محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري
محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري:
القاضي الكوفي: مات سنة (148)، من أصحاب الصادق(ع)، رجال الشيخ (210). قال العلامة (185) من الباب (1) من حرف الميم، من القسم الأول: «روى ابن عقدة، عن عبد الله بن إبراهيم بن قتيبة، عن ابن نمير، و سئل عن ابن أبي ليلى، فقال: كان صدوقا مأمونا، و لكنه سيئ الحفظ جدا. و هذه الرواية عندي من المرجحات، لا أنه توجب تعديله». و قال ابن داود (1412) من القسم الأول: «محمد بن عبد الرحمن بن أبي ليلى الأنصاري [القاضي الكوفي: ممدوح». أقول: حكم جمع من المتأخرين تبعا للعلامة و ابن داود بأن الرجل ممدوح، و أنكر ذلك جماعة أخرى، حتى أن السيد صدر الدين نسب إليه أنه قال: إن نصب الرجل أشهر من كفر إبليس. و الصحيح أن الرجل لم يظهر فيه ما يوجب نصبه، و لقد ولي القضاء مدة طويلة من قبل بني أمية، ثم من قبل بني العباس، و كان يقضي بين المسلمين من غير استناد إلى الأئمة المعصومين (سلام الله عليهم أجمعين). و أما ما نقله العلامة، عن ابن عقدة، فهو على تقدير ثبوته لا يوجب الترجيح فضلا عن التعديل، إذ لا اعتماد بتعديل ابن نمير، و لا برواية إبراهيم بن قتيبة عنه، و الروايات في ذمه متضافرة، نذكر جملة منها:
روى المشايخ الثلاثة، بسند صحيح عن خالد بن بكير الطويل، قال: دعاني أبي حين حضرته الوفاة (إلى أن قال) فدخلت على أبي عبد الله(ع)بعد ذلك، فقصصت عليه قصتي، ثم قلت ما ترى، فقال: أما قول ابن أبي ليلى فلا أستطيع رده، و أما فيما بينك و بين الله فليس عليك ضمان. الكافي: الجزء 7، باب النوادر من كتاب الوصايا 37، الحديث 16، و الفقيه: الجزء 4، باب الرجل يوصي إلى رجل بولده و مال لهم، الحديث 591، و التهذيب: الجزء 9، باب من الزيادات في الوصية، الحديث 919.
و روى محمد بن يعقوب بسند صحيح، عن عبد الرحمن بن سيابة، قال: إن امرأة أوصت إلي (إلى أن قال:) و خبرته كيف قالت المرأة، و ما قال ابن أبي ليلى، فقال (أبو عبد الله ع): كذب ابن أبي ليلى، لها عشر الثلث (الحديث). الكافي: الجزء 7، باب من أوصى بجزء من ماله (24)، الحديث 1. و رواها الشيخ في باب الوصية المبهمة. التهذيب: الجزء 9، الحديث 824.
و روى الصدوق بسند معتبر عن عبد الله بن سنان، قال: سألت أبا عبد الله(ع)، عن امرأة أوصت بثلثها يقضى به دين ابن أخيها، و جزء لفلان و فلانة، فلم أعرف ذلك، فقدمنا إلى ابن أبي ليلى، قال: فما قال لك؟ قلت: قال: ليس لهما شيء، فقال: كذب و الله، لهما العشر من الثلث. المعاني: باب 208، معنى الجزء من المال يوصي به الرجل، الحديث 2.
و روى الكشي في ترجمة محمد بن مسلم (67)، الحديث 6، عن محمد بن قولويه، قال: حدثني سعد بن عبد الله القمي، قال: حدثني أحمد بن محمد بن عيسى، عن الحسن بن علي بن فضال، عن أبي كهمش، قال: دخلت على أبي عبد الله(ع)، فقال: شهد لي محمد بن مسلم الثقفي القصير عند ابن أبي ليلى بشهادة فرد شهادته؟ فقلت نعم، (الحديث).
و تأتي الرواية في ترجمة محمد بن مسلم الثقفي. و رواها المفيد في الإختصاص في محمد بن مسلم الثقفي، بسنده عن أبي كهمش، الحديث 5.
