معتصم سيد احمد

من ويكي علوي
مراجعة ٢١:٢٨، ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٣ بواسطة Qanbar (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب' = معتصم سيد احمد = ولد في قرية "ندى" الواقعة شمال السودان على ضفاف نهر النيل. نشأ في أسرة مسلمة تعتنق المذهب الشافعي، واصل دراسته الاكاديمية حتى نال شهادة البكالوريوس في مجال الاقتصاد الإسلامي. == بداية تحديد الاتجاه وبلورة الاهداف == كانت فطرة الأخ معتصم تشدّ...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

معتصم سيد احمد

ولد في قرية "ندى" الواقعة شمال السودان على ضفاف نهر النيل.

نشأ في أسرة مسلمة تعتنق المذهب الشافعي، واصل دراسته الاكاديمية حتى نال شهادة البكالوريوس في مجال الاقتصاد الإسلامي.

بداية تحديد الاتجاه وبلورة الاهداف

كانت فطرة الأخ معتصم تشدّه منذ الصغر نحو الالتزام بالدين، ولهذا تبلورت جميع هواياته ورغباته في هذا الإطار، وجعل يبحث عن النماذج التي ينبغي الاقتداء بها في هذا الصعيد.

تعرّف في المرحلة المتوسطة عن طريق مادة التاريخ على تاريخ الدولة المهدوية في السودان، فأُعجب بشخصية أحد قواد جيش المهدي الثائر، ومن هنا شرع ببناء آماله في هذا المسار، وجعل يخطط من أجل تحديد الاتجاه الذي يوصله إلى قيادة الحركات الجهادية ضد الطغاة والظلمة.

فارتأى أنّ الطريق الوحيد الذي يمهّد له سبيل تحقق هذه الغاية هو التخرج في المستقبل من الكلية الحربية العسكرية، ليتدرب على فنون القتال واستعمال السلاح، فعاش على هذا الهوس فترة من عمره حتى انتقل إلى المرحلة الثانوية.

اتساع آفاق الوعي:

في المرحلة الثانوية اتسعت آفاق وعي الأخ معتصم وتفتحت مداركه الذهنية، فتعرف على نشاط جملة من قادة الحركات الاصلاحية في العالم الاسلامي، وأدرك بأن اسلوب التوعية والتثقيف الاجتماعي ورفع المستوى العلمي للأمة أفضل واجدى تأثيراً لنيل الاهداف الاصلاحية من أسلوب رفع السيف وخوض الحروب والمعارك، وذلك لأنه أزمة الأمة هي أزمة فكر وثقافة، وأن المجتمع في الوضع الراهن بحاجة إلى توعية أكثر من زجه في مواجهات عنيفه وطاحنة.

رحلة البحث واصطدامها بالغزو الوهابي:

من هذا المنطلق بدأ الأخ معتصم يبرمج مسار حياته لطلب العلم والوصول إلى مرحلة سامية من الإلمام بالحقائق الدينية.

وكان بداية توجهه إلى البحث عن المنهج والفكر الناضج والثقافة المسؤولة مقارنة بالغزو الوهابي للمنطقة التي كان فيها، فلهذا أكثر اهتمامه بالوهابية متابعاً لمناظراتهم وندواتهم.

ويقول الأخ معتصم في مجال تأثره بالمد الوهابي الذي اجتاح منطقتهم: "واصلت معهم السير، ودار بيني وبينهم كثير من المناقشات، التي كانت في الواقع عبارة عن تلك الأسئلة التي كانت حائرة في ذهني، فوجدت لبعضها أجوبة أرضتني في تلك المرحلة، وأسئلة لم أجد لها أجوبة عندهم، فكان هذا كافياً بالنسبة لي للتعاطف معهم، وشد أزرهم، مع بقاء بعض الملاحظات التي كانت حائلا بيني وبين أن ألتزم تماماً بالمنهج الوهابي".

سمات الاتجاه الوهابي:

كان من أهم الأمور التي منعت الأخ معتصم من الانصهار بالفكر الوهابي، هو أنه وجد هذا المذهب في حدّ قوله: "عبارة عن قواعد وقوانين جامدة، تطبّق من غير أن تكون لها انعكاسات حضارية واضحة في حياة الانسان، وفي فن تعامله مع هذه الدنيا في شتى الأصعدة... وحتى فى كيفية العلاقة مع الله تعالى. بل العكس تماماً فكثيراً ما تجعل الانسان متوحشاً في عزلة عن المجتمع بما يحمله من صكوك التكفير لكل قطاعاته".

ويضيف الأخ معتصم: "كنت أحس منهم ـ الوهابية ـ الغرور والكبر والأنفة، لأنّهم ينظرون إلى الناس من شاهق عال، لا يتفاعلون معهم ولا يشاركونهم في حياتهم".

كما لاحظ الأخ معتصم أن المجموعة الكبيرة من الشباب الذي انضم إلى الخط الوهابي في مدّة قليلة ومن غير دراسة ووعي، بدأوا بعد مضي فترة قصيرة من الزمن يبتعدون عنهم نتيجة العقلية غير المنفتحة التي كان يحملها رجال هذا الاتجاه.

