محفوظ بن وشاح
محفوظ بن وشاح:
قال الشيخ الحر في تذكرة المتبحرين (688): «الشيخ شمس الدين محفوظ بن وشاح بن محمد: كان عالما، فاضلا، أديبا، شاعرا، جليلا، من أعيان العلماء في عصره، و لما توفي رثاه الحسن بن علي بن داود، بقصيدة تقدم منها أبيات في ترجمته، و جرى بينه و بين المحقق نجم الدين جعفر بن سعيد، مكاتبات و مراسلات من النظم و النثر، ذكر جملة منها الشيخ حسن في إجازته، فقال عند ذكره: و كان هذا الشيخ من أعيان علمائنا في عصره. و رأيت بخط الشهيد الأول في بعض مجاميعه: حكاية أمور تتعلق بهذا الشيخ، و فيها تنبيه على ما قلناه، فمنها: أنه كتب إلى الشيخ المحقق نجم الدين بن سعيد أبياتا، من جملتها:
أغيب عنك و أشواقي تجاذبني* * * إلى لقائك جذب المغرم العاني
إلى لقاء حبيب مثل بدر دجى* * * و قد رماه بإعراض و هجران
و منها:
قلبي و شخصك مقرونان في قرن* * * عند انتباهي و بعد النوم يغشاني
حللت فيه محل الروح من جسدي* * * فأنت ذكراي في سري و إعلاني
لو لا المخافة من كره و من ملل* * * لطال نحوك تردادي و إتياني
يا جعفر بن سعيد يا إمام هدى* * * يا واحد الدهر يا من ما له ثاني
إني بحبك مغرى غير مكترث* * * بمن يلوم و في حبيك يلحان
فأنت سيد أهل الفضل كلهم* * * لم يختلف أبدا في فضلك اثنان
و منها:
في قلبك العلم مخزون بأجمعه* * * تهدي به من ضلال كل حيران
و فوك فيه لسان حشوه حكم* * * يروى به من زلال كل ظمآن
و فخرك الراسخ الراسي و زنت به* * * رضوى فزاد على رضوى و ثهلان
و حسن أخلاقك اللاتي فضلت بها* * * كل البرية من قاص و من داني
تغني عن المأثرات الباقيات و من* * * يحصي جواهر أجبال و كثبان
يا من علا درج العلياء مرتقيا* * * أنت الكبير العظيم القدر و الشأن
فأجابه المحقق بهذه الأبيات:
لقد وافت قصائدك العوالي* * * تهز معاطف اللفظ الرشيق
فضضت ختامهن فخلت أني* * * فضضت بهن عن مسك عبيق
و جال الطرف منها في رياض* * * كسين بناظر الزهر الأنيق
و كم أبصرت من لفظ بديع* * * يدل به على المعنى الدقيق
و كم شاهدت من علم خفي* * * يقرب مطلب الفضل السحيق
شربت بها كئوسا من معاني* * * غنيت بشربهن عن الرحيق
و لكني حملت بها حقوقا* * * أخلف [أخاف لثقلهن عن العقوق
فسر يا با الفضائل بي رويدا* * * فلست أطيق كفران الحقوق
و حمل ما أطيق به نهوضا* * * فإن الرفق أنسب بالصديق
فقد صيرتني لعلاك رقا* * * ببرك بل أرق من الرقيق
و كتب بعدها نثرا من جملته: (و لست أدري كيف سوغ لنفسه الكريمة مع حنوه على إخوانه و شفقته على أوليائه و خلانه، إثقال كاهلي بما لا تطيق الرجال حمله، بل تضعف الجبال أن تقله، حتى صيرني بالعجز عن مجاراته أسيرا، و أوقفني في ميدان محاورته حسيرا، فما أقابل ذلك البر الوافر، و لا أجازي ذلك الفضل الغامر، و إني لأظن كرم عنصره، و شرف جوهره، بعثه على إفاضة فضله، و إن أصاب به غير أهله، أو كأنه مع هذه السجية الغراء، و الطوية الزهراء، استملى بصحيح فكرته، و سليم فطرته الولاء، من صفحات وجهي، و فلتات لساني، و قرأ المحبة من لحظات طرفي، و لمحات شأني، فلم ترض همته العلية من ذلك الإيمان بدون البيان، و لم يقنع لنفسه الزكية عن ذلك الخبر إلا بالعيان، فحرك ذلك منه بحرا لا يسمح إلا بالدرر، و حجزا لا يرشح بغير الفقر، و أنا أستمد من إنعامه الاقتصار على ما تطوع به من البر، حتى أقوم بما وجب على من الشكر إن شاء الله». (انتهى). و قد رثاه أيضا الشيخ محمود بن أحمد بن يحيى بقصيدة تأتي منها أبيات في ترجمته، و رثاه أيضا (السيد) صفي الدين محمد بن الحسن بن أبي الرضا العلوي بقصيدة تأتي في ترجمته أبيات منها.