الزيدية
الزيدية إحدى الفرق الشيعية المعروفة وهم القائلون بإمامة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، والحسن، والحسينقالب:عليهم السلام وكذا زيد بن علي بن الحسين وإمامة كل فاطمي دعا إلى نفسه وهو على ظاهر العدالة ومن أهل العلم والشجاعة وكانت بيعته على تجريد السيف للجهاد.
والجدير أن أئمتهم في مصادرهم الأولية يقولون بإمامة علي بن الحسين السجّاد. إلا أن بعض العلماء المعاصرين، من فضلاء الزيدية حاول صرف هذا المعتقد عن صريح لفظه المنصوص عليه في المصادر القديمة للعقيدة الزيدية، إلى أن علي بن الحسين (ع) من دعاة الأئمة ولا يعد في عداد الأئمة.
ويعود ظهور الزيديّة الى بدايات القرن الثاني الهجري/ الثامن الميلادي بعد أن انشقت من الجسد الشيعي الأم. وتشكّل الزيدية اليوم ما يقرب الـ 45 بالمئة من سكان اليمن.
عقائد الزيدية
المتبنيات الفقهية
يعدّ كتاب مجموع الحديث ومجموع الفقه المعروفين بالمجموع الكبير أقدم المصنفات الزيدية في الفقه.[١] ومن المسائل الفقهية التي تتبناها المدرسة الزيدية: الأذان بحي على خير العمل،[٢] وبجواز المسح على الخفين وتحريم الزواج المؤقت وإباحة ذبيحة الكتابي.
يضاف إلى إيجابهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ومن هنا أوجبوا الهجرة من بلاد يتظاهر أهلها بالمعاصي الى بلاد لم يعص الله فيها، وقد ضحّى كبار أئمة الزيدية بحياتهم تطبيقا لهذا الاصل.
وتعتمد الزيدية نفس المنهج الفقهي لأبي حنيفة الآخذ بالقياس. كما تعتمد كثيراً على إجماع علماء الأمّة كمصدر للتشريع الفقهي.[٣]
المتبنيات العقائدية
تتبنى الزيدية ما ذهبت إليه المعتزلة في مسألة القبح والحسن. وقد أرجع الشهرستاني ذلك إلى تتلمذ زيد على رأس المعتزلة واصل بن عطاء. لكن هذا لا يمكن الاعتماد عليه لأنّ الرأي القائل بـتتلمذ زيد على واصل بن عطاء مما انفرد به الشهرستاني ولم يشاركه غيره من أصحاب الملل والنحل وكذلك ترفض الزيدية القول بالبداء والرجعة ونفي مبدأ التقية.[٤] ومن متبنيات الفكر العقائدي للزيدية القول بصحة إمامة الفاطمي حسنيا (ع) كان أم حسينيا (ع) شريطة أن يكون عالماً زاهداً شجاعاً سخياً ويدعو لنفسه بالإمامة ويخرج بالسيف. كما تؤمن الزيدية بجواز خروج إمامين في آن واحد ولكن في نقطتين مختلفتين من العالم الإسلامي فإذا خرجا في نفس الوقت كذلك وجبت طاعتمها. وتذهب الزيدية إلى القول بصحة إمامة المفضول مع وجود الفاضل، وقد استمر هذا المعتقد في الوسط الزيدي إلى زمن الناصر الاطروش الذي تراجع الزيدية في زمنه عن هذا المبدأ.
ولا تشترط الزيدية العصمة في الإمام وتؤمن بـالمهدوية؛ ومن هنا وصف النفس الزكية نفسه بالمهدي في مكاتباته مع المنصور العباسي.
ومن عقائدهم القول بـالمنزلة بين المنزلتين؛ ومن هنا حكموا بفسق مرتكب الكبيرة وجعلوه في منزلة بين الإيمان والكفر. وقسّم الزيدية الكفر إلى كفر نعمة وكفر جحود معتقدين بكفر وارتداد من يرتكب الكبيرة مستحلا لها، دون من ارتكبها شهوة لا استحلالا حيث حكموا بفسقه ودخوله النار إذا مات بلا توبة.[٥] وقد تعرض الأشعري في كتابه المقالات الإسلامية ص 70 الى 75 للخلافات العقائدية بين فرق الزيدية أنفسهم.
