مِنَ الهروب أثناء القتال، ومِنْ أشهرهم «عبد الرحمان بن ملجم» الذي قتل الإمام علي بن أبي طالب (ع).

  • أبرز الصحابة الذين شاركوا فيها:

من جيش الإمام علي (ع):

  • أبو أيوب الأنصاري
  • أبو قتادة الأنصاري
  • حجر بن عدي
  • قيس بن سعد بن عبادة.[١١٢]

القادة والصحابة من الخوارج المارقين :

  • زيد بن حصين الطائي
  • حرقوص بن زهير التميمي
  • شريح بن أوفى العبسي
  • فروة بن نوفل الأشجعي
  • عبد الله بن شجرة السلمي
  • حمزة بن سنان الأسدي
  • عبد الله بن وهب الراسبي[١١٣]

عدالة كل أصحاب النّبيّ (ص)

وقع الخلاف بين أعلام أهل السنّة أولا، وبين الشيعة وأهل السنّة ثانيا، في خصوص الحُكم بعدالة كل أصحاب رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم، فذهب مشهور أعلام أهل السنّة إلى القول بعدالة كل أصحاب رسول الله (ص)، سواء كان هذا الصحابيّ مِمَن لازم وعاشر النبي الأكرم (ص) أو كان قد رآه ولو لمرّة واحدة أو فقط روى عنه رواية واحدة، بينما اتّفقت الشيعة وبعض أعلام أهل السنّة بعدم الحُكم بعدالة كلّ أصحاب النبي (ص) مع تفاوةٍ في الأراء بين الشيعة والبعض من أعلام أهل السنّة والجماعة.

عند الشيعة

ذهب الشيعة للقول بعدم عدالة كلالصحابة سواء كانوا مِمَن رأو الرسول (ص) لمرّة أو لازموه في الصُحبة، وذالك لأنّ الأفراد الذين عايشوا مرحلة حياة النبي محمد صلى الله عليه وآله وسلم وعاصروه فيهم المُشرك و الكافر و المنافق و المسلم و المؤمن و العاصي ومرتكب الكبيرة وقاتل النّفس بغير وجه حقٍّ.

وعليه قالوا: أنّ مجرّد معاصرة النبي (ص) أو رُؤْيَته أو الحديث معه أو الرواية عنه أو حتى ملازمته لا فضل فيهم، بل الضابطة التي يترتب عليها الفضل والتبجيل هي الإيمان بالله و رسوله (ص) وكل ماجاء به النبيّ الأكرم (ص) وأخبر عنه، والسير طبق ما تقتضيه التقوى والعمل الصالح في الدنيا إلى أن يتوافاه الله فينتقل من هذه الدّنيا وهو على طريق الهداية والصلاح، وبالتالي فكلّ مَنْ آمن بالله ورسوله (ص) وعمل صالحًا، ثمّ في آخر عمره انقلب على عاقبيه فحاد عن الصراط المستقيم، وفضل دنياه على آخرته، وارتكب ماحرّم الله وحرّم ما حلّل الله، وفعل ما اعتبره الإسلام كبيرة فقتل النّفس المؤمنة بدون حقّ، واستباح حُرُمات وأعراض المسلمين، هو فردٌ لا عدالة له، ولا فضل له على أحد بل هو أشد دُنُوًا من غيره لخصوصية أنّه كان مع صاحب الوحي (ص)، وكانت المعاجز والآيات تحصل أمام ناظريه، وللشيعة في هذا الموقف أدلّة كثيرة من كتاب الله أولا، ومِن سنّة نبيّه صلى الله عليه وآله وسلم، وكذلك ما يَحْكُمْ ويقتضيه العقل البشري الذي جعله الله حجّة على خلقه.[١١٤]

عند السنّة

ذهب مشهور أعلام أهل السنّة والجماعة إلى الحُكم بعدالة كلّّ من يصدق عليه كونه صاحب لرسول الله (ص)، غير أنّ هناك مَن مِن أعلامهم مَن خالف هذا المشهور، وكذلك وقع بينهم اختلاف في تحديد مَن يَصحُّ إطلاق لفظة الصاحب عليه ؟

فقال أهل الحديث: أنّ الصحابيّ هو كل مَن رأى النبيّ (ص) أو حدّث عنه برواية، وبالتالي قالوا: أنّ كل من رأى الرسول الأكرم (ص) أو روى عنه رواية واحدة هو عادل ثقة لا يجب البحث عن حاله حين أخذ الرواية منه.
وقال الأصوليون: أنّ الصحابيّ هو مَن لازم وعاشر النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلم وبعضهم أضاف قيد «وأخذ العلم منه»، وعليه قالوا: أنّ كل من صاحب ولازم النّبي (ص) هو عادل ثقة لا يجب التحقيق في عدالته عند أخذ الرواية منه.

ويترتّب على الحُكم بالعدالة لكلّ الصحابة، جُملة من الأحكام الأخرى:

  1. عدم لزوم البحث عن حال الصحابيّ من جهة عدالته و وثاقته و أَمَانَتِهِ.
  2. التسليم والإعتقاد بأنّ الصحابة من أهل الجنّة.
  3. وجوب تصديق الصحابيّ في ما ثبت أنّه قالَهُ.
  4. عدم جواز تكذيب الصحابيّ في ما يقول ويروي.
  5. وجوب الأخذ بكلّ رواية ثَبَتَ أنَّ الصحابيّ قد رَوَاها.
  6. ضرورة احترام وتبجيل كلّ الصحابة.
  7. ضرورة الاقتداء بهم وبأفعالهم وسيرتهم.
  8. تفسيق كل مَن ينتقد ويحاسب أحد من الصحابة في فعله أو قوله.
  9. وبعضهم حَكَمَ بكُفْرِ كلّ مَنْ تكلّم في أحدٍ مِنَ الصّحابة لأجل جريمةٍ شنيعةٍ فعلها، أو كبيرةٍ ارتكبها.[١١٥]

دعوى الإجماع على عدالتهم

نقل أكثر من واحدٍ اتفاق وإجماع أعلام أهل السنّة على الحُكمِ بعدالة كلّ الصحابة،ومِمَن نقل هذا الإجماع «ابن حجر العسقلاني» في مصنّفه «الإصابة في تمييز الصحابة» حيث قال: «اتّفق أهل السنّة على أنّ الجميع عدول».[١١٦]

وكذلك قال ابن الصلاح في مقدمته: «ثمّ إنّ الأمّة مجمعة على تعديل جميع الصحابة، ومَن لابس الفتن منهم كذلك، بإجماع العلماء الذين يُعتدّ بهم في الإجماع، إحسانًا للظنّ بهم».[١١٧]

