الشيخ مرتضى الأنصاري

من ويكي علوي
(بالتحويل من الشيخ الأنصاري)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

الشيخ مرتضى الأنصاري، (1214 ــ 1281 هـ) هو أحد كبار فقهاء الشيعة في القرن الثالث عشر، وقد تصدى للمرجعية بعد صاحب الجواهر. واشتهر بالشيخ الأنصاري والشيخ الأعظم ولُقب بخاتم الفقهاء والمجتهدين، وأدّى تجديده لبعض نواحي التفريعات في علم الأصول إلى تطورٍ في علم الفقه، ويُعتبر كتاباه الرسائل والمكاسب من الكتب الأساسية في الدراسة الحوزوية، والفقهاء الذين أتوا بعده من تلامذته قاموا بتطوير منهجه وآثاره عبر إضافة شروح وتعليقات عليها. توفي سنة 1281 هـ، في النجف الأشرف، ودفن في الحرم العلوي.

نسبه وولادته ووفاته ومدفنه

أبوه الشيخ محمد أمين المتوفي 1248 هـ؛ من علماء الشيعة، وأمّه بنت الشيخ يعقوب بن الشيخ أحمد شمس الدين الأنصاري، هي من النساء العابدات حيث لم تترك نافلة ليلها حتى وافتها المنية.[٣]

يروى أن أمه رأت في الرؤيا قبل ولادة الشيخ مرتضى الإمام الصادق (ع)، وقد أعطاها قرآناً مذهباً حتى عبّر هذا المنام بالولد الصالح الذي يرتقي إلى مراتب عالية، فقيل: أنّها كانت تحرص على أن ترضعه في حالة الطهارة وعلى الوضوء.[٤]

مواصفاته

  • كان أهل زمانه يضربون به المثل في زهده، وتقواه، وعبادته، وقداسته.
  • أبيض اللون، نحيف الجسم، يخضب كريمته بالحناء، يلبس لباس الفقراء، وعليه عباءة صوف غليظة كدرة.[٥]

دراسته

درس في بداية أمره عند عمه الشيخ حسين من وجوه علماء مدينته، ثم سافر مع والده إلى العراق وهو في العشرين من عمره، وكانت الرئاسة العلمية حينئذ لكل من السيد محمد المجاهد وشريف العلماء، وبسبب نبوغ الشيخ الأنصاري وقابلياته العالية طلب السيد مجاهد من والده أن يتركه في كربلاء للتحصيل، فبقي آخذا عن الأستاذين المشار إليهما أربع سنوات، ثم حوصرت كربلاء بجنود داود باشا، فهاجر منها العلماء والطلاب وبعض المجاورين وهو من جملتهم إلى مدينة الكاظمية ، وعاد منها إلى وطنه، فبقي هناك ما يقرب من السنتين. [٦]

كان لدى الشيخ الرغبة الشديدة لتكميل دراسته وأن يطوف في البلاد للقاء العلماء لعل أحدهم يحقق قصده؛ إذ قلما أعجبه أو ملأ عينيه أحد حتى ذلك الحين، فعاد وأقام فيها سنة يختلف إلى شريف العلماء، ثم خرج إلى النجف، فأخذ عن الشيخ موسى الجعفري سنتين إلى أن خرج عنه عازماً على زيارة مشهد الرضا في خراسان ماراً في طريقه على كاشان حيث فاز بلقاء الملا أحمد النراقي صاحب المناهج؛ مما دعاه إلى الإقامة فيها نحو ثلاث سنين مطّلعاً بالدرس والتأليف حتى كان النراقي لا يمل من مذكراته ومباحثته. وحكى عنه: أنّه قال: لقيت خمسين مجتهداً لم يكن أحدهم مثل الشيخ مرتضى.[٧]

ثم خرج إلى خراسان حيث أقام عدة شهور، ثم عاد إلى بلاده ماراً بأصفهان أيام رئاسة صاحبي المطالع والإشارات، وأصرّ الأول عليه بالإقامة، فامتنع وخرج إلى وطنه دزفول، فوردها سنة 1244 هـ، فأقام خمس سنوات.[٨]

ثم خرج إلى العراق، ودخل النجف سنة 1249 هـ أيام رئاسة الشيخ علي ابن الشيخ جعفر وصاحب الجواهر، والأول أوجههما، فاختلف إلى مدرسته عدة أشهر، ثم انفرد، واستقل بالتدريس والتأليف، واختلف إليه الطلاب ووضع أساس علم الأصول الحديث عند الشيعة وطريقته الشهيرة المعروفة إلى أن انتهت إليه رئاسة الإمامية العامة في شرق الأرض وغربها بعد وفاة الشيخين السابقين، وصار على كتبه ودراستها معوّل أهل العلم ولم يبق أحد لم يستفد منها، وإليه يعود الفضل في تكوين النهضة العلمية الأخيرة في النجف الأشرف.