فحال هذا الأمر بينه وبين أن يكون من اتباع هذا الاتجاه الفكري رغم أنه كان متأثراً بكثير من أفكارهم.

الشعور بالحاجة لارتقاء المستوى المعرفي:

بقى الأخ معتصم على هذه الحالة مدة من الزمن تائهاً لا قرار له ولا اتجاه، يقترب من الوهابية حيناً ويبتعد عنها حيناً آخر، حتى رأى أن الحل الوحيد أمامه ـ بدلا من مواصلة الدارسة في الكلية العسكرية ـ أن يدرس في كلية أو جامعة اسلامية، لأنه وجد نفسه بحاجة إلى ارتقاء مستواه المعرفي في الصعيد الديني.

وبالفعل بذل جهده من أجل الالتحاق باحدى الكليات والجامعات الاسلامية حتى وفقه الله سبحانه وتعالى لذلك، حيث تم قبوله بكلية الدراسات الاسلامية والعربية في جامعة وادي النيل في السودان، فالتحق بها بعد أداء التدريب العسكري، ولما استقر به المقام فيها انطلق متلهّفاً إلى مكتبة الكلية واصبح ملازماً لها، ينتقل فيها من كتاب إلى آخر منهمكاً في البحث والتنقيب ومتتبّعاً آراء ومباني المذاهب الاسلامية ابتغاءً لمعرفة الحق من بينها.

بداية التعرّف على التشيع:

استمر الأخ معتصم على هذا المنوال حتى صادف ذات يوم أن يلتقي بقريبه عبد المنعم ـ وهو خريج كلية القانون ـ في منزل ابن عمه في مدينة عطبرة، فجرى في ذلك الحين حوار بين عبد المنعم وأحد الضيوف الوافدين حول بعض المسائل العقائدية، فبادر الأخ معتصم اندفاعاً من شغفه بالابحاث الدينية إلى الجلوس بالقرب منهم ومراقبة المحاورة التي امتاز فيها ـ على حد قوله ـ عبدالمنعم بالهدوء التام رغم استفزازات الطرف الآخر وتهجّمه.

يقول الأخ معتصم: "لم أعرف طبيعة النقاش بتمامه إلى أن قال ذلك الضيف: الشيعة كفار، زنادقة...!! هنا انتبهت، وامعنت النظر، ودار في ذهني استفهام حائر... من هم الشيعة؟! ولماذا هم كفّار".

واستمر الحوار على هذا المنوال، وكان الأخ عبدالمنعم يفحم الطرف الآخر في كل مسألة تطرح في النقاش، بالاضافة إلى لباقة منطقه وقوة حججه.

وبعد الانتهاء من الحوار، انفرد الأخ معتصم بقريبه عبد المنعم، وشرع يسأله حول التشيع، فبدأ يبين الأخ عبدالمنعم له تجربته في الانتقال من مذهب السنة إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، وذكر له الأسباب التي دعته للاستبصار والانتماء إلى التشيع، ثم دعاه للبحث والتنقيب في مكتبة الجامعة.

فاستغرب الأخ معتصم قائلا: "مكتبتنا سنية، فكيف ابحث فيها عن الشيعة؟!" فذكر له الأخ عبدالمنعم أن من دلائل صدق التشيع هي امكان الاستدلال على مبانيهم من كتب وروايات علماء السنة.

فقبل الأخ معتصم اقتراح قريبه، ثم بدأ بتسجيل ما يملي عليه من اسماء الكتب السنية ولا سيما الصحاح الستة مع ذكر الجزء والصفحة، ليقوم بمراجعتها بنفسه.

الاصطدام بالواقع:

ذهب الأخ معتصم إلى مكتبة جامعته في أقرب فرصة ممكنة، وبدأ بمراجعة تلك الأحاديث في كتب الصحاح وغيرها.

فيقول الأخ معتصم: "بعد مراجعة تلك الأحاديث في البخاري ومسلم والترمذي في مكتبة جامعتنا، تأكّد لي صدق مقالته، وفوجئت بأحاديث أخرى، اكثر منها دلالة على وجوب اتباع أهل البيت مما جعلني اعيش في حالة الصدمة".

واستغرب الأخ معتصم من عدم استماعه لهذه الأحاديث من قبل، ولعدم تطرّق العلماء إليها في المحافل العلمية والكتابات الدينية التي وقعت بيده.

ثم أحب الأخ معتصم طرح هذه الأحاديث على بعض زملائه في الكلّية ليشاركونه في البحث، فكانت النتيجة أن تفاعل معه البعض في حين لم يكترث لها البعض الآخر، ولكنّه صمم على مواصلة البحث مهما كلّفه ذلك.

طلب المزيد من معرفة التشيع:

بدأ الأخ معتصم بعد ذلك يتردّد على قريبه المستبصر عبد المنعم ويتزوّد منه الماماً ومعرفة بمبادىء واصول مذهب أهل البيت(عليهم السلام).