غير أنّ هذه الدعوى تتعارض مع ما نقله جماعة أخرى من أعلام أهل السنّة، منهم:

  • الآمدي الذي ذكر أقوال عديدة في مسألة عدالة الصحابة عند أهل السنّة، حيث قال:
«قال قوم: إنّ حكمهم [ أي الصحابة ] في العدالة حًكْمَ مَن بعدهم في لزوم البحث عن عدالتهم عند الرواية، ومنهم من قال: إنّهم لم يزالوا عدولاً إلى حين ما وقع مِنَ الإختلاف والفتن فيما بينهم، وبعد ذالك فلابد مِن البحث في العدالة عن الراوي أوالشاهد منهم، إذا لم يكن ظاهر العدالة، ومنهم مَن قال: بأنّ كل من قاتل عليًا عالمًا منهم، فهو فاسق مردود الرواية والشهادة، لخروجهم عن الإمام الحق، ومنهم مَن قال: بِرَد رواية الكلّ [ أي الذين شاركوا في الحروب من الطرفين ][١١٨] وشهاداتهم، لأنّ أحد الفريقين فاسق، وهو غير معلوم ولا معيّن، ومنهم مَن قال: بقبول رواية كلّ واحد منهم وشهادته إذا انفرد، لأنّ الأصل فيه العدالة، وقد شككنا في فسقه، لا يقبل ذالك منه مع مخالفته غيره لتحقّق فسق أحدهما من غير تعيين».[١١٩]
  • ابن الحاجب الذي نقل أيضًا عدّة أقوال لأهل السنة في مسألة عدالة كلّ الصحابة، فقال:
«الأكثر على عدالة الصحابة، وقيل: كغيرهم [ أي أنّ الصحابة كغيرهم من المسلمين في العدالة ]، وقيل إلى حين الفتنة [ أي العدالة ثابتة لهم حتى وقعوا في فتنة الحروب فسقطت عدالتهم ] فلا يُقبلُ الدّاخلون، لأنّ الفاسق [ منهم ] غير مُعيّن، وقالت المعتزلة عدول إلاّ مَن قاتل عليًّا»،[١٢٠] وأكّد الأقوال التي ذكرها «ابن الحاجب»، العضدي في شرحه على مختصر ابن الحاجب.[١٢١]
  • إمام المالكية في عصره (القرن الخامس هجري) «محمد بن علي التَّميمي المازَري» يعترف بأنّ في الصحابة من بدّل وغيّر دينه بعد النّبيّ (ص)، وهم ساقطوا العدالة، فقال:
«فإن قيل: عدالتهم في تعديل الصحابة على ما تلوتم من القرآن وصدقتم، ولكن حدثت بعد ذالك حوادث تسقط العدالة [ ذُكِرت ] في الموطأ وغيره من الصحاح، [ مثل ] حديث الحوض وأخباره.......قيل: أمّا هذا الحديث فمحال أن يرد به مَن أشرنا إليه من الصحابة رضي الله عنهم، ما بدّلوا ولا غيّروا، إنّما أشار إلى مَن بدّل دينه وغَيَّرْ، وقد بدّل قوم دينهم وغيّروا، وأولئك ليسوا الذين أردناهم، ولا هم المروي عنهم هذه الشريعة، وقد ذكرنا تأويلهم في القتال الذي جرى بينهم».[١٢٢]

مواقف سلبية لبعض أعلام السنة

نقل ابن حجر العسقلاني في تهذيب التهذيب: أنّ الحافظ «ابن جرير الظبي»، الذي أخرج له أصحاب الصحاح الستة في صِحَاحِهم وسُنَنِهِمْ[١٢٣]: «كان مِمَن يجاهر بلعن معاوية بن أبي سفيان».[١٢٤]

ونقل الذهبي في مصنفه «سير أعلام النبلاء»، أنّ شيخ وأستاذ أحمد بن حنبل و يحيي بن معين،«عبد الرزاق الصنعاني» كان يستقذر ذكر معاوية بن أبي سفيان، حيث قال:

قال أبو جعفر العقيلي: حدثنا أحمد بن بكير الحضرمي، حدثنا محمد بن إسحاق بن يزيد البصري، سمعت مخلدا الشعيري، يقول: ’’ كنت عند عبد الرزاق، فذكر رجل معاوية، فقال: لا تُقَذَّر مجلسنا بذكر وِلْدِ أبي سفيان [يقصد معاوية بن أبي سفيان] » [١٢٥]

وأخرج الطبري في تاريخه، أنّ أحد أعمدة الرواية من التابعين، الفقيه المحدّث ’’ الحسن البصري ‘‘؛ كان يجرّح ويسقّط عدالة معاوية بن أبي سفيان، حيث قال :

قال أبو مخنّف: عن الصقعب بن زهير، عن الحسن ، قال: ’’ أربع خصال كنّ في معاوية، لو لم يكن فيه منهنّ إلاّ واحدة لكانت مُوبقة: انتزاؤُه على هذه الأمّة بالسفهاء حتى ابتزّها أمرها، بغير مَشورة منهم وفيهم بقايا الصحابة وذو الفضيلة، استخلافه ابنه بعده، سِكيرًا خميرًا، يلبس الحرير ويضرب بالطنابير، ادّعاؤوه زيادًا، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: الولد للفراش وللعاهر الحجر، وقتله حجرًا، ويلاً له من حُجر ، [ قالها ] مرتين ‘‘[١٢٦]

فضل ومكانة أصحاب النبي (ص)

لم يختلف الشيعة و السنّة في عموم فضل ومكانة أصحاب الرسول (ص) الصادقين المُخلصين المُنْتَجَبِين، بل الخلاف بينهما وقع في مسألتين:

  • الأولى: في تعميم هذا الفضل والمكانة على كل من صدق عليه أنّه صحابيّ.
  • الثانية: في الأحكام التي تترتّب على هذا الفضل والمكانة للصحابة.

