نصير الدين الطوسي

نبذة مختصرة عن حياة العالم الخاجة نصير الدين الطوسي ، أحد علماء بغداد ، منشيء مرصد كبير في مدينة مراغة ، مؤلّف كتاب «تجريد الاعتقاد» .

اسمه وكنيته ونسبه(1)

الشيخ نصير الدين محمّد أبو جعفر ابن الشيخ محمّد بن الحسن الطوسي المعروف بالخاجة نصير الدين الطوسي.

والده

الشيخ محمّد، قال عنه السيّد الأمين في الأعيان: «من الفقهاء والمحدّثين».

ولادته

ولد في الحادي عشر من جمادى الأُولى 597ه في طوس خراسان.

دراسته وتدريسه

بدأ بدراسة العلوم الدينية في مسقط رأسه، ثمّ سافر إلى مدينة نيسابور ـ التي كانت آنذاك مركزاً من المراكز العلمية ـ لإكمال دراسته الحوزوية، واستمرّ في دراسته حتّى عُدّ من العلماء فيها، كما قام بتدريس العلوم الدينية فيها.

من أساتذته ومَن روى عنهم

1ـ والده الشيخ محمّد، 2ـ الشيخ أبو السعادات الإصفهاني، 3ـ الشيخ فريد الدين محمّد داماد النيسابوري، 4ـ الشيخ محمّد بن محمّد الحمداني، 5ـ الشيخ سراج الدين القمري، 6ـ الشيخ معين الدين سالم بن بدران المصري.

من تلامذته ومَن روى عنه

1ـ العلّامة الحلّي، 2ـ السيّد عبد الكريم بن أحمد بن طاووس، 3ـ الشيخ ميثم البحراني، 4ـ الشيخ قطب الدين محمود بن مسعود الشيرازي الشافعي.

ما قيل في حقّه

1ـ قال أُستاذه الشيخ معين الدين سالم بن بدران المصري في إجازته له: «الإمام الفاضل العالم الأكمل الأورع المتقن المحقّق نصير الملّة والدين، وجيه الإسلام والمسلمين، سيّد الأئمّة والأفاضل، مفخر العلماء والأكابر، وأفضل أهل خراسان»(2).

2ـ قال تلميذه العلّامة الحلّي في إجازته لبني زهرة الحلبي: «وكان هذا الشيخ أفضل أهل عصره في العلوم العقلية والنقلية، وله مصنّفات كثيرة في العلوم الحكمية والأحكام الشرعية على مذهب الإمامية، وكان أشرف مَن شاهدناه في الأخلاق، نوّر الله ضريحه»(3).

3ـ قال السيّد التفريشي في نقد الرجال: «نصير الملّة والدين، قدوّة المحقّقين، سلطان الحكماء والمتكلّمين، انتهت رئاسة الإمامية في زمانه إليه، وأمره في علوّ قدره، وعظم شأنه، وسموّ مرتبته، وتبحّره في العلوم العقلية والنقلية، ودقّة نظره، وإصابة رأيه وحدسه، وإحرازه قصبات السبق في مضمار التحقيق والتدقيق، أشهر من أن يُذكر، وفوق ما يحوم حوله العبارة، وكفاك في ذلك حلّه ما لم ينحل على الحكماء المتبحّرين من لدن آدم إلى زمانه، رضي الله عنه وأرضاه»(4).

4ـ قال الشيخ الحر العاملي في أمل الآمل: «كان فاضلاً ماهراً عالماً متكلّماً، محقّقاً في العقليات»(5).

5ـ قال السيّد الخونساري في الروضات: «الملك الرشيد، والملك النشيد، والفلك المشيّد، سلطان المحقّقين، وبرهان الموحّدين مولانا… هو المحقّق المتكلّم الحكيم المتبحّر الجليل»(6).

6ـ قال السيّد البروجردي في الطرائف: «الإمام الهمام، والمولى التمام، الجامع بين مراتب العلم والزهادة والرفعة»(7).

7ـ قال الميرزا النوري في الخاتمة: «ناموس دهره، وفيلسوف عصره، وعزيز مصره، سلطان المحقّقين، الخواجة نصير الملّة والدين، الوزير الأعظم… الحكيم المحقّق الجليل، الذي شهد بعلوّ مقامه في مراتب العلوم المخالف فضلاً عن المؤالف»(8).

8ـ قال الشيخ القمّي في الكنى والألقاب: «حجّة الفرقة الناجية، الفيلسوف المحقّق، أُستاذ البشر، وأعلم أهل البدو والحضر… سلطان العلماء والمحقّقين، وأفضل الحكماء والمتكلّمين، ممدوح أكابر الآفاق، ومجمع مكارم الأخلاق، الذي لا يحتاج إلى التصريف لغاية شهرته، مع أنّ كلّ ما يقال فهو دون رتبته»(9).

9ـ قال السيّد الأمين في الأعيان: «الحكيم الفيلسوف، أُستاذ الحكماء والمتكلّمين»(10).

إسلام ابن هولاكو على يده

بعد الغزو المغولي الثاني لإيران بقيادة هولاكو، تمّ القضاء على دولة الإسماعيليين التي كان يعيش الخاجة نصير الدين في ظلّها، فوقع الخاجة نصير الدين في قبضة هولاكو فلم يقتله؛ لأنّه كان عارفاً بمكانته العلمية والفكرية، فاستغلّ(قدس سره) الموقف وأخذ يعمل على إنقاذ ما يمكن إنقاذه من التراث الإسلامي المهدّد بالزوال.