كما صادف أن كان أحد اساتذته في الكلية رغم انتمائه إلى المالكية متعاطفاً مع أهل البيت ومحبّاً لهم فأهداه كتاب صحيح الكافي المتكون من عدة أجزاء.

ثم خاض الأخ معتصم عدّة حوارات مع زملائه واساتذته، فلم يجد من خلال ادلّتهم وتهجمهم على الشيعة ما يردعه عن الالتحاق بمذهب أهل البيت، لكنه أحب التريث وعدم الاستعجال في اتخاذ الموقف.

مرحلة التحوّل إلى مذهب أهل البيت:

وقع بيد الأخ معتصم كتاب المراجعات ومعالم المدرستين، فبدأت رؤيته تتضح أكثر فاكثر للأمور لما كان في هذين السفرين من أدلة واضحة وبراهين ساطعة بأحقية مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، ومن ثم تمكّن الأخ معتصم من اتخاذ القرار النهائي بكل قوة ومتانة فاعلن تشيعه وانتماءه لمذهب أهل البيت(عليهم السلام).

ردود فعل التيارات المخالفة:

ثارت ضجة كبيرة نتيجة استبصار الأخ معتصم بين زملائه في الكلّية، وكان موقف معظم الذين عجزوا عن طريق الحوار هو الالتجاء إلى السخرية والسب والشتم والتهديد والافتراء وغير ذلك من الأساليب غير العلمية، لكنه صمد بوجه التيار محتسباً أمره عند الله.

ثم اجتهد الأخ معتصم امتثالا بأخلاق أهل البيت(عليهم السلام) أن يخمد نيران الفتنة التي شبت في الجامعة، وبالفعل استطاع بعد مضي فترة من الزمن أن يعيد علاقته مع الجميع وبصورة أفضل من السابق.

ولكن لم يستمر هذا الأمر طويلا، إلاّ وشبّت نار الفتنة من جديد بعدما أعلن ثلاثة من الطلبة تشيّعهم، بالاضافة إلى اظهار مجموعة كبيرة من الطلبة تعاطفهم وتأييدهم للشيعة، فتمسّك مرة أخرى بعض الطلبة بالاساليب غير العقلائية لمواجهة الفكر والعقيدة، فلم يجد الأخ معتصم ومن معه سبيلا سوى الالتزام بضبط النفس والتحكّم بالانفعال من أجل امتصاص ثورة الغضب الموجهة ضدهم.

العودة إلى البلد والتخطيط للدعوة:

يتحدث الأخ معتصم عن قريته بعد عودته إليها قائلا: "استغل الوهابيون أهلها الطيبين في نشر الفكر الوهابي، فأثروا بطريقة غير مباشرة على مفاهيمهم وعقولهم، لكثرة المحاضرات والندوات التي يقيمونها، فابديت تحفظي في البداية، وملأت أوقاتي بالقراءة والاطلاع والدعوة إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام) بين الأهل والأقارب".

وخاض في هذه الفترة الأخ معتصم مجموعة حوارات مع أخيه الأكبر حتى ادّى هذا الأمر إلى استبصاره في نهاية المطاف، وبهذا ذاع أمره في القرية، فبدأ الأخ معتصم بطرح مذهب أهل البيت(عليهم السلام) على كثير من أهلها، فتأجج غضب مروجي الوهابية، واصبحت كل محاضراتهم في أية مناسبة عبارة عن سب وشتم للشيعة والافتراء عليهم.

ويقول الأخ معتصم: "واجهت كل ذلك بالصبر والصفح الجميل".

ثم التجأ الأخ معتصم بعد ذلك إلى اُسلوب الحوار والمناظرة مع شيوخ الوهابية طالباً منهم العقلانية وترك التهجّم والتعنّت والتعصّب.

المنهج في الدعوة لمذهب أهل البيت(عليهم السلام):

كان اسلوب الأخ معتصم في دعوته لمذهب أهل البيت(عليهم السلام) هو الثقة بالله والتوكّل عليه تعالى والدعوة إلى التحرّر من مقولة (قَالُواْ حَسْبُنَا مَا وَجَدْنَا عَلَيْهِ ءَابَآءَنَآ) (المائدة: 104).

كما أنه كان يدعو إلى تجنّب خداع الذات ومنع تسرّب الحقيقة إلى العقل بإغلاق المنافذ المطلة على الواقع الخارجي، كما يدعو الناس إلى الانفتاح والبحث وطلب المعرفة من أجل التحرّر من أسر الذين يستغلون جهل الناس ليخدعوهم بافكارهم الضالة والمنحرفة.

وكان يحث أبناء مجتمعه على تقوية الارادة أمام تيارات الشهوة وخطورة ضغط المجتمع، كما كان يحذرهم من الوقوع في شرك الحجب المانعة من اكتشاف الحق والتي منها حب النفس والاتباع الاعمى للاباء والسلف والتقديس غير الواعي لرجال الدين، وكان يدعو إلى التعقل ومناقشة أفكار السلف والتدقيق فيها حتى لا يكونوا من مصاديق قوله تعالى: (وَ قَالُواْ رَبَّنَآ إِنَّـآ أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَ كُبَرَآءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلاَ ) (الاحزاب: 67).

