الكشاف المنتقى لفضائل علي المرتضى
الكتاب
الكشاف المنتقى لفضائل علي المرتضى
المؤلف
كاظم عبود الفتلاوي
نبذة من الكتاب
مقدمة المؤلف
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على أشرف المرسلين محمد وآل الطيبين الطاهرين.
وبعد..
كثيرون هم الذين كتبوا عن سيرة أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع)، في جوانبها العلمية من المذاهب والأديان كافة، لما لشخصيته من بروز تام على أحداث التاريخ.
وتعددت هذه الدراسات بحسب أذواق كتّابها، فمنهم من كتب عن الجانب العلمي، ومنهم عن الجانب الحربي، أو القضائي، أو الإداري، أو الشخصي وغيرها من الجوانب، وكلهم - في ما أحسب - كتب وأجهد نفسه بحسن نية ليبلغ الأجر في مودة قربى الرسول(عليهم السلام)، أو بدافع الحب لهذه الشخصية العالمية.
ولما كانت هذه الشخصية العظيمة منهلاً عذباً ورده كل ظمآن، اقتربت منه فغرفت هذه الغرفة، التي طالما تلهفت إليها منذ زمن بعيد، ألا وهي الكتابة عن جانب من جوانب هذه الشخصية العظيمة. فتوكلت على الله العزيز وأخذت جانباً مهماً مما كتب عن أمير المؤمنين (عليه السلام) ألا وهو (الفهرسة) لجملة من فضائله معدداً مصادرها التي وقعت تحت يدي من مطبوع، أو مخطوط تعذر الحصول عليه مطبوعاً.
وفي أثناء البحث وقفت مذهولاً أمام هذا الكم الهائل من الآيات القرآنية، والأحاديث النبوية بحقه سلام الله عليه.
فتحيرت كما تحير غيري في حق هذا الرجل، فمن يوفيه حقه في الدراسة أو البحث؟!
سِرٌّ تَعاضَدَتِ الأَنامُ لِحَلِّهِ
حَتّى جَبابِرة العُقُولِ تَحَيَّرَتْ
سِرٌّ وَقَدْ تاهَتْ بِهِ إدْراكا
نُورٌ يَشِعُّ وَمَا دَرَتْ مَعْناكا([1])
وهذا العمل سينفع العالم والمتعلم - إن شاء الله - ويسهل للطالب المراجعة السـريعة لإي آية أو منقبة بحق أمير المؤمنين (عليه السلام) من غير تعب، على أن يكون هذا العمل مقتصـراً بالنقل عن صحاح ومسانيد وكتب أعلام إخواننا أهل السنة، وأسميته (الكشاف المنتقى لفضائل علي المرتضى) حتّى إذا فاتني شيء من فضائله لا ألام على تركه ويكون عذري من عنوانه.
وسيكون عملي هذا مقصوراً على قسمين هما:
1- القرآن الكريم
وسأذكر ما نزل فيه (عليه السلام) من الآيات الكريمة، سواء كان منفرداً بها أم مشتركاً مع غيره، ورتبتها بحسب ترتيب القرآن، ويكون هذا القسم الأول.
2- الحديث النبوي الشريف
وأنتقيت من ذلك ما ورد عن الرسول الكريم (ص) في حقه (ع)، سواء كان منفرداً بذلك أو مشتركاً مع غيره، ورتبت أطراف الحديث على حروف الهجاء، ويكون هذا القسم الثاني.
وكان اقتصاري على هذين الينبوعين الثريّن يغني عن غيرهما، ولو أردت أن أستقصـي كل ما جاء فيه (ع) ما قاله هو نفسه، وما قاله الصحابة والتابعون والعلماء والأعلام والكتاب لطال بنا المقال وفي ما ذكرت كفاية.
وأورد أن أذكر نماذج مما ذكرت، فقد قال هو عن نفسه (ع):
1. أنا عبد الله وأخو رسوله، وأنا الصدّيق الأكبر لا يقولها بعدي إلا كذاب، صليت قبل الناس بسبع سنين([2]).
2. حسبي حسب رسول الله (ص) ، وديني دينه، فمن تناول مني شيئاً فإنما تناوله من رسول الله(ص)([3]) .
3. علمني رسول الله (ص) ألف باب من العلم، واستنبط من كل باب ألف باب([4]).
4. والله ما نزلت آية إلا وقد علمت فيم أنزلت، وأين نزلت، إن اربي وهب لي قلباً عقولاً، ولساناً سؤولاً([5]).
5. سلوني قبل أن تفقدوني، فإني لا أسأل عن شيء دون العرش إلا أخبرت عنه([6]). وقالت أم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها:
إن النبي (ص) كان إذا غضب لم يجترئ أحد منا يكلمه غير علي بن أبي طالب([7]).