عند الشيعة

لأصحاب النبيّ محمد صلى الله عليه وآله وسلمالصادقين المنتجبين مكانة كبيرة في نفوس الشيعة، وكذلك يرونَ لهم الفضل في تركيز دعائم دين الإسلام في مراحل ظهوره الأولى، ولم يقف الأمر عند ذالك بل إنّهم يكنون كلّ الإحترام ويرون الفضل في إيصال الدين أيضًا لأصحاب الإمام علي بن أبي طالب (ع) وكلّ أصحاب أئمة أهل البيت (ع) الصادقين المخلصين الذين لم يحيدوا عن الصراط المستقيم، وبذلوا الكثير لايصال هذا الدين لنا ويُرتّبون على ذالك الإحترام والتقدير الكبيرين والتبجيل والتقديم لهم، لِمَا بذلوه من تضحيات جسام، حفاظًا على هذا الدين والخط المحمّدي الأصيل. غير أنّ الشيعة لا يرون قداسة لأحدٍ بحيث يكون خارج دائرة البحث والتدقيق عن حال عدالته ووثاقته، إلاّ النبيّ محمد (ص) و أئمة أهل البيت (ع) لِمَا لهم من عصمة مانعة لهم مِنَ الوُقُوع في الخطأ والذنب بنصٍّ مِنَ القرآن في آية التطهير، أمّا ماعدى هؤلاء - سواء كانوا مِن أصحاب النّبيّ أو الأئمة - فهم خاضعون لِلْجَرْحِ والتَعْدِيل، والبحث والتحقيق عن حال عدالتهم ووثاقتهم، فمن ثبتت استقامته على طبق ما يقتضيه دين الإسلام فهو محترم ومبجّل ومُعْترف بفضله، ومَن ثَبُتَ فيه عكس ذالك، بحيث تجاوز حدود الله وَحَادَ عمّا تقتضيه التقوى التي فرضها الله فتسقط عدالته عند الشيعة ويُصْبِحُ حاله كحال أي فردٍ من عصات أمَّةِ محمد صلى الله عليه وآله وسلم، بل أمرهم أشدّ بالنسبة لما عليه باقي أفراد الأمّة العُصُاة، الذين لم يرو ولم يشاهدوا النبيّ (ص) أو أحد أئمة أهل البيت (ع).[١٢٧]

عند السنّة

تَبَنَّى السواد الأعظم من أهل السنّة والجماعة رأيًا وموقفًا نحو أصحاب رسول الله (ص) تَصِفُه الشيعة بالغلو البالغ حدّ التناقض، فأهل السنّة والجماعة رغم كونهم من الناحية النظرية لا يقولون بعصمة أصحاب رسول الله (ص)، والتي أيضًا ينفونها عن النّبيّ الأعظم (ص)، إلاّ أنّهم ومن الناحية العملية يضعونهم في مقام المعصوم الذي لا يخطئ، وإن أخطأ فخطأه مبرّر وغير قادحٍ في عدالته.[١٢٨]

كما أيضًا يرون لزوم تفضيل الصحابة وتقديسهم لدرجة أنّهم يوجبون الأخذ بكل ما يَرْوُونَهُ عن النّبيّ (ص) بدون البحث عن صدقهم في ذلك،[١٢٩] كما أنّهم يحافظون ويدافعون عن هذه القداسة مهما كانت درجة شناعة فعل الصحابيّ، فتراهم يقدّسون لدرجة التَرَضِّي على الإمام «علي بن أبي طالب (ع)» في الوقت الذي يترضون فيه على «معاوية بن أبي سفيان»، وقد قامت حرب طويلة بينهما مات فيها الألوف من المسلمين، منهم الكثير من الصحابة كـــ «عمّار بن ياسر» رضي الله عنه، بل وصل الأمر أن يترضوا على «معاوية بن أبي سفيان» القاتل، في الوقت الذي يترضون فيه على «حجر بن عُدي» الذي قتله معاوية بن أبي سفيان مع مجموعة من أصحابه وصلبهم في الممرّات، لأنّهم رفضوا سبّ ولعن وإعلان البراءة من الإمام علي بن أبي طالب (ع) الذي يترضون عنه أيضًا.

وكذلك، يدافعون ويحافظون على فضل ومكانة الصحابي حدّ الترضي عليه، ولو ارتكب الكبيرة التي حرّمها الإسلام وفسّق صاحبها، أو قَتَلَ النّفس المؤمنة بدون وجه حقّ، فتجدهم يترضون على «الوليد بن عُقبة» الذي ولاّه عثمان بن عفّان على الكوفة زمن خلافته، رغم ثبوت أنّه صلّى بالمسلمين صلاة الصُبح أربعة ركعات وهو في حالة سُكْرٍ، وعندما أكمل ونَبَّهَهُ البعض لذالك التفت للنّاس وهو سكران وقال لهم: هل أزيدكم، وهذا نص الرواية.

أخرج أحمد بن حنبل في مسنده، قال: «حدثنا يزيد بن هارون أنبأنا سعيد بن أبي عروبة عن عبد الله الداناج عن حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة أن الوليد بن عقبة صلى بالناس الصبح أربعا ثم التفت إليهم فقال أزيدكم فرفع ذلك إلى عثمان فأمر به أن يجلد فقال علي للحسن بن علي قم يا حسن فاجلده قال وفيم أنت وذاك فقال علي بل عجزت ووهنت قم يا عبد الله بن جعفر فاجلده فقام عبد الله بن جعفر فجلده وعلي يعد فلما بلغ أربعين قال له أمسك ثم قال ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم في الخمر أربعين وضرب أبو بكر أربعين وعمر صدرا من خلافته ثم أتمها عمر ثمانين وكل سنة».[١٣٠]

ونقل الحديث أيضا:

  • مسلم في صحيحه.[١٣١]
  • البخاري في صحيحه.[١٣٢]
  • أبو داود في سننه.[١٣٣]
  • ابن ماجه في سُننه.[١٣٤]
  • البيهقي في سُننه الكبرى.[١٣٥]

الترضّي على الصحابة

عند العودة للنّصوص القرآنية و الروائية المنقول عن الرسول الأكرم (ص)، لا نجد أي نصٍ يأمرُ أو يُرشِدُ إلى الترضي على الصحابة بعد ذكر أسماهم، وهذا الأمر تتفق عليه الشيعة و السنّة، غير أنّ ما ورد في القرآن الكريم هو وجوب و لزوم الصلاة و التسليم على رسول الله محمد صلى الله عليه وآله وسلم قالب:قرآن،[١٣٦]أمّا ما ورد من الروايات عن النّبيّ الأكرم (ص) سواء مِن طُرُق الشيعة أو أهل السنّة، فالقَدْرُ الثابت و المتواتر هو لزوم الصلاة على «آل محمد» دون غيرهم تبعًا للصلاة على رسول الله (ص)،وفي ذالك نصوص كثيرة ومُتواترة. أخرج منها مسلم في صحيحه،[١٣٧] والبخاري في صحيحه،[١٣٨] وابن داود في سننه،[١٣٩] والترمذي في سننه،[١٤٠] وابن ماجه في سننه.[١٤١]

ورغم عدم وجود أي نصٍّ في الترضي على الصحابة، وكذلك عدم وجود نصٍّ صريح في إدخال الصحابة ضِمن الصلاة على النبيّ (ص)، فقد وقع خلاف بين الشيعة والسنّة في مسألة الترضي على الصحابة، وكذلك إدخالهم ضمن الصلاة على النّبيّ الأكرم محمد صلى الله عليه وآله وسلم.

