سرداب الغيبة

من ويكي علوي
مراجعة ٢١:١٤، ١٧ ديسمبر ٢٠٢٣ بواسطة Qanbar (نقاش | مساهمات) (أنشأ الصفحة ب'= سرداب الغيبة = '''سرداب الغيبة'''، هو سرداب بيت الإمام الحسن العسكري في سامراء، وقد وقع اليوم في العتبة العسكرية من جهتها الغربية. يحترم الشيعة هذا السرداب؛ لأنه تشرّف بمأوى ثلاثة من الأئمة الاثني عشر، يقيهم من حرارة الصيف، وقد صلّوا فيه، ولهم فيه محراب لا يز...')
(فرق) → مراجعة أقدم | المراجعة الحالية (فرق) | مراجعة أحدث ← (فرق)
اذهب إلى التنقل اذهب إلى البحث

سرداب الغيبة

سرداب الغيبة، هو سرداب بيت الإمام الحسن العسكري في سامراء، وقد وقع اليوم في العتبة العسكرية من جهتها الغربية.

يحترم الشيعة هذا السرداب؛ لأنه تشرّف بمأوى ثلاثة من الأئمة الاثني عشر، يقيهم من حرارة الصيف، وقد صلّوا فيه، ولهم فيه محراب لا يزال أثره حتى اليوم.

يذهب بعض كُتاب أهل السنة بأن الشيعة تعتقد أن الإمام المهدي غاب في السرداب، وسيخرج منه، مع أنّه لا يوجد من الشيعة قد قال بذلك، بل أنهم يعتقدون أن ظهور الإمام يكون في مكة المكرمة.

يعود تاريخ البناء الأول له إلى الخلافة العباسية، وقد أعيد بناؤه وترميمه في فترات مختلفة إلى جانب ضريح الإمامين العسكريين. وفي عام 2006 م قام الإرهابيون بتفجيرٍ طال العتبة العسكرية المقدسة، ولحق بعض الأضرار بالسرداب.

مكانته وأهميته

السرداب هو قبو منزل الإمام العسكري في سامراء.. وقدسية هذا المكان ترجع لنسبته إلى الأئمة المعصومين؛ لأنه منزل الإمام الهادي، والإمام العسكري، والإمام المهدي، حيث يقع السرداب على بعد حوالي 15 متراً من ضريح الإمامين العسكريين، كما يقع شمال غرب مرقدهما.

بحسب ما ذكره الشيخ عباس القمي، المؤرّخ الشيعي (ت 1359 هـ)، فإن تسمية هذا المكان بسرداب الغيبة يعود إلى العصر المتأخر، لكن لم يتبين دليله في الكتب التي أُلّفت بخصوص الإمام الحجة.

هل سيظهر إمام الزمان (عج) من السرداب؟

ادعى بعض الكتّاب من أهل السنة أن الشيعة يعتقدون أن الإمام غاب في السرداب، وأنه يقيم فيه فترة غيبته، وأنه يخرج منه في آخر الأزمان، وأنهم يذهبون إلى السرداب كل يوم جمعة، ويأخذون معهم فرساً مسرجاً ملجماً بعد الصلاة قائلين: يا إمام، باسم الله، ثلاث مرات، ومزاعم أنكرتها الشيعة بأجمعها، وطالبت المدّعين بالبرهان على ذلك.

حيث ذكر ياقوت الحموي (626 هـ) مزاعم في كتابه معجم البلدان عند الكلام حول سامراء، والملاحظ أنه أول من قال بخروج المهدي من السرداب، فنسب الاعتقاد بذلك إلى الشيعة، وقال: وبها (سامراء) السرداب المعروف في جامعها الذي تزعم الشيعة أنّ مهديّهم يخرج منه... ثم قال: وخربت - سامراء - فلم يبق منها إلاّ موضع المشهد الذي تزعم الشيعة أنّ به سرداب القائم المهدي.

ثم جاء ابن تيمية (728 هـ) وأضاف: أنهم يقيمون هناك دابّة، إمّا بغلة وإمّا فَرَساً وإمّا غير ذلك ليركبها إذا خرج، ويُقيمون هنــاك إما في طـــرفي النهار وإما في أوقات أُخر مَن ينــادي عليه بالخروج: يا مولانا اخرج يامولانا اخرج.

بقيت التهمة تنتقل من كاتب إلى آخر على مر القرون، وهي تتطور في الأذهان، حتى بلغ ببعضهم كابن خلدون (808 هـ) أن يذكر أنَّ السرداب في مدينة الحلَّة بالعراق، بينما قال آخر أنّ السرداب في الري.