وقال حبر الأمة عبد الله بن عباس 2:
كنا نتحدث أن النبي (ص) عهد إلى علي سبعين عهداً لم يعهد إلى غيره([8]).
وقال له رجل: سبحان الله ما أكثر مناقب علي وفضائله إني لأحسبها ثلاثة آلاف! فقال ابن عباس: أولا تقول إنها إلى ثلاثين ألفاً أقرب([9]).
وقال ابو ذر الغفاري 2:
ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله، والتخلف عن الصلاة, والبغض لعلي بن أبي طالب([10]).
على أن هناك جانباً آخر هو ما أحدثه أشياع بني أمية والموالون لهم من ذم لأمير المؤمنين (ع) وسب على صهوات المنابر([11])، ولا يتورعون عن قتل أو نفي أو تشريد كل من حدّث بفضائل أهل البيت صلوات الله عليهم، ويجيزون ويثيبون من سبهم وطعن فيهم، وهناك شواهد كثيرة لا تحصى.
فمنها ما نقله ابن أبي الحديد المعتزلي عن الشيخ أبي جعفر الإسكافي قوله: إن معاوية وضع قوماً من الصحابة، وقوماً من التابعين على رواية أخبار قبيحة في علي (ع)، تقتضي الطعن فيه والبراءة منه، وجعل لهم على ذلك جعلاً يرغب في مثله، فاختلقوا ما أرضاه، منهم: أبو هريرة، وعمرو بن العاص، والمغير بن شيبة، ومن التابعين عروة بن الزبير.
وقال: لما قدم أبو هريرة العراق مع معاوية – عام الجماعة – جاء إلى مسجد الكوفة فلما رأى كثرة ما استقبله من الناس جثا على ركبتيه ثم ضرب صلعته مراراً وقال:
يا أهل العراق تزعمون إني أكذب على الله ورسوله وأحرق نفسي بالنار، والله لقد سمعت رسول الله (ص) يقول: إن لكل نبي حرماً، وإن حرمي بالمدينة ما بين عير إلى ثور فمن أحدث فيها فعليه لعنة الله والملائكة أجمعين. وأشهد أن علياً أحدث فيها؟. فلما بلغ معاوية قوله أجازه وأكرمه وولاه إمارة المدينة([12]).
ومنها ما رواه الخطيب البغدادي – في ترجمة موسى بن عُلي بن رباح اللخمي – قال: قال أبو عبد الرحمن المقري: إنما سمّي موسى بن عُلي لأنه كان في زمن بني أمية إذا سمّي المولود (علياً) قتلوه([13]).
ومما اشتهر عن عامر الشعبي، ما رواه إسماعيل بن خالد قال: سمعت الشعبي يحلف بالله لقد دخل علي حفرته وما حفظ القرآن([14]).
ورد عليه ابن فارس النحوي بقوله: وهذا كلام شنيع في من يقول: سلوني قبل أن تفقدوني، سلوني فما من آية إلا أعلم أبليل نزلت أم بنهار، أم في سهل أم في جبل([15]).
وبعض أهل الجرح والتعديل يضعّفون الراوي لمجرد أنه روى أحاديث يسيرة في مناقب أهل البيت صلوات الله عليهم، أو كونه (شيعيّاً) فيرمي بالطامات مثل ضعيف، مجهول، متروك، محترق،، كذاب، وضّاع، ساقط، لا يساوي فلساً، وغيرها من أدواتهم الخاصة([16]).
وقولهم: من إمارات كون الحديث موضوعاً أن يكون الراوي (رافضياً) والحديث في (فضل أهل البيت)!!. فاقرأ واعجب([17]).
وإن لم يجدوا مطعناً في سند الحديث، فلهم أدلة شخصية أخرى لا تنفع في مقام الجرح والتعديل وهي:
1. الإستشهاد بالقلب، ومثاله: يشهد القلب ببطلانه.
2. اليمين الفاجرة، ومثاله: لا والله بل موضوع.
3. الحدة في الكلام والسب والشتم، ومثاله: قبح الله فلاناً([18]).
وغيرها مما يطول ذكره والإستشهاد به.
أما قضية التحريف والإسقاط لفضائل أمير المؤمنين (ع) من الكتب المعتبرة، ممن نقل عنها، أو طبعت محققة فتجد في هذا الكتاب الشيء القليل من ذلك.
على أن هناك كثيراً من المنصفين من إخواننا الذين لم يرتضوا السيرة الملتوية لبعض أهل الجرح والتعديل أو المحدثين والمأجورين.