أبو سعيد الخدري
سعد بن مالك بن سنان، (10 قبل الهجرة – 74 هـ) المعروف بأبي سعيد الخُدْريّ، من شباب صحابة النبي ومن كبار الأنصار، ولد قبل الهجرة بعشر سنوات، وكان أبوه من أصحاب النبي (ص).
شارك في شتى غزوات النبي (ص)، ثم شارك أيضا مع الإمام علي (ع) في معركتي صفين والنهروان، وقد اعتبره المؤرخون من كبار الأنصار، وأكدوا على فقاهته، وله مكانة رفيعة عند علماء رجال الشيعة حيث أثنوا عليه.
النسب
ينتسب أبو سعيد إلى جده خُدرة الأكبر الذي اشتهر بالأبجر،[١] وبنو خدرة رهط من بني عوف الأنصر، وكان أبوه من أصحاب النبي (ص)، وأمه أنيسة بنت أبي حارثة من قبيلة بني النجار.[٢]
شخصيته وفضائله
اعتبره المؤرخون أحد كبار الأنصار،[٣] وأكدوا على فقاهته.[٤]
أجلّه علماء الرجال الشيعة أيضاً، وأثنوا عليه كثيراً: عدّه البرقي[٥] بين أصحاب النبي (ص) بمنزلة سلمان وأبي ذر، واعتبره من بين أصحاب الإمام علي (ع) [٦] في زمرة أصفياء أصحابه.
وفي رجال الكشّي نقل عن الإمام الصادق (ع) قوله: إنه كان في دينه مستقيماً عارفاً بالحق، وروي عن الفضل بن شاذان أيضاً أن أبا سعيد كان من السابقين الذين رجعوا إلى أمير المؤمنين (ع).[٧] وأبو سعيد واحد من الذين رووا الكثير من الأحاديث عن النبي (ص) ومنهم عبد الله بن عباس وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله وزيد بن ثابت وأنس ابن مالك وحشد كبير من التابعين مثل سعيد بن المسيب وعطاء بن يسار ونافع.[٨] وذكر أن الأحاديث التي رواها عن النبي (ص) بلغت 1170 حديثاً أورد بعضها أصحاب الصحاح مثل مسلم والبخاري [٩] وقد جمع بقيّ بن مخلد أيضاً الكثير منها في كتابه المسند الكبير.[١٠]
اشتهر أبو سعيد بين الصحابة بالزهد والورع، وقد انبرى أبو نعيم في حلية الأولياء،[١١] وابن الجوزي في صفة الصفوة[١٢] للحديث عن شخصيته في هذا المضمار.
حضوره في الغزوات والمعارك
كان أبو سعيد في الثالثة عشرة من عمره، أثناء معركة أحد حين قدّمه أبوه للمشاركة في القتال، ورغم إصرار أبيه لم يوافق النبي (ص) على مشاركته في الحرب بسبب صغر سنه، إلاّ أنه شارك بعد معركة أحد في شتى غزوات النبي (ص).[١٣]
وخلال فترة حكم الإمام علي (ع) كان معه في معركتي صفين والنهروان.[١٤]
ولم تكن لأبي سعيد صلات ودية مع بني أمية، وكان ينتقدهم في الفرص التي كانت تسنح له، ومنها عندما قدّم مروان بن الحكم خطبة العيد على الصلاة، فقوبل باعتراض أبي سعيد،[١٥] كما ذهب إلى الشام خلال خلافة معاوية للاعتراض على تصرفاته،[١٦] إلا أن ما قيل من أن أبا سعيد بايع عبد الملك بن مروان في رسالة بعث بها إليه في 73 هـ، وأن عبد الملك كان قد سمع منه الحديث قبل خلافته أيضاً[١٧] يبدو مثيراً للشك من حيث الزمان ومن حيث نوع العلاقة التي كانت لأبي سعيد مع بني أمية.
واستناداً إلى الإمامة والسياسة[١٨] فإنّ أبا سعيد خلال وقعة الحرة عند هجوم جُند الشام على المدينة، بقي في بيته، إلا أن الجند أغاروا على بيته، وطالبوه بالمال، ولمّا لم يحصلوا عليه قاموا بتعذيبه. وفي رواية أخرى،[١٩] لجأ أبو سعيد خلال وقعة الحرة إلى غار، وبعد أن عرفه أحد جنود الشام الذي كان قد قدم لقتله، طلب إليه أن يستغر له.
وفاته
وقد دوّن أغلب المؤرخين وفاته في 74 هـ،[٢٠] إلاّ أن البعض أيضاً قالوا إنها حدثت في 64 هـ، وذلك بعد سنة من واقعة الحرة،[٢١] وكان قبره في البقيع بالمدينة، كما ورد في بعض المصادر.[٢٢] لكن يجدر بالذكر أن في إسطنبول أيضاً ضريحاً باسمه.[٢٣]
الهوامش
المصادر والمراجع
- ابن الأثير، علي بن محمد، أُسد الغابة، بيروت، دار أحياء التراث العربي.
- ابن الجوزي، عبد الرحمن بن علي، صفة الصفوة، تحقيق: محمود فاخوري و محمد رواس قلعجي، بيروت، 1406 هـ / 1986 م.