فرق الزيدية
اختلفت كلمة الباحثين في فرق الزيدية منشأ ً وعدداً.[٦] ولكن يمكن تصنيفهم بنحو كلي إلى طائفتين الأولى منهما طائفة الأئمة المتقدمين منهم وهي التي لا توسم بالرفض لاعترافها بإمامة أبي بكر وعمر؛ والمتأخرين الرافضين لهذه الإمامة. علماً أن المذهب الزيدي الموجود في اليمن يميل في مبانية الى الطائفة الاولى.[٧]
والراصد لفرق الزيدية يرى أنّ عماد تلك الفرق هي: الجارودية، البترية، السليمانية. ومنها تشعّبت صنوف الزيدية الأخرى والتي أوصلها النوبختي الى سبعين فرقة.[٨]
الجارودية
الجارودية أو السرحوبية اتباع أبي الجارود زياد بن أبي زياد. وهي أوّل الفرق الزيدية أو من أوائلها التي تشترك مع الشيعة الإمامية بالاعتقاد بأنّ النبي (ص) نصّ على عليّ (ع) إلا أنّهم قالوا نصّ عليه بالوصف دون التسمية، والناس مقصّرون إذا لم يتعرفوا الوصف ولم يطلبوا الموصوف. وزعموا أنّ من دفع علياً عن هذا المكان فهو كافر وأن الأمّة كفرت وضلت في تركها بيعته. وجعلوا الإمامة بعده في الحسن بن علي (ع) ثم في الحسين (ع) هي شورى بين أولادهما، فمن خرج منهم مستحقا للإمامة فهو الإمام.
ويظهر منهم الغلو بنحو ما مع الإيمان برجعة الأئمة.[٩]
السيلمانية أو الجريرية
السليمانية أتباع سليمان بن جرير الرقي الزيدي، الذي رفض التقية والبداء، ومع إيمانه بأفضلية علي (ع) لتولي منصب الإمامة إلا أنّه أثبت إمامة أبي بكر وعمر وكونها حقاً باختيار الأُمّة وأنّ الأُمّة أخطأت في البيعة لهما مع وجود عليّ (ع)، خطأ لا يبلغ درجة الفسق، وذلك الخطأ خطأ اجتهادي، غير أنّه طعن في عثمان للأحداث التي أحدثها وكفّره بذلك، وكفّر عائشة وطلحة والزبير بإقدامهم على قتال عليّ.[١٠]
سائر الفرق
بالإضافة إلى الفرق الرئيسية التي مرّ الكلام عنها هناك فرق أخرى تشعّبت عن الجسد الزيدي هي: القاسمية[١١] الهادوية[١٢]الناصرية[١٣] الصباحية[١٤] العقبية[١٥] النعيمية[١٦] واليعقوبية.[١٧]
أعلام الزيدية
تعرض صاحب كتاب تاريخ الزيدية في ص 9 - 13 إلى الشخصيات المحورية والاحيائية للفكر الزيدي فكان في مقدمتهم:
- زيد بن علي (الشهيد سنة 122 هـ)
- القاسم الرسي (ت 246 هـ)
- ناصر الدين حسن بن علي الملقب بالأطروش (ت 304 هـ) في القرن الرابع في منطقة الديلم وطبرستان
- أحمد بن يحيى بن الحسين (ت 325 هـ) في بلاد اليمن
- يوسف بن يحيى بن أحمد (ت 403 هـ) في اليمن
- أحمد بن الحسين بن هارون (ت 411 هـ) في الديلم
- يحيى بن حسين بن اسحاق الجرجاني (ت 499 هـ) في جرجان والري
- يحيى بن أحمد بن أبي القاسم الملقب بأبي طالب الصغير (ت 520 هـ) في الديلم
- أحمد بن سليمان بن محمد الشهير بالمتوكل (ت 566 هـ)
- عبد الله بن حمزة بن سليمان المشهور بالمنصور بالله (ت 614 هـ)
- محمد بن مطهر بن يحيى الملقب بالمهدي لدين الله (ت 729 هـ)
- أحمد بن يحيى بن مرتضى (ت 840 هـ)
- علي بن صلاح الدين (ت 965 هـ)
- المنصور بالله قاسم بن محمد بن علي (ت 1029 هـ)
- يوسف بن المتوكل (ت 1140 هـ)
- محمد بن أحمد بن حسن (ت 1130 هـ)
- علي بن عباس بن حسين (ت 1189 هـ)
- إسماعيل بن أحمد بن عبد الله كبس (ت 1250 هـ)
- ومحمد بن يحيى بن محمد (ت 1322 هـ).[١٨]
الثورات الزيدية
توالت الثورات الزيدية بكثرة خاصة في بدايات العصر العباسي حتى اقترنت مفردة الثورة بالزيدية، حتى قيل- كما ذهب إلى ذلك بعض الباحثين- لكل ثائر ٍ زيدي وإن لم يكن منهم.[١٩] قال ابن الجوزي:
وبعد ثورة زيد بن علي، خرج يحيى بن زيد بالجوزجان على الوليد بن يزيد بن عبد الملك؛ وخرج محمد بن عبد الله بن الحسن بن الحسن بـالمدينة؛ و خرج بعده أخوه إبراهيم بن عبد الله إلى البصرة؛ وخرج الحسين بن علي بن الحسن بن الحسن فبايعه الناس، وعسكر بفخ على ستة أميال من مكة واستشهد في واقعة فخ؛ وخرج يحيى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن فقتل؛ وخرج محمد بن جعفر بن يحيى بن عبد الله بن الحسن بن علي بتاهرت فغلب عليها؛ وخرج بـالكوفة أيام المأمون محمد بن إبراهيم بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن بن الحسن ثم مات بعد أربعة أشهر. فخرج من بعده محمد بن محمد بن زيد بن زيد بن علي فأخذ وأظهر موته.
وخرج بـاليمن إبراهيم بن موسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين داعية لمحمد بن إبراهيم فأمنه المأمون. وخرج جعفر بن إبراهيم بن موسى بن جعفر باليمن، فقدم به على المأمون فأمنه. وخرج محمد بن القاسم بن علي بن عمر بن علي بن الحسين بـالطالقان في خلافة المعتصم، فوجه إليه عبد الله بن طاهر فانهزم محمد ثم وقعوا به فأنفذ إلى المعتصم، فحبسه. وخرج محمد بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين داعية لمحمد بن إبراهيم، فلما مات محمد دعا إلى نفسه فحمل إلى المأمون؛ وخرج الأفطس بالمدينة داعية لمحمد بن إبراهيم فلما مات محمد دعا إلى نفسه.
وخرج الحسن بن زيد بن محمد بن إسماعيل بطبرستان فما زالت بيده حتى مات، وخلفه أخوه محمد فحاربه رافع بن هرثمة، ثم تابعه بالري محمد بن جعفر بن الحسن فأسروا وحمل إلى محمد بن طاهر فحبسه حتى مات.
وخرج الكوكبي واسمه الحسين بن أحمد بن محمد بن إسماعيل فهزمه موسى بن بغا، وخرج بالكوفة أيام المستعين يحيى بن عمر بن يحيى بن زيد بن علي بن الحسين بن علي فحارب فقتل. وخرج الحسين بن محمد بن حمزة فأخذ وحبس. وخرج ابن الأفطس بالمدينة، وخرج بالمدينة إسماعيل بن يوسف بن إبراهيم بن عبد الله، فخلفه أخوه محمد فطلب فهرب ومات.
وخرج ابن لموسى بن عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب فمضى إلى فارس فمات بها.[٢٠]
ومن أبرز تلك الثورات:
ثورة يحيى بن زيد
خرج يحيى بن زيد من الكوفة بعد مقتل أبيه مع شيعته إلى المدائن ومنها الى الري ثم الى سرخس وأخذ في خراسان بالتبليغ والدعوة لنفسه.[٢١] وكتب يوسف بن عمر عامل الكوفة إلى أمير بلخ من قبل الأمويين نصر بن سيار يخبره بأمر يحيى، فأُخِذ وحُمِلَ إلى نصر بن سيار، فقيّده وحبسه وكتب بخبره إلى يوسف بن عمر. وبعد هلاك هشام بن عبد الملك أطلق فذهب الى نيشابور، وقامت الحرب بين يحيى بن زيد وبين نصر بن سيار، وأرسل نصر ليحيى جيشاً كبيراً، وكان يحيى في سبعين رجل، فهزمهم يحيى وقتل قائد الجيش عمر بن زرارة، وأرسل نصر جيشاً آخر في طلب يحيى، فأدركوه بالجوزجان، ووقع القتال بينهم وبين يحيى، وأصاب يحيى سهم في جَبهته فقتل. وذهب البعض إلى القول بأنّ الإمام الصادق (ع) أرسل كتابا إلى يحيى يمنعه من الثورة.[٢٢] وأظهر أهل خراسان النياحة على يحيى بن زيد سبعة أيام في سائر أعمالها.[٢٣]
ثورة عبد الله بن الحسن وأولاده
وقعت في سنة 145 هـ/ 742م المصادف لأواخر العقد الأوّل من حكم المنصور العباسي ثورتان في كل من المدينة والبصرة، قاد احداهما محمد بن عبد الله[٢٤] والثانية قادها أخوه إبراهيم.[٢٥] وكان عبد الله غير ميّال الى حركة زيد في حياة الأخير لكنه مال الى افكاره بعد استشهاد زيد وقاد الثورة التي قام بها أبناؤه.
