ابو القاسم محمد انور كبير

من ويكي علوي
مراجعة ٠٢:٢٩، ٢٦ نوفمبر ٢٠٢٣ بواسطة Qanbar (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'= ابو القاسم محمد انور كبير = ولد عام 1970م في بنغلادش(1)، نال في مجال الدراسة الأكاديمية شهادة الليسانس في العلوم الزراعية، وشهادة الليسانس في العلوم السياسية والثقافة الإسلامية. تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام 1991م بمدينة " دكا " البنغلادشية، مت...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

ابو القاسم محمد انور كبير

ولد عام 1970م في بنغلادش(1)، نال في مجال الدراسة الأكاديمية شهادة الليسانس في العلوم الزراعية، وشهادة الليسانس في العلوم السياسية والثقافة الإسلامية.

تشرّف باعتناق مذهب أهل البيت (عليهم السلام) عام 1991م بمدينة " دكا " البنغلادشية، متحولا من الوهابية.

التأمّل في التاريخ الإسلامي:

يقول الأخ أبو القاسم: " نشأت في أوساط عائلة متدينة ومحافظة، تعتقد أنّ الالتزام بالتعاليم الدينية والإرشادات الإسلامية أمر أساسي لايمكن غض الطرف عنه، فكانت المعارف الدينية الأولية في الأصول والفروع عندي مستوعبة وواضحة، بحيث تركت الأثر على سيرتي فيما بعد.

ومن جراء تلك التربية تأصّلت عندي هواية قراءة التاريخ الإسلامي، لاسيما المرتبطة بحياة الصحابة والخلفاء، فكنت أتمتع عند قراءة سيرة النبيّ الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) والخلفاء وقصص سائر الأنبياء (عليهم السلام) .

لكن ثمة أمور كانت تكدّر صفو هذه الهواية، وتجعلني أعيش حالة الاستغراب والاشمئزاز من بعض القضايا التي أقرؤها! ".

بدء التعرّف على الشيعة:

يضيف الأخ: " بعد مضي سنوات عديدة من تخرجي عملت مترجماً في بعض الصحف ودور النشر البنغالية، فاتفق أن اطلعت على ترجمة لكتاب تفسير الميزان للعلامة الطباطبائي، فوجدت منهجه يختلف عن التفاسير التي قرأتها من قبل! فوجدته تفسيراً جديداً في الأسلوب، يجمع بين الحداثة والتقليد.

وكان هذا أوّل كتاب شيعي يقع بيدي، وعند قرأتي لبحوثه التاريخية اندفعت لتجديد النظر في معتقداتي السابقة، كما عثرت من خلاله على أجوبة الأسئلة التي كانت عالقة في ذهني في خصوص عهد عثمان بن عفان".

بنو أميّة في مسار التاريخ:

إنّ المدقق في تاريخ الأمويين ومن سار في مسارهم، يجد أنّهم حاولوا إلصاق أنفسهم برسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) بشتى السبل، فبيّنوا أنّهم من قريش ومن نفس سلالة النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)! وطرحوا معاوية خالا للمؤمنين! ووصفوا عثمان بذي النورين ـ لتزويجه اثنين من ربائب النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم)(2) ـ وغير ذلك.

ولمّا وجدوا أنّ عثمان بوصفه أحد الخلفاء الراشدين عند أبناء العامة أكثر قبولا عند المسلمين حاولوا الولوج من خلاله، فأغروا الوضاع والمزورين والأفاكين ليضعوا المناقب والفضائل له!

كما في قول أبي هريرة: " دخلت على رقية بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)امرأة عثمان وبيدها مشط، فقالت: خرج رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) من عندي آنفاً، رجّلت رأسه، فقال لي: كيف تجدين أبا عبد الله ـ عثمان ـ؟ قلت: بخير. قال: أكرميه فإنّه من أشبه أصحابي بي خلقاً ".