رأي الشيعة

فقالت الشيعة أنّ إدخال الصحابة في الصلاة على النّبيّ (ص)، لا دليل صريح عليه من حيث المبدأ لا من طُرُق السنّة فضلا على طُرق الشيعة، وبالتالي أجمعت الشيعة على توقيف الصلاة النبوية على النّبي (ص) و آله الطاهرين (ع) في التشهد الذي هو جزء من الصلاة اليومية كما بيّن ذالك النّبيّ الأكرم (ص)،[١٤٢] وقالوا: بعدم جواز إضافة غيرهم فيها، غير أنّ مشهورهم لم يحرّم ضمّ الصحابة في الصلاة التي هي في غير الصلاة اليومية، وإن كانت الشهرة العملية عندهم متوقّفة في الصلاة على النّبيّ (ص) بذكر الآل بعد النّبي (ص) وجوبًا، وعدم ذكر غيرهم لعدم وجود دليل.

أمّا في ما يتعلّق بالترضي الذي هو دعاء لا غير، فيرون أنّه غير متعلّق بالصحابة لوحدهم لعدم وجود أي دليل قرآني أو روائي يخصّهم بذالك، وإنّما الأدلّة التي وردت جاءت في استحباب مطلق الدعاء للمؤمنين الصالحين، وعليه فتخصيص دعاء الترضي بالصحابة دون غيرهم لا دليل عليه، وكذلك قالوا: أنّ تعميم الدعاء بالترضي على كل الصحابة فيه إشكال، لأنّ أدلّة استحباب الدعاء التي وردت متعلّقة فقط بالمؤمنين الصالحين، والبعض ممّن يصدق عليهم أنّهم أصحاب النّبي (ص)، أثبتت الأدلة الروائية أنّهم قد ارتكبوا أفعال تُخرجهم من دائرة الصلاح، وعليه فالدعاء بالتّرضي لابدّ أن يكون فقط في أصحاب النّبيّ (ص) الذين صاروا على طِبْقِ هُداهُ (ص) حتّى وافتهم المَنِيَّةُ.

وعليه فقالوا: أنّ عدم جواز الترضيّ على كل مَنْ صدق عليه أنّه صحابيّ لرسول اللّه (ص)، راجع لتضافر الآيات و الروايات التي تكشف أنّ فيهم مَن هو مِنْ أهل النّار، لكونهم منافقين أو مرتدّين أو مارقين أو قاسطين أو ناكثين، وكذلك فيهم مَن هو شارب للخمر مثل «الوليد بن عقبة»، أو مرتكب لفاحشة الزّنى وقتل النّفس المؤمنة بدون وجه حقّ مثل ما فعل «خالد بن الوليد» بــ «مالك بن النويرة» وزوجته، ويرون أنّ الحروب الدموية التي قامت بينهم بعد رحيل الرسول (ص) كافية لتوضيح هذه الحقيقة، أمّا الصحابة الذين جاهدوا في الله حقّ جهاده، وأثبت لهم التاريخ أنّهم صاروا على الاستقامة حتى وافتهم المَنِيَّة، فيرون أنّ الدعاء لهم بالترضّي وغيره، فيه مِنَ الأجر الكثير.

  • بعض الصحابة الذين تُرَضِي عليهم الشيعة:

لا يمكن حصر عدد الصحابة الذين تحترمهم الشيعة وترضي عنهم لكثرتهم و عدم ذكر أغلبهم في المصادر التارخية والرجالية، فمنهم الكثير الذين استشهدوا في الحروب التي خاضها النّبيّ الأكرمصلى الله عليه وآله وسلم في حياته، ومنهم من استشهد مع الإمام علي بن أبي طالب (ع) في حروبه الثلاثة، وهم بالمئات والألوف.

وهؤلاء بعض من الصحابة المشهورين المعروفين، الذين تُجلّهم الشيعة وتحترمهم وترضي عليهم، وهم:

  1. أبو ذر الغفاري
  2. أبو سعيد الخدري
  3. أبو الهيثم بن تيهان
  4. أبو عمرو الأنصاري
  5. أبو رافع القبطي
  6. جابر بن عبد الله الأنصاري
  7. خزيمة بن ثابت بن الفاكه
  8. حذيفة بن اليمان
  9. الحصين بن المنذر «أبو ساسان الأنصاري»
  10. حبيب بن مظاهر الأسدي
  11. سلمان المحمّدي «الفارسي»
  12. سليمان بن صرد الخزاعي
  13. سهل بن حنيف
  14. عمّار بن ياسر
  15. عمرو بن الحمق
  16. عثمان بن حنيف
  17. المقداد بن الأسود
  18. محمد بن أبي بكر
  19. زيد بن صوحان العبدي

رأي السنّة

أمّا أعلام أهل السنّة والجماعة فقالوا: باستحباب التَرضّي على كل مَن صَدَقَ عليه أنّه صحابيٌّ، بدون البحث عن حاله وسيرته، لأنّ العدالة قد ثبتت لهم مسبقًا، غير أنّهم اختلفوا في جواز الترضي على غير الصحابة، فمنهم من قال: أنّ الترضي يتعدى لغير الصحابي، ومنهم من أوقف الترضي عند الصحابة فقط.[١٤٣]

كما أجمعوا على لزوم الصلاة على النّبي (ص) وآله، واختلفوا في الصلاة على باقي الأنبياء بالاستقلال، وكذلك اختلفوا في غيرهم كالصحابة فمنهم من حرّم الصلاة عليهم بالاستقلال، ومنهم مَن كرِهَها تنزيها، والبعض الآخر ذهب إلى كون ذالك خلاف الأولى ولا كراهة فيه، أمّا إلحاق الصحابة في الصلاة على النّبيّ (ص) فقد ذهب المشهور من أهل السنّة لتجويزه.[١٤٤]

الشيعة وتهمة سبّ الصحابة

يرى أعلام الشيعة أنّه وعبر التاريخ الإسلامي وقع اتهامهم كذبًا وزورًا بسبّ ولعن كل صحابة رسول الله (ص)، وكذلك يرون أنّ الحُكَّام هم مَنْ يقف وراء إلصاق مثل هذه التهم بهم، من خلال ما يُعْرَفُون بعلماء السلطان، وخاصة في الفترة التي حكمت فيها أُسْرَتَيْ بني أمية وبني العبّاس اللّتين كانتا تَرَيَانِ في الشيعة الخصم المعارض لسلطانهم.