ثورة النفس الزكية
محمد بن عبد الله بن حسن النفس الزكية وكان البعض يراه هو المهدي الموعود في الروايات. وكان المنصور العباسي بن محمد بن علي والسفاح العباسي قد بايعاه وكانا من دعاته، فمن هنا كان يرى نفسه الأجدر بالخلافة منهما، وكانت ثورته في سنة 145 هـ ق في المدينة وكان يلقب في المدينة بأمير المؤمنين. وأرسل اليه المنصور كتاب أمان يستبطن التهديد، وأرسل هو في المقابل كتاب أمان الى المنصور.
ثم عقد أبو جعفر المنصور على حربه لعيسى ابن عمّه موسى بن علي، فزحف إليه في العساكر وقاتله بالمدينة فهزمه، وقتل النفس الزكية في منتصف رمضان سنة خمس وأربعين وطيف برأسه في الكوفة وأرسل الى الخليفة.[٢٦] و[٢٧]
ثورة إبراهيم بن عبد الله
في الوقت الذي فشلت الثورة الزيدية في الكوفة والمدينة وقتل محمد بن عبد الله أعلن أخوه إبراهيم بن عبد الله ثورته في البصرة، وكان قد دخلها حدود سنة 143 هـ ق/ 760م وقام بمعيّة عيسى بن زيد بن علي بالتنظيم والإعداد للثورة فتبعه عدد من الزيدية ومعتزلة بغداد وساندهم في الثورة أهل فارس والأهواز وغيرها من النواحي.
ثم التحم جيش إبراهيم مع الجيش الذي ارسلته السلطة العباسية في منطقة باخمرا فقتل خلال المعركة إبراهيم مع أربعمئة من الزيدية.[٢٨][٢٩]
ثورة شهيد فخ
انطلقت ثورة فخ في سنة 169 هـ/ 785م بقيادة الحسين بن علي ضد الهادي العباسي في منطقة فخّ القريبة من مدينة مكة المكرمة. تعتبر وقعة فخّ– باستثناء عاشوراء- من أشدّ الحوادث التاريخية إيلاماً في تاريخ التشيع وبين الثورات الشيعية عامة، وقد انتهت الثورة بقتل الحسين بن علي مع كثير من اتباعه، وتركوا في العراء على يد محمد بن سليمان في منطقة فخ على بعد ستة أميال من مكة المكرمة.[٣٠]
ثورة يحيى بن عبد الله
وفي سنة خمس وسبعين وتحديدا في عصر هارون الرشيد (170 - 193 هـ/ 786- 808م) خرج يحيى بن عبد الله بن حسن - أحد الناجين من ثورة فخ - بالديلم واشتدّت شوكته وكثر جمعه والتفّ حوله الكثير من عامّة الناس وكثير من الزيدية البترية من الأمصار، فندب إليه الرشيد الفضل بن يحيى فكاتب يحيى وحذره وبسط أمله ولما رأى يحيى ضعف الدعم الشعبي له وتفرق الناس عنه أجاب على الأمان الذي كتبه الرشيد بخطه وشهادة الفقهاء والقضاة ...[٣١]
ثورة ادريس بن عبد الله
هو الآخر ممن نجا من واقعة فخّ وأنه لما رأى الحرب التي اشترك فيها في (فخ) قد دارت ضدهم، خرج بجرحه وتنكّر وذهب الى مصر سنة 172ق/ 788م ومنها الى البربر في المغرب، وأخذ يدعوهم ويعرفهم بقرابته من رسول الله (ص)، فاجتمعت له قادة العشائر من البربر وقبائل الزناتة وزراعة وكناسة وغير ذلك من القبائل وبايعوه، وهكذا قامت دولته وصار لها حدود مرسومة وامتد نفوده على القبائل القاطنة فيما بين القيروان الى المحيط الاطلسي غربا، واستمرت دولته من سنة 172هـ ق الى 375 هـ ق/ 788-985م في ما يعرف اليوم بمراكش ودخل في صراع مع الأغالبة والخوارج.[٣٢]
ثورة أبي السرايا
خرج محمد بن إبراهيم بن إسماعيل وهو ابن طباطبا بن إبراهيم بن الامام الحسن بن علي بن أبي طالب (ع) الى الكوفة وكان على موعد مع السري بن منصور (أحد أبناء ربيعة) بن ذهل بن شيبان (أبي السرايا) في يوم حددوه.
