الشيخ عبد الكريم الجزائري
الشيخ عبد الكريم بن الشيخ علي الجزائري
ولادته
ولد العلامة الكبير الشيخ عبد الكريم بن الشيخ علي بن الشيخ كاظم الجزائري في مدينة النجف الأشرف بتاريخ 12 جمادى الثانية 1289 ه / 1872 م ، ونشأ بها
اساتذته
تتلمذ على علمائها الأعلام ، ومراجعها الكبار منهم:
1 - الآخوند الشيخ محمد كاظم الخراساني .
2 - السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي .
3 - شيخ الشريعة الأصفهاني .
4 - الشيخ علي الجواهري .
حياته العلمية
وأصبح الشيخ الجزائري عالما فقيها لامعا في مدرسة النجف الأشرف ، ومن أساتذة الحوزة العلمية ، وقد تتلمذ عليه جماعة من طلاب العلم والفكر ، وكان يقيم صلاة الجماعة في مسجد آل الجزائري ، وقد عرف فضلا عن موقعه العلمي بالنشاط الفكري والسياسي ، فإنه كان من أنصار جماعة المشروطة في النجف الأشرف ، وقد وقف إلى جانب الإمام الشيخ محمد كاظم الآخوند الخراساني ، الذي تزعم حركة المشروطة ، ومناهضتها لحركة المستبدة التي كان يقودها الإمام السيد محمد كاظم الطباطبائي اليزدي ووقف مجاهدا في ميادين القتال ضد الإنكليز ، مستجيبا لفتاوى الجهاد التي أصدرها علماء النجف الأشرف ، وقد أبرق إلى الشيخ خزعل الكعبي ( أمير المحمرة ) يحثه على الانخراط في صفوف المجاهدين ، وتجهيز حملة من عشائر مدينة المحمرة لإسناد العشائر العراقية المجاهدة ، ولكن الشيخ خزعل أعتذر عن تلبية الدعوة ، فما كان من الشيخ الجزائري إلا مقاطعته ، وإنهاء العلاقات التي كانت تربطه معه ، وقد حاول الشيخ خزعل بعد إنهاء الحرب العالمية الأولى ، إعادة العلاقة مع الشيخ عبد الكريم الجزائري ، وتوثيق الصلات معه ، ولكن الشيخ الجزائري رفض الدعوة ، وكتب للشيخ خزعل :
" فرق ما بيني وبينك الإسلام " ، وهكذا اعرض الشيخ الجزائري عن الصلات القديمة ، والعلاقات الحميمة مع أمير المحمرة ، في سبيل مصلحة الإسلام والوطن وبقي الشيخ الجزائري مناهضا لسلطات الاحتلال البريطاني في العراق حتى إعلان ثورة العشرين المجيدة عام 1920 م ، فإنه قد طالب بحقوق العراقيين استجابة لنداءات أهالي النجف الأشرف ، وقد أوردت الوثائق البريطانية جانبا من مواقفه الوطنية ومنها : أن الشيخ عبد الكريم الجزائري أسهم أسهاما فاعلا ومؤثرا في تحريض العدو ضد العدو قبل سقوط بغداد ، وأعتقل أخوه الشيخ محمد جواد بخصوص الوثائق التي ضبطت لدى الحاكم السياسي الألماني في مدينة عانة ويصور هذا النص صورة على التحرك السياسي للشيخ الجزائري ضد الاحتلال البريطاني على صعيد العراق بأجمعه ، وقد أشار إليه الأستاذ علي البازركان بقوله : " انه كان من كبار العلماء في النجف الأشرف ، ومن المجاهدين الوطنيين الذين صدقوا ما عاهدوا اللّه عليه ، اشترك في الثورة العراقية ، وكان من المحرضين على الثورة ضد الإنكليز لنيل الاستقلال الذي لا تشوبه شائبة ، فعقد الاجتماعات الكبيرة مع رؤساء القبائل ، وبث توجيهاته السديدة وحضر اجتماع النصف من شعبان في دار الإمام الشيخ محمد تقي الشيرازي في مدينة كربلاء وفي عام 1922 م حضر مع الوفد النجفي مؤتمر كربلاء الذي عقد احتجاجا على هجوم الوهابيين على العراق ولم تقوده مواقفه الثورية والوطنية إلى منفعة ذاتية أو في الوصول إلى منصب معين ، فكان قد رفض منصب وزارة المعارف في وزارة السيد عبد الرحمن النقيب الأولى وبقي شديد المعارضة للسلطة في اجراءاتها الجائرة حتى قيام ثورة 14 تموز 1958 م ، فابرق إلى رئيس الوزراء الزعيم عبد الكريم قاسم مهنئنا له بالثورة وطلب منه : " أن يكون عهدكم الجديد عهدا مباركا تسوده العدالة الاجتماعية والمساواة والقيم الروحية ليشعر الفرد بقيمته كمواطن له حريته وكرامته في حدود ما أمر اللّه ونزلت به رسله " وبعد تفشي الشيوعية في العراق فإنه أصدر فتوى بتحريمها في 25 رمضان 1379 ه جاء فيها :