والحقيقة هي خلاف ذالك، لأنّ جملة كبيرة من علماء وفقهاء الشيعة رغم تسليمهم بأنّ بعض الصحابة قد انقلبوا على أعقابهم بعد أن ارتحل الرسول الأكرم (ص) للرفيق الأعلى، ورغم إقرارهم بأنّ في الصحابة مَن ارتكب ما حرّم الله، وفيهم من ظلم أهل البيت (ع) وسلبهم حقّهم، إلا أنّهم يحرّمون ويمنعون التعرّض بالسبّ و اللّعن لكل مَنْ يراهم غير الشيعة مقدسين لديهم.[١٤٥]

واستدلوا في المنع بالقرآن و السنّة الواردة عن طريق أهل البيت (ع):

الدليل القرآني على المنع

قوله تعالى: قالب:قرآن،[١٤٦] والتي تفيد النّهي عن سبّ المخالف في الدين، ومن باب الأولوية ينطبق ذالك النهي على المخالف في المذهب.

الدليل الروائي على المنع

  • أخرج الشيخ الصدوق في كتابه «عيون أخبار الرضا (ع)» بسند صحيح، عن الإما الرضا (ع) قال: «إِنَّ مُخَالِفِينَا وَضَعُوا أَخْبَاراً فِي فَضَائِلِنَا وَجَعَلُوهَا عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْسَامٍ:أَحَدُهَا: الْغُلُوُّ. وَثَانِيهَا: التَّقْصِيرُ فِي أَمْرِنَا. وَثَالِثُهَا: التَّصْرِيحُ بِمَثَالِبِ أَعْدَائِنَا.
فَإِذَا سَمِعَ النَّاسُ الْغُلُوَّ فِينَا كَفَّرُوا شِيعَتَنَا وَنَسَبُوهُمْ إِلَى الْقَوْلِ بِرُبُوبِيَّتِنَا. وَإِذَا سَمِعُوا التَّقْصِيرَ اعْتَقَدُوهُ فِينَا. وَإِذَا سَمِعُوا مَثَالِبَ أَعْدَائِنَا بِأَسْمَائِهِمْ ثَلَبُونَا بِأَسْمَائِنَا»[١٤٧]
  • ونقل العلامة المجلسي في «بحاره»، قال: «خَرَجَ حُجْرُ بْنُ عَدِيٍّ وَعَمْرُو بْنُ الْحَمِقِ يُظْهِرَانِ الْبَرَاءَةَ مِنْ أَهْلِ الشَّامِ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمَا عَلِيٌّ أَنْ كُفَّا عَمَّا يَبْلُغُنِي عَنْكُمَا.. فَأَتَيَاهُ فَقَالَا يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَلَسْنَا مُحِقِّينَ؟!
قَالَ: بَلَى. قالا: أو ليسوا مبطلين؟. قال: بلى. قَالَا: فَلِمَ مَنَعْتَنَا مِنْ شَتْمِهِمْ؟!.
قَالَ: كَرِهْتُ لَكُمْ أَنْ تَكُونُوا: لَعَّانِينَ، شَتَّامِينَ تَشْتِمُونَ، وَتَتَبْرَءُونَ، وَلَكِنْ لَوْ وَصَفْتُمْ مَسَاوِئَ أَعْمَالِهِمْ فَقُلْتُمْ مِنْ سِيرَتِهِمْ كَذَا وَكَذَا، وَمِنْ أَعْمَالِهِمْ كَذَا وَكَذَا، كَانَ أَصْوَبَ فِي الْقَوْلِ وَأَبْلَغَ فِي الْعُذْرِ، وَ«لَوْ» قُلْتُمْ مَكَانَ لَعْنِكُمْ إِيَّاهُمْ، وَبَرَاءَتِكُمْ مِنْهُمْ: اللَّهُمَّ احْقُنْ دِمَاءَهُمْ، وَدِمَاءَنَا، وَأَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِهِمْ وَبَيْنِنَا، وَاهْدِهِمْ مِنْ ضَلَالَتِهِمْ، حَتَّى يَعْرِفَ الْحَقَّ مِنْهُمْ مَنْ جَهِلَهُ، وَيَرْعَوِيَ عَنِ الْغَيِّ وَالْعُدْوَانِ مِنْهُمْ مَنْ لَجَّ بِهِ، لَكَانَ أَحَبَّ إِلَيَّ، وَخَيْراً لَكُمْ.».[١٤٨]

