السيد محمد الصدر
السيد محمد محمد صادق الصدر، (1362 ــ 1419هـ) فقيه وعارف، ومفكّر، ومرجع ديني شيعي. تصدى للمرجعية الدينية بعد وفاة السيد عبد الأعلى السبزواري، وذلك عام 1993م. كان له الكثير من الأنشطة السياسية والاجتماعية، منها: دوره البارز في قيادة الانتفاضة الشعبانية عام 1991م في مواجهة السلطة الحاكمة في العراق، وإقامته لصلاة الجمعة التي ذهب إلى وجوبها التعييني. تعرّض للكثير من الاعتقالات من قبل نظام صدام حسين.
بدأ دراسته الحوزوية في سن مُبكّر، ودرس العلوم الدينية عند كبار علماء الحوزة العلمية في النجف، منهم: السيد محمد باقر الصدر، والسيد روح الله الخميني، والسيد محسن الحكيم، والسيد أبو القاسم الخوئي، وله إجازات في الرواية من عدّة مشايخ، منهم: آغا بزرك الطهراني، كما أُجيز بالاجتهاد من قِبَل أُستاذه الشهيد محمّد باقر الصدر في سنة 1398هـ (وكان عمره آنذاك 36 سنة).
له العديد من المؤلّفات أبرزها: موسوعة الإمام المهدي، وما وراء الفقه، وفقه الأخلاق، وأضواء على ثورة الإمام الحسين (ع).
اُستشهد هو ونجليه السيد مصطفى والسيد مؤمل، في يوم الجمعة 4 ذي القعدة سنة 1419هـ، على يد السلطة الحاكمة بالعراق، وعلى إثر انتشار خبر استشهاده شهدت مناطق جنوب العراق والعاصمة بغداد، غضباً شعبياً عرف بانتفاضة الصدر، والتي قاومها النظام البعثي بالقتل والاعتقالات والمطاردات، ولم تختصر ردود الفعل على الداخل فقط، بل توسعت الاحتجاجات لتشمل مجموعة من الدول المجاورة، منها سوريا، وإيران.
نسبه وولادته
هو السيد محمّد بن محمّد صادق بن محمّد مهدي بن إسماعيل بن صدر الدين (1258 ــ 1338 هـ)، (الذي سمّيت أُسرة آل الصدر باسمه) بن صالح بن محمّد بن إبراهيم شرف الدين (جدّ أُسرة آل شرف الدين)، وصولاً إلى موسى (أبو سبحة)[١] بن إبراهيم المرتضى بن الإمام موسى بن جعفر (ع).[٢] ولدي في 17 ربيع الأول سنة 1362 هـ، في يوم المولد النبوي الشريف، الموافق 23 آذار سنة 1943 م في النجف الأشرف،[٣] حيث نشأ الشهيد الصدر الثاني في أسرة علمية معروفة بالتقوى والعلم والفضل، منهم: جده لأمه الشيخ محمد رضا آل ياسين (توفى 1370 هـ) وهو من المراجع المشهورين حيث زامنت فترة مرجعيته مع مرجعية السيد أبو الحسن الأصفهاني (توفى 1365 هـ)، ووالده العلامة حجة الإسلام السيد محمد صادق الصدر (توفى 1403 هـ).[٤]
يُذكر أنَّ أباه السيّد محمّد صادق الصدر لم يرزق ولداً بعد زواجه، حتّى اتّفق أن ذهب مع زوجته إلى بيت الله الحرام، وعندما تشرّفا بزيارة قبر النبي (ص) دَعَوَا ربّهما أن يرزقهما ولداً صالحاً يسمّيانه (محمّد)، فرزقهم الله به، فكان الولد الوحيد لهما.[٥] لقب بعدة ألقاب: منها: السيد الشهيد، والليث الأبيض، وشهيد الجمعة، وشهيد الله، والشهيد الصدر الثاني لتمييزه عن أستاذه الشهيد الصدر الأول.