وكان أبو السرايا قد جاء الى قبر الامام الحسين (ع) ليجمع من يرى من الرساليين، حيث ان قبر الامام الحسين (ع) ظلّ منطلقا للثورات، ومركزا يلجأ اليه الثوار. فدخل محمد بن إبراهيم وخطب الناس، ودعاهم إلى البيعة الى الرضا من آل محمد والدعاء الى كتاب الله وسنة نبيه (ص) فبايعه جميع الناس. وبعث أبو السرايا إلى المدائن فاستجابوا، وبعث إلى أهل مكة حسين بن حسن الأفطس ومحمد بن سليمان الى الحجاز وإبراهيم بن جعفر الى اليمن وسار بنفسه الى البصرة فاستولى عليها. لكن ثورة أبي السرايا هزمت سنة 200 هـ ق/815 م.[٣٣]
الحكومات الزيدية
أقامت الزيدية حكومات مستقلة في منطقة صعدة اليمنية وفي طبرستان الايرانية على مر الزمان.
الحكومة الزيدية في اليمن
صعدة هي عاصمة الحكومة الزيدية المضطربة[٣٤] وان شملت مناطق أخرى كمدينة عدن وصنعاء.[٣٥] وقد دخل المذهب الزيدي الى اليمن على يد يحيى بن الحسين بن قاسم من أحفاد الامام الحسن (ع) والمعروف بالهادي الى الحق.[٣٦] وتواصلت الحكومات الزيدية في تلك البلاد، حتى مع اغتيال الامام يحيى بن محمد حميدالدين في 17 من فبراير، عام 1948 م. حيث تولى ولده أحمد الحكم لمدة 44 سنة، وفي سبتمبر 1962م توفي الإمام أحمد، وتولى الإمامة بعده ابنه محمد البدر بن أحمد بن حميد الدين. وبعد بضعة أيام من ذلك اشتعلت حركة 26 سبتمبر 1962 بتخطيط وتوجيه مصريين، وأُعلن عن قيام نظام جمهوري في صنعاء.[٣٧]
الحكومة الزيدية في ايران
شيّد الزيديون لهم دولة مستقلة في منطقة طبرستان والدليم في إيران تنسب الى الداعي الحسن بن زيد بن إسماعيل بن زيد بن حسن بن علي عليه السلام.[٣٨] المعروف بالداعي الكبير الذي أقام حكومة في طبرستان والتي استمرت الى حدود 316 هـ ق.[٣٩]
مواطن الزيدية
استمرت دولة الأئمة الرئيسية في صنعاء اليمنية من (280 ق- 700 ق) وأما دولة العلويين في طبرستان فقد واصلت مسيرتها من سنة (250- 316ق) ويعدّ اليمن الموطن الرئيسي للزيدية وكان يتصدى لحكمه أئمة الزيدية حتى قيام الجهمورية اليمنية.(النوبختي، فرق الشيعة، ص۹۰.) وتبلغ نسبة الشيعة في اليمن اليوم الى 45 بالمائة من السكان.