المصادر والمراجع

  • القرآن الكريم.
  • ابن أبي شيبة، عبد الله بن محمد، المصنّف، الرياض، مكتبة الرشد ناشرون، ط 1، 1425 هـ/ 2004 م.
  • ابن الأثير، علي بن محمد، أسد الغابة في معرفة الصحابة، بيروت، دار ابن حزم، ط 1، 1433 هـ/ 2012 م.
  • ابن الأثير، علي بن محمد، الكامل في التاريخ، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1407 هـ/ 1987 م.
  • ابن الصلاح، عثمان بن الصّلاح، مقدمة ابن الصّلاح ومحاسن الاصطلاح، القاهرة، طبعة دار المعارف.
  • ابن تيمية، أحمد بن عبد الحليم، تقريب الصارم المسلول على شاتم الرسول، إعداد صلاح الصّاوى، دار الإعلام الدولي، د.ت.
  • ابن جنبل، أحمد بن حنبل، المسند، الرياض، دار بيت الأفكار الدولية للنشر والتوزيع، 1419 هـ/ 1998 م.
  • ابن حاجب، عثمان بن عمر، مختصر منتهى السؤال، تحقيق نذير حَمَادو، بيروت، دار ابن حزم، ط 1، 1427 هـ/ 2006 م.
  • ابن حزم الأندلسي، علي بن أحمد، المُحلّى، مصر، إدارة الطباعة المنيرية (محمد منير عبد أغا الدمشقي)، ط 1، 1347 هـ.
  • ابن شعبه الحراني، الحسن بن علي،‏ تحف العقول،‏ المحقق والمصحح: علي أكبر الغفاري، قم، جامعه المدرسين‏، ط 2، 1404 هـ.‏
  • ابن شهر آشوب، محمد بن علي،‏ مناقب آل أبي طالبعليهم السلام، قم‏، علامه، ط 1، ‏‏1379 هـ.
  • ابن عاشسور، محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، تونس، الدار التونسية للنّشر، 1984 م.
  • ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، بيروت، دار الجيل، ط 1، 1412 هـ/ 1992 م.
  • ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ دمشق، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1418 هـ/ 1998 م.
  • ابن فارس، أحمد بن فارس، معجم مقاييس اللّغة، بيروت، دار الفكر، 1399 هـ/ 1979 م.
  • ابن كثير، إسماعيل بن عمر، الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث، الرياض، مكتبة المعارف للنشر والتوزيع، ط 1، 1417 هـ/ 1996 م.
  • ابن ماجه، محمد بن يزيد، سنن ابن ماجه، دار إحياء التراث العربي، بيروت، ط 1، 1421 هـ/ 2000 م.
  • أبو داود، سليمان بن الأشعث، سنن أبي داود، بيروت، دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • أشكناني، شبير مراد، عدالة الصحابة في الميزان، د.م، د.ن، د.ت.
  • الإمام العسكري (ع)، الحسن بن عليعليه السلام، تفسير الإمام الحسن العسكري (ع)،‏ قم،‏‏ مدرسة الإمام المهديقالب:عج، ط 1، 1409 هـ.‏‏‏
  • الإمام زين العابدين (ع)، الصحيفة السجادية، قم، مؤسسة الإمام المهدي(عج)، ط 1، 1411 هـ.
  • الآمدي، علي بن محمد، الأحكام في أصول الأحكام، الرياض، دار الصميعي للنشر والتوزيع، ط 1، 1424 هـ/ 2003 م.
  • الأمين، محسن، أعيان الشيعة، بيروت، دار التعارف للمطبوعات، 1403 هـ/ 1983 م.
  • الإيجي، عبد الرحمن بن أحمد، شرح العضدي على مختصر منتهى السؤال، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1421 هـ/ 2000 م.
  • البحراني، ميثم بن علي، شرح نهج البلاغة، قم، مؤسسة دار الحبيب، ط 1، 1428 هـ.
  • البخاري، محمد بن إسماعيل، صحيح البخاري، بيروت، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، 1420 هـ/ 2000 م،.
  • البزّار، أحمد بن عمر، البحر الزاخر (المعروف بمسند البزّار)، المدينة (السعودية)، مكتبة العلوم والحكم، ط 1، 1409 هـ/ 1988 م.
  • البلاذري، أحمد بن يحيى، أنساب الأشراف، بيروت، دار الفكر، ط 1، 1417 هـ-1996 م.
  • البهائي، محمّد بن عزّ الدين، الحبل المتين في إحكام أحكام الدين، مشهد، مؤسسة الطبع والنّشر التابعة للعتبة الرضوية المقدّسة، ط 1، 1424 هـ.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، السنن الكبرى، بيروت، دار الكتب العلمية، الطبعة الثالثة، 1424 هـ/ 2003 م.
  • البيهقي، أحمد بن الحسين، دلائل النبوة، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1408 هـ / 1988 م.
  • الترمذي، محمد بن عيسى، سنن الترمذي، بيروت، دار إحياء التراث العربي، ط 1 1421 هـ/ 2000 م.
  • الجوزي، عبد الرحمن بن علي، تفسير زاد المسير، بيروت، دار ابن حزم، ط 1، 1423 هـ/ 2002 م.
  • الجويني، إبراهيم بن محمد، فرائد السمطين، بيروت، مؤسسة المحمودي للطباعة والنشر، ط 1، 1398 هـ / 1978 م.
  • الحكيم، محمد تقي، الأصول العامة للفقه المقارن، قم، المجمع العالمي لأهل البيتعليهم السلام، ط 2، 1418 هـ / 1997 م.
  • الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، الكفاية في علم الرواية، د.م، نسخة قديمة غير معنونة الطبع، د.ت.