تزوّج من بنت عمّه مسرة بنت السيد محمد جعفر الصدر، ورُزق بأربعة أولاد، هم: السيّد مصطفى، والسيّد مرتضى، والسيّد مؤمّل، والسيد مقتدى، وقد تزوّج الثلاثة الأوائل منهم بنات السيد محمد باقر الصدر، وله بنتان تزوجنَ من ابنَي السيد محمد كلانتر.[٦] قالب:شجرة آل الصدر
نشأته العلمية
بدأ الدرس الحوزوي في سنٍّ مبكّرةٍ، حيث كان ذلك في سنة 1373 هـ، وقد ارتدى الزيّ الحوزوي وهو ابن إحدى عشرة سنة، حيث بدأ بدراسة النحو والمنطق والفقه وغير ذلك من دروس المقدّمات على يد والده السيّد محمّد صادق الصدر، والسيد طالب الرفاعي، والشيخ حسن طرّاد العاملي، ودخل كلّيّة الفقه سنة 1379 هـ. دارساً على يد مجموعة من أساتذتها، وهم:
- في الفلسفة الإلهيّة على يد الشيخ محمد رضا المظفر
- في الأُصول والفقه المقارن على يد السيد محمد تقي الحكيم
- في الفقه على يد الشيخ محمد تقي الإيرواني
كذلك حضر عند بعض الأساتذة من ذوي الاختصاصات والدراسات غير الحوزويّة: كالسيّد عبد الوهّاب الكربلائي مدرِّس اللغة الإنجليزيّة، والدكتور حاتم الكعبي في علم النفس، والدكتور فاضل حسين في التاريخ، وكذا درس الرياضيات في الكلّيّة نفسها، وتخرّج من كلّيّة الفقه سنة 1383 هـ. ضمن الدفعة الأُولى من خرِّيجي الكلّيّة.[٧] ثُمَّ دخل مرحلة السطوح العليا، فدرس كتاب الكفاية على يد أُستاذه السيّد الشهيد محمّد باقر الصدر، وكتاب المكاسب على يد السيّد محمّد تقي الحكيم. ثمَّ أكمل دراسة كتاب المكاسب عند الشيخ الحجّة صدر البادكوبي. ثمَّ حضر دروس البحث الخارج عند جملة من أعلام النجف الأشرف، وهم:
- السيّد الشهيد محمد باقر الصدر في الفقه والأصول
- السيد أبو القاسم الخوئي في الفقه والأصول
- السيد روح الله الموسوي الخميني في الفقه
- السيد محسن الحكيم في الفقه
- السيّد إسماعيل الصدر في الفقه[٨]
وفي الجانب العرفاني فقد تعرف في عام 1977 م على العارف الحاج عبد الزهرة الكرعاوي وهو من تلاميذ السيد علي القاضي، فسلك معه في طريق الله تعالى لسنتين، حتى شهد له شيخه بتمام المعرفة والوصول.[٩]
تلامذته
ودرس على يديه مجموعة من فضلاء الحوزة، منهم:
- الشيخ محمد اليعقوبي
- الشيخ قاسم الطائي
- السيد رحيم الشوكي
- الشيخ علي أل سميسم
- السيد أحمد اليعقوبي
- السيد محمود الحسني
- ولده السيد مقتدى الصدر
- السيد جعفر محمد باقر الصدر[١٠]
إجازته بالرواية
أمّا إجازته في الرواية فله إجازات من عدّة مشايخ، هم: آغا بزرك الطهراني، ووالده السيّد محمّد صادق الصدر، وخاله الشيخ مرتضى آل ياسين، وابن عمّه السيد حسين خادم الشريعة، والسيّد رضا الصدر، والسيد عبد الرزاق المقرم، والسيد حسن الخرسان، والسيد عبد الأعلى السبزواري، والدكتور حسين علي محفوظ.[١١]
الاجتهاد والتدريس
أُجيز بالاجتهاد من قِبَل أُستاذه الشهيد محمّد باقر الصدر في سنة 1398 هـ (وكان عمره آنذاك 36 سنة)، حيث اتّفق أنَّ جملة من الفضلاء طلبوا من الشهيد محمّد الصدر أن يباحثهم على مستوى أبحاث الخارج، وقد سألوا الشهيد محمّد باقر الصدر عن ذلك، فبارك لهم وشجّعهم عليه، وذكر لهم تمام الأهليّة للسيّد محمّد الصدر، وكان مكان الدرس آنذاك مسجد الشيخ الطوسي، وقد استمرّ الدرس قرابة أربعة أشهر، وقد أدّت صعوبة الظروف حينها إلى انقطاع البحث وتفرّق الطلاب. ثمَّ عاد إلى إلقاء البحث الفقهي بعد سنوات عدّة في جامعة النجف الدينية، ثُمَّ توقّف الدرس، على أثر أحداث الانتفاضة الشعبانية ليعود بعدها لإلقاء دروسه في مسجد الرأس الملاصق للحرم العلويّ، واستمرّ بحثه إلى آخر يومٍ من حياته.[١٢]
