العتبة الكاظمية المقدسة

من ويكي علوي
(بالتحويل من حرم الكاظمية)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الحرم الكاظمي أو مشهد الکاظِمَیْن، هو مزار الإمام موسى الكاظم (ع) سابع أئمة أهل البيت، وحفيده الإمام الجواد (ع) تاسع الأئمة. يقع الحرم في العاصمة العراقية بغداد وفي منطقة الكاظمية، ويعد من أهم مزارات المسلمين وخاصة الشيعة.

مساحة المشهد هي ما تقارب 26 ألف متر مربع، ويتشكل من الصحن والروضة والمنارات والضريح والأروقة والقبة. وقد استخدم فيه أنواع الفنون كفن المرايا والقاشاني والتذهيب والخط وغيرها.

يعود بناء هذا المزار إلى قبل العصر البويهي، ولكن أعاد بناؤه كل من البويهيين والسلاجقة، والجلايرة. وفي العصر الصفوي وبأمر من الشاه إسماعيل الصفوي، هُدّم المزار، وبُني بناء جديد يشمل قبة ومسجد ومنائر. وفي العصر القاجاري أيضا قام فرهاد ميرزا عم ناصر الدين شاه بإعمار للحرم وجدد بناءه.

تضرر المشهد الكاظمي عدة مرات بسبب طغيان دجلة، حيث يقع بالقرب منها، كما وهُدّم سنة 443 هـ في الصراع الشيعي السني والهجوم المغولي على بغداد.

لغاية العصر الصفوي، كان يُدار الحرم على يد نقيب. ومن أشهر هؤلاء النقباء كان السيد عبد الكريم بن أحمد الحلي. ولكن في العصر الصفوي أحيل هذا الأمر لمشيخة الإسلام. عبد الحميد كليدار، والشيخ عبد النبي الكاظمي وأسرته تسلموا تولية الحرم بعد الصفوية. والآن جمال عبد الرسول الدباغ هو الأمين العام للعتبة الكاظمية.

من الأعلام المدفونين في الحرم الكاظمي يمكن الإشارة إلى كل من الشيخ المفيد، وابن قولويه، والخواجة نصير الدين الطوسي، ومعز الدولة الديلمي. ومن الكتب التي ألفت بشأن هذه الروضة كتاب «تاريخ الإمامين الكاظمين وروضتها الشريفة» بقلم جعفر النقدي، وكتاب «تأريخ المشهد الكاظمي» بقلم محمد حسن آل ياسين.

سبب التسمية بالكاظمين

اشتهر هذا الحرم بـالكاظمَين بالتثنية؛ لأنّه يضم إمامين من أئمة الشيعة وهما الإمام الكاظم عليه السلام والإمام الجواد عليه السلام.[١]

تاريخ الحرم الكاظمي

بعد أن أنهى المنصور العباسي عمارة بغداد اقتطع المنطقة المجاورة لمدينته من جهة الشمال فجعلها مقبرة، ولعلّه اعتبرها خاصّة بعائلته وأُسرته فسُمّيتْ فيما بعد بمقابر قريش، وكان أوّل من دُفن في هذه المقابر جعفر بن أبي جعفر المنصور،[٢] وفي عام 183 هـ استُشهد الإمام موسى بن جعفر الكاظم عليه السلام، بعد أن دُسّ إليه السمُّ من قِبل السندي بن شاهك بأمرٍ من هارون الرشيد، فحُمل جثمانه الطاهر إلى مقابر قريش، واشتهر مدفنه الشريف بـ "مشهد باب التين" أو "مشهد الكاظمية".[٣]

وأصبح السكن حول مقابر قريش ــ بعد دفن الإمامين عليه السلام هناك ــ في ازدياد واتّساع على مرور الأيام، حيث دفعت العقيدة الدينية بعض الناس إلى السكن حول المشهد المبارك؛ لحمايته وإدارته وإيواء زائريه، فكان هذا التجمّع حول المشهد هو النواة الأُولى لمدينة الكاظمية، هذا فضلاً عن الموقع الجغرافي لمقابر قريش من حيث قربها من نهر دجلة وجودة تربتها، ومجاورتها للقرى والأرياف والمزارع والأشجار الوارفة الظلال.

وفي آخر ذي القعدة سنة 220 هـ استُشهِد ببغداد الإمام أبو جعفر محمّد الجواد بن عليّ الرضا بن موسى بن جعفر قالب:عليهم السلام، بأمر المعتصم وبواسطة زوجته أم الفضل، فدُفن في ذلك المكان.[٤] وكانت الشيعة تزور الإمامين منذ تلك الآونة، وتجعل البستان المحيط بالمرقد الشريف مستقراً لها.

بناء الحرم الكاظمي

ويستفاد من مجموع النصوص التأريخية المتعلّقة بالعصر العباسي الأوّل أنّ هذه المنطقة قد تطوّرت سريعاً، فأصبحت جزءاً متّصلاً ببغداد، بل محلّةً من محلاّتها، وبذلك أصبحت منطقةً عامرةً بالسكّان زاخرةً بالعمران، شأنها في ذلك شأن سائر المحلاّت البغدادية.