وكذبه واضح! فقد علق الحاكم على هذا الحديث بقوله: " هذا حديث صحيح الاسناد واهي المتن! فإنّ رقية ماتت سنة ثلاث من الهجرة عند فتح بدر، وأبو هريرة إنّما أسلم بعد فتح خيبر سنة سبع! "(3)، كما علّق الذهبي عليه بالقول: " صحيح منكر المتن، فإنّ رقية ماتت وقت بدر، وأبو هريرة أسلم وقت خيبر! "(4).

وقس على ذلك بقية مناقب عثمان ومن يلوذ به.

حقيقة قرابة بني أميّة من النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم):

إنّ بني أميّة ضربوا على وتر القربى مع النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ليوهموا الناس ـ خصوصاً أهل الشام ـ بأنّهم من سلالة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، فكانوا يدّعون الإلتقاء معه في جدّه عبد مناف، وهذه الوصلة محل ريب!.

فإنّ أميّة كان عبداً رومياً تبناه عبد شمس، وكان من عادة العرب أنّهم ينسبون اللحيق إلى المستلحق، بحيث يترتب على ذلك الاستلحاق آثار البنوّة، ويشهد لذلك قول أبي طالب (عليه السلام) في بني أمية:

قديماً أبوهم كان عبداً لجدنا ***** بني أمة شهلاء جاش بها البحر(5)

وأبو طالب هو من أعرف الناس بأنساب قومه، كما أنّهم لم يعترضوا عليه ولم يردّوا مقالته هذه، إذ ليس لهم سبيل إلى إنكارها.

ويدعم هذا الأمر أيضاً ما أشار إليه أميرالمؤمنين (عليه السلام) في الكتاب الذي وجهه إلى معاوية، إذ ذكر فيه: " وليس الصريح كاللصيق " إجابة على كتاب معاوية الذي يقول فيه: " أنا وأنتم من بني عبد مناف "(6).

فمسألة الاستلحاق كانت معروفة عند العرب، ومن هذا القبيل نسب ذكوان ـ على قول ـ إلى أمية عندما تبناه وكان عبداً له(7).

ولكن بني أميّة اتخذوا مسألة كونهم من قريش دثاراً لأفعالهم الشنيعة التي ظهرت ملامحها بوضوح أيام عثمان، لأنّهم أصبحوا زمرة محيطة به باعتبارهم عصبته وعشريته، فسيطروا عليه ووجهوه حيثما شاؤوا!.

نقمة المسلمين على عثمان:

عندما أمعن المسلمون النظر في تصرفات عثمان، عرفوا بوضوح أنّه غيّر أحكام الله، وعطّل حدود كتابه، وبدّل سنة نبيه(صلى الله عليه وآله وسلم)، وأهان القرآن ـ بحرقة للمصاحف الشريفة ـ فثارت ثائرتهم ضدّه.

وكان من جملة الأمور التي سببت نقمة المسلمون على عثمان:

1 ـ إيوائه للمرتدين وطرداء الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم):

فقد فسح عثمان المجال للمرتدين والملعونين على لسان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) في أيّام حكومته وأعطاهم المناصب! وكان منهم عمه الحكم بن العاص ـ طريد رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) ـ إذ ردّه إلى المدينة معززاً مكرماً، ومنحه مائة ألف درهم من بيت مال المسلمين!(8)، حتى جاء إليه الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) وجمع من الصحابة، كعمار بن ياسر وطلحة والزبير وسعد بن أبي وقاص وعبد الرحمن بن عوف، وقالوا له: " إنّك أدخلت الحكم ومن معه، وقد كان النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) أخرجهم، وإنّا نذكّرك الله والإسلام ومعادك فإنّ لك معاداً ومنقلباً، وقد أبت ذلك الولاة قبلك... "(9).

فهذا الوزغ الذي كان من أشدّ الناس إيذاءً واستهزاءً بالنبيّ الكريم(صلى الله عليه وآله وسلم) قد لعنه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في عدّة مواقف، منها قوله(صلى الله عليه وآله وسلم): " ليدخلن الساعة عليكم رجل لعين، فدخل الحكم بن العاص "(10)، وقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) عندما استأذن الحكم بن العاص يوماً في الدخول عليه: " إئذنوا له، لعنة الله عليه وعلى ما يخرج من صلبه إلاّ المؤمنين وقليل ماهم "(11)، وقوله(صلى الله عليه وآله وسلم) عنه: " لايساكنني في بلد أبداً "(12)، ولكن عثمان لم يعبأ بقول رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فآوى أعداءه!.