- ابن حبان، محمد بن حبان، مشاهير علماء الأمصار، تحقيق: فلايشهامر، القاهرة، 1379 هـ / 1959 م.
- ابن حبيب، محمد بن حبيب، المُحبّر، حيدرآباد دكن، 1361هـ / 1942 م.
- ابن حجر العسقلاني، أحمد بن علي، الإصابة، القاهرة، 1328 هـ.
- ابن خياط، خليفة بن الخياط، الطبقات، تحقيق: سهيل زكار، دمشق، 1966 م.
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الكبرى، بيروت، دار صادر.
- ابن عبد البر، يوسف بن عبد الله، الاستيعاب، القاهرة، 1380 هـ / 1960 م.
- ابن عساكر، علي بن الحسن، تاريخ مدينة دمشق، عمان، دار البشير.
- ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، الإمامة والسياسة، القاهرة، 1388 هـ / 1969 م.
- ابن قتيبة، عبد الله بن مسلم، المعارف، تحقيق: ثروة عكاشه، القاهرة، 1960 م.
- أبو إسحاق الشيرازي، إبراهيم بن علي، طبقات الفقهاء، تحقيق: إحسان عباس، بيروت، 1401 هـ/ 1981 م.
- أبو نعيم الأصفهاني، أحمد بن عبد الله، حلية الأولياء، القاهرة، 1351 هـ/ 1959 م.
- البرقي، أحمد بن محمد، رجال البرقي، تحقيق: جلال الدين المحدث، طهران.
- الحاكم النيسابوري، محمد بن عبد الله، المستدرك على الصحيحين، حيدر آباد دكن، 1324 هـ.
- الخطيب البغدادي، أحمد بن علي، تاريخ بغداد، القاهرة، 1349 هـ.
- الذهبي، محمد بن أحمد، تاريخ الاسلام، القاهرة، 1368 هـ.
- الذهبي، محمد بن أحمد، سير أعلام النبلاء، تحقيق: شعيب الأرنؤوط وآخرون، بيروت، 1405 هـ / 1985 م.
- الصفدي، خليل بن ايبك، الوافي بالوفيات، تحقيق: برند راتكه ويسبادن، 1399 هـ/ 1979 م.
- الطبراني، سليمان بن احمد، المعجم الكبير، تحقيق: حمدي عبدالمجيد سلفي، بغداد، 1399 هـ/ 1979 م.
- الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الطبري، بيروت، الناشر: دار التراث، ط 2، 1387 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسنِ، اختيار معرفة الرجال، تحقيق: حسن المصطفوي مشهد.
- المنقري، نصر بن مزاحم، وقعة صفين، تحقيق: عبدالسلام محمد هارون، القاهرة، 1382 هـ.
- النووي، يحيي بن شرف، تهذيب الأسماء واللغات، القاهرة، إدارة الطباعة المشيرية.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 525.
- ↑ ابن خياط، الطبقات، ج 1، ص 216.
- ↑ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 2، ص 602.؛ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 1، ص 180.؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 2، ص 289.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 2، ص 372.؛ أبو إسحاق الشيرازي، طبقات الفقهاء، ص 51.؛ النووي، تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص237.؛ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص170.؛ ابن حجر، الإصابة، ج 2، ص 35.
- ↑ البرقي، رجال البرقي، ص 2.
- ↑ البرقي، رجال البرقي، ص 3.
- ↑ الطوسي، اختيار معرفة الرجال، صص 30 - 38.
- ↑ النووي،تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص 237.؛ ابن الأثير، أسد الغابة، ج 2، ص 289.
- ↑ النووي،تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص 237.
- ↑ الذهبي، سير أعلام النبلاء، ج 3، ص 171.
- ↑ أبو نعيم الأصفهاني، حلية الأولياء، ج 1، صص 369 – 371.
- ↑ ابن الجوزي، صفوة الصفوة، ج 1، صص 714 – 715.
- ↑ الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 525.؛ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 563.؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 2، ص 602.
- ↑ ابن حبيب، المُحبّر، ص291.؛ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 1، ص 180.
- ↑ الصفدي، الوافي بالوفيات، ج 15، ص 148.
- ↑ ابن عساكر، تاريخ مدينة دمشق، ج 7، صص 182 - 183.؛ المنقري، وقعة صفين، ص 216.
- ↑ ابن سعد، الطبقات الكبرى، ج 5، صص 229 - 234.
- ↑ ابن قتيبة، الإمامة والسياسة، ج 1، ص 213.
- ↑ الذهبي، تاريخ الإسلام، ج 3، صص 220 - 221.
- ↑ ابن قتيبة، المعارف، ص 268.؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 11، ص 526.؛ الطبراني، المعجم الكبير، ج 6، ص 40.؛ ابن عبد البر، الاستيعاب، ج 2، ص 602.؛ الخطيب البغدادي، تاريخ بغداد، ج 1، ص 181.
- ↑ ابن حبان، مشاهير علماء الأمصار، ص 11.؛ النووي، تهذيب الأسماء واللغات، ج 1، ص 237.
- ↑ الحاكم النيسابوري، المستدرك على الصحيحين، ج 3، ص 564.
- ↑ ينظر: إيشلي، ص 73 – 70.