وبعد أن سيطر معز الدولة البويهي على أزمّة الحكم بعد سقوط بغداد، قام بتشيد المرقد الكاظمي تشييداً رائعاً في عمارته في سنة 336 هـ، فبني قبة رفيعة، ووضع ضريحين للإمامين، وقام بتزيين داخل الحرم، ثم قام عضد الدولة الديلمي في سنة 369 هـ، بتوسيع الحرم، وأحدث تغييرات كبيرة في بناء الحرم.[٥]

وقد تعرّضت المدينة خلال فترات تاريخية متعاقبة إلى الغرق والفيضان والحرب، فأثر ذلك على المشهد الكاظمي، وأدّى إلى خراب الحرم فعُمّر، بعدها مراراً، وفي سنة 926 هـ قام الشاه إسماعيل الصفوي في تجديد عمارة المشهد الكاظمي ببناء مشيد، وهدم البناء من أساسه، وبنى الروضة والرواق والصحن الشريف.

بنى القبّتين الشريفتين بطراز جميل، وزينّهما بالقاشاني الملوّن وعوض المنارتين بأربع منائر، وزيّن الجدران داخلها وخارجها بالقاشاني الملون، وبنى الجامع المعروف في يومنا هذا بالجامع الصفوي في شمال الروضة المطهرة، ووسّع الصحن، وبنى فيه حجرات لأهل العلم والزائرين، ونصب على القبرين الشريفين صندوقين من النوع المعروف بالخاتم، وعلّق على سقف الروضة القناديل، وفرش الروضة ورواقها بالفرش الثمين استغرق البناء 21 سنة.[٦]

وقد أمر الشاه محمد القاجاري سنة 1211 هـ بتذهيب القبتين الشريفتين، وفرش الرواق والروضة بالمرمر الأبيض، كما قام بشراء الأراضي المحيطة بالصحن ووسّع الحرم.[٧] وفي سنة 1231 هـ قام السلطان فتح علي شاه القاجاري بشيء من التعمير داخل الروضة المنورة، ونقش باطن القبتين بالنقوش الجميلة بماء الذهب وأنواع الأصباغ الخلابة. وفي سنة 1282 هـ قام ناصر الدين شاه القاجاري بطلي الإيوان الشرقي بالذهب وذلك قبل زيارته للعتبات العالية.[٨]

البناء الحالي

تبلغ مساحة الحرم الكاظمي 14514 متراً مربعاً. الطول 123 متراً والعرض 115 متراً. والهيكل القائم اليوم هو ما تم تشييده من قبل الشاه إسماعيل الصفوي، وتدل المخطوطة على أنّ البناء انتهى سنة 935 هـ.

وهناك تسميات للصحون والإيوانات والأروقة والمنائر كـباب المراد وباب القريش، وباب القبلة، وباب صاحب الزمان، وباب الفرهادية، وباب الآيينة وباب مسجد الصفوي.

المدفونون في الحرم الكاظمي

مشاريع البناء الجارية في الحرم الكاظمي

انطلقت مشاريع بناء وتطويرالحرم الكاظمي من قبل الأمانة العامة للعتبة الكاظمية بعد سقوط الحكومة البعثية، نذكر منها ما يلي:

مشروع صيانة وإعادة تذهيب قبة الإمام الكاظم عليه السلام وقبة الإمام الجواد عليه السلام وتبديل شبّاك ضريحهما وتوسعة الحرم وصيانة شباكي ضريح الشيخ المفيد (رض) والشيخ الطوسي (رض) واستبدال أبواب الطارمات الفضية والخشبية بأبواب ذهبية، وعددها تسعة.

إنشاء صحن جديد من الجهة الشمالية بمساحة 7000 متر مربع تقريبا وإكساء أرضية الصحن الشريف ومشروع الكاشي المعرّق للأواوين وصيانة حجرات الصحن الشريف والغرف العليا وتأهيلها وإعمار أبواب ومداخل الصحن.

استحداث ثلاثة أبواب جديدة ومشروع صحن الإمام صاحب الزمان (عج) من الجهة الغربية وصحن الإمام علي عليه السلام المحاذي لصحن التوسعة ومشروع المرافق الصحية والحمامات.

المصادر والمراجع

  • الجلالي، محمد حسين، مزارات أهل البيت وتاريخهما، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 3، 1415 هـ/ 1995 م.
  • الحموي، ياقوت بن عبد الله، معجم البلدان، بيروت، دار صادر، ط 2، 1995 م.
  • الخطيب البغدادي، أحمد بن علي بن ثابت، تاريخ بغداد، بيروت، دار الغرب الإسلامي، ط 1، 1422 هـ/ 2002 م.
  • الزنجاني، إبراهيم الموسوي، جولة في الأماكن المقدسة، بيروت، مؤسسة الأعلمي، ط 1، 1405 هـ/ 1985 م.
  1. اماكن زيارتي وسياحتي عراق، ص 55.
  2. الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 1، ص 133.
  3. الحموي، معجم البلدان، ج 1، ص 306.
  4. الجلالي، مزارات أهل البيت وتاريخهما، ص 114.
  5. الجلالي، مزارات اهل البيت وتاريخهما، ص 108.
  6. الزنجاني، جولة في الأماكن المقدسة، ص 111 ــ 112.
  7. دائره المعارف تشيع، ج 1، ص 109.
  8. الزنجاني، جوله في الأماكن المقدسة، ص 113.
  9. الزنجاني، جولة في الأماكن المقدسة، ص 117 ــ 118.