آية لا تحزن
آية لا تَحْزَنْ، هي الآية الأربعون من سورة التوبة التي دعا النبيصلى الله عليه وآله وسلم فيها صاحبه أبا بكر إلى السكينة، وهما يختبئان في غار ثور عن أعين المشركين وذلك أثناء الهجرة إلى المدينة.
اختلف المفسرون في تفسيرها فقال مفسرو الشيعة وبعض مفسري أهل السنة إن حزن "أبي بكر" ناجم عن خوفه وجزعه، والسكينة نزلت على النبيصلى الله عليه وآله وسلم، بينما قال الآخرون إن حزن "أبي بكر" كحزن النبي على أمته في قوله تعالى "لا تحزن عليهم"، والسكينة نزلت على أبي بكر.
نص الآية
ورد في الآية 40 من سورة التوبة: إِلَّا تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّـهُ إِذْ أَخْرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُوا ثَانِيَ اثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي الْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّـهَ مَعَنَا ۖ فَأَنزَلَ اللَّـهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا
الاختباء في غار ثور
هاجر النبيصلى الله عليه وآله وسلم إلى المدينة في الليلة الأولى من ربيع الأول وكانت هي ليلة الخميس، (14عاما بعد البعثة النبوية، واليوم 13 من سبتمبر عام 622 م)، والمشهور أن النبيصلى الله عليه وآله وسلم بعد أن اطّلع علی مؤامرة قتله بواسطة الوحي، غادر مكة متجها نحو يثرب، ولحقه أبو بكر في الطريق، وسارا حتى وصلا إلى غار ثور، واختفيا فيه.[١]
تفسيرها عند أهل السنة
اهتمّ بعض علماء أهل السنة بمصاحبة أبي بكر مع النبيصلى الله عليه وآله وسلم في الهجرة إلى المدينة اهتماما كبيرا، واعتبر عبارات "ثاني اثنَين" و"لا تحزَن" و"فأنزلَ الله سكينته عليه" من فضائله،[٢] ومما يدل على صلاحيته للخلافة.[٣]
ورأى بعضهم الآخر أن عبارة "ولا تحزن" لا تفيد أن أبا بكر بحزنه لم يعص الله بل على العكس أنها تفيد أنه أطاع الله وحزنه من جنس الحزن الذي نهي النبيصلى الله عليه وآله وسلم عنه في عدة من الآيات منهاقالب:قرآن[٤] وقالب:قرآن[٥] واعتبروا التعبير ب"فَاَنْزَلَ اللّهُ سَکینَتَهُ عَلَیهِ" دليلا على لطف الله بأبي بكر وقالوا لا يعود الضمير "ـه" في "عليه" إلى النبيصلى الله عليه وآله وسلم بل يعود إلى أبي بكر.[٦]
تفسيرها عند الشيعة
نصّ مفسرو الشيعة وبعض أهل السنة أن "لا تحزن" بمعنى "لا تخف"، وذكروا في إيضاح ذلك أن قريشاً لما علمت بخروج النبيصلى الله عليه وآله وسلم اقتفى بعضهم آثاره بمساعدة كُرْز بن علقمة الخزاعي، حتى وصلوا إلى الغار، ففوجئوا ببيت العنكبوت على مدخل الغار، وبدأوا بالتجوال حول الغار، وهذا أثار الخوف في نفس أبي بكر، فقال: لو نظروا إلى أقدامهم لرأونا فقال له النبيصلى الله عليه وآله وسلم: ما ظنك باثنين الله ثالثهما.[٧] مضافا إلى أن الطبري ذكر خوف أبي بكر وجزعه.[٨]
ويعتقد المفسرون الشيعة أن إرجاع الضمير في "عليه" من "فأنزل الله سكينته عليه"، إلى أبي بكر غير ممكن؛ لأن الضمائر السابقة واللاحقة كلها تعود إلى النبيصلى الله عليه وآله وسلم ("تنصروه" و"نصره" و"أخرجه" و"يقول" و"لصاحبه" و"أيدّه") فإرجاع ضمير واحد من بينها إلى شخص آخر بحاجة إلى برهان قاطع، مضافا إلى أن الآية سيقت لبيان نصرة الله وتأييده للنبيصلى الله عليه وآله وسلم،[٩] ويستشهدون لتأكيد معتقدهم بآيات أخري منها: قالب:قرآن[١٠] وقالب:قرآن.[١١]
المصادر والمراجع
- القرآن الكريم.
- ابن السلام، لواب، بدء الإسلام وشرائع الدین، تحقيق: ورنر شوارتز وسالم بن یعقوب، فیسبادن - ألمانيا، منشورات فرانتزشتاینر، 1406 هـ/ 1986 م.
- ابن سعد، محمد بن سعد، الطبقات الکبرى، بیروت - لبنان، دار صادر، 1968 م.
- ابن هشام، عبد الملك بن هشام، السیرة النبویة، تحقيق: محمد أبو الفضل إبراهیم، القاهرة - مصر، د.ن، 1355 هـ.
- البخاري، محمد بن إسماعیل، صحیح البخاري، القاهرة - مصر، د.ن، 1315 هـ.
- الطباطبائي، محمد حسین، المیزان في تفسير القرآن، بیروت - لبنان، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1390 هـ.
- الطبرسي، الفضل بن الحسن، مجمع البیان في تفسیر القرآن، تحقيق: هاشم الرسولي المحلاتي وفضل الله الیزدي، بیروت - لبنان، د.ن، 1408 هـ/ 1988 م.
- الطبري، محمد بن جریر، تاريخ الطبري، تحقیق: محمد أبي الفضل إبراهیم، بیروت - لبنان، دار التراث، ط 2، 1387 هـ/ 1967 م.
- المیبدي، أحمد بن محمد، کشف الأسرار وعدة الأبرار، تحقيق: علي أصغر الحکمت، طهران - إيران، أمیر کبیر، 1371 ش.
- النویري، أحمد بن عبد الوهاب، نهایة الأرب في فنون الأدب، القاهرة - مصر، دار الکتب والوثائق القومیة، د.ت.
- ↑ ابن هشام، السیرة النبویة، ج 2، ص 126ـ 129؛ ابن سعد، الطبقات الکبری، ج 1، ص 227ـ 229.
- ↑ البخاري، صحيح البخاري، ج 5، ص 204؛ الميبدي، كشف الأسرار، ج 4، ص 134 و138 و139؛ النويري، نهاية الأرب، ج 19، ص 14 و15.
- ↑ ابن السلام، بدء الإسلام، ص 70.
- ↑ الحجر: 88.
- ↑ يونس: 65.
- ↑ الميبدي، كشف الأسرار، ج 4، ص 134 و138؛ النويري، نهاية الأرب، ج 19، ص 14؛ الطبري، تاريخ الطبري، ج 10، ص 96.
- ↑ الطبرسي، مجمع البيان، ج 5، ص 49؛ الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص 279؛ الميبدي، كشف الأسرار، ج 4، ص 137 ـ 138.
- ↑ الطبري، ج 10، ص 95.
- ↑ الطباطبائي، الميزان، ج 9، ص 375.
- ↑ التوبة: 26.
- ↑ الفتح: 26.