وبهذا تمكن الأخ معتصم أن يترك أسمى التأثير على أبناء قريته ممّا أدّى بالكثير منهم إلى التعاطف مع مذهب أهل البيت(عليهم السلام).

مؤلفاته:

(1) "الحقيقة الضائعة، رحلتي نحو مذهب آل البيت":

صدر سنة 1417هـ، عن مؤسسة المعارف الاسلامية ـ قم.

يتضمّن هذا الكتاب تفاصيل رحلة المؤلف من المذهب السني إلى مذهب أهل البيت(عليهم السلام)، والمراحل التي بلورت قناعته بأحقّية مذهب العترة، مع ذكره الحواجز والعقبات التي اعترت طريقه في هذه الرحلة الشاقة.

يحتوي الكتاب على تسعة فصول متضمنة كما يلي:

الفصل الأوّل: مقتطفات من حياته.

ذكر فيه أحلام طفولته وتأثره بالشخصيات الاسلامية، ودخوله إلى الجامعة وبحثه عن المذاهب الإسلامية والتفاته بالتشيع متأثراً بأحد أقربائه، ومن ثم خوضه غمار البحث وتوصله إلى النتائج التي دفعته للتشيع، ثم ذكر اصداء استبصاره في الجامعة وردود فعل المخالفين في منطقة سكناه، كما عرض بعض المناظرات التي حدثت بينه وبين بعض الوهابيين في المنطقة.

الفصل الثاني: تحت عنوان وانكشف الزيف.

تعرّض فيه إلى ضعف حديث "كتاب الله وسنتي" الذي وضع مقابل الحديث المتواتر " كتاب الله وعترتي" فذكر اسناده في كتب أهل السنة، كما عرض مناظرة جرت له مع أحد شيوخ الشام في هذا الموضوع.

الفصل الثالث: حديث كتاب الله وعترتي في المصادر السنّية.

تعرّض فيه لتفاصيل أكثر عن هذا الحديث في كتب أهل السنة مع ذكر رواته من الصحابة والتابعين وحفاظ الحديث، ودفع بعض الشبهات الموجهة على هذا الحديث.

الفصل الرابع: من هم أهل البيت.

تصدّى في هذا الفصل لتحديد مصادق أهل البيت(عليهم السلام) مستفيداً من آية التطهير وآية المباهلة وحديث الكساء.

الفصل الخامس: ولاية عليّ(عليه السلام) في القرآن.

استدل فيه بالآيات الدالة على ولاية أمير المؤمنين(عليه السلام) من قبيل آية الولاية والمصادر التي تثبت نزولها في أمير المؤمنين(عليه السلام)، وآية التبليغ.

الفصل السادس: الشورى والخلافة الاسلامية.

تطرّق فيه حول دلالة آيات الشورى، ثم تعرّض للشورى في الواقع العملي للمسلمين فذكر السقيفة وما جرى فيها من أحداث وبعدها من اعتداء على بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله)، ثمّ تعرّض إلى آية الانقلاب وكيفية انقلاب الصحابة على اعقابهم بعد وفاة رسول الله(صلى الله عليه وآله).

الفصل السابع: الثلاثي وتحريف الحقائق.

تناول مبحث التحريف الذي حصل في الدين من قبل المؤرخين والمحدّثين والكتّاب، فبيّن أهمية التاريخ ودور السلطات في تحريفه، كما ذكر مبحث منع تدوين الحديث وتحريفه وحذف فضائل أهل البيت(عليهم السلام) وذكر فضائل مصطنعة للخلفاء، مع بيان دور بعض الكتاب المعاصرين في محاربة التشيع والولاء لأهل البيت(عليهم السلام)، وذكر بعض كتب الشيعة التي تردّ عليهم.

الفصل الثامن: المذاهب الأربعة تحت المجهر.

ذكر الاختلاف بين المذاهب والطعون الواردة على أئمة المذاهب ودور السياسة والسلطان في انتشارها مع ذكر لمحات من الفقه الشيعي، ثم أورد مناظرة يوحنا مع علماء المذاهب الأربعة.

الفصل التاسع: عقائد أهل السنة ذكر فيه عقائد السلفية والوهابية والاشاعرة وذكر عقائد أعلامهم كأحمد بن حنبل، وابن تيمية، والاشعري، ومحمد بن عبد الوهاب، ثم ناقش هذه العقائد معتمداً على القرآن والسنة.

(2) "حوارات... تجربة عملية في الحوار الشيعي السني":

صدر عن دار الرسالة والتضامن ـ بيروت سنة 1419هـ ـ 1998م.

يتضمّن هذا الكتاب مجموعة حوارات ومناظرات وقعت بين المؤلف وجملة من علماء أبناء العامة ومشايخ الوهابية.

