أم ذريح العبدية
أم ذريح العبديّة شاعرة عربيّة موالية لأمير المؤمنين علي عليه السّلام ، حضرت معه يوم الجمل
قال ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة نقلا عن أبي مخنف : إنّ عليا دفع مصحفا يوم الجمل إلى غلام اسمه مسلم ، ليدعو أهل الجمل إلى ما فيه ، فقطعوا يديه وقتلوه ، فقالت أم ذريح العبديّة في ذلك
يا رب إنّ مسلما أتاهم * بمصحف أرسله مولاهم
للعدل والإيمان قد دعاهم * يتلو كتاب اللّه لا يخشاهم
فخضّبوا من دمه ظباهم * وامّهم واقفة تراهم
تأمرهم بالغيّ لا تنهاهم[١]
وذكر الطبري في موضعين من تأريخه : إنّ التي رثته هي أمه : الأوّل : قال : حدثني عمر بن شيبة ، قال : حدّثنا أبو الحسن ، قال : حدّثنا شبر بن عاصم ، عن الحجّاج بن أرطأة ، عن عمّار بن معاوية الدهني ، قال :
أخذ علي مصحفا يوم الجمل فطاف به في أصحابه وقال : « من يأخذ هذا المصحف يدعوهم إلى ما فيه وهو مقتول ؟ » فقام إليه فتى من أهل الكوفة عليه قباء أبيض محشو فقال :
أنا ، فأعرض عنه ، ثم كرّر كلامه سلام اللّه عليه ثانيا وثالثا ، فكان الفتى يقوم له قائلا : أنا ، فدفعه إليه ، فدعاهم فقطعوا يده اليمنى ، فأخذه بيده اليسرى فدعاهم فقطعوا يده اليسرى ، فأخذه بصدره والدّماء تسيل على قبائه ، فقتل رضي اللّه عنه ، فقال علي : « الآن حلّ قتالهم »
فقالت أم الفتى بعد ذلك فيما ترثي :
لا همّ إنّ مسلما دعاهم * يتلو كتاب اللّه لا يخشاهم
وامّهم قائمة تراهم * يأتمرون الغيّ لا تنهاهم
قد خضبت منه علق لحاهم [٢]
الثّاني : قال : كتب إليّ السريّ عن شعيب ، عن سيف ، عن مخلّد بن كثير ، عن أبيه قال :
أرسلنا مسلم بن عبد اللّه يدعو بني أبينا فرشقوه - كما صنع القلب بكعب - رشقا واحدا فقتلوه ، فكان أوّل من قتل بين يدي عائشة ، فقالت أم مسلم ترثيه :
لا همّ إنّ مسلما أتاهم * مستسلما للموت إذ دعاهم
إلى كتاب اللّه لا يخشاهم * فرمّلوه من دم إذ جاءهم
وامّهم قائمة تراهم * يأتمرون الغيّ لا تنهاهم [٣]
ويمكن أن يكون كل من امّه وأم ذريح قد رثته ، واللّه أعلم [٤]