وكان يلقي في هذا المسجد أبحاثه في كلّ يوم، وكان يخصص يوم الخميس والجمعة للدروس القرآنية حيث كانت تمتاز هذه الدروس بروح التجدّد والجُرأة في نقد الآراء وتفنيدها، وكذلك اتخذ أُسلوباً مغايراً لأُسلوب سائر المفسّرين في تفسير القرآن الكريم؛ إذ إنَّهم كانوا يبدؤون بتفسير القرآن الكريم من سورة الفاتحة إلى سورة الناس، إلا أنه شرع تفسيره من سورة الناس رجوعاً إلى باقي السور القرآنيّة المباركة. ووضح سبب اختياره هذه الطريقة فقال: سيجد القارئ الكريم أنَّني بدأت من المصحف بنهايته، وجعلت التعرّض إلى سور القرآن بالعكس. فإنَّ هذا ممّا التزمته في كتابي هذا نتيجة لعاملين نفسي وعقلي.[١٣]قالب:ملاحظة
مرجعيته
تصدى الصدر الثاني للمرجعية الدينية بعد وفاة السيد عبد الأعلى السبزواري، وذلك عام 1993 م، وسعى للحفاظ على الحوزة العلمية في النجف، وكما سعى إلى تربية طلاب الحوزة العلميّة في النجف الأشرف تربية إسلاميّة نقيّة، موفّراً لهم كلّ ما هو ممكن من الأسباب المادّيّة والمعنويّة التي تتيح لهم جوّاً دراسيّاً مناسباً يمكنهم به تخطّي المراحل الدراسيّة بصورة طبيعيّة، ومن خطواته الكبيرة أهمها إرسال المبلغين إلى أنحاء العراق كافة لتلبية حاجات المجتمع، وهداية الناس إلى ما يُرضي الله، وكما كان تجاوبه حقيقيّاً مع المجتمع،[١٤] ولا سيّما فيما يرتبط بالطبقة المستضعفة، فسعى لتقديم كلّ ما هو متاحٌ له من إمكانات مادّيّة، فكان يساعد الفقراء والمحتاجين ويرعاهم.[١٥]
نشاطه السياسي والاجتماعي
دوره في الانتفاضة الشعبانية
قالب:مفصلة لعب السيد الصدر الثاني دوراً مهما في قيادة الانتفاضة الشعبانية عام 1991 م، فكان له الدور الفعّال فيها، ومن أهم مواقفه هو ما نقله الشيخ اليعقوبي في كتابه السيد الشهيد الصدر الثاني كما أعرفه، حيث ذكر: بعدما بدأت قوات الحرس الجمهوري الزحف نحو مدينة النجف الأشرف وبدأ القصف المدفعي عليها، كان السيد الصدر في جامع الهندي وقد صلى فيه صلاة الظهر والعصر وبعد انتهاء الصلاة أُحيط السيد بحماية مكثّفة من المجاهدين يتبعها صيحات وتكبيرات والصلاة على محمد وآل محمد حتى دخول الحرم الحيدري، فصعد السيد على سطح الكيشوانية[١٦] المواجهة لباب القبلة والناس تجتمع في الصحن الشريف، وهم يقابلونه بالهتافات، والقى السيد الصدر الثاني كلمة مختصرة حثّ فيها علـى نصرة الثورة الإسلامية المباركة ودعمها والمشاركة فيها لعل الله سبحانه يرحم هذا المجتمع وينشر لواء الإسلام في ربوع هذا البلد.[١٧] وبعدها أمر السيد بتشكيل لجنة لقيادة الانتفاضة ويكون هو على رأسها، ولكن في اليوم التالي تم اعتقال السيد الصدر ــ والقضاء على الثورة ــ ونقله إلى منطقة الرضوانية في الضواحي الشمالية الغربية لبغداد حيث خُصّصت لاحتواء (المعارضة)، وبعد خمسة عشر يوماً تم إطلاق سراحه.[١٨]
إقامة صلاة الجمعة
كانت الحكومة في العراق تمنع التجمعات الدينية وبالأخص بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران، وخوف النظام السابق من الشيعة في العراق بالقيام بثورة مسلحة بقيادة رجال الدين واقامة دولة إسلامية في العراق على غرار ما حصل في إيران،[١٩] وفي هذا الظرف الحرج بادر الشهيد الصدر الثاني وهو لابس كفنه [٢٠] لإقامة صلاة الجمعة التي أفتى بوجوبها التعييني، حيث اعتبر صلاة الجمعة هي الوسيلة الراجحة في إيقاظ الأمة، وبثّ فيها روح الشجاعة والثقة بالنفس بإمكانية التغيير وعدم القبول بالواقع الذي هم فيه مهما كانت الطريقة التي يحكم بها النظام في ذلك الوقت.[٢١] وقد وفق السيد الصدر في ذلك الأمر بسبب عدّة عوامل، منها:
- إعلان الحكومة العراقية أنها بصدد حملة إيمانية وطنية، فاستغل الشهيد الصدر هذه الأجواء لإقامة صلاة الجمعة، التي كان يقيمها أهل السنة في عموم العراق، وعلى هذا الأساس فإن الحكومة لا يمكن أن تمنع صلاة هي كانت قد شجعت على أداءها.
- صلاة الجمعة كانت دينية ولم تكن سياسية، ومنع هكذا صلاة يتعارض مع ما تدعو إليه الحكومة من حملتها الإيمانية المزعومة.
- كذلك تمتاز فريضة صلاة الجمعة بوجود خطبتين لا تصح الصلاة من دونهما، وهذا العامل قد ساعد الشهيد الصدر أن يتواصل مع الناس بشكل مباشر مما له الدور في قيادة حركة دينية إصلاحية شاملة.
- إنَّ صلاة الجمعة كانت تعالج كل حالات الانحراف في المجتمع العراقي، وحركة السيد الصدر كانت إصلاحية تعالج الكثير من الأمراض الاجتماعية بشكل عام، وليست مقتصرة على الجانب السياسي.[٢٢]
مواجهة السلطة الحاكمة في العراق
تحول الصدر الثاني إلى رمز يقود ظاهرة إسلامية، وجرّاء هذا الأمر حدث تصعيد بين الصدر الثاني والسلطة الحاكمة، حيث حاولت السلطة أن تتدخل في شؤون صلاة الجمعة، في الكثير من المدن العراقية، فقد مارست الضغط على وكلاء السيد الصدر في جميع المحافظات العراقية من خلال الطلب المتكرّر منهم بالدعاء إلى صدام حسين، ولم يكن هذا الطلب جديداً، بل حاولت السلطة مرات عديدة دون جدوى، وعندما فشلت السلطة في انتزاع الدعاء لصدام، ذهبت إلى اسلوبها التهديدي، لمنع صلاة الجمعة والتي أصرّ الصدر الثاني على إقامتها وأوصى بإقامتها حتى بعد استشهاده، وبعد رفض الدعاء لصدام بهذه الصلاة مهما كان الثمن، تطورت المواجهة بعد ذلك إلى صدامات سبقت اغتيال الصدر الثاني في عدد من المدن العراقية، منها الناصرية حيث سقط عدد من الشهداء واعتقلت الدولة عدد من وكلاء الصدر الثاني، وطالب السيد الصدر ومن خلال منبر صلاة الجمعة في مسجد الكوفة بإطلاق سراح المعتقلين من خلال هتافات أمر جمهور المصلين بترديدها (نريد.. نريد.. فوراً.. فوراً.. إطلاق سراح المعتقلين).[٢٣]
في ظل رفض السيد الصدر الثاني ووكلائه المتكرّر لطلبات السلطة الدعاء لرئيس الدولة، طالبت السلطة الصدر الثاني بمنع المسيرة السنوية التي يقوم بها عشرات الألوف من المشاة إلى كربلاء من مختلف مدن العراق، لكن السيد أصدر أمراً إلى الناس بالتوجه إلى كربلاء وذلك خرقاً للمنع الذي أصدرته السلطة الأمنية، وقد استجاب الزوّار لطلب الصدر الثاني وتوجهوا إلى كربلاء، لكن السلطات سرعان ما طلبت من الصدر التراجع عن موقفه فرفض ذلك، ثم هُدد بالقتل وطُلب منه أن يكتب أن الظروف لا تسمح بمثل هذه التظاهرة فرفض أيضاً، فصدر أمر بوضعه في الإقامة الجبرية، واعتقل وكلاءه في المدن العراقية، لكن الصدر الثاني خرق أمر الإقامة الجبرية مع ولديه مصطفى ومؤمل وذهب إلى الكوفة وصلى آخر صلاة جمعة وهي الجمعة (45) مما أغضب السلطة فقرّرت التخلص منه ودبرت له عملية الاغتيال.[٢٤]
الاعتقالات التي تعرض لها
قام نظام صدام باعتقال السيد الصدر الثاني عدة مرات، ومنها:
- في عام 1972 م قام النظام باعتقال السيد محمد الصدر مع الشهيد السيد محمد باقر الصدر والسيد محمد باقر الحكيم رئيس المجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق.