الزيدية في إيران
مع أنّ أئمة الزيدية الأوائل قاموا بأكثر من ثورة لم تكلل بالنجاح في إيران إلا أنّ المذهب الزيدي بقي بعيداً عن الساحة الإيرانية قرابة القرن على وفاة زيد بن علي سنة 122 هـ/ 740م.[٤٠] وقد دخلت التعاليم الزيدية لأوّل مرّة إيران على يد أتباع القاسم بن إبراهيم الرسي الحسني المتوفى سنة 246 هـ/ 860م... حيث راجت الزيدية في طبرستان وكلار وجالوس التي تعدّ أولى قلاع الزيدية في إيران.[٤١] وقد تصدّى الداعي الزيدي العلوي الحسن بن علي الاطروش لإعادة تشكيل الحكومة الزيدية في طبرستان سنة 301 هـ ق/914م انطلاقا من الخلاف الفقهي بينه وبين سائر أئمة الزيدية واقترابه من فقه الشيعة الإثني عشرية حيث أسس فرقة عرفت بالناصرية تختلف مع القاسمية أتباع القاسم والهادي في رويان وشرق الديلم.[٤٢] وكانت للزيدية كلمتها ووصلت الى أوج عظمتها في الفترة البويهية.[٤٣]
من أبرز أئمة الزيدية وعلمائها في منطقة بحر الخزر بعد الناصر الأطروش الأخوين أحمد بن الحسين المؤيد بالله (المتوفى 411 هـ/ 1020م) وأبو طالب يحيى الناطق بالحق اللذين كانا على صلة بالوزير البويهي في الري الصاحب بن عباد، وكذا بقاضي القضاة المعتزلي عبد الجبار الهمداني.[٤٤]
المركز الآخر لنشر الزيدية منطقة بيهق في ما وراء بحر قزوين، فقد كتب المؤرخ البيهقي المعروف بابن فندق أنّ الرئيس البيهقي أبا القاسم علي بن محمد بن حسين شيّد قبيل جمادى الأولى سنة 414ق/ 1023م أربع مدارس لاتباع المذهب الحنفي والشافعي والكرامي وسيدان، وللمعتزلة (العدلية) وللزيدية.[٤٥] ثم أفل نجم الزيدية في كل من إيران والعراق بعد وفاة البيهقي هذا، وكان لتمدد الإسماعيلية الى تلك المنطقة الدور البارز في عزلة الزيدية وأفول نجمها عن سماء المنطقة الّا جماعات قليلة من أتباع الناصرية والمؤيدية التي بقيت محافظة على بعض السنن الزيدية حتى بزوغ نجم الدولة الصفوية في إيران، ومع تصدّي الشاه طهماسب للحكم حوالي سنة 933 هـ/ 1526م اعتنق من بقي من الزيدية المذهب الإمامي الاثني عشري.[٤٦]
المصادر والمراجع
- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، المنتظم في تاريخ الامم و الملوك، دراسة وتحقيق: عبد القادر عطا، محمد، مراجعة وتصحيح: زرزور، نعيم، دار الكتب العلمية، بيروت، د.ت.
- ابن خلدون، عبد الرحمن بن محمد، مقدمة ابن خلدون، بيروت، دار صادر، 1984 م.
- الأشعري، علي بن اسماعيل، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلّين، المصحح هلموت ريتر، بيروت، دار النشر، د.ت.
- الشامي، فضيلة عبدالامير، تاريخ الفرقة الزيدية بين القرنين الثاني والثالث للهجرة، 1984 م.
- الشهرستاني، محمد بن عبدالكريم، كتاب الملل و النحل، تخريج محمد بن فتح الله بدران، مكتبه الانجلو المصرية، القاهرة، 1956 م.
- صابري، حسين، تاريخ فرق اسلامي، سمت، طهران، 1384 ش.
- الطوسي، محمد بن حسن، اختيار معرفة الرجال (رجال كشي)، المصحح حسن مصطفوي، مشهد، دانشكده الهيات ومعارف اسلامي مشهد، 1348 ش.
- العمرجي، احمد شوقي إبراهيم، الحياة السياسية والفكريه للزيديه في المشرق الإسلامي، القاهرة، مكتبة مدبولي، القاهرة، د.ت.
- الزيدي، قاسم بن محمد، الاعتصام بحبل اللّه، نشر مطابع الجمعيه عمان.
- مادلونغ، ويلفرد، فرقههاي اسلامي [الفرق الإسلامي]، ترجمه أبوالقاسم سري، طهران، أساطير، 1377 هـ.
- المفيد، محمد بن محمد بن النعمان، أوائل المقالات، المؤتمر العالمي لألفية الشيخ المفيد، مصنفات الشيخ المفيد، 1413 هـ.
- المقدسي، المطهر بن طاهر، البدء والتاريخ، بور سعيد، مكتبة الثقافة الدينية، د.ت.
- نشار، علي سامي، نشأة الفكر الفلسفي في الإسلام، مصر، دار المعارف، 1966 م.
