تمهيد القواعد (كتاب)
تمهيد القواعد كتاب أصولي وعربي لتفريع الأحكام الشرعية، من الكتب المصنفة لبيان قواعد أصول الفقه، بقلم الشيخ زين الدين بن علي العاملي المعروف بالشهيد الثاني المتوفى سنة 996 هـ، كتبه باللغة العربية. ويحتوي الكتاب على كمية كبيرة من القواعد الأصولية والعربية والفقهية التي يحتاجها الفقيه في ممارسته لعملية استنباط الأحكام الشرعية، بالإضافة إلى تفرد الكتاب بمجموعة من القواعد التي لم يبحثها الفقهاء قبله، مع الإشارة إلى الكثير من المسائل النادرة و بعض الوقائع و الحوادث التاريخية. و قد حظي الكتاب بإعجاب الكثير من العلماء والفقهاء الشيعة فاعتمدوه كمصدر لهم أثناء مسيرتهم العلمية مع تدوين الكثير من الحواشي والتعليقات على الكتاب.
الغاية من تدوين الكتاب
ذكر الشهيد الثاني في مقدمة كتابه الغاية التي دفعته لتدوين كتاب التمهيد بقوله: فإنّ علم الفقه لا يخفى شرفه و فضله، و جلالة قدره و نيله، و مسيس حاجة المكلفين إليه، فوجب لذلك مزيد الإهتمام بصرف الهمة إليه، و بذل الوسع في تحقيق مطالبه، و ما يتوقف عليه. و لما كان أعظم مقدماته علم أصوله و علم العربية إذ الأول قاعدته و دليله، و الثاني مسلكه و سبيله، فلا جرم رتبته على قسمين: أحدهما: في تحقيق مائة قاعدة أصولية، و تفريع ما يلزمها من الأحكام الفرعية. والثاني: في تقرير المطالب العربية (مائة قاعدة عربية)، و ترتيب ما يناسبها من الفروع الشرعية.
مضافة إلى مقدمات و فوائد و مسائل يتم بها المقصود من غرضنا به، ليكون ذلك عونا لطالب التفقه في تحصيل ملكة استنباط الأحكام من الموارد ورد الفروع إلى أصولها، المفيد للملكة القدسية التي هي العمدة في الإجتهاد، مراعياً في ذلك سبيل الإختصار بحسب الإمكان، مناسبة لطباع أهل الزمان.[١] و قال المحقق الآغا بزرك الطهراني: إنّه (أي الشهيد) لما رأى كتابي التمهيد والكوكب الدري، كلاهما للأسنوي الشافعي، أحدهما في القواعد الأصولية، و الآخر في القواعد العربية، و ما يتفرع عليها، و ليس لأصحابنا مثلهما، ألف هذا الكتاب، و جمع بين ما في الكتابين في كتاب واحد، بنحو يثير الدهشة. و مع التشابة بينه و بين كتاب القواعد و الفوائد للشهيد الثاني إلا ان ذلك لا يمنع من كونه كتابا مستقلا. [٢]
أهمية الكتاب
أشار محقق الكتاب الى أهميته من بين المؤلفات التي صنفت في هذا الباب بقوله: جمع الشهيد في هذا الكتاب بين فني: تخريج الفروع على الأصول، و تخريج الفروع على القواعد العربية، وبحق أن هذا الكتاب هو أفضل الكتب التي صنفت في هذا المجال، لأنّه يظهر عند مقارنة هذا الكتاب مع سائر الكتب: ... أن الشهيد كان واقفاً على نقاط الضعف الموجودة في سائر المصنفات، فتجنّبها بمهارة تامّة. و من نقاط الضعف: خروج أكثر المصنفين عن الطريق المؤدي إلى الغاية المرسومة لهذا الفن، والدخول في بحوث جانبية، والتطويل الزائد، و إيراد فروع لا تترتب على القواعد، و إلصاقها بها. فاعتمد الشهيد السعيد الإختصار، والإكتفاء بما له دخل في الهدف الّذي صنفت له هذه الرسالة و أمثالها و عدم تجاوزه، والإقتصار على الفروع المحقّق ترتبها على القاعدة، و لا أقل من الفروع التي استند فيها البعض إلى القاعدة.