- عام 1974 م قام النظام باعتقاله في مديرية أمن النجف وعندما احتج على سوء معاملة السجناء نُقل إلى مديرية أمن الديوانية والتي كانت أشد إيذاء للمؤمنين من بقية مديريات الأمن، وقد بقي رهن الاعتقال عدة أسابيع.[٢٥]
- عام 1998 م قام النظام باستدعاء السيد محمد الصدر والتحقيق معه عدة مرات.
- عام 1999 م قام النظام بالتحقيق مع السيد الصدر مرات عديدة وتهديده قبل اغتياله.[٢٦]
من أقواله
وتوجد أقوال كثيرة للسيد محمد الصدر، منها:
- كلما كانت الدنيا أصعب وبلاؤها أكثر كانت الآخرة أسهل وكلما كانت الدنيا أدنى كانت الآخرة أعلى، ولنا أسوة بالحسين (ع) الذي قيل له (لك مقامات لن تنالها إلا بالشهادة) أي إلا بالمصاعب الدنيوية الشديدة وهو ما وقع في حادثة الطف.
- حسب الفرد أن يعرف إن عمله الصالح، وتصعيد درجة إخلاصه، وتعميق شعوره بالمسؤولية تجاه الإسلام والمسلمين، يشارك في تأسيس شرط الظهور ويقرب اليوم الموعود، إذن فـ (الجهاد الأكبر) لكل فرد تجاه نفسه يحتل المسؤولية الكبرى تجاه العالم كله، وملئه قسطا وعدلا كما ملئ ظلما وجورا.
- المرجعية ليست شيء هينا لا في نظر الغرب، ولا في نظر الداخل، ولا في نظر الخارج، ينبغي مراقبتها، والشيعة أيضاً كطبقة عاطفية وحماسية ونشطة وذكية أيضاً ليست شيئا سهلا تجاه الاستعمار وتجاه القوى العالمية المعاصرة.[٢٧]
- ينبغي علينا أن نكون كما يُريد الله تعالى وليس كما يُريد الاستعمار وتُريد أمريكا بطبيعة الحال، وإنما ذمتنا تفرغ بعصيان أوامر الكفار والمستعمرين.
- يخطط الغرب الكافر أن يكون الجهل والتدني هو الصفة العامة للمجتمع في العالم كله وليس في العراق والشرق الأوسط فقط، وإنما كل الشعوب المستضعفة يكونون لقمة سائغة له ولأرباحه ولأطماعه ولكبريائه.
- لا تتسرعوا بعمل أو قول، حرام.. حرام.. حرام، انظروا أنَّه مخلص لله أولاً، وللمراجع العظام ثانياً، وليس لك أن تعمل عملا صبيانياً تعرض به نفسك وأسرتك ومذهبك ودينك إلى ما لا يُحمد عقباه.