- النوبختي، حسن بن موسى، فرق الشيعة، بنياد فرهنك ايران، طهران، 1353 هـ
- اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، بيروت، دار صار، د.ت.
- ↑ مشكور، فرهنك فرق اسلامي، ص 217.
- ↑ قاسم بن محمد الزيدي المتوفي عام 1029، الاعتصام بحبل اللّه.
- ↑ مشكور، فرهنك فرق اسلامي، ص 218؛ صابري، تاريخ فرق اسلامي جلد 2، صص 80 ــ 89.
- ↑ مشكور، فرهنك فرق اسلامي، ص 218.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، جلد 2، ص 84.
- ↑ للتعرف على هذا الأمر لاحظ: صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، صص93 ــ 95.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 95.
- ↑ النوبختي، فرق الشيعة، صص 91 ــ 93.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص95 ــ 97؛ الشهرستاني، كتاب الملل والنحل، صص 140 ــ 142؛ الأشعري، مقالات الاسلاميين، صص 66 ــ 67.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، صص 101 ــ 102؛ والشهرستاني، كتاب الملل والنحل، صص 140 ــ 142؛ الأشعري، مقالات الاسلاميين، ص 68؛ وعمرجي، الحياة السياسية والفكرية للزيدية في المشرق الاسلامي، صص 90 ــ 92؛ الشامي، فضيلة عبدالامير، تاريخ الفرقة الزيدية بين القرنين الثاني والثالث للهجرة، صص 248 ــ 249 .
- ↑ أتباع قاسم رسي.
- ↑ أتباع يحيي بن الحسين بن القاسم؛ الهادي إلى الحق.
- ↑ أتباع ناصر الأطروش.
- ↑ أتباع صباح بن القاسم المري أو المزني.
- ↑ أتباع عبد اللّه بن محمد العقبي.
- ↑ أتباع نعيم بن اليمان.
- ↑ أتباع يعقوب بن علي (أو عدي) الكوفي.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 90.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص67.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 67؛ ابن الجوزي، المنتظم في تاريخ الامم والملوك، ج 7، ص 212.
- ↑ للتعرف بشكل أكبر على ثورة يحيى بن زيد واستشهاده راجع: العمرجي، الحياة السياسية والفكرية للزيدية في المشرق الإسلامي، صص 76 ــ 82؛ الشامي، فضيلة عبدالامير، تاريخ الفرقة الزيدية بين القرنين الثاني والثالث، ص 97 ــ 106.
- ↑ العمرجي، الحياة السياسية والفكرية للزيدية في المشرق الإسلامي، ص 87.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 29.
- ↑ عبدالله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب.
- ↑ لاحظ: صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص70.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، صص 70 ــ 72.
- ↑ للتعرف بشكل أوسع على ثورة محمد بن عبد الله راجع: ابن الجوزي، المنتظم، ج 8، صص 63 ــ 68.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 72.
- ↑ للتعرف بشكل أوسع على ثورة ابراهيم بن عبدالله لاحظ: البدء والتاريخ، ج 6، ص 86؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، صص 376 ــ 379 .
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 73؛ اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي، ج 2، ص 405؛ ابن الجوزي، المنتظم، ج 7، ص 213.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج 2، ص 73.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، صص۷۴-۷۳.
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، صص۷۵-۷۴.
- ↑ لاحظ: ابن خلدون، المقدمة، ص۴۷ .
- ↑ لاحظ: الشامي، تاريخ الزيدية في القرنين الثاني والثالث الهجري، ص۲۳۳.
- ↑ لاحظ:. نشار، نشأة الفكر الفلسفي، ج۲ ، ص۱۸۶ .
- ↑ لاحظ:. الشامي، تاريخ الزيدية في القرنين الثاني والثالث الهجري، ص۲۳۶ .
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج۲، ص۷۸ .
- ↑ صابري، تاريخ فرق اسلامي، ج۲، ص۷۸ .
- ↑ مادلونغ، فرقههاي اسلامي، ص 141.
- ↑ مادلونغ، فرقههاي اسلامي، ص۱۴۲.
- ↑ مادلونغ، فرقههاي اسلامي، ص 143.
- ↑ مادلونغ، فرقههاي اسلامي، ص 144.
- ↑ مادلونغ، فرقههاي اسلامي، ص 145.
- ↑ مادلونغ، فرقههاي اسلامي، ص 145.
- ↑ همان، ص 8 - 147.