وجاء في مقدمة هذا الكتاب: "وانطلاقاً من مبدأ أهمية الحوار والمناظرة، ومساهمة مني في نشر هذه الثقافة قمت بكتابة هذا الكتاب الذي يعتبر مجهوداً متواضعاً لا يتعدى كونه تجربة شخصية تشوبها كثير من السلبيات، ولكنها تعتبر انجازاً في عصر قل فيه هذا الفن وانصرفت اهتمامات الناس عنه، هذا بالاضافة إلى ان هذه المناظرات والحوارات تمت في بيئة بعيدة كل البعد عن هذه الأمور وهي السودان، التي دخلت مؤخراً في معمعة الجدال السني الشيعي، وعلى رغم السنوات القصيرة من دخول التشيع في السودان، إلاّ أنه جدير بتوثيق تجربته، باعتبار أن لها طابعاً خاصاً ومميزاً يختلف عن التجارب الشيعية الاُخرى".

وقفة مع كتابه: "الحقيقة الضائعة"

هل تضيع الحقيقة؟

سؤال قد يبدو غريباً لأول وهلة، فكيف يمكن أن تضيّع؟!

وإنها إن تكون ساطعة وحاضرة في كل وقت، لكنها قد تضيّع كما تلبد الغيوم الشمس وتحجب نورها، وهي عزيزة لا تصل إليها النفوس غير المستعدة، ولا تستقر في القلوب التي لا تعرف قدرها فتكون عارية قلقة تبحث عن قلب يعي الحكمة لتتضم إلى أمثالها.

وأن للحقيقة أعداء لا يريدون لها أن تعرف أبداً، لأنها تمسّ مصالحهم وتأخذ من دنياهم، فتراهم يتبعون الأهواء ويبتدعون في الأحكام فتكون الفتنة، فيضلون فيها ويضلون.

وقد تمرّ قرون وقرون حتى تزول الغيوم ويهتدي طلاب الحقيقة إليها بعد جد واجتهاد لا يعرف الملل والكلل، فيجاهدون الهوى ويرفضون البدع لكي يتمسّكوا بالحقيقة، ويثقون بالله ويتوكّلون عليه حتى لا يحطم الآخرين قدراتهم ويتجنبون خداع انفسهم بقبول الحقائق ولو كان على خلاف ميولهم، فتقوى ارادتهم في طلب الحق ومقاومة الضغوط، ثم يرفعون الحجب التي قد تحجز الحقيقة عن الاكتشاف من حب ذات، وحب راحة، وحب آباء، وحب سلف، وهذا هو المنهج الذي اتبعه الشيخ معتصم في اكتشاف الحقيقة والاعتصام بها، ثم أبى إلاّ أن يفوه بها وينشرها لتعم الفائدة لكل من أراد أن يستفيد.

حديث الثقلين... وانكشف الزيف:

ترتسم علامات الدهشة على وجه المسلم السنّي العادي وغير المتخصص عندما يسمع لأول مرة حديث الثقلين: "ايها الناس إني قد تركت فيكم ما إن أخذتم به لن تضلوا كتاب الله وعترتي أهل بيتي"(1)، فهو لم يسمع بالثقلين وان احدهما العترة، بل قيل له ان الرسول(صلى الله عليه وآله) يقول: "إني تارك ما أن تمسّكتم به لن تضلّوا كتاب الله وسنتي"(2)، ويردف بأحاديث اخرى مثل: "عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ"(3).

ويعلم الأطفال في الكتاتيب والمدارس أنّ الخلفاء الراشدين بعد الرسول(صلى الله عليه وآله)هم أبو بكر وعمر وعثمان وعليّ فيشبّون على ذلك ولا يشكون فيه ولا يعرفون غيره. يقول لك أحدهم: إذا كان هذا الحديث صحيحاً فلماذا لم يذكره علماؤنا؟ وعندما تجيبه أنّ هذا الحديث ورد متواتراً في الصحاح الستة، وأن حديث (وسنتي) لم يرد فيها، بل أول ما ورد في موطأ مالك مرفوعاً بغير سند، يزداد تعجبه ويبدأ بالتساؤل: لماذا يكتم مثل هذا الحديث؟! أو يشوش عليه بغيره؟!

وإذا تابع الأمر أكثر من ذلك تبدأ مرحلة التشكيك في السند لكنها لا تدوم طويلا ولا تصمد للنقاش العلمي، ثم يبدأ التشكيك بالدلالة وأنّ هذا الحديث لا يدل إلاّ على التمسّك بالقرآن لوحده، كما فعل ابن تيمية في كتابه منهاج السنة بايراد حديث آخر مبتور لا يذكر العترة ويذكر القرآن فقط وجعله حاكماً ومفسّراً لحديث الثقلين، وعجيب هذا التفسير الذي لا يقبله حتى المبتدئون! والأعجب منه ترديد هذا الكلام إلى الآن تبعاً وتقليداً بدون تبصّر!! ولو فرضنا صحته فهو يرد على حديث "سنتي" أيضاً.