استطاع بحِنكته أن ينفذ خطّته بحزم وتضحية وإصرار، بحيث إنّ دولة المغول الوثنية الهمجية التي أقبلت بجيوشها الجرّارة للقضاء على الإسلام وحضارته، انتهى أمرها بعد فترة من الزمن أن تعتنق الإسلام على يد ابن هولاكو، وهو (تكودار) يُعلن إسلامه وإسلام دولته المغولية معه، وسمّى اسمه بـ(أحمد تكودار).

من نشاطاته

1ـ إنشاء مرصداً كبيراً في مدينة مراغة، ضبط فيه حركات الكواكب.

2ـ تأسيس مكتبة عظيمة، تحتوي على أربعمائة ألف مجلّد بجنب المرصد.

3ـ الإشراف على الأوقاف الإسلامية، والتصرّف بمواردها بما يراه.

شعره

كان(قدس سره) ينظم الشعر العربي والفارسي، فمن شعره:

«لو أنَّ عبداً أتى بالصالحاتِ غداً ** وودَّ كلَّ نبيٍّ مرسلٍ وولي

وصامَ ما صامَ صوّاماً بلا ضجرٍ ** وقامَ ما قامَ قوّاماً بلا مللِ

وحجَّ ما حجَّ من فرضٍ ومن سننٍ ** وطافَ بالبيتِ حافٍ غير منتعلِ

وطارَ في الجوِّ لا يأوي إلى أحدٍ ** وغاصَ في البحرِ مأموناً من البللِ

يكسُو اليتامى من الديباجِ كلُّهُم ** ويُطعمُ الجائعينَ البرَّ بالعسلِ

وعاشَ في الناسِ آلافاً مؤلّفةً ** عارٍ من الذنبِ معصوماً من الزللِ

ما كانَ في الحشرِ عندَ اللهِ مُنتفعاً ** إلّا بحبِّ أميرِ المؤمنينَ علي»(11).

من مؤلّفاته

1ـ تجريد الاعتقاد، 2ـ شرح الإشارات، 3ـ آداب المتعلّمين، 4ـ تفسير سورة الإخلاص والمعوّذتين، 5ـ تعليقة على قانون ابن سينا، 6ـ تحرير كتاب إقليدس، 7ـ تحرير المجسطي، 8ـ الفصول النصيرية، 9ـ الفرائض النصيرية، 10ـ تجريد المنطق، 11ـ جواهر الفرائض، 12ـ قواعد العقائد في الكلام، 13ـ أقسام الحكمة، 14ـ نقد المحصّل للفخر الرازي، 15ـ التذكرة في الهيئة، 16ـ رسالة الأسطرلاب، 17ـ رسالة الجواهر، 18ـ رسالة خلق الأعمال، 19ـ رسالة في النجوم، 20ـ رسالة في إثبات العقول المجرّدة، 21ـ رسالة في الإمامة، 22ـ رسالة في علم الحساب.

ومن مؤلّفاته باللغة الفارسية: 1ـ رسالة المعينية في الهيئة، 2ـ معيار الأشعار، 3ـ أوصاف الأشراف في كيفية السلوك إلى الله، 4ـ أساس الاقتباس في المنطق، 5ـ رسالة الأخلاق الناصري، 6ـ رسالة المبدأ والمعاد.

وفاته

تُوفّي(قدس سره) في الثامن عشر من ذي الحجّة 672ه في بغداد، ثمّ نُقل إلى الكاظمية، ودُفن بجوار مرقد الإمامين الجوادين(عليهما السلام).

رثاؤه

رثاه الشيخ بهاء الدين علي بن عيسى الأربلي كما رثى عزّ الدين الأربلي الذي تُوفّي في نفس السنة بقوله:

«ولمّا قضى عبدُ العزيزِ بنُ جعفرٍ ** وأردفَهُ رزءُ النصيرِ محمّد

جزعتُ لفقدانِ الأخلّاءِ وانبرت ** شؤوني كمرفضِ الجمانِ المبدّد

وجاشت إليَّ النفسُ حزناً ولوعةً ** فقلتُ تعزّي واصبري فكانَ قد»(12).

الهوامش

1ـ اُنظر: جامع الرواة 2 /188، رياض العلماء 5 /159، تعليقة أمل الآمل: 294، لؤلؤة البحرين: 235 رقم86، تكملة أمل الآمل 5 /123 رقم2108، طبقات أعلام الشيعة 4 /168، مستدركات أعيان الشيعة 1 /197، معجم رجال الحديث 18 /204 رقم11718، فهرس التراث 1 /662.

2ـ طرائف المقال 2 /445.

3ـ بحار الأنوار 104 /62.

4ـ نقد الرجال 4 /313 رقم5046.

5ـ أمل الآمل 2 /299 رقم904.

6ـ روضات الجنّات 6 /300 رقم588.

7ـ طرائف المقال 2 /444.

8ـ خاتمة المستدرك 2 /422.

9ـ الكنى والألقاب 3 /250.

10ـ أعيان الشيعة 9 /414 رقم991.

11ـ المصدر السابق 9 /419.

12ـ المصدر السابق 9 /418.