سورة الفجر
سورة الفجر، هي السورة التاسعة والثمانون ضمن الجزء الثلاثين من القرآن الكريم، وهي من السور المكية. واسمها مأخوذ من أول آية، وفيها يقسمُ الله تعالى بالفجر وهو شقّ عمود الصبح وإظهاره في أُفق المشرق، وتذكر السورة الأقوام السابقة الذين طغوا في الأرض، كما تُشير إلى امتحان الإنسان وحثّه على عدم التقصير في فعل الخير، وتُبشّر المؤمنين ذوي النفوس المطمئنة بدخول الجنة.
واشتهرت هذه السورة بسورة الإمام الحسين كما جاء في كتب التفسير وفقاً لروايات الأئمة عليهم السلام. ورد في فضل قراءتها روايات كثيرة منها ما رويَ عن النبي (ص) أنه قال: من قرأ سورة الفجر في الليالي العشر (بداية ذي الحجة) غُفر له، ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نوراً يوم القيامة.
تسميتها وآياتها
سُميت هذه السورة بالفجر؛ على أول آية منها، وفيها يقسمَ الله تعالى بالفجر، وهو شقّ عمود الصبح، أي: فجّره الله لعباده فأظهره في أُفق المشرق،[١] كما أقسم سبحانه بالصبح في قوله تعالى: قالب:قرآن[٢] فالمراد بالفجر هو الفجر المعروف.[٣] وآيات هذه سورة (30)، تتألف من (139) كلمة في (584) حرف. وتعتبر هذه السورة من حيث المقدار من السور المفصلات، أي: السور التي لها آيات متعددة وصغيرة.[٤]
ترتيب نزولها
ذكر المفسرون أنّ سورة الفجر من السور المكية، [٥] والسورة من حيث الترتيب نزلت على النبي (ص) بالتسلسل (10)، لكن تسلسلها في المصحف الموجود حالياً في الجزء الثلاثين بالتسلسل (89) من سور القرآن.[٦]
معاني مفرداتها
أهم المفردات في السورة:
- (الشَّفْعِ وَالْوَتْرِ): الشفع: ضم الشيء إلى مثله، وهو من العدد الزوج. والوتر: هو من العدد خلاف الشفع وهو المفرد.
- (يَسْرِ): من سار: إذا مضى وذهب.
- (لِّذِي حِجْرٍ): ذي لُبّ وعقل.
- (إِرَمَ): اسم القبيلة أو الأرض.
- (جَابُوا الصَّخْرَ): قطّعوا الصخر ونحتوه.
- (لَبِالْمِرْصَادِ): المكان الذي يقوم فيه الرصد لمراقبة غيره، ويطلق على الحارس أيضاً.
- (تَحَاضُّونَ): هو الحثّ على الشيء، أي: لا يحثُّ بعضكم بعضاً.
- (لَّمًّا): شديداً، وقيل: جمعاً.[٧]
محتواها
جاء في السورة ذم التعلّق بالدنيا، كما تُركّز على تهديد الجبارين بالعذاب الإلهي، وتُبيّن ما حلّ ببعض الأقوام السالفة ممن طغوا في الأرض (قوم عاد، ثمود، فرعون)، وتُشير إلى الإمتحان الرباني للإنسان وتلومه على تقصيره في فعل الخيرات، كما تحدثت عن المعاد وما سينتظر المؤمنين ذوي النفوس المطمئنة من ثواب جزيل، والكافرين عقاب شديد.[٨]
سورة الإمام الحسين (ع)
جاء في كتب التفسير أنّ وصف السورة بسورة الإمام الحسين،[٩] وفقاً لِما جاء في رواية الإمام الصادق: «أقرؤوا سورة الفجر في فرائضكم ونوافلكم، فإنها سورة الحسين بن علي، ومن قرأها كان مع الحسين يوم القيامة في درجته من الجنة».[١٠]
ملاحظات تفسيرية
يقسم الله في الآية الثانية من سورة الفجر بـ "ليال عشر"، وفي تفسير الليال العشر وردت عدة احتمالات، منها: الليالي العشر الأوائل من شهر ذي الحجة، أو الليالي العشر الأوائل من شهر محرم، أو آخر عشر ليال من شهر رمضان، إضالة إلى الأول عشر ليال من شهر رمضان.[١١]
بحسب الفخر الرازي، القسم بالليال العشر فيه دلالة على عظمتها وفضيلتها، ووجود يوم عاشوراء في العشرة الأولى من محرم، وليلة القدر في العشرة الأخيرة من رمضان، والانهماك بالعبادة في العشرة الأولى من ذي الحجة، دليل على هذه الفضيلة.[١٢] يشير العلامة الطباطبائي في تفسير الميزان إلى هذه العلامات ويؤكد على أن الليالي العشر هي العشرة الأوائل من شهر ذي الحجة.[١٣]
وفقا لرواية من جابر بن يزيد الجعفي عن الإمام الباقر (ع)، في الليالي العشر إشارة لعشرة من المعصومين. وفي هذه الرواية فُسر الفجر بالرسول (ص)، والشفع بالإمام علي (ع) وفسر الوتر بالإمام المهدي (ع).[١٤]
وفي هذا الشأن وردت تفسيرات أخرى أيضا، منها ما جاء في تفسير البرهان: الشفع هما أمير المؤمنين وفاطمة عليها السلام والوتر هو الله وحده لا شريك له، وذكر أيضاً: إنّ الشفع هو رسول اللهصلى الله عليه وآله وسلم وعلي والوتر هو الله الواحد القهار.[١٥] ومنها ما جاء في تفسير القمي: الشفع هما الحسن والحسين، والوتر هو أمير المؤمنين .[١٦]
بعض المفسرين يعتقدون بأن لم يكن المقصود من الليالي العشر، الليالي فقط، بل تشمل الآية الليالي والأنهر.[١٧]