وبعد ردّ الشبهات تتّضح صحّة الحديث وتتبيّن دلالته لكل ذي عينين، فهو يدل على عصمة العترة لاقترانهم بالكتاب وعدم افتراقهم عنه، ويدل أيضاً أنه لا يخلو زمان منهم لكي يصحّ التمسك بهم وبالقرآن معاً إلى يوم القيامة، وليكون هذا التمسّك مانعاً من الضلالة دائماً وأبداً، ويدل أيضاً على علمهم بتفاصيل الدين والشريعة مثل القرآن الذي لا يغادر صغيرة ولا كبيرة، وعليه يكون أخذ الدين منهم وهم القيمون عليه وقادته.

من هم أهل البيت(عليهم السلام):

أهل البيت(عليهم السلام) معروفون تهفوا إليهم القلوب السليمة ولا تشكّ فيهم المهج البصيرة ولا يحتاج الأمر إلى دليل، ومع ذلك فقد وردت الأدلّة في القرآن والسنة تبين فضلهم وتحدد اشخاصهم، ومن أراد فليراجع آية التطهير، وآية المباهلة، وحديث الكساء، وحديث الأئمة اثنا عشر وغيرها كثير، وما قاله المفسّرون ورواة الحديث في ذلك، فهم عليّ وفاطمة والحسن والحسين وأولاد الحسين(عليهم السلام).

ولاية عليّ(عليه السلام) أم الشورى:

عندما توفي رسول الله(صلى الله عليه وآله) كانت ولاية عليّ(عليه السلام) من أوضح الواضحات، حيث سعى رسول الله(صلى الله عليه وآله) الى تثبيتها منذ أوائل دعوته المباركة والى الساعات الأخيرة من عمره الشريف ولم يدع مجالا للشك في هذا الأمر، بل هيأ الأسباب لمبايعة الناس له قبل وفاته وذلك بارسال من يحتمل معارضته لهذا الأمر في سرية اسامة.

ومن المؤيدات على أن الأمر كان من الواضحات تعجّب الإمام عليّ(عليه السلام) من رجوع العرب عن حقه في بعض خطبه(4)، وقدوم أبو سفيان رأس بني امية يدعوه إلى المطالبة بحقّه(5) ممّا يدلّ أنّ هذا الأمر كان واضحاً حتى عند أكثر أعداء رسول الله(صلى الله عليه وآله)وان لم تكن نواياه سليمة.

وانكار البراء بن عازب عقله عندما رأى رهط السقيفة يزفون أبا بكر إلى المسجد، فأقبل يركض مشتداً ليطرق الباب على بني هاشم المشغولين بجنازة الرسول(صلى الله عليه وآله) ليخبرهم بما جرى لوضوح الأمر عنده بأنّ هذا الأمر من حقّ عليّ(عليه السلام)لا غير.

لكن طبيعة الاختلاف الموجودة في الناس والتي تشير إليها الكثير من آيات القرآن الكريم خبطت هذا الحقّ الواضح بباطل السقيفة، فتنكّرت معالم الدين وضاعت سبل الحقيقة فكان انقلاب اصحاب رسول الله(صلى الله عليه وآله) على اعقابهم فتركوا نصرة الحق واتبعوا الأهواء والمصالح الدنيوية القريبة، وبغوا على آل الرسول(صلى الله عليه وآله)وهم المأمورون بمودّتهم، وابتدعوا ما يسمى بالشورى إتباعاً للمتشابه من القرآن فقلبوها عن واقعها، فكانت النتيجة حرمان الامة من ولاية عليّ(عليه السلام) التي ورد عليها النص تلو النص باتباع آراء الصحابة المتضادّ لها.

أضف إلى ذلك لو عمل بمقاييس السقيفة والشورى لكان عليّاً هو الأحق بالخلافة، فهو الأقرب من الرسول(صلى الله عليه وآله) والأعلم والأفضل وفق كل المقاييس، لكن انقلاب الناس حتى على المقاييس التي يرفعون عقيدتهم في تأييدها يضيع الحق ويجعله مشتبهاً حتى على العلماء من أمثال ابن أبي الحديد المعتزلي الذي يقول في مقدمة شرحه لنهج البلاغة: "الحمد لله الذي... قدم المفضول على الأفضل..."(6).

وهكذا جرت سنن الله التي لا تتبدّل على هذه الأمة كما جرت على سابقاتها فاختلفوا واقتتلوا وضيّعوا الحق الواضح فكانوا من الخاسرين الذين لم يضروا الله شيئاً ولكن عاد الضرر عليهم دون سواهم لبغيهم واختلافهم.

تحريف الحقائق:

كان لعلماء السوء من مؤرخين ورواة احاديث وفقهاء وكتاب الدور الأكبر في قلب الاُمور رأساً على عقب طمعاً في أموال السلاطين أو دعماً لمذاهب باطلة انتحلوها يريدون تشييدها بأي ثمن.

