مقام الإمام زين العابدين عليه السلام
مقام الإمام زين العابدين عليه السّلام
للإمام علي بن الحسين ( زين العابدين ) عليه السّلام في مدينة النجف الأشرف مقامان الأول منهما يقع في طرف العمارة في الجانب الغربي من سور النجف الأخير ، في موضع يعرف بالثلمة ، وهو يجاور مقام جده أمير المؤمنين عليه السّلام ، يقول الشيخ حرز الدين : أن مقام الإمام زين العابدين ، ومقام الإمام علي عليهما السّلام في قبة الصفا ، كانا خارجين عن سور النجف الأول ، وحينما غزا ابن سعود الوهابي مدينة النجف ، بني السور الثاني الموجود حتى سنة 1300 ه فأدخلوها في بلد النجف القديم وهذا الكلام غير دقيق بالنسبة لتواريخ أسوار النجف ، فإنه من الثابت أن المقام المذكور كان يقع وراء السور الأخير للنجف ، وهو السور الخامس الذي أزيل عام 1357 ه / 1937 م ، وقد حدد الشيخ السماوي موضع هذا المقام بقوله :
وعند باب الغرب قبة الصفا * واثر زين العابدين إذ وفى
وان الشواخص الموجودة في الوقت الحاضر تدلل على مجاورة مقام الإمام زين العابدين لمقام الإمام علي عليه السّلام في قبة الصفا ، وكان الإمام زين العابدين عليه السّلام إذا أراد زيارة مرقد جده أمير المؤمنين عليه السّلام يأتي إلى هذا المكان ويصلي فيه ويربط ناقته عنده ، ثم يقصد القبر الشريف حافيا ثم يعود إلى مكانه ويبيت حتى الصباح « 3 » ويقول السيد جعفر بحر العلوم : أن الإمام زين العابدين كان يأتي قبر جده محدودبا مختفيا ولعل السبب يعود إلى اختيار الإمام زين العابدين لهذه المكان البعيد عن المرقد الشريف حتى يوهم الرائي بأنه قادم من الديار المقدسة عن الطريق الذي يربط بادية العراق بالحجاز ، وانه يريد الوضوء من القليب القديم الذي يقع قرب المقام ، وفي حدود الألف للهجرة أوصلوه بمياه الآبار التي حفرها الشاه عباس الصفوي ، لإيصال الماء لسكان مدينة النجف الأشرف ، وكان الناس يستقون من هذا القليب لعذوبة مائة حتى أواخر العهد العثماني ، وفي عام 1338 ه / 1920 م بنيت فوهته الواسعة لاستغناء الناس عنه بعد إيصال الماء من نهر الفرات إلى النجف بواسطة القنوات ويبدو أن بناء مقام الإمام زين العابدين عليه السّلام قد تزامن مع مشاريع الصفويين في النجف الأشرف ، فقد أقاموا عليه بنية ، وقد أصلحت في أواخر العهد العثماني ، وأخذ الناس يقصدونه للزيارة ، ونسبت له كرامات ، ويوجد في محراب المقام صخرة جميلة الشكل بديعة الصفة منقوش عليها أحرف مقطعة وقد تلفت هذه الصخرة عندما أقدمت الحكومة على نسف المقام بالديناميت صباح يوم الاثنين 22 رمضان 1411 ه المصادف 8 / 4 / 1991 وسوي مع الأرض دون مراعاة لقدسيته ، وبعد فترة من الزمن أقدمت الحكومة على بنائه من جديد وفق مواصفاته القديمة وادعت أن الثوار هم الذين أقدموا على نسفه وهذا أمر مضحك ومدعاة للسخرية.
ويعد مقام الإمام زين العابدين من مساجد مدينة النجف الأشرف الشهيرة وقد أقام فيه الشيخ إبراهيم الغراوي المتوفى عام 1304 ه صلاة الجماعة وتقام فيه في الوقت الحاضر مجالس الفاتحة من قبل بعض النجفيين ، وان كان مسجد صافي صفا يستقطب الغالبية من هذه المجالس لسعته والخدمات المتوفرة فيه.
أما المقام الثاني للإمام زين العابدين عليه السّلام ، فإنه يقع في الجانب الغربي من الصحن الشريف وملاصقا له ، وأتخذ عليه مسجدا ، ولكن آثاره ضاعت التي عند فتح الباب الغربي للصحن الشريف يقول الشيخ حرز الدين : أن هذا المقام يقع إلى جنب الصحن الغروي الجنوبي على يسار الداخل للصحن من باب الفرج الذي فتحت باسم السلطان ناصر الدين شاه عام 1287 ه ، وأدركنا بناء المقام ، وهو غرفة قديمة البناء كالصفة فوقها قبة بيضاء بنيت بالجص طولها ثلاثون قدما وعرضها كذلك ، وفي وسط الساحة بالوعة لمياه الأمطار ، وكان الأخيار والزوار يصلون فيه ركعتين ، وروى أن السيد حسين المقرم النجفي كان يصلي فيه وسمعنا أيضا أن الميرزا محمد الاخباري صلّى فيه ، وله دار وقف تابعة له سكنها العالم الشيخ محمد مهدي الفتوني ، وفي زماننا أخرجوا منه عدة دكاكين ، وفيه خان خربة للإيجار متصل بحدود دار الشيخ يونس أخي الشيخ عماد الدين ، وتعرف هذه المحلة بمحلة الرباط كما في صكوك دار الشيخ يونس ، وفي منتهى هذا الزقاق الذي صار سوقا يعرف بسوق العمارة بعد فتح باب الصحن الجديد ، محراب قديم مجلل يزعم الناس أنه محل كان الإمام زين العابدين عليه السّلام يربط ناقته فيه .