  • الدينوري، أحمد بن داود، الأخبار الطوال، مصر، مطبعة السعادة، ط 1، 1330 هـ.
  • الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، بيروت، مؤسسة الرسالة، الطبعة الثانية، 1402 هـ/ 1982 م.
  • الراغب الاصفهاني، الحسين بن محمد، مفردات الفاظ القرآن الكريم، قم، منشورات ذوي القربى، الطبعة السادسة، 1431 هـ.
  • الزركشي، محمد بن بهادر، البحر المحيط في أصول الفقه، دار الصفوة، الغردقة - مصر، الطبعة الثانية، 1413 هـ/ 1992 م.
  • الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، البداية في علم الدراية، قم، انتشارات محلاتي (المفيد- سابقًا)، ط 1، 1421 هـ.
  • الصدوق، محمد بن علي، عيون أخبار الرضا عليه السلام، قم، انتشارات الشريف الرضي، ط 1، 1378 هـ ش.
  • الصفار، محمد بن الحسن‏، بصائر الدرجات في فضائل آل محمّد صلّى الله عليهم،‏ المحقق والمصحح: كوچه باغى- محسن بن عباس علي،‏ قم، مكتبة آية الله المرعشي النجفي، ط 2،‏ 1404 هـ.‏
  • الصنهاجي، أحمد بت إدريس، نفائس الأصول في شرح المحصول، مكتبة نزار مصطفى الباز، ط 1، 1416 هـ/ 1995 م.
  • الطباطبائي، محمد حسين، تفسير الميزان، بيروت، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، ط 1، المحقّقة 1417 هـ/ 1997 م.
  • الطبراني، سليمان بن أحمد، المعجم الكبير، القاهر، نشر مكتبة ابن تيمية، د.ت.
  • الطبري، محمد بن جرير، المسترشد في إمامة عليّ بن أبي طالبعليه السلام،‏ المحقق والمصحح: أحمد المحمودي، قم، كوشانپور، ط 1، ‏1415 هـ.‏
  • الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الرسل والملوك (المعروف: بتاريخ الطبري)، القاهرة، دار المعارف، الطبعة الثانية، د.ت.
  • الطوسي، محمد بن الحسن،‏ الأمالي، المحقق والمصحح: مؤسسة البعثة، قم، دار الثقافة، ط 1، 1414 هـ .‏
  • العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة في تمييز الصحابة، القاهرة، مركز هجر للبحوث والدّراسات العربية والإسلامية، ط 1 1429 هـ/ 2008 م.
  • العسقلاني، أحمد بن علي، تهذيب التهذيب، بيروت، دار الفكر للطباعة والتوزيع والنشر، ط 1، 1404 هـ/ 1984 م.
  • الفراهيدي، الخليل بن أحمد، كتاب العين، قم، انتشارات أسوة، الطبعة الثالثة، 1432 هـ.
  • القمّي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، التحقيق والنشر مؤسسة الإمام المهدي (ع)، قم، ط 1، 1435 هـ.
  • القمي، علي بن إبراهيم،‏ تفسير القمي،‏ المحقق والمصحح: طيب الموسوي الجزائري، قم،‏ دار الكتاب، ط 3، 1404 هـ.‏
  • الكركاني، مير تقي، نبراس الأذهان في أصول الفقه المقارن، قم، مركز المصطفىصلى الله عليه وآله وسلم العالمي للترجمة والنشر، ط 1، 1435 هـ.
  • الكنجي الشافعي، محمد بن يوسف، كفاية الطالب، تحقيق محمد هادي الأميني، طهران، دار إحياء تراث أهل البيت (ع)، د.ت.
  • المازَري، محمد بن علي، إيضاح المحصول من برهان الأصول، تحقيق عمّار الطّالبي، د.م، طبعة دار الغرب الإسلامي، د.ت.
  • المامقاني، عبد الله، مقابس الهداية في علم الدراية، قم، منشورات مؤسسة دليل ما (دليلنا)، ط 1، 1428 هـ.
  • المجلسي، محمد باقر، بحار الأنوار، بيروت، مؤسسة الوفاء، الطبعة الثانية المصحّحة، 1403 هـ/ 1983 م.
  • المسعودي، علي بن الحسين، مروج الذهب، بيروت، شركة أبناء شريف الأنصاري للطباعة والنشر والتوزيع، ط 1، 1425 هـ/ 2005 م.
  • المفيد، محمد بن محمد، الاختصاص،‏ تحقيق وتصحيح: علي أكبر الغفارى - محمود المحرمي الزرندي، قم، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، ط 1، 1413 هـ.‏
  • النملة، عبد الكريم بن علي، المهذب في علم أصول الفقه المقارن، الرياض، مكتبة الرشد، ط 1، 1420 هـ / 1999 م.
  • النووي، يحيى بن شرف، الفتوحات الربانية، بيروت، طبعة دار إحياء التراث العربي، د.ت.
  • النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، تحقيق مصطفى عبد القادر عطا، بيروت، دار الكتب العلمية، د.ت.
  • النيشابوري، مسلم بن الحجاج، صحيح مسلم، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1421 هـ/ 2001م.
  • الهيثمي، علي بن أبي بكر، مجمع الزوائد، بيروت، منشورات دار الكتاب العربي، د.ت.
  • الواحدي، علي بن أحمد، أسباب نزول القرآن، بيروت، دار الكتب العلمية، ط 1، 1411 ه/ 1991 م.
  • اليعقوبي، أحمد بن إسحاق، تاريخ اليعقوبي، بيروت، الأعلمي للمطبوعات، ط 1، 1431 هـ/ 2010 م.
  • محمد، عباس، الصحابة في الميزان، قم، المحبين، ط 1، 1427 هـ / 2006 م.