- أن المفروض الشارع يطيع الحوزة ولولا طاعة الحوزة يفشل الشارع بطبيعة الحال ويتدهور ويؤدي أمره إلى الفساد وإلى الفسق، فالحافظون للدين في الحقيقة هم علماء الدين والحوزة ككل.[٢٨]
أقوال في حقه
وردت الكثير من الكلمات في حق الشهيد الصدر الثاني، ومنها:
- قال عنه السيد محمد باقر الصدر، (1353 - 1400 هـ) بصدد حديثه عن موسوعة الإمام المهديقالب:عج: قد وضعها أحد أولادنا وتلامذتنا الأعزاء وهو العلامة السيد محمد الصدر.... واسأل الله المولى سبحانه وتعالى أن يقرّ عيني به ويريني فيه علماً من أعلام الدين.[٢٩]
- قال عنه السيد كاظم الحسيني الحائري : إن السيد الشهيد محمد الصدر أوقف نفسه لإرشاد الشعب العراقي وإنارة الدرب أمامه بعد أن جعل من منصة صلاة الجمعة منبراً للإسلام.
- قال عنه السيد محمد حسين فضل الله (1354 ــ 1431 هـ): لقد كان محمد الصدر شهيداً مظلوماً عاش من أجل الإسلام ومات من أجل الإسلام.
- قال عنه الشيخ شمس الدين الواعظي: السيد محمد الصدر كان معروفاً بالزهد والتقوى، وأنا عندما كنت هنا بعض الأوقات قبل مرجعيته، كنت أحضر مجلس التعزية الذي كان يقيمه، وكنا نسمع مجاهداته وشجاعته، وواقعاً إلى الآن يأتون جماعات من الشباب ويقولون نحن كنا نلعب القمار وهدايتنا أصبحت بواسطة هذا الرجل العظيم، والسيد محمد في الواقع عاش شهيداً ومات شهيداً، وفي نظري هو لايحتاج إلى تعريف مثلي وأمثالي لأنه فدى بنفسه الإسلام.[٣٠]
مؤلفاته
ترك السيّد الشهيد محمّد الصدر (قدّس سرّه) مؤلّفات كثيرة، ومن أهمها: قالب:Div col
- موسوعة الإمام المهدي (عجّل الله فرجه)، وتحتوي على: تاريخ الغيبة الصغرى، وتاريخ الغيبة الكبرى، وتاريخ ما بعد الظهور، واليوم الموعود بين الفكر المادّي والديني، وعمر الإمام المهدي (عجّل الله فرجه). وقد عبر عنها في إحدى جلساته بأنها مفتوحة لكل سؤال يأتي في الذهن حول مسألة الإمام المهدي (عج).
- ما وراء الفقه، وهو موسوعة فقهية في خمسة عشر مجلّداً، تحتوي هذه الموسوعة على أسئلة تخص الثقافة الفقهية المعمقة.
- فقه الأخلاق، في مجلّدين، وهي دورة فقهية يبحث فيها عن الأحكام الأخلاقية والمستحبات في الفقه، وقد سُئل السيد عن ما احتواه فقه الأخلاق، فأجاب أنه جواهر بين التراب إشارة لما فيه من اللمحات العرفانية العقلية والبعد الفكري.[٣١]
- فقه الفضاء، وهو رسالة عمليّة في مسائل وأحكام الفضاء المستحدثة.
- فقه الموضوعات الحديثة، وهو رسالة عمليّة في المسائل المستحدثة أيضاً.
- منهج الصالحين، وهو رسالة عمليّة موسّعة في خمسة مجلّدات.
- أضواء على ثورة الإمام الحسين (عليه السلام).
- شذرات من تاريخ فلسفة الإمام الحسين (عليه السلام).
- منّة المنان في الدفاع عن القرآن، في خمسة مجلّدات. صدر منه (الجزء الأوّل) بقلم السيّد الشهيد (قدّس سرّه)، وصدر (4 أجزاء) تقريراً لدروسه القرآنيّة، على يد مؤسّسة المنتظر لإحياء تراث آل الصدر.