من آياتها المشهورة
قوله تعالى: يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَّرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي[١٨] قال المفسرون في هذه الآيات: إنّ النفس المطمئنة هي التي تسكن إلى ربها وترضى بما رضيَ به؛ لأنّ اطمئنانها إلى ربها يستلزم رضاها بما قُدِّر لها، فصاحب النفس المطمئنة حائز مقام العبودية، فتذهب نفسه إلى مستقرها الجنة.[١٩]
وقال بعض المفسرون أن أفضل مصداق لهذه الآية هو الإمام الحسين لِما جاء في رواية الإمام الصادق في تفسير الآيات الأخيرة من السورة: إنّ (النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ) هو الحسين بن علي.[٢٠]
فضيلتها وخواصها
وردت فضائل كثيرة في قراءتها، منها:
- عن النبي (ص) أنه قال: «من قرأ سورة الفجر في الليالي العشر غُفر له، ومن قرأها في سائر الأيام كانت له نوراً يوم القيامة».[٢١]
وردت خواص كثيرة، منها:
- عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: «من أدمن قراءتها جعل الله له نوراً يوم القيامة، ومن كتبها وعلّقها على زوجته رزقه الله ولداً مباركاً».[٢٢]
قبلها سورة الغاشية |
سورة الفجر |
بعدها سورة البلد |
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- الألوسي، محمود بن عبد الله، روح المعاني في تفسير القرآن العظيم والسبع المثاني، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1421 هـ.
- البحراني، هاشم بن سليمان، البرهان في تفسير القرآن، بيروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، ط 1، 1429 هـ.
- الخرمشاهي، بهاء الدين، موسوعة القرآن والدراسات القرآنية، إيران - طهران، مؤسسة الأصدقاء، 1377 ش.
- الرازي، محمد بن عمر، التفسير الكبير، بيروت - لبنان، دار الكتب العلمية، ط 4. 1434 هـ.
- الزمخشري، محمود بن عمر، الكشّاف، بيروت - لبنان، دار صادر، ط 1، 1431 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسين، الميزان في تفسير القرآن، قم - إيران، دار المجتبى، ط 1، 1430 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، تفسير جوامع الجامع، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي لجماعة المدرسين، ط 2، 1430 هـ.
- الطوسي، محمد بن الحسن، التبيان في تفسير القرآن، قم - إيران، مؤسسة النشر الإسلامي، ط 1، 1431 هـ.
- القمي، علي بن إبراهيم، تفسير القمي، قم - إيران، مؤسسة الإمام المهدي، ط 1، 1438 هـ.
- الموسوي، عباس، الواضح في التفسير، بيروت - لبنان، مركز الغدير، ط 1، 1433 هـ.
- معرفة، محمد هادي، التمهيد في علوم القرآن، قم-إيران، ذوي القربى، ط 1، 1428 هـ.
- مكارم الشيرازي، ناصر، الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، بيروت - لبنان، مؤسسة الأميرة، ط 2، 1430 هـ.
- میبدي، أحمد بن ابي سعد، کشف الأسرار وعدة الأبرار، تحقيق: علي أصغر حکمت، طهران، أمیر کبیر، 1371 ش.
وصلات خارجية
- ↑ الطوسي، تفسير التبيان، ج 11، ص 597.
- ↑ سورة التكوير: 18
- ↑ الألوسي، روح المعاني، ج 30، ص 466.
- ↑ الخرمشاهي، موسوعة القرآن والبحوث، ج 2، ص 1263 - 1264.
- ↑ الرازي، التفسير الكبير، ج 32، ص 147.
- ↑ معرفة، التمهيد في علوم القرآن، ج 1، ص 168.
- ↑ الموسوي، الواضح في التفسير، ج 17، ص 249-259.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 20، ص 105؛ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 20، ص 315.
- ↑ مكارم الشيرازي، تفسير الأمثل، ج 20، ص 105.
- ↑ الطبرسي، جوامع الجامع، ج 3، ص 779.
- ↑ الطباطبائي، المیزان، ج 20، ص 279؛ المیبدي، کشف الأسرار، ج 10، ص 479.
- ↑ الفخر الرازي، مفاتیح الغیب، ج 31، ص 149.
- ↑ الطباطبائي، المیزان، ج 20، ص 279.
- ↑ ابن شهرآشوب، المناقب، ج 1، ص 281.
- ↑ البحراني، تفسير البرهان، ج 10، ص 154-155.
- ↑ القمي، تفسير القمي، ج 3، ص 1153.
- ↑ المیبدي، کشف الأسرار، ج 10، ص 479.
- ↑ سورة الفجر: 27 - 30.
- ↑ الطباطبائي، تفسير الميزان، ج 20، ص 323.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 10، ص 169؛ القمي، تفسير القمي، ج 3، ص 1156.
- ↑ الزمخشري، تفسير الكشاف، ج 4، ص 1785.
- ↑ البحراني، تفسیر البرهان، ج 10، ص 154.