قالب:نهاية

  1. ابن فارس، معجم مقاييس اللّغة، ج 3، ص 335.
  2. الأصفهاني، مفردات الفاظ القرآن الكريم، ج 2، ص 361.
  3. الشهيد الثاني، البداية في علم الدراية، ص 64.
  4. المامقاني، مقابس الهداية، ج 2، ص 328.
  5. الزركشي، البحر المحيط، ج 4، ص 301.
  6. ابن الصّلاح، مقدمة ابن الصّلاح، ص 486.
  7. البخاري، صحيح البخاري، ج 5، ص 2.
  8. ابن كثير، الباعث الحثيث، ص 491.
  9. ابن كثير، الباعث الحثيث، ص 492.
  10. الآمدي، الأحكام في أصول الأحكام، ج 2، ص 112.
  11. الصنهاجي، نفائس الأصول، ج 7، ص 2908-2909.
  12. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 1 ص 16.
  13. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 1 ص 18.
  14. الصنهاجي، نفائس الأصول، ج 7، ص 2909.
  15. الصنهاجي، نفائس الأصول، ج 7، ص 2909.
  16. الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج 2 ص 112.
  17. الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الرواية، ص 50.
  18. ابن عساكر، تاريخ دمشق، ترجمة أنس بن مالك، رقم الحديث 7504.
  19. ابن الصّلاح، مقدمة ابن الصّلاح، ص 489.
  20. النملة، المهذب في علم أصول الفقه المقارن، ج 2، ص 702 - 703.
  21. أشكناني، عدالة الصحابة في الميزان، ص 26.
  22. محمد، الصحابة في الميزان، ص 29.
  23. النساء: 36.
  24. الأنعام: 101، والمعراج: 12، والجن: 3، وعبس: 36.
  25. الأعراف: 184، سبأ: 46، النجم: 2، التكوير: 22.
  26. التوبة: 40.
  27. يوسف: 39 و41.
  28. الكهف: 34، و 37.
  29. الكهف: 76.
  30. لقمان: 15.
  31. القمر: 29.
  32. القلم: 48.
  33. البقرة: 39، و 81 ... الخ.
  34. البقرة: 82.
  35. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 1 ص 16.
  36. ابن عبد البرّ، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 1 ص 24.
  37. الكركاني، نبراس الأذهان، ج 2، ص 157.
  38. المفيد، الاختصاص، ص 6.
  39. ابن تيمية، تقريب الصارم المسلول، ص 325.
  40. الصفار، بصائر الدرجات، ج 1، ص 412.
  41. الطوسي، الأمالي، ص 513.
  42. الطبري، المسترشد في إمامة عليّ بن أبي طالب (ع)، ص 624.
  43. القمي، تفسير القمي، ج 1، ص 301.
  44. ابن شهرآشوب، مناقب آل أبي طالب (ع)، ج 3، ص 66.
  45. ابن شعبة الحراني، تحف العقول، ص 430.
  46. الإمام العسكري، تفسير الإمام العسكري (ع)، ص 380.
  47. الكركاني، نبراس الأذهان، ج 2، ص 173.
  48. الحكيم، الأصول العامة للفقه المقارن، ص 141 - 142.
  49. الخطيب البغدادي، الكفاية في علم الروابة، ص 49.
  50. الفتح: 29.
  51. الفتح: 18.
  52. التوبة: 100.
  53. الحشر: 8.
  54. النور: 11 - 18.
  55. التوبة: 101.
  56. الحجرات: 2 - 3.
  57. البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 171-172.
  58. الحجرات: 11.
  59. ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 26، ص 246.؛ ابن القيم الجوزي، زاد المسير، ص 1333.
  60. القمي، تفسير القمي، ج 3، ص 1001.؛ الواحدي، أسباب نزول القرآن، ص 409.
  61. ابن القيم الجوزي، زاد المسير، ص 1333.؛ الواحدي، أسباب نزول القرآن، ص 409.؛ ابن عاشور، التحرير والتنوير، ج 26، ص 246.
  62. هود: 18.
  63. الجمعة: 11.
  64. البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 189.؛ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 19، ص 288-289.
  65. البحراني، شرح نهج البلاغة، ص 273.
  66. الإمام زين العابدين (ع)، الصحيفة السجادية، ص 44.
  67. البخاري، صحيح البخاري، ج 9، ص 58.
  68. النيشابوري، صحيح مسلم، ص 905، حديث رقم 2304
  69. النيشابوري، صحيح مسلم، ص 1072، رقم الحديث 2779
  70. الأنبياء: 104.
  71. المائدة: 117 - 118.
  72. ابن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ص 203، رقم الحديث 2096.؛ البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 69.
  73. الطبراني، المعجم الكبير، ج 23، ص 319، رقم الحديث 724.
  74. ابن حنبل، المسند، ص 1969، رقم الحديث 27022
  75. الهيثمي، مجمع الزوائد، ج 1، ص 112.
  76. النيشابوري، صحيح مسلم، ص 1072، رقم الحديث 2779؛ ابن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ص 1773، رقم الحديث 24202؛ البيهقي، دلائل النبوة، ج 5، ص 256.
  77. الحجرات: 1 - 3.
  78. البخاري، صحيح البخاري، ج 1، ص 39.
  79. الطبري، تاريخ الطبري، ج 3، ص 66- 67.؛ البخاري، صحيح البخاري، ج 5، ص 203.
  80. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 9، ص 493.
  81. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 9، ص 493-495.
  82. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 2، ص 216.؛ ابن الأثير، أسد الغابة في معرفة الصحابة، ص 1079، رقم الترجمة 4656.
  83. ابن عبد البر، الاستيعاب في معرفة الأصحاب، ج 3، ص 1362، رقم الترجمة 2303.
  84. ابن كثير، البداية والنهاية، ص 1015،
  85. الطبري، تاريخ الرّسل والملوك، ج 3، ص 276.
  86. الطبري‌، تاريخ الرسل والملوك، ج‌ 4، ص‌501.
  87. الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 150، حديث رقم 4676 و4675.؛ الجويني، فرائد السمطين، ج1، ص 274 - 279.؛ الكنجي الشافعي، كفاية الطالب، ص 167 -171.
  88. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 4، ص 509.؛ المسعودي، مروج الذهب، ، ج 2، ص 282.
  89. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 297.
  90. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 2، ص322، رقم الترجمة 61.
  91. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 280.
  92. الدينوري، الأخبار الطوال، ص 150.
  93. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 4، ص 510-511.
  94. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 289.؛ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 4، ص 545.
  95. اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2 ص 87.
  96. الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 150، حديث رقم 4676 و4675.؛ الجويني، فرائد السمطين، ج 1، ص 274 - 279.؛ الكنجي الشافعي، كفاية الطالب، ص 167 -171.
  97. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 4، ص 561-563.
  98. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 4، ص 573- 575.
  99. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 4، ص 563.؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، 65 - 89.
  100. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 163.
  101. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 303- 304.؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ص 1149 - 1151.
  102. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 5، ص 67 - 71.؛ المسعودي، مروج الذهب، ج 2 ص 307- 311.؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 205 - 211.؛ البلاذري، أنساب الأشراف، ج 3، ص 117 -121.؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 90-91.
  103. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 306.
  104. المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 314.
  105. مالمسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 314.
  106. ابن كثير، البداية والنهاية، ص 1153.
  107. الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 150، حديث رقم 4676 و4675.؛ الكنجي الشافعي، كفاية الطالب، ص 167 -171.؛ الجويني، فرائد السمطين، ج 1، ص 274 - 279.
  108. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3 ص 192-193.؛ الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 5، ص 48-49.؛ المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 303-304.؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ص 1149-1150.
  109. المسعودي، مروج الذهب، ج 2 ص 304-305.؛ ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 192-193.
  110. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 205-206-207.؛ المسعودي، مروج الذهب، ج 2، ص 304.؛ ابن كثير، البداية والنهاية، ص 1151.
  111. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 218.؛ المسعودي، مروج الذهب، ج 2 ص 314.
  112. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 221.
  113. ابن الأثير، الكامل في التاريخ، ج 3، ص 221- 222-223.
  114. الأمين، أعيان الشيعة، ج 1، ص 113.
  115. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 1، ص 23- 30.؛ ابن حزم الأندلسي، المحلّى، ج 1، ص 28.؛ الصنهاجي، نفائس الأصول، ج 7 ص 2909.
  116. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 1، ص 23.
  117. ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح، ص 491.
  118. الإضافة توضحية
  119. الآمدي، الإحكام في أصول الأحكام، ج 2، ص 110-111.
  120. ابن حاجب، مختصر منتهى السؤال، ج 1، ص 592 - 595.
  121. الإيجي، شرح العضدي على مختصر منتهى السؤال، ص 149.
  122. المازَري، إيضاح المحصول من برهان الأصول، ص 483.
  123. العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 2، ص 65، رقم الترجمة 116
  124. العسقلاني، تهذيب التهذيب، ج 2، ص 66، رقم الترجمة 116
  125. الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 9، ص 571.
  126. الطبري، تاريخ الرسل والملوك، ج 5 ، ص 279.
  127. الأمين، أعيان الشيعة، ج 1، ص 113.
  128. ابن الصلاح، مقدمة ابن الصلاح، ص 491.
  129. العسقلاني، الإصابة في تمييز الصحابة، ج 1، ص 23- 30.
  130. ابن حنبل، مسند أحمد بن حنبل، ص136، رقم الحديث 1230.
  131. النيشابوري، صحيح مسلم، ص 676، حديث رقم 1707
  132. البخاري، صحيح البخاري، ج 5، ص 17- 18.
  133. أبو داود، سنن أبي داود، ج 4، ص 163-164، رقم الحديث 4480.
  134. ابن ماجه، سنن ابن ماجه، ص 436، رقم الحديث 2571.
  135. البيهقي، السنن الكبرى، ج 8، ص 552-553، رقم الحديث 17529 و17530و 17531.
  136. الأحزاب: 56
  137. النيشابوري، صحيح مسلم، ص 159، رقم الحديث، 405 -406-407
  138. البخاري، صحيح البخاري، ج 6، ص 151.
  139. أبو داود، سنن ابي داود، ج 1، ص 257.
  140. الترمذي، سنن الترمذي، ص 148، رقم الحديث 3220.
  141. ابن ماجه، سنن ابن ماجه، ص 157، رقم الحديث 903-904
  142. البهائي، الحبل المتين في إحكام أحكام الدين، ج 2 ص 453.
  143. النّووي، الفتوحات الربانية، ج 3، ص 342 - 343.
  144. النّووي، الفتوحات الربانية،ج 3، ص 337 - 341.
  145. الموقع الرسمي لولي أمر المسلمين السيد علي الحسيني الخامنئي
  146. الأَنعام: 108.
  147. الصدوق، عيون أخبار الرضا(ع)، ج 1، ص272، حديث رقم 63.
  148. المجلسي، بحار الأنوار، ج 32، ص 399.