أبو بكر الهندوان
أبو بكر الهندوان
(شافعي ـ أندونيسيا)
ولد في "أندونيسيا" بمدينة "بنكلان"، ونشأ في أجواء غذّته عقيدة أهل السنّة وفق المذهب الشافعي، فترعرع في هذه الأجواء حتّى ارتقى وعيه الديني، فتوجّه نحو البحث في الصعيد العقائدي ليتحرّر من موروثاته الفكريّة ويشيّد عقيدته على أساس الحجج والبراهين. وفي ضمن البحث تعرّف "أبو بكر" على مذهب أهل البيت(عليهم السلام) فجذبه هذا المذهب، وسدّ له الكثير من الفراغات الفكريّة التي كان يعاني منها ولم يجد لها جواباً عند مذهب أهل السنّة.
من هم أهل السنّة؟
كان يظنّ "أبو بكر الهندوان" بأنّه من أتباع أهل السنّة التي جاء بها رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وأنّ مذهبه هو المذهب الوحيد الذي يهتّم بسنّة الرسول(صلى الله عليه وآله) بخلاف المذاهب الإسلاميّة الأخرى.
ولم يشكّ أبو بكر بأنّ سنةّ الرسول(صلى الله عليه وآله) تمثّل المصدر الأساسي للتشريع وأنّها نابعة من الوحي الإلهي لقوله تعالى حول رسول الله: {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إلاّ وَحْيٌ يُوحَى} ولقول الرسول(صلى الله عليه وآله) كما جاء في القرآن الكريم: {إِنْ أَتَّبِعُ إِلاّ مَا يُوحَى إِلَيَّ}
ولكن التساؤل الذي يطرأ في ذهنيّة الباحث هو أنّ الخليفة الثاني لماذا طرح فكرة "حسبنا كتاب الله" قبيل وفاة النبي(صلى الله عليه وآله)، وهذه القضيّة ممّا لا تخفى على أحد، وقد رواها البخاري في صحيحه وذكرها ابن عبّاس، ونصّ الرواية كما يلي:
"لمّا حضر رسول الله(صلى الله عليه وآله) وفي البيت رجال فيهم عمر بن الخطاب، قال النبيّ (صلى الله عليه وآله): هلمّ أكتب لكم كتاباً لا تضلّوا بعده، فقال عمر: إنّ النبيّ(صلى الله عليه وآله) قد غلب عليه الوجع وعندكم القرآن حسبنا كتاب الله، فاختلف أهل البيت، فاختصموا منهم من يقول: قرّبوا يكتب لكم النبي(صلى الله عليه وآله)كتاباً لن تضلّوا بعده ومنهم من يقول ما قال عمر، فلمّا أكثروا اللغو والاختلاف عند النبي(صلى الله عليه وآله) قال رسول الله(صلى الله عليه وآله) قوموا.
قال عبيدالله: وكان ابن عباس يقول: إنّ الرزيّة كلّ الرزيّة ما حال بين رسول الله(صلى الله عليه وآله)وبين أن يكتب لهم ذلك الكتاب من اختلافهم ولغطهم"
هذا من جهة ومن جهة أخرى لا يخفى بأنّ عمر بن الخطاب بل قبله أبا بكر منعا الناس من تدوين حديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) واستمرّ هذا المنع لفترة طويله بعدهما.
فإذا كان أتباع عمر بن الخطاب مهتمّين بسنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فما هو الداعي لزعيمهم أن يقف بوجه رسول الله(صلى الله عليه وآله) ويمنعه من كتابة الحديث ويرفض السُنّة ويقول "حسبنا كتاب الله".