و روى الشيخ بإسناده، عن داود بن فرقد، قال: حدثني رجل عن سعيد بن أبي الخضيب البجلي، قال: كنت مع ابن أبي ليلى مزاملة حتى جئنا إلى المدينة، فبينا نحن في مسجد رسول الله، إذ دخل جعفر بن محمد(ع)، فقلت لابن أبي ليلى: تقوم بنا إليه، فقال: و ما نصنع عنده، فقلت نسأله و نحدثه (إلى أن قال:) قال أبو عبد الله(ع): فبلغك عن رسول الله(ص)، أنه قال: إن عليا(ع)أقضاكم؟ قال (ابن أبي ليلى): نعم، قال: فكيف تقضي بغير قضاء علي(ع)و قد بلغك هذا؟ فما تقول إذا جيء بأرض من فضة و سماوات من فضة، ثم أخذ رسول الله(ص)بيدك فأوقفك بين يدي ربك، و قال: يا رب إن هذا قضى بغير ما قضيت؟ قال: فاصفر وجه ابن أبي ليلى حتى عاد مثل الزعفران. التهذيب: الجزء 6، باب من إليه الحكم و أقسام القضاة، الحديث 521.
و روى ابن شهرآشوب، عن سعيد بن أبي الخضيب، و غيره قريبا من ذلك. المناقب: الجزء 2، باب درجات أمير المؤمنين(ع)، (فصل في المسابقة بالعلم). و فيما ذكرناه كفاية، و لا شك في أن الرجل من المنحرفين عن أهل البيت(ع)، و لا ينافي ذلك أخذه بقولهم أحيانا من جهة اعتباره إياهم رواة الحديث.
فقد روى المشايخ الثلاثة، بسند صحيح عن عمر بن أذينة، قال كنت شاهد ابن أبي ليلى، فقضى في رجل جعل لبعض قرابته غلة داره و لم يوقت وقتا، فمات الرجل فحضر ورثته ابن أبي ليلى، و حضر قرابته الذي جعل له الدار، فقال ابن أبي ليلى: أرى أن أدعها على ما تركها صاحبها، فقال له محمد بن مسلم الثقفي: أما إن علي بن أبي طالب(ع)قد قضى في هذا المسجد بخلاف ما قضيت، فقال: و ما علمك، قال: سمعت أبا جعفر محمد بن علي(ع)يقول: قضى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب(ع)برد الحبس و إنفاذ المواريث، فقال ابن أبي ليلى: هذا عندك في كتاب؟ قال: نعم، قال: فأرسل و أتني به، قال له محمد بن مسلم: على أن لا تنظر في الكتاب إلا في ذلك الحديث، قال لك ذلك، قال: فأراه الحديث عن أبي جعفر(ع)في الكتاب، فرد قضيته. الكافي: الجزء 7، كتاب الوصايا 1، باب ما يجوز من الوقف و الصدقة .. 23، الحديث 27، و الفقيه: الجزء 4، باب الوقف و الصدقة، الحديث 635، و التهذيب: الجزء 9، باب الوقوف و الصدقات، الحديث 591.
و رووا بسند صحيح أيضا، عن عبد الرحمن الخثعمي [الجعفي، قال: كنت أختلف إلى ابن أبي ليلى في مواريث لنا ليقسمها، و كان فيها حبس و كان يدافعني، فلما طال شكوته إلى أبي عبد الله(ع)، فقال: أ و ما علم أن رسول الله أمر برد الحبس و إنفاذ المواريث؟ قال: فأتيته ففعل كما كان يفعل، فقلت له: إني شكوت إلى جعفر بن محمد(ع)، فقال لي: كيت و كيت، قال: فحلفني ابن أبي ليلى أنه قال ذلك لك؟ فحلفت له، فقضى لي بذلك. الكافي: الجزء 7، كتاب الوصايا 1، باب ما يجوز من الوقف و الصدقة 23، الحديث 28. و الفقيه: الجزء 4، باب الوقف و الصدقة، الحديث 636، و التهذيب: الجزء 9، باب الوقوف و الصدقات، الحديث 592.