ولم يكتف الشهيد بذكر القاعدة والخلاف فيها، ولكن طعمه بذكر الدليل في بعض الأحيان، كما سار عليه في كتابه الروضة البهية. ولا يعد هذا إخلالًا بالغرض، بل المقترح هو ذكر الأدلة و النقض و الإبرام، و من ثم التفريع، ليكون تاماً من كل جهة، و ممهداً لاستنباط الأحكام الشرعية بمعنى الكلمة. و على أي حال، كتاب التمهيد كنز ثمين، جمع الأصول، و قواعد اللغة العربية، و الفقه، و بالأخص المسائل النادرة، التي لم يتعرض لها العلماء، بالإضافة إلى الوقائع و الأحداث التأريخية الطريفة، كل ذلك في اختصار غير مخل. و أعجب ما في هذا الكتاب الإختصار و الإيجاز الموجود فيه، بالإضافة إلى المزايا الأخرى للكتاب، فلقد أحسن و أجاد فلله دره و جعل الجنة مستقره. [٣]
محتوى الكتاب و أبوابه
شيّد الشهيد الثاني كتابه هذا على أساس الفقه الإمامي و يظهر أنّ الكتاب يُعد أوّل مصنف من نوعه في الفقه الشيعي. وقد اعتمد المؤلف الآيات القرآنية و الأحاديث الشريفة الكثيرة و على الكثير من فتاوى الفقهاء و كلمات الأدباء من المدرسة السنية، و من هنا يمكن اعتبار الكتاب من كتب أصول الفقه المقارن. ففي القسم الأوّل من الكتاب أورد- آراء فقهاء الإمامية كالسيد المرتضى و الشيخ الطوسي في تهذيب الأحكام، و العلامة الحلي في كل من كتاب مختلف الشيعة و منتهى المطلب، و غيرهم [٤] - كما اعتمد الكثير من آراء و نظريات أصوليي المدرسة السنية كالفخر الرازي، و الآمدي و ابن الحاجب و الغزالي و البيضاوي و الزمخشري. [٥] و في القسم الثاني من الكتاب تعرّض لذكر الكثير من النظريات التي طرحها الأدباء واللغويون من علماء العامّة كالكسائي وسيبوية وأبي حيان وابن مالك وابن هشام والأخفش والزمخشري. [٦]
هيكلية الكتاب
وزع الشهيد الثاني موضوعات الكتاب على قسمين، فاشتمل القسم الأوّل منه على سبعة مقاصد و كل مقصد على مجموعة من الأبواب، مع فائد جعلها خاتمة للقسم الأوّل؛ أما القسم الثاني فقد اشتمل على أربعة مقاصد؛ المقصد الرابع منها في التوابع، مع توزيع المقاصد على أبواب. فيما تعرض في بعض الأبواب للكلام عن بحث الموضوعات تحت عنوان "مقدمة" أحياناً أو "مسألة" أو " فائدة" أحياناً أخرى. و قد عالج في القسم الأوّل من الكتاب الأبحاث التالية: الحكم الشرعي و أقسامه؛ الكتاب و السنة؛ الحقيقة والمجاز، و الأوامر و النواهي، والعموم والخصوص والمخصص، والاطلاق والتقييد، والمجمل والمبين، و الأفعال و الأخبار؛ فيما تعرض في المقصد الثالث للاجماع و في الرابع للقياس، فيما تعرض في المقصد الخامس لأدلة اختلف فيها؛ و في المقصد السادس للتعادل و التراجيح؛ و السابع للإجتهاد و الإفتاء.
