حكيم بن مناف
حكيم بن مناف [١]
فارس ، شاعر ، حضر وقعة الجمل في البصرة ، وكان في ركب الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام). وجاء أنّ عليّا (عليه السلام) ، لما رأى القوم اجتمعوا على حربه وقتاله ، بعد أن دعاهم إلى النصيحة والسلام والصفاء ، واعتزال الحرب ، قام في الناس خطيبا فحمد الله وأثنى عليه وصلّى على النبي (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ثم قال :
ـ أيها الناس إنّ طلحة والزبير ، قدما البصرة وقد اجتمع أهلها على طاعة الله وبيعتي ، فدعوهم إلى معصية الله تعالى ، وخلافي ، فمن أطاعهما منهم فتنوه ، ومن عصاهما قتلوه ، وقد كان من قتلهما حكيم بن جبلة ، ما بلغكم وقتلهم السبابجة ، وفعلهما بعثمان بن حنيف ما لم يخف عليكم ، وقد كشفوا الآن القناع وأذنوا بالحرب ، وقام طلحة بالشتم والقدح في أديانكم وقد أرعد وصاحبه وأبرقا ، وهذان أمران معهما الفشل ، ولسنا نريد منكم أن تلقوهم ليظنوا ما في نفوسكم عليهم ، ولا ترون ما في أنفسكم لنا ولسنا نرعد حتّى نوقع ولا نسيل حتّى نمطر ، وقد خرجوا من هدى إلى ضلال ، ودعوناكم إلى الرّضا ودعونا إلى السخط فحل لنا ولكم ردّهم إلى الحق والقتال وحلّ لهم بقصاصهم القتل ، وقد والله مشوا إليكم ضرارا وأذاقوكم أمس من الجمر ، فإذا لقيتم القوم غدا فاعذروني الدعاء ، وأحسنوا في التقية واستعينوا بالله ، واصبروا إنّ الله مع الصابرين ـ.
فقام إليه حكيم بن مناف حتّى وقف بين يديه ، وقال :
أبا حسن أيقظت من كان نائما
|
وما كل من يدعى إلى الحق يسمع
| |
وأنت امرؤ أعطيت من كل وجهة
|
محاسنها والله يعطي ويمنع
| |
وما كل من يعطى الرضا يقبل الرضا
|
وما كل من أعطيته الحق يقنع
| |
وما منك بالأمر المؤلم غلطة
|
وما فيك للمرء المخالف مطمع
| |
وإنّ رجالا بايعوك وخالفوا
|
هداك وأجروا في الضلال فضيّعوا
| |
لأهل لتجريد الصوارم فيهم
|
وسمر العوالي والقنا تتزعزع
| |
فإنّي لأرجو أن تدور عليهم
|
رحى الموت حتّى يسكنوا ويصرّعوا
| |
وطلحة فيها والزبير قرينه
|
وليس لما لا يدفع الله مدفع
| |
فإن يمضيا فالحرب أضيق حلقة
|
وإن يرجعا عن تلك فالسلم أوسع
| |
وما بايعوه كارهين لبيعة
|
وما بسطت منهم إلى الكره إصبع
| |
ولا بطيا عنها فراقا ولا بدا
|
لهم أحد بعد الذين تجمعوا
| |
على نقضها ممن له شد عقدها
|
فقصراهما منه أصابع أربع
| |
خروج بأم المؤمنين وغدرهم
|
وعيب على من كان في القلب أشجع
| |
وذكرهم قتل ابن عفان خدعة
|
وهم قتلوه والمخادع يخدع
| |
فعوّد علينا نبعة هاشمية
|
وعودهما فيما هما فيه خروع
|
- ↑ الجمل أو النصرة في حرب البصرة / 177 ـ 178.