وإذا كان عمر بن الخطاب هو المهتمّ بسنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله) فلماذا منع الصحابة من تدوين أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله):
عقيدة مذهب أهل البيت حول سنّة الرسول(صلى الله عليه وآله):
إنّ مذهب أهل البيت(عليهم السلام) يعتقد بأنّ سنّة الرسول(صلى الله عليه وآله) تمثّل الأصل الثاني من أصول التشريع، وأنّ الله تعالى أمر الرسول(صلى الله عليه وآله) ببيان هذه السنّة إلى الناس ومحاولة حفظها وصيانتها من التحريف، ثمّ وكلّ الله تعالى أمر حفظ السنّة إلى أهل البيت(عليهم السلام)بعد رسول الله(صلى الله عليه وآله)، فحفظ أهل البيت سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله) وحاولوا صيانتها من التحريف وبقوا المصدر الوحيد الذي يمكن الوثوق به لتلقّي سنّة الرسول(صلى الله عليه وآله)، وذلك لأنّ الله تعالى اصطفاهم ليكونوا حجّته على خلقه بعد رسول الله، فعصمهم بعصمته وجعلهم المصدر لحفظ ما جاء به رسول الله(صلى الله عليه وآله).
ومن هذا المنطلق يمكن القول بأنّ سنّة النبيّ المنقولة عن طريق أهل البيت(عليهم السلام)أوثق من المصادر الأخرى التي تدخّلت بها أيدي السياسة وتلاعبت بها أيدي المغرضين من أجل صياغتها وفق أغراضها ومآربها السياسيّة.
ولا يشكّ الباحث بأنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله) قد اهتمّ بأهل البيت(عليهم السلام) في أقواله وأحاديثه، كما لا يشكّ الباحث بعداء بني أميّة لأهل البيت(عليهم السلام)، ومن هنا فإنّنا إذ نجد بأنّ بني أميّة لا تسمح بحرّية نشر أحاديث رسول الله(صلى الله عليه وآله) فإنّ الغرض الأساسي منه أنّها كانت مخالفة لنشر فضائل أهل البيت(عليهم السلام) وبما أنّ أحاديث الرسول(صلى الله عليه وآله)متضمّنة لهذه الفضائل فلابدّ من التعامل بحذر مع هذه الأحاديث، ولابدّ من منع تدوينها ليتمّ بمرور الزمان حذف ما لا يبتغيه التيّار الحاكم من هذه الأحاديث.
أخذ السنّة من أهل البيت(عليهم السلام):
اكتشف "أبو بكر الهندوان" من خلال بحثه، بأنّ أهل البيت(عليهم السلام) هم أفضل مصدر لمعرفة سنّة رسول الله(صلى الله عليه وآله)، وعرف بأنّ السبيل للاعتصام من الضلال هو التمسّك بالقرآن الكريم وأهل البيت(عليهم السلام)، وهذا ما يشير إليه حديث الثقلين.
ومن هنا اتّخذ "أبو بكر الهندوان" قراره النهائي، فتمسّك بالثقلين، واتّبع بعد ذلك مذهب أهل البيت(عليهم السلام) وكان استبصاره في الثمانينات للميلاد.
نشره لمعارف أهل البيت(عليهم السلام):
تبيّن لـ "أبي بكر الهندوان" بعد اكتشافه، أنّه كان ضحيّة الإعلام الذي نشره بنو أميّة وبنو العبّاس، وعرف بأنّ السبب الأساسي لابتعاد الأوائل عن أهل البيت(عليهم السلام)هو الاستيلاء على الحكم، ولكن الذين جاؤوا بعد ذلك فإنّ سبب ابتعادهم عن أهل البيت(عليهم السلام) هو عدم معرفتهم لأهل البيت(عليهم السلام) لأنّ الحكومات الجائرة السابقة حاربت أهل البيت(عليهم السلام)واضطهدتهم وأبعدتهم وقامت بقتلهم وقتل شيعتهم.
ورأى "أبو بكر الهندوان" بأنّ وظيفته أن يقوم بتوعية الناس وإلفات نظرهم إلى الحقائق التي كتمتها الحكومات الجائرة.
ومن هنا توجّه إلى نشر معارف أهل البيت(عليهم السلام)، وبدأ بنشر فضائلهم ومكانتهم ومنزلتهم عند الله تعالى، وبهذه الطريقة تمكّن من كشف الكثير من الحقائق للذين كانوا في غفلة عنها، وهو لا يزال سالكاً سبيل توعية الآخرين ولا يزال داعياً للحقّ في سبيل الله تعالى.