المؤرخون: قد ارتكب الكثير من مؤرخي الاسلام إسلوب تحريف الحقائق موجهين ذلك بداعي عدم اثارة الفتنة أو عدم تحمل العامة لحقائق التاريخ، فورثت الامة جيلا بعد جيل حقائق مشوّهة أضرتها وجعلتها لا تعرف وضع الحلل لمشاكلها، وقد عانى المخلصون من أبناء الأمة وخصوصاً أهل البيت(عليهم السلام) وأتباعهم في رفع هذا التشويه، وقدموا جهوداً جبارة في هذا السبيل كان يمكن أن تدخر لامور أهم في صالح الأمة.

ومن نماذج تحريفات المؤرخين ما أورده الطبري ومن نقل عنه، أنّ مؤسس الشيعة هو يهودي اسمه عبدالله بن سبأ من أهل صنعاء أسلم في زمان عثمان وأحدث انقلاباً هائلا ـ حسب زعمهم ـ فاوجد تيار التشيع وكل ذلك في غفلة من المسلمين!

وهذا كلام لا يصدقه العقل وحقائق التاريخ، لكنه للأسف تطلب جهوداً كثيرة لا زال علماء التشيّع يقومون بها إلى الآن للردّ على هذه الفرية التي يتمسّك بها بعض المعاندين إلى اليوم كراهية للشيعة ونصباً لهم ولائمتهم، تبعاً لاسلافهم في كتم فضائل أهل البيت(عليهم السلام) واصطناع فضائل لغيرهم وتشويه حقائق التشيع.

المحدّثون: حوربت السنة النبوية الشريفة بشكل عجيب فمنعت من التداول والكتابة وحرّق المكتوب منها.

وأول من ابتدع هذه البدعة أبو بكر فمحا الأحاديث التي كتبها بنفسه، واخترع أحاديث انفرد بنقلها لحلّ المشاكل التي واجهته من قبيل (الانبياء لا يورثون ما تركناه صدقه) الذي واجه الزهراء(عليها السلام) به عندما طالبته بفدك، أو (خالد سيف الله المسلول) لتوجيه جريمته بقتل مالك بن نويرة والزنا بزوجته.

وقد كافئه أتباعه من رواة الحديث فوضعوا له فضائل مكذوبة اتباعاً لبدعته وبغضاً لعليّ(عليه السلام) وآل البيت(عليهم السلام)، ومثال ذلك افتراءهم على رسول الله(صلى الله عليه وآله) انه قال: ان الشمس تتوسل بأبي بكر لينقذها الله من الكسوف(7)، وانه كان في قاب قوسين مع الرسول(صلى الله عليه وآله)(8)، وانه ألف القرآن(9) ونماذج اخرى لا تعد ولا تحصى من التحريف وردت بالخصوص في صحيحي البخاري ومسلم.

الكُتّاب: ظهر في العصر الحديث كتّاب مذهبيون يرتشون من السلطان لاطفاء نور الحق وتشويه مذهب آل البيت(عليهم السلام) خصوصاً بشتى أساليب الدعاية، فصوروا التشيع بابشع واقبح ما يكون من الصور من جرّاء ما نسجوه من خرافات وأوهام وعمّقوا الجهل في نفوس أهل مذاهبهم ووسعوا الفجوة بينهم وبين معرفة الحقيقة، وقائمة الكُتاب طويلة وتحريفاتهم لا تكاد تقف على حصر، الذي منهم أحمد أمين، وموسى جار الله، ومحب الدين الخطيب، وإحسان الهي ظهير، والقفاري والغريب و... و...

وقد ردّ علماء التشيع على ما كتبوا وافتروا، والذي كان منهم شرف الدين، والأميني صاحب الغدير، وحامد حسين صاحب العبقات و... و...

فقهاء وعقائديون:

تعدّدت المدارس الفقهية والعقائدية عند المسلمين وذلك نتيجة الاختلاف الذي حصل منذ يوم السقيفة وتحويل الخلافة عن أهل البيت(عليهم السلام) إلى غيرهم، وقد نقل التاريخ تعصّب كل جماعة لمدرستهم الفقهية أو العقائدية وما حصل بينهم من مشادات ونزاعات وصلت إلى أن يكفر بعضهم البعض، وكشف لنا أيضاً دور السلطات الحاكمة وكيف كانت تتلاعب بدين المسلمين، فالعالم الذي يوافق هواها يكون إماماً للمسلمين ويلزم الناس بطريقة مباشرة أو غير مباشرة بتقليده والاقتداء به.

وقد رست المرجعية الفقهية عند أهل السنة بعد ظروف وملابسات متعدّدة على أربع من بين مئات المجتهدين، وهم أبو حنيفة، ومالك، والشافعي، وابن حنبل، ثمّ حرم الاجتهاد من بعدهم وأمر الجميع بتقليدهم من غير أن تكون لهم ميزة تميزهم عن غيرهم، ويرجع ذلك تاريخ 645هـ عندما رأت السلطات الحاكمة أنّ مصلحتها تتطلّب حصر الاجتهاد في المراجع الأربعة.

وفي المقابل كان الشيعة يأخذون عن أئمتهم المعصومين(عليهم السلام)، ثم عن الفقهاء المجتهدين في عصر الغيبة، ولم ينسد باب الاجتهاد عندهم على فقهاء معدودين بل استمر إلى اليوم.

