عبد الله الديصاني
عبد الله الدّيصاني (ضالّ / العراق)
جاء في أصول الكافي للشيخ الكليني:
عن محمّد بن إسحاق قال: إنّ «عبد الله الدّيصاني» سأل هشام بن الحكم فقال له: ألك ربّ؟
فقال: بلى.
قال: أقادر هو؟
قال: نعم قادر قاهر.
قال: يقدر أن يدخل الدنيا كلّها البيضة، لا تكبر البيضة ولا تصغر الدنيا؟
قال هشام: النظرة.
فقال له: قد أنظرتك حولاً، ثُمّ خرج عنه.
فركب هشام إلى أبي عبد الله(عليه السلام) فاستأذن عليه فأذن له، فقال له: يابن رسول الله أتاني عبد الله الدّيصاني بمسألة ليس المعوّل فيها إلاّ على الله وعليك.
فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): عمّاذا سألك؟
فقال لي: كيت وكيت.
فقال أبو عبد الله(عليه السلام): يا هشام! كم حواسّك؟
قال: خمس.
قال: أيّها أصغر؟
قال الناظر.
قال: وكم قدر الناظر؟
قال: مثل العدسة أو أقلّ منها.
فقال له: يا هشام! فانظر أمامك وفوقك وأخبرني بما ترى.
فقال: أرى سماء، وأرضاً، ودوراً، وقصوراً، وبراريّ، وجبالاً، وأنهاراً.
فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): إنّ الذي قدر أن يدخل الذي تراه العدسة أو أقلّ منها قادر أن يدخل الدنيا كلّها البيضة، لا تصغر الدنيا ولا تكبر البيضة
فأكبّ هشام عليه وقبّل يديه ورأسه ورجليه وقال: حسبي يابن رسول الله وانصرف إلى منزله.
وغدا عليه «الدّيصاني» فقال له: يا هشام: إنّي جئتك مسلّماً ولم أجئك متقاضياً للجواب.
فقال له هشام: إن كنت جئت متقاضياً فهاك الجواب، فخرج «الدّيصاني» عنه حتّى أتى باب أبي عبد الله(عليه السلام) فاستأذن عليه فأذن له، فلمّا قعد قال له: يا جعفر ابن محمّد! دُلّني على معبودي.
فقال له أبو عبد الله(عليه السلام) ما اسمك؟ فخرج عنه ولم يخبره باسمه.
فقال له أصحابه: كيف لم تخبره باسمك؟
1- من الواضح أنّ هذا الجواب من الإمام(عليه السلام) جواب إسكاتي إفحامي، من باب كلّم الناس على قدر عقولهم.
قال: لو كنت قلت له عبد الله، كان يقول: من هذا الذي أنت له عبد.
فقالوا له: عد إليه وقل له يدلّك على معبودك ولا يسألك عن اسمك، فرجع إليه فقال له: يا جعفر بن محمّد! دُلّني على معبودي ولا تسألني عن اسمي.
فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): اجلس، وإذا غلام له صغير في كفّه بيضة يلعب بها، فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): ناولني يا غلام البيضة، فناوله إيّاها.
فقال له أبو عبد الله(عليه السلام): يا ديصاني، هذا حصن حصين مكنون، له جلد غليظ، وتحت الجلد الغليظ جلد رقيق، وتحت الجلد الرقيق ذهبة مائعة وفضّة ذائبة، فلا الذهبة المائعة تختلط بالفضّة الذائبة ولا الفضّة الذائبة تختلط بالذهبة المائعة، فهي على حالها، لم يخرج منها خارج مصلح فيخبر عن صلاحها، ولا دخل فيها مفسد فيخبر عن فسادها، لا يدري للذكر خلقت أم للأُنثى، تنفلق عن مثل ألوان الطواويس أترى لها مدبّراً؟
قال: فأطرق مليّاً ثُمّ قال: أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، وأنّ محمّداً عبده ورسوله، وأنّك إمام وحجّة من الله على خلقه، وأنا تائب ممّا كنت فيه