2 ـ إتخاذه أحد المرتدين وزيراً له:

فقد إتخذ عثمان المرتد والمفتري على الله الكذب عبد الله بن أبي سرح(13)وزيراً له، ثم ولاه مصر لأنّه كان أخ له من الرضاعة!

في حين أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)أباح دمه وأمر بقتله ولو كان متعلقاً بأستار الكعبة، فخالف عثمان ذلك كما خالف قوله تعالى: (لا تَجِدُ قَوْماً يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الاْخِرِ يُوادُّونَ مَنْ حَادَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كانُوا آباءَهُمْ أَوْ أَبْناءَهُمْ أَوْ إِخْوانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ) (المجادلة: 22).

3 ـ تولية أحد الفساق على الكوفة:

فقد ولّى عثمان أخاه لأمه الفاسق الوليد بن عقبة الكوفة(14)، وأطعمه هذه الولاية لتلجلج بيتين في صدره!

وكان نتيجة ذلك أن صلى الوليد بالناس صلاة الصبح وهو سكران أربع ركعات، وقرأ فيها رافعاً صوته:

علق القلب الربابا ***** بعدما شابت وشابا

فنبهه الناس بأنّه صلى الصبح أربع ركعات، فأجاب: هل تريدون أن أزيدكم؟! ثم تقيأ في المحراب على أثر سكره(15).

وكان شغوفاً بساحر يلعب بين يديه فكاد أن يفتن الناس به، حتى جاء إليه جندب فقتله قياماً بأمر الشريعة(16)، ومن أفعاله أيضاً منادمته لأبي زبيد الطائي النصراني، حيث كان يمر الطائي إليه في المسجد الشريف ويسمر عنده ويشرب معه الخمر(17).

ولم يبالي عثمان بكل هذا، بل كان يدافع عنه!، وذلك عندما خرج رهط من أهل الكوفة إلى عثمان شاكين إليه أفعال ابن أمه، أراد أن ينكل بهم، وسمعت عائشة بذلك فأنكرت عليه، وكانت من أشدّ الناس عليه!، حتى أنّها أخرجت ثوباً من ثياب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) فنصبته في منزلها، وجعلت تقول للوافدين عليها: " هذا ثوب رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لم يبل، وعثمان قد أبلى سنته "(18)، وسخطت عليه حتى بعد مقتله! إذ قالت عندما بلغها مقتله وهي بمكة: " أبعده الله، ذلك بما قدمت يداه وما الله بظلام للعبيد "(19)، وفي لفظ آخر: " أبعده الله، قتله ذنبه، وأقاده الله بعمله "(20).

4 ـ إتخاذه أحد الملعونين وزيراً له في الحكم:

فقد إتخذ عثمان ابن عمه اللعين مروان بن الحكم وزيراً وصهراً، مسلّماً له زمام الأمور حتى أصبح مروان يسوقه حيث يشاء، وقد شهد القريب والبعيد بذلك.

فقال عبد الرحمن بن الأسود: " قبح الله مروان! خرج عثمان إلى الناس فأعطاهم الرضا، وبكى على المنبر... ودخل بيته، ودخل عليه مروان، فلم يزل يفتله في الذّروة والغارب حتى فتله عن رأيه وأزاله عمّا كان يريد "(21).

وعاتب الإمام أميرالمؤمنين (عليه السلام) عثمان على إنقياده لمروان قائلاً: " أما رضيت من مروان ولارضي منك إلاّ بتحرّفك عن دينك وعن عقلك، مثل جمل الظعينة يقاد حيث يسار به، والله ما مروان بذي رأي في دينه ولا نفسه، وأيم الله، إنّي لأراه سيوردك ثم لايصدرك "(22).