" الشيوعية هدم للدين وكفر وضلال فلا يجوز الانتماء إليها بوجه من الوجوه كفى اللّه المسلمين شرها "
شعره
وكان العلامة الشيخ عبد الكريم الجزائري أديبا وشاعرا ، فقد نظم الشعر في شبابه ، ومنه في رثاء الإمام السيد محمد حسن الشيرازي المتوفى عام 1312 ه:
مصابك طبق الدنيا مصابا * ورزؤك هون النوب الصعابا
أصبت بسهم واتره المنايا * فيا أخطى الرمية من أصابا
فما للناس قد صعقت حيارى * كأن البعث قد حان أقترابا
أرى كأسا سقيت الحتف فيه * تحس منه كل الناس صابا
فيا للدين من جلل ملم * أراب الدين منه ما أرابا
تغيب بدر أوج المد لما * اتخذت من التراب إليك غابا
أرى السهم الذي أرداك أضحى * به كل بوالده مصابا
ولمكانة العلامة الكبير الشيخ عبد الكريم الجزائري العلمية والاجتماعية والسياسية كتبت عنه بحوث ودراسات ما يلي :
1 - الأستاذ محمد علي الحوماني في كتابه " وحي الرافدين " .
2 - الشيخ محمد هادي الأميني في بحثه " الشيخ عبد الكريم الجزائري 1289 - 1383 ه " .
3 - الشيخ محمد رضا الشبيبي في بحثه " فقيدنا الكبير الشيخ عبد الكريم الجزائري " في جريدة الأيام ، العدد ( 124 ) بتاريخ 10 أيلول 1962 م .
4 - الدكتور حسن عيسى الحكيم ، في مقالته ( من هو النجفي القائل لأمير المحمرة : فرق ما بيني وبينك الإسلام ) جريدة الفرات ، العدد التاسع بتاريخ 21 / 6 / 2000 .
مؤلفاته
كتب العلامة الشيخ عبد الكريم الجزائري في الفقه وعلم الكلام والأدب ما يأتي:
1 - تعليقة على كتاب المكاسب للشيخ الأنصاري .
2 - تعليقة على كتاب الرياض للسيد المجاهد .
3 - ديوان شعر .
4 - رسالة عملية .
5 - شرح على مباحث الظن والقطع من رسائل الشيخ الأنصاري .
6 - شرح على العروة الوثقى ، وصل به إلى آخر كتاب الحج .
7 - النخبة العاصمة للصوارم القاصمة ، وقيل أسمه " الجنة العاصمة " .
وفاته
توفى العلامة الكبير الشيخ الجزائري في مدينة النجف الأشرف في الخامس من صفر عام 1382 ه / 1962 م ، وقد أغلقت الأسواق حدادا ، وخرجت مواكب العزاء ، وأصدرت الجمعيات العلمية والأدبية منشورات رثاء وتابين ، وأرخ وفاته السيد محمد الحلي بقوله:
للّه يوم فيه معز الدين * بالخطب الجسيم
وأصاب قلب الفضل * فالعلماء في حزن اليم
وبكى الغري لشجوه * في فقد قائده العظيم
ذاك الذي بالناس * سار على الصراط المستقيم
حتى قضى فإذا الزعامة * منه في شجن مقيم
يوم شجا تاريخه * ( فيه قضى عبد الكريم )
ورثاه الشيخ محمد علي اليعقوبي بقصيدة منها:
بمن فتكت يد الزمان اللئيم * مضت ببقية السلف الكريم
ألا يا ضاعنا لم يبق فينا * مدى الأيام غير جوى مقيم
جهدت بخدمة الإسلام حتى * أتيت اللّه في قلب سليم
ورثاه الشيخ عبد الغني الخضري بقصيدة منها:
برأيك حتى النجم يهدي ويرشد * فهل أنت عقل الكائنات المجرد
كأنك دنيا بالأعاجيب زينب * بسبعين لا سبع إذا ما تعدد
فيا لك رأيا بالمفاخر معلما * بصير إذا تشقى الورى فيه تسعد