أما المرجعية العقائدية عند أهل السنة فقد رست على مدرستين رئيسيتين، هما: السلفية والاشاعرة، بعد أن كانوا فرق متعدّدة من مرجئة ترى أنّه لا علاقة بين الايمان والعمل، وقدريّه تنفي القدر، وجهمية تنفي كل صفة لله سبحانه، إضافة إلى الخوارج والمعتزلة.

وقد تبادلت هاتين المدرستين (السلفية والاشاعرة) السيطرة العقائدية على جمهور أهل السنة، ففترة كانت مدرسة أحمد بن حنبل هي المتّبعة، ثم جاءت فترة سيطرت فيها أفكار أبو الحسن الأشعري الذي كان وسطاً بين الحنابلة والمعتزلة، ثم ظهر في كل من هاتين المدرستين أئمة ينصرون عقيدتهم ويضيفون إليها كابن تيمية وابن عبدالوهاب في المدرسة السلفية، وكالباقلاني والفخر الرازي والتفتازاني في المدرسة الأشعرية.

المدرسة السلفية:

التزمت هذه المدرسة في مرحلة ابن حنبل بسماع الحديث ولم تسمح بتأويله أو استخدام العقل في فهم معانيه وجمدوا على ظاهر النصوص، ممّا أدّى بهم إلى إثبات التشبيه والتجسيم لله تعالى من دون تدقيق في مدلولات الأحاديث التي تذكر اليد والوجه وما شابه ذلك.

وجاء ابن تيمية فزاد الطين بلّة، حيث زاد في اثبات الصفات لله واتهم الآخرين بالضلال ودافع عن عقائده ووصفها بانها عقائد السلف والصحابة التي لا يجوز الانحراف عنها، وبهذا اتّبع نفس طريقة خلط الحق بالباطل لا ضلال الناس لكن معظم العلماء في وقته ردّوا عليه واسكتوا فتنته.

وجاء بعد ذلك محمد بن عبدالوهاب، وكانت الظروف مهيأة له من دعم السلطان وجهل البدو بحقائق الدين، فاتخذ منهم جيشاً ونصر دولة اعتدت على الحرمات وروعت المسلمين، وقد ادّعى التوحيد الخالص والصحيح وأنكر الزيارة لقبور الصالحين والتوسّل بالمعصومين وقال إن ذلك شرك لا يغتفر يخرج صاحبه من الاسلام إلى الكفر، وقد ردّه الكثير من علماء المسلمين وأولهم أخوه سليمان بن عبدالوهاب، فاوضحوا اشتباهاته ومواضع خلطه وبيّنوا أنّ زيارة القبور لا تعدّ عبادة لصاحب القبر، بل هي عبادة خالصة لله ما دام المرء يعتقد أنّ صاحب القبر عبد من عبيد الله وليس مستقلا عن الله، وقد وردت الأحاديث الكثيرة التي تجوز زيارة القبور والتوسل بالأولياء.

الأشاعرة:

كان أبو الحسن الأشعري معتزلياً ثم انتقل إلى أهل الحديث وحاول اضفاء الصبغة العقلية على معتقدات الحنابلة التي ترفض العقل، ولكنّه فشل في ذلك لأنّ الكثير من الأحاديث كانت مزورة فتناقضت مع العقل فتحير في أمره ووقع في مشاكل كثيرة.

ومثال على ذلك مبحث الرؤية سبحانه وتعالى فقد اثبتها الاشاعرة بالتفسير الخاطىء للآيات والأحاديث ثم قالوا انه لا يلزم من ذلك محذور أو مُحال عقلي كالحدوث والتشبيه واثبات الجهة وغير ذلك، وهي ادعاءات لا تصمد أمام النقاش العلمي.

وقد وردت الأحاديث الكثيرة عن أهل البيت(عليهم السلام) تنفي الرؤية وتحيل وقوعها، لكن أهل السنة حرموا أنفسهم منها مستبدليها بروايات كعب الأحبار ووهب بن منبه وأبو هريرة... وغيرهم، التي أوقعتهم في محاذير شنيعة لا يدرون كيف علاجها والخلاص من إلزاماتها المؤدية إلى التشبيه والتجسيم الذي يرفضونه عندما يستعملون عقولهم. (1) الترمذي: 5 / 662 ـ دار إحياء التراث العربي. (2) موطأ مالك: 2 / 46، سيرة ابن هشام: 2 / 221. (3) صحيح ابن حبان: 1 / 179. (4) راجع الخطبة الشقشقية وغيرها في نهج البلاغة. (5) تاريخ الطبري: 2 / 902، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم. (6) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد: 1 / 3 المقدّمة. (7) الغدير: 7 / 288، نقلا عن نزهة المجالس: 2 / 184. (8) الغدير: 7 / 293، نقلا عن العبيدي المالكي في عمدة التحقيق: 154، وقال هذه كرامة للصديق انفرد بها وحده. (9) الغدير ج7 نقلا عن عمدة التحقيق: 134.