وورد أيضاً عن الإمام عليّ (عليه السلام) أنّه قال لعبد الرحمن بن الأسود حول عثمان: " يلعب به مروان! فصار سيّقة له يسوقه حيث شاء، بعد كبر السن وصحبة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) "(23).

وقالت له زوجته نائلة: " أطعت مروان يقودك حيث شاء "(24).

ولكن عثمان لم يقف على هذا فقط، بل قرّب مروان ـ صهره ـ وحباه ما لم يخطر بباله، وكتب له خمس مصر، وسلمه خمس غنائم أفريقية، كما أقطعه فدكاً(25) التي غصبت من فاطمة الزهراء(عليها السلام) التي نحلها رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) لها!.

فكانت مقاليد الأمور بيد مروان، يدير أمور المسلمين على ضوء ما يبتغيه، حتى وصل به الحدّ إلى التمادي على المسلمين أيام الفتنة، حيث قال: " ما شأنكم قد اجتمعتم كأنّكم جئتم لنهب! شاهت الوجوه! كل إنسان آخذ بأذن صاحبه إلاّ من أريدَ! جئتم تريدون أن تنزعوا ملكنا من أيدينا! أخرجوا عنّا، أما والله لئن رمتمونا ليمرّن عليكم منّا أمر لايسرّكم، ولاتحمدوا غبّ رأيكم، أرجعوا إلى منازلكم، فإنّا والله مانحن مغلوبين على ما في أيدينا "(26).

5 ـ تسليط أقربائه على رقاب الناس:

فقد سلط عثمان أقرباءه من بني أمية وآل أبي معيط على رقاب الناس، وفسح لهم المجال ليفعلوا ما يشاؤون! فجسد مقوله عمر بن الخطاب بحذافيرها، حيث قال: " لو وليها لحمل بني أبي معيط على رقاب الناس، ولو فعلها لقتلوه "(27).

وكما قال الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) في خطبته المعروفة بالشقشقية: "... إلى أن قام ثالث القوم نافجاً حضنيه بين نثليه ومعتلفه، وقام معه بنو أبيه يخضمون مال الله خضمة الإبل نبتة الربيع، إلى أن أنتكث فتله، وأجهز عليه عمله، وكبَّت به بطنته "(28).

فهذه كانت صفة بطانته وولاته، وهم لايصلحون لقيادة أمور المسلمين ولايأتمنون عليها، فلم يكن فيهم إلاّ ملعون أو فاسق أو مرتد أو غرّ لاخبرة له بأمور العباد وسياسة البلاد(29).

6 ـ نفيه لجملة من كبار الصحابة وانتهاك حرمتهم:

فقد انتهك حرمة الصحابي الجليل عمّار بن ياسر، وذلك عندما وقف عمّار بوجهه ليحدّ من تماديه وامتهانه للمسلمين، فقال له عثمان: " هذا مال الله، أعطيه من أشاء وأمنعه من أشاء! فأرغم الله أنف من رغم أنفه، فقام عمّار بن ياسر فقال: أنا أوّل من رغم أنفه من ذلك، فقال له عثمان: لقد اجترأت عليَّ يابن سمية! فوثبوا بنو أمية على عمّار فضربوه حتى غشي عليه، فقال: ما هذا بأوّل ما أوذيت في الله "(30).

وذكر أنّه حينما ضرب عمار أصيب بفتق في بطنه وانكسرت أحد أضلاعه!(31).

ولايخفى أنّ عمّار قال في حقه رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم): " ملىء عمّار إيماناً إلى مشاشه "(32)، وقال(صلى الله عليه وآله وسلم) أيضاً فيه: " من سبّ عماراً يسبّه الله، ومن ينتقص عماراً ينتقصه الله، ومن يسفه عماراً يسفه الله "(33).