- منهج الأُصول، في خمسة مجلّدات.[٣٢]
- كان السيد الصدر يقول الشعر وله كتاب صادر عن مؤسسة المنتظر لإحياء تراث آل الصدر، يحمل عنوان مجموعة أشعار الحياة.[٣٣]
شهادته ودفنه
كان من عادة السيّد أنْ يجلس في مكتبه (البرانيّ) بعد صلاتي المغرب والعشاء في يومي الخميس والجمعة، ليخرج بعدها إلى بيته، وفي يوم الجمعة 4 ذي القعدة سنة 1419 هـ الموافق 19 من شباط عام 1999 م خرج السيّد ومعه ولداه- السيّد مصطفى والسيّد مؤمّل- وفيما كانوا يقطعون الطريق إلى بداية منطقة (الحنّانة) في إحدى ضواحي النجف القريبة، وعند الساحة المعروفة ب- (ساحة ثورة العشرين)، جاءت سيّارة، ونزل منها مجموعة من عناصر السلطة وبأيديهم أسلحة رشّاشة، فأطلقوا النار على السيارة التي كان يستقلها السيد مع نجليه، وسرعان ما اصطدمت العجلة بشجرة قريبة فترجل المهاجمون من سيارتهم وبدأوا بإطلاق النار بكثافة فاستشهدوا جميعاً.[٣٤]
وبعد استشهادهم حضر جمع من مسؤولي السلطة إلى المشفى، وذهب آخرون إلى بيته، ولم يسمحوا بتجمهر المعزّين أو الراغبين بتشييع جنازته، ولذا قام بمهمّة تغسيله وتكفينه مع نجلَيه مجموعةٌ من طلّابه ومريديه، ثُمَّ شيّعوه ليلًا، حيث تمّ دفنه في المقبرة الجديدة الواقعة في وادي السلام،[٣٥] وفي كل سنة يحيي مقلديه ومحبيه ذكرى شهادته.
ردود الفعل المحلية والدولية
على أثر انتشار خبر استشهاد السيد الصدر شهدت مناطق جنوب العراق ومدن عديدة في العاصمة بغداد، غضباً شعبياً عارماً عرف بانتفاضة الصدر.
- ردود الفعل المحلية
بعد اغتيال السيد محمد الصدر اندلعت من جامع المحسن في مدينة الصدر تظاهرات صاخبة أغلقت الشوارع الرئيسية للمدينة، ورفعت شعارات ضد صدام حسين وندّدت باغتيال الصدر، وهرعت قوات فدائيي صدام يقودها قصي صدام لقمع الانتفاضة وإخمادها بنفسه، وقد أخمدت الانتفاضة في اليوم الأول لها بعد سقوط ما يقرب من 50 قتيلاً وجرح 200 آخرين فيما سقط 17 قتيلا ًفي صفوف الجيش، وكذلك اندلعت مظاهرات ومواجهات في مدينة الناصرية، أما مدينة النجف الأشرف فقد حدثت فيها صدامات محدودة بعد حادث الاغتيال حيث كانت مطوقة بالدبابات والأسلحة الثقيلة بشكل لم يحصل من قبل حيث كانت دوريات السلطة تملأ الأزقة والشوارع، ولقد شكّلت عمليات يوم 19 / 3 / 1999 في مدينة البصرة مفاجأة للسلطة؛ وذلك عندما سقطت لعدة ساعات بيد الثوار وتم فيها مقتل محافظ البصرة ومدير الأمن.[٣٦]
كذلك بدأ مجموعة من الشباب بقيادة سيارات حديثة أخذت تجوب المدن الرئيسية في العراق، وعندما تقترب من المسؤولين في الحزب أو الدولة، سواء كانوا في سياراتهم أم راجلين فإن من في داخل السيارات المذكورة يفتحون النار على المسؤول، وتنطلق السيارة من دون ارتباك إلى واجهتها بعد تنفيذ أفرادها المهمة المكلّفين بها، ولقد سجّلت العديد من هذه الحوادث في مدن بغداد والحلة وكركوك والسماوة وتركّزت بشكل كبير في تكريت، بعد أن باتت الأجهزة الأمنية شبه عاجزة عن ملاحقة هذه السيارات لعدم تمييزها عن سيارات المسؤولين الكبار، وقد أطلق المواطنون على هذه السيارات تسمية (سيارات السيد) .نسبة إلى السيد الصدر.[٣٧]
- ردود الفعل الدولية
بالاضافة إلى بيانات الاستنكار التي أصدرتها الحركات والأحزاب العراقية بمختلف اتجاهاتها الفكرية والسياسية، فقد اندلعت مسيرات ومظاهرات احتجاجية في إيران وسوريا ولبنان والأردن ودول أوروبية وأميركا واستراليا وأماكن أخرى من العالم. [٣٨]
وأصدر مكتب آية الله الخامنئي بياناً وصف فيه استشهاد آية الله السيد محمد الصدر بأنه ذروة تعذيب وضغوط أعداء الإسلام ضد العلماء والمفكّرين المسلمين، وجاء في البيان أن الحوزات العلمية في النجف كانت ومنذ عدة قرون مركزاً للعلم والاجتهاد ونشر المعارف الإسلامية وتعاليم أهل البيت (ع)، مشيراً إلى أن أعداء الإسلام والعلم لم يدخّروا وسعاً في هدم هذا الصرح الإسلامي الكبير وجسدوا أعمالهم هذه في نفي وقتل العلماء والمفكرين أمثال الشهيد السيد محمد باقر الصدر والشهيدين الغروي والبروجردي وسائر العلماء البارزين، وحمل الحكومة العراقية المسؤولية الكاملة.[٣٩]
- ↑ إنّما سمّى موسى بهذا اللقب لكثرة تسبيحه بسبحة لون في يده، ابن عنبة، عمدة الطالب في أنساب آل أبي طالب، ص 201 ــ 202.
