ابن سعيد المغربي
ابن سعيد المغربي
ابوالحسن نور الدين علي بن موسى بن عبدالملك بن سعيد الغرناطي تلميذ ابى علي الشلوبين، له كتب واشعار كثيرة منها: قصيدة ذكر فيها وصيته لولده علي يجعلها امامه في الغربة حين اراد ولده النهوض من ثغر الاسكندرية إلى القاهرة فمنها قوله:
اجعل وصاتي نصب عين ولا | تبرح مدى الايام من فكرتك | |
خلاصة العمر التى حنكت | في ساعة زفت إلى فطنتك | |
فلا تجالس من فشا جهله | واقصد لمن يرغب في صنعتك | |
ولا تجادل ابدا حاسدا | فانه ادعى إلى هيبتك | |
إفش التحيات إلى اهلها | ونبه الناس إلى رتبتك | |
وانطق بحيث العي مستقبح | واصمت بحيث الخير في سكتتك | |
ولا تكن تحقر ذا رتبة | فانه انفع في عزتك | |
وللرزايا وثبة مالها | إلا الذي تذخر من عدتك | |
واعتبر الناس بألفاظهم | واصحب اخا يرغب في صحبتك | |
بعد اختبار منك يقضي بما | يحسن في الاخذ من خلطتك | |
كم من صديق مظهر نصحه | وفكره وقف على عثرتك |
وقال في النصيحة له منثورا: وفي امثال العامة من سبقك بيوم فقد سبقك بعقل، فاحتذ بأمثلة من جرب، واستمع إلى ما خلد الماضون بعد جهدهم وتعبهم من الاقوال فانها خلاصة عمرهم وزبدة تجاربهم، ولا تتكل على عقلك فان النظر فيما تعب فيه الناس طول اعمارهم وابتاعوه غالبا بتجاربهم يربحك ويقع عليك رخيصا، وإن رأيت من له عقل ومروة وتجربة فاستفد منه ولا تضيع قوله ولا فعله فان فيما تلقاه تلقيحا لعقلك وحثا لك واهتداء، واقلل من زيارة الناس ما استطعت ولا تجفهم بالجملة وليكن ذلك بحيث لا يلحق منه ملل ولا ضجر ولا جفاء، واحرص على ما جمع قول القائل: ثلاثة تبقي لك الود في صدر اخيك ان تبدأه بالسلام، وتوسع له في المجلس، وتدعوه بأحب الاسماء اليه. ومتى دفعك الزمان إلى قوم يذمون من العلم ما تحسنه حسدا لك وقصدا لتصغير قدرك عندك وتزهيدا لك فيه فلا يحملك ذلك على ان نزهد في عملك وتركن إلى العلم الذي مدحوه فتكون مثل الغراب الذي اعجبه مشي الحجلة فرام ان يتعلمه فصعب عليه ثم اراد ان يرجع إلى مشيه فنسيه فبقي المشي كما قيل:
ان الغراب وكان يمشي مشية | فيما مضى من سالف الاجيال | |
حسد القطا واراد يمشي مشيها | فاصابه ضرب من العقال | |
فأضل مشيته واخطأ مشيها | فلذاك سموه ابا مرقال |
ولا يفسد خاطرك من جعل يذم الزمان ويقول ما بقي في الدنيا كريم ولا فاضل ولا مكان يرتاح فيه الخ.
توفي سنة ٦٨٥ (خفه).