كان يملي دروسه في الفقه والأصول صباح كل يوم في الجامع الهندي حيث يغص فضاؤه بما ينيف على الأربعمائة من العلماء الطلاب.[٩]

أساتذته

درس الشيخ مرتضى على يد كبار علماء زمانه منهم:

تلامذته

تخرج على يده الكثير من العلماء حيث بلغ عددهم الآلاف، من أبرزهم:

أعماله التجديدية

ترجع معظم شهرة الشيخ الأنصاري إلى تجديده في علمي الفقه وأصول الفقه فقد دخلتا مرحلة جديدة؛ وذلك بفضل دقّة وتعمّق الشيخ الفائقتين في المسائل، فمن تجديده الفقهي والأصولي هو: رد نظرية انسداد باب العلم ونظرية المصلحة السلوكية ونظرية الحكومة والورود فضلاً عن استحكامه وتغييراته في المباحث المتعلقة بحجج أصول الفقه.

فضائله

كان الشيخ الأعظم فضلاً عن تفوقه في علمي الفقه والأصول يتمتع بكثير من الأخلاق السامية والفضائل حتى ضرب به المثل، فمن بعضها:

رفضه للمرجعية؛

لما توفي صاحب الجواهر بعد أن ذكر للعلماء أن أعلم الناس بعده هو الشيخ الأنصاري، امتنع الشيخ من الفتوى، وأرسل رسالة إلى سعيد العلماء المازندراني، وقال له: بأنّا لما كنّا في كربلاء، وكنّا نحضر درس شريف العلماء كانت استفادك وفهمك أكثر مني، فالآن الأولى لك أن تأتي إلى النجف، وتستلم هذا الأمر المهم. فأجابه سعيد العلماء: بأن قولك صحيح، لكنك كنت في هذه المدة مشغولاّ بالدرس والتدريس والمباحثة، وأنا تسلمت أمور الناس، فأنت أولى مني.

فلما وصلت رسالة سعيد العلماء إليه ذهب إلى حرم أمير المؤمنين عليه السلام، وطلب منه أن يعينه على هذا الأمر الخطير، وأن يحفظه من الوقوع في الخطأ والزلل.[١٨]

برّه لوالدته واستخارتها للشيخ؛

يروى أن الشيخ الأنصاري قرر بعد عودته من العراق إلى إيران السفر والترحال بين بعض المدن الإيرانية بهدف الإفادة من علمائها، وبما أنّه ـ ولمدة طويلة ـ كان بعيداً عن أمه؛ فلذا لم تأذن له بهذه الرحلات، والشيخ احتراماً لرأيها أخّر سفره حتى تأذن له. فبعد إصرار الشيخ قررت أمه أن تستخير له بالقرآن الكريم، فظهرت هذه الآية:

وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ فَإِذَا خِفْتِ عَلَيْهِ فَأَلْقِيهِ فِي الْيَمِّ وَلَا تَخَافِي وَلَا تَحْزَنِي إِنَّا رَادُّوهُ إِلَيْكِ وَجَاعِلُوهُ مِنَ الْمُرْسَلِينَ

وبهذا اطمئن قلب الوالدة، وأذنت له أن يتابع مشواره العلمي.

زهده؛

إنّ الشيخ ورغم منزلته ومكانته كمرجع شيعي، وكان يقلد من قبل أربعين مليون شيعي ـ وفق إحصائيات زمنه ـ ويجاب إليه الأموال، إلاّ أنّه كان يعيش كأبسط ما يكون عليه المجتمع قانعاً بأقل ما تعتازها المعيشة، وكان يصرف هذه الأموال في إدارة الحوزات العلمية ومساعدة الفقراء، ويحاول دائماً أن يعيش عيشة الفقراء إلى درجة أنّه ما شوهد تغيير في وضعه المادي من بداية حياته حتى نهايتها ، فقضي الشيخ حياته في غاية الزهد والبساطة حتى حكي عن زهده حكايات كثيرة.