- ↑ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج 1، ص 13.
- ↑ الصدر، أضواء على ثورة الحسين، ص 10.
- ↑ الصدر، أضواء على ثورة الحسين، ص 11؛ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج 1، ص 14.
- ↑ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج 1، ص 13.
- ↑ محمد محمد صادق الصدر.
- ↑ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ص 15.
- ↑ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ص 15.
- ↑ سيرة حياة الشهيد محمد محمد صادق الصدر ” الصدر الثاني ” قدس سره.
- ↑ أضواء على المصلح الكبير و الحكيم العارف سماحة آية الله العظمى السيد محمد الصدر.
- ↑ الصدر، حب الذات و تأثيره في السلوك الإنساني، ص 17.
- ↑ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج 1، ص 18.
- ↑ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج 1، ص 18.
- ↑ شذرات من حياة الشهيد السيد محمد صادق الصدر في ذكرى استشهاده.
- ↑ الصدر، منة المنان في الدفاع عن القرآن، ج 1، ص 21 ــ 24.
- ↑ مكان لوضع أحذية الزوار قبل دخولهم إلى الحرم الشريف.
- ↑ اليعقوبي، السيد الشهيد الصدر الثاني كما أعرفه، ص 98.
- ↑ اليعقوبي، السيد الشهيد الصدر الثاني كما أعرفه، ص 98 ــ 101.
- ↑ رؤوف، مرجعية الميدان، ص 142.
- ↑ كفن الصدر .
- ↑ صلاة الجمعة وحركة السيد الشهيد محمد صادق الصدر الاصلاحية.
- ↑ صلاة الجمعة وحركة السيد الشهيد محمد صادق الصدر الاصلاحية.
- ↑ الطائي، الدور السياسي للسيد محمد محمد صادق االصدر في تاريخ االعراق المعاصر (1991-1999م)، ص 452 ــ 454.
- ↑ الطائي، الدور السياسي للسيد محمد محمد صادق االصدر في تاريخ االعراق المعاصر (1991-1999م)، ص 452 ــ 454.
- ↑ سيرة حياة الشهيد محمد محمد صادق الصدر ” الصدر الثاني ” قدس سره.
- ↑ محمد محمد صادق الصدر
- ↑ أضواء على المصلح الكبير و الحكيم العارف سماحة آية الله العظمى السيد محمد الصدر.
- ↑ أضواء على المصلح الكبير و الحكيم العارف سماحة آية الله العظمى السيد محمد الصدر.
- ↑ الصدر، موسوعة الإمام المهدي (ع)، المقدمة ص 90.
- ↑ أضواء على المصلح الكبير و الحكيم العارف سماحة آية الله العظمى السيد محمد الصدر.
- ↑ سيرة حياة الشهيد محمد محمد صادق الصدر ” الصدر الثاني ” قدس سره.
- ↑ سيرة حياة الشهيد محمد محمد صادق الصدر ” الصدر الثاني ” قدس سره
- ↑ الصدر، مجموعة أشعار الحياة.
- ↑ الصدر، أصول علم الأصول، ص 24 ــ 25.
- ↑ الصدر، اللمعة في حكم صلاة الجمعة، ص 33.
- ↑ محمد محمد صادق الصدر.
- ↑ محمد محمد صادق الصدر.
- ↑ محمد محمد صادق الصدر.
- ↑ محمد محمد صادق الصدر.