كما انتهك عثمان حرمة الصحابي الجليل أبي ذر الغفاري، حينما أمر أن يؤتى به بحالة مزرية إلى المدينة من الشام التي نفاه إليها من قبل، ثم نفاه إلى الربذة فيما بعد، فمات فيها وحيداً غريباً!(34) وما ذلك إلاّ لقوله الحقّ وأمره بالمعروف وإنكاره للباطل.

وقد قال رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) في حقه: " ما أقلت الغبراء ولا أظلت الخضراء من رجل أصدق لهجة من أبي ذر "(35).

وكذلك استدعى عبد الله بن مسعود وأحرق مصحفه وحرمه من عطائه، وسيّر عامر بن عبد قيس ونفاه من البصرة إلى الشام لتنزهه عن أعماله، ونفى غير هؤلاء من بلدانهم إلى البلاد الأخرى، كمالك الأشتر النخعي، ومالك بن كعب، وكميل بن زياد، وثابت بن قيس، وصعصعة بن صوحان، وعمرو بن الحمق الخزاعي، وغيرهم لإنكارهم سوء تصرّف ولاته(36)، كعامله في الكوفة سعيد بن العاص الذي قال: " إنّما هذا السواد بستان لقريش، فقال له الأشتر: أتزعم أنّ السواد الذي أفاءه الله علينا بأسيافنا بستان لك ولقومك؟! "(37).

7 ـ التلاعب بمقدارت المسلمين:

فقد تصرّف عثمان في بيت مال المسلمين على ضوء ما يبتغيه، وآثر أهل بيته وأقرباءه به، فجرّ ذلك عليه الدواهي، وقد تناقل هذا الأمر الركبان لظهوره!.

فمنح عمّه الطريد الحكم بن العاص عشرات الآلاف من الدراهم، ووصل خالد بن أسيد بصلة قدرها أربعمائة ألف درهماً، وأقطع ابن عمّه الحارث بن الحكم سوقاً بالمدينة وهو موضع تصدّق به رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم) على المسلمين، كما منح قسماً من إبل الصدقة لآل الحكم، وقسّم حلية من الذهب والفضة بين نسائه وبناته، وأنفق من بيت المال في عمارة دوره وضياعه، وخصص المراعي لنفسه دون إبل الصدقة!(38)، وقد ورد عن الصعب بن جثامة أنّ رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)قال: " لا حمى إلاّ لله ورسوله "(39).

مواجهة الواقع بروح بناءة:

يقول الأخ أبو القاسم: " جعلتني هذه الأمور التي قرأتها عن عثمان مذهولا متحيراً!، فقلت في نفسي فأين العدالة في التقسيم، وأين السابقة في الإسلام، وأين الحرص على منافع الأمة؟!

ومما زاد في امتعاضي من هذه التصرفات، التوجيه اللاعقلاني الذي قاله البعض لتبرير أفعال عثمان أو تصرفات ولاته، فقرّرت العكوف على قراءة هذه الفترة الحساسة من تاريخ المسلمين، وإذا بي أكتشف أموراً جديدة لم أتصور أنّ " الخليفة " يغض النظر عنها أو يتساهل فيها، بل تبيّن لي أنّ بعضها كانت بأمره!! ".

ويضيف: " لقد إنهارت الهالة القدسية التي كنت أراها لهذا الرجل، ولاسيما بعد إطلاعي على عدم اقتصاصه من عبيد الله بن عمر بن الخطاب، عندما قتل ثلاثة أنفس!، كما قد هزّ مشاعري النصّ الذي وجدته في طبقات ابن سعد الذي يذكر فيه: " انّ عثمان عندما إلتقى بعبيد الله بعد صدور فعلة الشنيع، قال له: " قاتلك الله قتلت رجلاً يصلي وصبية صغيرة وآخر من ذمة رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)، ما في الحقّ تركك. ـ يقول الراوي ـ فعجبت لعثمان حين ولي كيف تركه! ولكن عرفت أنّ عمرو بن العاص كان دخل في ذلك فلفته عن رأيه "(40)، فاستغربت حقاً من هذا الكلام! وعجبت كيف سمح عثمان لنفسه أن يعفو عن قاتل بمجرد تدخل أحد الصحابة!.