أما القسم الثاني من الكتاب فقد تعرض فيه لتقرير المطالب العربية و ما يتفرّع عليها من الأحكام الشرعية، فخصص المقصد الأوّل منه للبحث عن الأسماء و المضمرات و الموصولات و المعرف بحروف التعريف و المشتقات و المصادر و الظروف وغيرها؛ و الثاني للبحث عن الأفعال؛ و الثالث للحروف كحرف الجر و حروف العطف و غيرها؛ و الرابع للبحث عن التوابع (الإستثناء، الحال، العدد، العطف، النعت، التأكيد، البدل، الشرط و الجزاء) و باقي التراكيب و ما يتعلق بها من المعاني.
فهرس موضوعات الكتاب
بعد أن فرغ الشهيد الثاني من تدوين كتاب تمهيد القواعد يوم الجمعة المصادف للأوّل من محرم الحرام سنة 958 هـ ق رتب له فهرسا مبسوطا و بطريقة مبتكرة لتسهيل التناول فرغ منها ليلة الثلاثاء الموافق للثامن من رجب سنة 960 ق. [٧]
الطبعات
قام المولى علي أكبر الكرماني بطباعة كتاب تمهيد القواعد في ايران سنة 1272 هـ ق مع كتاب الذكرى للشهيد الأوّل. [٨] وفي سنة 1416 هـ ق قام مكتب الإعلام الإسلامي في قم المقدسة بإصدار طبعة منقحة و محققة للكتاب. [٩]
شروح تمهيد القواعد
قام الكثير من الأعلام بشرح كتاب تمهيد القواعد والتعليق عليه، منهم: السيد ميرزا عسكري؛ علي بن محمد بن حسن بن زين الدين من أحفاد المؤلف؛ شاه وردي التبريزي و ميرزا عبد الله الأفندي مؤلف كتاب رياض العلماء. [١٠]
المصادر والمراجع
- الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، تمهيد القواعد، تحقيق: مركز التحقيق الاسلامي، قم: دفتر تبليغات اسلامي الحوزة العلمية_ قم.
- حسين مدرسي طباطبائي، مقدمهاي بر [مقدمة على]فقه[الـ] شيعة: كليات و كتابشناسي، ترجمة محمد آصف فكرت، مشهد، ۱۳۶۸ ش.
- تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع قواعد الأحكام الشرعية، ص 19-20، مكتب الاعلام الاسلامي، قم- ايران، تحقيق وتصحيح: عباس تبريزيان- سيد جواد الحسيني- عبد الحكيم ضياء- محمد رضا ذاكريان.
- آقا بزرك الطهراني، محمد محسن، الذريعة إلى تصانيف الشيعة، بيروت، دار الأضواء، ط 3، 1403 هـ/ 1983 م.
- ↑ آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 4، ص433.
- ↑ تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع قواعد الأحكام الشرعية، مقدمة المحقق، ص 19 - 20
- ↑ تمهيد القواعد الأصولية والعربية لتفريع قواعد الأحكام الشرعية، مقدمة المحقق، ص19-20
- ↑ ص ۸۹، ۲۸۳، ۳۹۱
- ↑ ص ۳۳، ۶۲، ۱۳۱، ۱۴۰، ۱۵۵، ۱۹۰
- ↑ ص ۱۴۸، ۱۶۱، ۳۴۱، ۳۴۵، ۳۵۶، ۳۷۹
- ↑ آقا بزرك الطهراني، ج۱۶، ص۳۸۱
- ↑ آقا بزرك الطهراني، ج۴، ص۴۳۴
- ↑ الشهيد الثاني، زين الدين بن علي، تمهيد القواعد، تحقيق: مركز التحقيق الاسلامي، قم: دفتر تبليغات اسلامي حوزه علميه قم.
- ↑ آقا بزرك الطهراني، الذريعة، ج 4، ص 434، ج 6، ص 49.