لكن الشيعة اتفقوا بكل علمائهم وكتّابهم بأن هذا الادعاء غير صحيح؛ لأن الإمام يظهر في مكة المكرمة، وأن السرداب هو مبيت الثلاثة من الأئمة ومعبدهم طوال مدة إقامتهم فيه، و كذلك لأنّه حظي فيه عدة من الصلحاء بلقائه.

يقول العلامة الأميني (1390 هـ) في رده على ابن تيمية: وفرية السرداب أشنع... والشيعة لا ترى أن غيبة الإمام في السرداب، ولاهم غيبوه فيه، ولا إنه يظهر منه، وإنما اعتقادهم المدعوم بأحاديثهم أنه يظهر بمكة المعظمة تجاه البيت، ولم يقل أحد في السرداب: إنه مغيب ذلك النور، وإنما هو سرداب دار الأئمة بسامراء، وإن من المطرد إيجاد السراديب في الدور وقاية من قايظ الحر، وإنما اكتسب هذا السرداب بخصوصه الشرف الباذخ لانتسابه إلى أئمة الدين، وإنه كان مبوء لثلاثة منهم كبقية مساكن هذه الدار المباركة، وهذا هو الشأن في بيوت الأئمة عليهم السلام.

بئر الغيبة

يوجد في هذا السرداب ما يُعرف بـ "بئر الغيبة"، وعلى حدّ قول الشيخ عباس القمي أن طائفة من الزائرين تبركوا بأخذ التراب من حوضٍ في داخل السرداب الذي هو محل ما يتوضأ فيه الإمامين العسكريين، حتى شيئاً فشيئاً عُرف ببئر الغيبة.

كما نقل الشيخ عباس القمي عن المحدث النوري أن بعض خدام السرداب، لمنافع مادية ودنيوية قد أدخلوا هذا المكان على أنه بئر صاحب الزمان، ومن هناك قدموا تراباً للزائرين ليتبركوا فيه، مقابل استلام الأموال، ومنع شيخ العراقيين عبد الحسین التهراني من هذا العمل وأغلقه، لكن أعيد فتحه فيما بعد من قبل الخدم هناك.

بناءه وتاريخه

إن أكثر البيوت والمساكن في المناطق الحارة في العراق، كانت ولا تزال مزودة بسراديب، اتقاء من حرارة الصيف ولهيبه الذي يتميز به أغلب أشهر السنة في البلاد، وكانت دار الإمام العسكري في مدينة سامراء أيضاً مزودة بسرداب، يأوي إليه أهل داره، وهذا السرداب لا يزال موجوداً في محيط الدار التي دُفن فيها الإمام علي النقي والإمام الحسن العسكري.

قال المحدث النوري: الناصر لدين الله أحمد بن المستضيء بنور الله من خلفاء العباسية، وهو الذي أمر بعمارة السرداب الشريف، وجعل الصفة التي فيه شبّاكاً من خشب ساج منقوش عليه:

بسم الله الرحمن الرحيم. قل لا أسئلكم عليه أجراً إلا المودّة في القُربى ومن يقترف حسنة نزد له فيها حسناً إن الله غفور شكور.

ثم يقول المحدث النوري:

ولولا اعتقاد الناصر بانتساب السرداب إلى المهدي بكونه محلّ ولادته أو موضع غيبته أو مقام بروز كرامته لما أمر بعمارته وتزيينه.

للسرداب باب خشبي جميل مضى على صنعه أكثر من سبعة قرون، وهو باقٍ من عهد الحاكم العباسي الناصر لدين الله وقد عمله في سنة 606 هـ.

نُقش إلى جنب كلام الخليفة العباسي في خشب الساج:

بسم الله الرحمن الرحيم. محمد رسول الله، أمير المؤمنين علي ولي الله، فاطمة، الحسن بن علي، الحسين بن علي، علي بن الحسين، محمد بن علي، جعفر بن محمد، موسى بن جعفر، علي بن موسى، محمد بن علي، علي بن محمد، الحسن بن علي، القائم بالحق عليهم السلام، هذا عمل علي بن محمد ولي آل محمد رحمه الله.

تم ترميم وإعادة بناء السرداب مع ضريح الإمامين العسكريين في فترات مختلفة، بما في ذلك عام 1202 هـ عندما قام أحمد خان الدنبلي بإصلاح ضريح الإمامين العسكريين، كما بنى فناء للسرداب وعمل طريقاً جديداً له. كذلك قد اُستخدم في نحت الخشب، الزخارف والفنون المعمارية الأخرى.

التفجير الإرهابي

تأثر باب السرداب في التفجير الإرهابي الذي طال العتبة العسكرية المقدسة في 22/2/2006 م وقـُلع من مكانه، ولكن تم حفظه في مكان آمن ريثما ينتهي إعمار السرداب.