لم يورث الشيخ مرتضى الأنصاري مالاً، فوجد حين وفاة 17 توماناً، وكان هذا المبلغ يعادل بالتحديد دينه الذي كان عليه، فما كان أهله يملكون تكاليف تجهيزه ودفنه وإقامة المجلس على روحه، بالتالي أحد المتبرعين الخيّرين تقبل تلك التكاليف ونفقات، وهكذا كان نهايته.

آثاره

مما قيل فيه

هناك أقوال وحكايات وردت في حقه منها:

رجال السياسة

  • قال والي العراق ـ عندما سأله السلطان العثماني ـ عن الشيخ: هو والله الفاروق الأعظم.[١٩]
  • النائب السياسي لبريطانيا، قال - عندما رآه في الصحراء قاصداً زيارة سلمان -: أقسم بالله هو عيسى بن مريم أو نائبه الخاص.[٢٠]

رجال الدين

  • قال أُستاذه الشيخ أحمد النراقي في إجازته له: «وكان ممّن جدّ في الطلب، وبذل الجهد في هذا المطلب، وفاز بالحظ الأوفر الأسنى، وحظي بالنصيب المتكاثر الأهنى، من ذهن ثاقب وفهم صائب، وتدقيق وتحقيق ودرك عائر رشيق، والورع والتقوى، والتمسّك بتلك العروة الوثقى، العالم النبيل والمهذّب الأصيل، الفاضل الكامل والعالم العامل».[٢١]
  • قال الشيخ حسين النوري الطبرسي: «ومن آثار إخلاص إيمانه وعلائم صدق ولائه ـ أي جابر بن عبد الله الأنصاري ـ أن تفضّل الله تعالى عليه، وأخرج من صلبه مَن نصر الملّة والدين بالعلم والتحقيق والدقّة، والزهد والورع والعبادة والكياسة، بما لم يبلغه مَن تقدّم عليه، ولا يحوم حوله مَن تأخّر عنه، وقد عكف على كتبه ومؤلّفاته وتحقيقاته كلّ مَن نشأ بعده من العلماء الأعلام والفقهاء الكرام».[٢٢]
  1. الأمين، أعيان الشيعة، ج 10، ص 117؛ معجم المؤلفين، ج 12، ص 216.
  2. الأمين، أعيان الشيعة، ج 10، ص 117.
  3. الأنصاري، الشيخ مرتضى الأنصاري وآثاره العلمية، ص 30.
  4. مؤسسة النشر الإسلامي، الشيخ الأنصاري وتطور البحث الأصولي، ص 30.
  5. مرتضى الانصاري، التقية، ص 24.
  6. الأمين، أعيان الشيعة، ج 10، ص 118.
  7. الأمين، أعيان الشيعة، ج 10، ص 118.
  8. الأمين، أعيان الشيعة، ج 10، ص 118.
  9. الأمين، أعيان الشيعة، ج 10، ص 118.
  10. الشيخ الأنصاري حياته وسيرته، ص 179.
  11. الشيخ الأنصاري حياته وسيرته، ص190.
  12. الشيخ الأنصاري حياته وسيرته، ص 182.
  13. الشيخ الأنصاري حياته وسيرته، ص 197.
  14. مؤسسة النشر الإسلامي، الشيخ الأنصاري وتطور البحث الأصولي، ص 34.
  15. مؤسسة النشر الإسلامي، الشيخ الأنصاري وتطور البحث الأصولي، ص 39.
  16. الشيخ الأنصاري حياته وسيرته، ص 188.
  17. أغا بزرك الطهراني، الطبقات، ج 1، ص 805؛ الأمين، أعيان الشيعة، ج 7، ص 167.
  18. الأنصاري، التقية، ص 27-28.
  19. الانصاري، التقية، ص 23.
  20. الانصاري، التقية، ص 23.
  21. مرتضى الانصاري، التقية، ص 22.
  22. مرتضى الانصاري، التقية، ص 23.