ثم قلت في نفسي: وما كان ذنب هذه الصغيرة وكيف سمح عثمان لنفسه أن يذهب دمها هدراً من دون اقتصاص من قاتلها؟!، فثبت عندي أنّ عثمان أعرض عن محكم كتاب الله بتصرفه هذا، وأعرض عن صريح سنة نبيه(صلى الله عليه وآله وسلم)، وخضع لرأي رجل واحد في تركه للقصاص!.

ومن هذه المسألة ومسائل أخرى كحادثة كربلاء الدامية، وظلامة العترة الطاهرة، وتغييب آل البيت (عليهم السلام) ، تبيّن لي أنّ عترة الرسول(صلى الله عليه وآله وسلم) الذين طهرهم الله من الرجس أحقّ بالخلافة من غيرهم، وأنّ التمسك بغيرهم يأخذ بيد الإنسان إلى الضلال، فلهذا تركت معتقداتي الموروثه وأعلنت استبصاري عام 1991م في العاصمة " دكا " ". (1) بنغلادش: تقع فى وسط جنوب آسيا، مطلة على خليج البنغال فى المحيط الهندى، يبلغ عدد سكانها أكثر من (150) مليون نسمة، يشكل المسلمون نسبة 87% من السكان أمّا الباقي فمن الهندوس والبوذيين والمسيحيين، والشيعة فى هذا البلد لهم تواجد يعتد به. (2) راجع كتاب بنات النبيّ أم ربائبه (للسيد جعفر مرتضى العاملي). (3) أنظر: المستدرك للحاكم: 4 / 52 (6845). (4) أنظر: تلخيص المستدرك للذهبي في هامش المستدرك: ذكر رقية بنت رسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم). (5) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: 15 / 234، الغدير للأميني: 7 / 361. (6) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: 3 / 17، 15 / 119، مناقب آل أبي طالب لابن شهر آشوب: 2 / 362، الغدير للأميني: 3 / 254. (7) أنظر: الاستيعاب لابن عبد البر، ترجمة الوليد بن عقبة: 4 / 1552 (2721).. (8) أنظر: المعارف لابن قتيبة: 194، العقد الفريد لابن عبد ربّه: 5 / 35، محاضرات الأدباء للراغب: 2 / 476. (9) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد، نقلاً عن الواقدي: 3 / 30، الشافي في الإمامة للشريف المرتضى: 4 / 268، عن الواقدي أيضاً، الملل والنحل للشهرستاني: 1 / 26. (10) أنظر: مسند البزار: 6 / 344 (2352)، مسند أحمد: 2 / 163 (6520). (11) أنظر: المستدرك للحاكم: 4 / 528 (8484)، البداية والنهاية لابن كثير: 6 / 178، مجمع الزوائد للهيثمي: 5 / 242، السيرة الحلبية للحلبي: 1 / 509. (12) أنظر: السيرة الحلبية للحلبي: 1 / 509. (13) عبد الله بن سعد بن أبي سرح، وقيل سعيد بن أبي سرح، أحد طلقاء المنافقين، أخو عثمان ابن عفان من الرضاعة، أسلم ثم شك فكفر وارتدّ عن الإسلام ولحق بالمشركين بمكّة، أهدر النبي(صلى الله عليه وآله وسلم) دمه بعد الفتح، فجاء به عثمان بن عفان إلى النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) وهو في المسجد، فقال عثمان: يا رسول الله! أعف عنه، فسكت النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) ثم أعادها ثانياً فثالثه ورسول الله(صلى الله عليه وآله وسلم)ساكت، ثم قال(صلى الله عليه وآله وسلم): هو لك، فلما ذهبا قال النبيّ(صلى الله عليه وآله وسلم) لأصحابه: ألم أقل: من رآه فليقتله؟ فأصبح في عداد الطلقاء. (14) أنظر: سير أعلام النبلاء للذهبي: 13 / 585، الثقات لابن جبان: 3 / 429 (1409). (15) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: 17 / 230، الأغاني لأبي الفرج: 5 / 139، مسند أحمد: 1 / 144 (1229)، العقد الفريد لابن عبد ربه: 5 / 57. (16) أنظر: التاريخ الكبير للبخاري: 2 / 222 (2268)، سير أعلام النبلاء للذهبي: 3 / 176، الإستيعاب لابن عبد البر: 1 / 259. (17) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد، عن الأغاني: 17 / 236، الأغاني لإبي الفرج: 5 / 146. (18) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: 6 / 215. (19) المصدر نفسه: 6 / 216. (20) المصدر نفسه: 6 / 216. (21) أنظر: تاريخ الطبري: 4 / 363. (22) المصدر نفسه: 4 / 362. (23) المصدر نفسه: 4 / 364. (24) المصدر نفسه: 4 / 362. (25) أنظر: العقد الفريد لابن عبد ربة: 5 / 36، الطبقات لابن سعد: 3 / 47، الملل والنحل للشهرستاني: 1 / 26. (26) أنظر: تاريخ الطبري: 4 / 362. (27) أنظر: شرح النهج لابن أبي الحديد: 12 / 259، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 43. (28) أنظر: نهج البلاغة: الخطبة الشقشقية. (29) مثل ابن خاله عبد الله بن عامر، الذي جمع له عثمان كور البصرة وفارس وهو ابن خمس وعشرين سنة، ولم يكن قد تولى أمراً من امور الناس قبل ذلك! أنظر الكامل في التاريخ للذهبي: 3 / 99، البداية والنهاية لابن كثير: 7 / 111. (30) أنظر: البدء والتاريخ للمقدسي: 5 / 203، أنساب الأشراف للبلاذري: 6 / 161. (31) أنظر: الاستيعاب لابن عبد البر: 3 / 1136، الإمامة والسياسة لابن قتيبة: 1 / 51، البداية والنهاية لابن كثير: 7 / 122، البدء والتاريخ للمقدسي: 5 / 209، الصواعق المحرقة لابن حجر: 1 / 335، أنساب الأشراف للبلاذري: 6 / 163. (32) أنظر: المستدرك للحاكم: 3 / 442 (5680)، صحيح ابن حبان: 15 / 552 (7076). (33) أنظر: فضائل الصحابة للنسائي: 1 / 50 (166)، المستدرك للحاكم: 3 / 441 (5675)، فضائل الصحابة لابن حنبل: 2 / 860 (1604)، المعجم الكبير للطبراني: 4 / 112 (3832). (34) أنظر: الطبقات لابن سعد: 4 / 177، الملل والنحل للشهرستاني: 1 / 26، الصواعق المحرقة لابن حجر: 1 / 334، سير أعلام النبلاء للذهبي: 2 / 77، الإستيعاب لابن عبد البر: 1 / 253، تاريخ الطبري: 2 / 107. (35) أنظر: سنن ابن ماجة: 1 / 65، المستدرك للحاكم: 3 / 387 (5467)، سنن الترمذي: / 134 (3801)، مسند أحمد: 2 / 175 (6630). (36) أنظر: الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 139، تاريخ الطبري: 4 / 326، أنساب الأشراف للبلاذري: 6 / 167، شرح النهج لابن أبي الحديد: 3 / 42 ـ 43. (37) أنظر: تاريخ الطبري: 4 / 323، تاريخ ابن خلدون: 2 / 140، شرح النهج لابن أبي الحديد: 2 / 129. (38) أنظر: العقد الفريد لابن عبد ربه: 5 / 36، السيرة الحلبية للحلبي: 2 / 272، شرح النهج لابن أبي الحديد: 1 / 198، البداية والنهاية لابن كثير: 7 / 122، تاريخ أبي الفداء: 1 / 235. (39) أنظر: صحيح البخاري: باب لاحمى إلاّ لله ورسوله: 2 / 835 (2241). (40) أنظر: الطبقات لابن سعد: 3 / 272، تاريخ الطبري: 4 / 239، سنن البيهقي: 8 / 108 (16083)، الكامل في التاريخ لابن الأثير: 3 / 70.